توبة إخوان السجون هل تنجح في إعادتهم إلى المشهد السياسي؟
الأحد 18/يناير/2015 - 02:14 م
طباعة

أحدثت تصريحات وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم، حول قيام لجان متخصصة بدراسة ما أسماه "توبة" بعض عناصر تنظيم "الإخوان" الذي أدرجته الحكومة المصرية إرهابياً أواخر نوفمبر 2013، حيث قال في تصريحات للصحفيين أمس (السبت) على هامش افتتاحه أعمال تطوير مقر قوات أمن الإسماعيلية، "وفيما يتعلق بإعلان عدد من العناصر الإرهابية الموجودة بالسجون استعدادهم للتوبة والتصالح مع الشعب، فإن الأجهزة المعنية بالوزارة تعمل حاليا على فحص تلك العناصر والتأكد من نواياهم قبل اتخاذ أية إجراءات حيالهم".
أنباء تقديم الإخوان مراجعات فكرية، أثارت حالة واسعة من الجدل، بين خبراء قالوا: إن الرئيس السيسي أكد أنه لا إخوان طالما ظل في الحكم، في حين اعتبر آخرون أن تلك المراجعات تمهد لعودة الإخوان إلى المشهد السياسي.

خالد قزاز - حلمي الجزار
كانت الأيام القليلة الماضية قد شهدت، الإفراج عن قيادات إصلاحية منتمية للجماعة من أمثال القيادي حلمي الجزار، وخالد القزاز، المستشار السابق للرئيس المعزول محمد مرسي، حيث يعتبر كل منهما من أبرز الوجوه الإصلاحية في جماعة الإخوان المسلمين، فضلاً عن القيادي محمد العمدة أحد أبرز الموالين للجماعة، الذي يطرح حالياً مبادرة للتصالح مع الدولة.
الإفراج عن القزاز جاء بعد أمر من النائب العام في 29 ديسمبر 2014، بحسب بيان لأسرته، واللافت أنه لم يكن من الممكن التغافل عن تلك الإجراءات، التي فتحت مجالا للتساؤل حول دور القيادات الإخوانية "الإصلاحية" خلال الفترة المقبلة في عملية المصالحة مع النظام أو تهيئة الأوضاع لها على المستوى البعيد.
الإفراج عن شخصيات محسوبة على التيار الإصلاحي في جماعة الإخوان المسلمين من السجون خلال الفترة الماضية، لا يمكن اعتبارها إلا شكلا من أشكال المصالحة خلال الفترة المقبلة، خاصة وأن الدولة المصرية لديها أزمة مع جماعة الإخوان فيما يخص مسألة التظاهرات، حتى وإن باتت معدومة القيمة؛ لذلك كان من المتوقع أن تتولى الأجهزة الأمنية عملية المصالحة من خلال التواصل مع بعض القيادات أو الشباب داخل السجون.
الأمر الذي ربما يمهد للمزيد من عمليات الإفراج عن القيادات الإصلاحية داخل الجماعة، في محاولة لترتيب مصالحة مع الإخوان وتهدئة التظاهرات في الشارع، فيما اعتبر مراقبون أن تشكيل جماعة الإخوان لجنة لإدارة الأزمة خارج مصر، يتولاها قيادات إصلاحية، ربما يُحدث فارقا في العلاقة مع النظام الحالي.
قيام بعض قيادات "الإخوان" بإعلانهم الاستعداد لتقديم مراجعات فكرية وإعلان توبتهم، ربما كان نتيجة منطقية للعزلة السياسية والمجتمعية للجماعة، كما أن تأخر إجراء مصالحة حقيقية مع المجتمع المصري سيُزيد من عزلتها أكثر وأكثر خلال الفترة المقبلة.
وقال مراقبون: إن أجهزة الأمن قد تلجأ لإعادة تنفيذ التكتيك الذي لجأت إليه تجاه الجماعات الإسلامية في فترة الثمانينيات من القرن المنصرم، مع جماعة الإخوان المسلمين، عبر الإفراج عن بعض القيادات التي يمكن أن تستوعب الموقف الراهن، في وقتٍ وقع فيه بعض شباب الجماعة وثيقة إقرار بعدم التظاهر خلال الفترة المقبلة، ومن ثم تم الإفراج عنهم، وأن التعامل مع ملف المصالحة سواء خلال الفترة المقبلة، أو في فترة قد تطول، سيكون مع الأجهزة الأمنية ومن داخل السجون من خلال التواصل مع قيادات إصلاحية.
وفي وقت ذهب فيه بعض الخبراء إلى صعوبة إجراء الدولة مصالحة رسمية مع جماعة الإخوان حالياً، إلا أنه من الممكن وصول الطرفين إلى تفاهمات ربما يمكن فهم بعض تفاصيلها وفق تصريحات الأمين العام للجماعة محمود حسين، الذي أكد استعداد جماعته التراجع للوصول إلى حلول مع الدولة، مؤكداً نبذ جماعته العنف، وأن من يمارسه ليس منها وليست منه، كما كشفت التصريحات الأخيرة للقيادي يوسف ندا عن احتمالية تراجع الجماعة، واستعدادها تقديم اعتذار للشعب، وبعدها التفاوض مع الدولة في مفاوضات جدية، وستسير في طريق المصالحة.

ماهر فرغلي
وقال الخبير في الحركات الإسلامية ماهر فرغلي: إن جماعة "الإخوان" تُبدي استعدادها للتراجع خطوتين إلى الوراء من أجل إنهاء الأزمة السياسية في مصر، لافتاً إلى أن هناك مبادرات، يتم مناقشتها حالياً، مع قيادات إخوانية في السجون، برعاية قطرية، مشيرا إلى أن المبادرة تتضمن انصياع الجماعة للدولة لقرب موعد الانتخابات البرلمانية، حيث من الصعب أن تبعد الجماعة عن المشهد السياسي طيلة 4 أو 5 سنوات، ما سيدفعها نحو البحث عن مخرج قبل أن تفقد الفرصة الأخيرة لها في الحياة.
تابع فرغلي في تصريحات لـ"بوابة الحركات الإسلامية": "من بين الأسباب أيضاً، افتقاد تظاهرات الإخوان بريقها؛ نظراً لأن غالبية أنصار الجماعة لم تعد تستجيب لدعوات القادة، فبعد أكثر من عام من التظاهرات والاعتصامات، لم يتحقق أي جديد على الساحة، بل ظل عناد الإخوان في عدم قبول أي حل ينقذ البلاد، ما يجعل كثيراً من أنصارها يعزف عن المشاركة في فعالياتهم.
كما فقدت الجماعة السيطرة على بعض شبابها، وأصبح بعضهم يكفر بالسلمية، ويرى العنف الطريق الأمثل له، ما أدخل الجماعة في ورطة كبيرة، وجعلها تفكر في البحث عن حل. كما أن هناك تذمراً من جانب الشباب من هروب قياداتهم إلى الخارج وتركهم هم يواجهون المصير في الداخل، مضيفاً: "أزمة الإخوان أصبحت إقليمية، بعد إعلان السعودية والإمارات والبحرين الجماعة إرهابية، وبدء التحقيق في نشاطاتها في بريطانيا، ولعل هذا ما دفع بعض قياداتها إلى التبرؤ من العنف لتوجيه رسالة إلى الجميع بعد الضغوط الإقليمية والدولية.
وحدد فرغلي نقاطا عدة ربما ترسم حدود المصالحة بين الجماعة والنظام، وستتمثل في:
خفض عدد التظاهرات المؤيدة للجماعة وليس توقفها في شكل لا يظهر معه أن هناك استراتيجية جديدة، مع ترك الجميع يتحدثون عن فشل الإخوان في الحشد.
إلى جانب، الإفراج عن قيادي أو أكثر من جماعة الإخوان بما يطرح الثقة لدى قواعد التنظيم في وجود متنفس، وأفق للعمل السياسي، واستنكار جماعة الإخوان لحوادث العنف المسلح التي تجري من جانب السلفية الجهادية والجماعات التكفيرية في بيان رسمي.
ولم يستبعد نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، وجود اتفاق أو صفقة ضمنية بين النظام الحالي وجماعة الإخوان المسلمين، مؤكدين أن الإفراج عن الوجوه الإصلاحية داخل الجماعة، من وجهة نظر النظام، لقيادة المشهد وإعادة ترتيب الأوراق على نحو يسمح بتهيئة المجال لمصالحة في وقت لاحق، خاصة وأن جماعة "الإخوان" لها تاريخ طويل من الصفقات الضمنية مع الأنظمة الحاكمة.
إلى ذلك، قالت مصادر أمنية بمديرية أمن المنيا، إنه تم الإفراج الفعلي عن أربع من قيادات جماعة الإخوان بينهم مسئول التنظيم السري بالجماعة المقبوض عليه منذ أربعة شهور، الذي كان محبوسا على ذمة عدة قضايا بالتحريض على العنف والانضمام لجماعة محظورة وتشكيل مجموعات لاقتحام المنشآت العامة.
وكان من بين تلك القيادات يحيى الكاشف رجل التنظيم الخاص للجماعة في المنيا، كما تم الإفراج عن أحمد ناجي القيادي الإخواني ومستشار محافظ المنيا السابق، وعلي الشاذلي، ونشأت أحمد.
أجواء المصالحة المصرية مع الدولة القطرية، التي تتم حالياً على قدر كبير من السرية وعلى مستوى رفيع من أجهزة استخبارات الدولتين، برعاية من المملكة العربية السعودية- فتحت الباب مواربا أمام المصالحة مع جماعة "الإخوان".
الدولة الخليجية التي لطالما هاجمت مصر وسياساتها منذ عهد الرئيس الأسبق حُسني مبارك، وحالياً في ظل نظام الرئيس السيسي، خففت من حدة هجومها عبر فضائية الجزيرة، بغية تلطيف الأجواء بالتزامن مع مناقشة الأمور العالقة بين الدولتين.

أحمد بان
من جانبه، رجح الباحث في الحركات الأصولية، كمال حبيب، تصالح الدولة مع جماعة الإخوان، فيما قال الخبير في الحركات الإسلامية أحمد بان، إنه من المتوقع أن تحدث تفاهمات بين الجماعة والدولة خلال المرحلة المقبلة، برعاية قطرية.
وأشار إلى أن قطر سترعى خلال الفترة المقبلة تفاهمات خاصة في ظل إظهارها حسن النوايا فيما يخص، الوفاء بتعهداتها، بإغلاق فضائية الجزيرة مباشر مصر، فضلاً عن بروز نوع جديداً من التعاون.
وفيما يخص تصريحات أحمد منصور بوجود قيادات جديدة للجماعة ستكون أكثر ثورية، وتوقد العمل النضالي خلال الفترة المقبلة، قال إن منصور بعيد عن قيادات الجماعة وقراراتها الداخلية.

سمير غطاس
بينما، أوضح رئيس مركز مقدس للدراسات، سمير غطاس، أن المرحلة المقبلة ستشهد تفاهمات بين الدولة وجماعة الإخوان، إلا أن تلك التفاهمات ربما لا ترقى إلى التصالح، بين الطرفين؛ كون الأمر وصل بينهما إلى أن باتت العلاقة حدية، بمعنى أن يكون أحدهم فائزا والآخر خاسرا.
وأشار غطاس إلى أنه من المتوقع أن تطلب الدولة حل الجماعة نهائياً، وألا يكون هناك جمعية حتى بهذا الاسم، مرجحاً أن تقبل الدولة بوجود حزب سياسي، يلتزم بقرارات لجنة شئون الأحزاب، وصحيح القانون، على أن يكون ذلك الحزب بغير مرجعية دينة.