تشكيل قوة عربية مشتركة لردع الإرهاب.. هل ينجح في مواجهة التطرف؟!
الأحد 18/يناير/2015 - 10:25 م
طباعة

تحالف وقوى متعددة وكيانات لمحاربة ومواجهة الإرهاب، العنوان الأبرز لأغلب التصريحات والمقابلات والمؤتمرات الدولية والإقليمية.. أصبح العالم يتحدث عن الإرهاب ومحاربته عبر تشكيل كيانات وتحالفات عسكرية وسياسية، وتأتي الدول العربية على رأس هذه الكيانات التي تسعى إلى تشكيل تحالف وقيادة لمحاربة ومواجهة الإرهاب أمنيًا واقتصاديًا وسياسيًا واجتماعيًا.
قوة عربية مشتركة لدحر الإرهاب:

قوة تدخل عربية مشتركة لدحر الإرهاب
الأمين العام للجامعة العربية، الدكتور نبيل العربي، قدم للوزراء العرب، دراسة أعدتها الأمانة العامة للجامعة العربية، بناء على تكليف سابق من المجلس، اقتراحا بتشكيل قوة تدخل عربية مشتركة لدحر الإرهاب.
وأكدت الدراسة ضرورة القيام بتحرك دبلوماسي نشط وفعال مع دول الإقليم والمجتمع الدولي، لتقديم الدعم والمساندة لإنشاء قوة التدخل العسكري العربية، والتنسيق مع دول الإقليم لتقديم الدعم اللوجستي والمعلومات الاستخبارية، بما يتيح لقوة التدخل العربي العمل في بيئة مواتية وصديقة.
كما أكدت الدراسة التزام الدول العربية بتولي مسئولية الدفاع عن الأمن القومي للمنطقة العربية، والقيام بواجبها للحفاظ على أمن المنطقة، وإيجاد الوسائل المناسبة التي تكفل لها دحر الإرهاب وهزيمته، واستعادة السلم والاستقرار في المنطقة، وإيجاد الآليات التي تتيح إنشاء نظام تعاون أمني عربي شامل يصون الأمن والسلم العربيين من التهديدات الداخلية والخارجية.
ودعت الدراسة إلى النظر في مدى فاعلية سياسات إنشاء ميليشيات محلية وتدريبها وتسليحها؛ نظرا للمخاطر الأمنية واسعة النطاق التي تمثلها هذه السياسات على المدى المتوسط والبعيد، والاعتماد في مقاومة الإرهاب على القوى المسلحة النظامية.
جامعة الدول العربية تبنت اقتراح تشكيل قوة تدخل عربية مشتركة لردع الإرهاب، وذلك وفقا لميثاق الجامعة، ومعاهدة الدفاع العربي المشترك لسنة 1950، والبروتوكولات الإضافية للاتفاقية التي تتضمن إيجاد نظام دفاع عربي مشترك مرن ومتكامل للدفاع الجماعي، وحفظ السلم والأمن في المنطقة، وإنشاء قيادة عامة موحدة لقوات التدخل العسكرية، وفقا لمقتضيات المعاهدة، أو أية صيغة أخرى يتم التوافق عليها.
الخليج وتشكيل قوة عسكرية:

الخليج وتشكيل قوة عسكرية
وبالإضافة إلى قوة عربية فقد سبقت الدول الخليجية الجامعة إلى السعي إلى تشكيل قوة عسكرية، فقد قررت دول الخليج تشكيل قيادة عسكرية مشتركة، مع وجود عدد من الدول العربية في التحالف الدولي ضد داعش.
فدول مجلس التعاون الخليجي تجري مشاورات لتعيين «قائد القيادة العسكرية الموحدة»، وتمت الموافقة على تشكيل هذه القوة في قمة الكويت، وقالت مصادر خليجية: إن تسمية القائد «ستتم قريباً، وسيكون مقر القيادة في الرياض»، فيما تستضيف الدوحة اليوم اجتماع قادة عسكريين من الحلف الأطلسي ونظرائهم الخليجيين.
رؤية الجامعة لمحاربة الإرهاب:

رؤية الجامعة لمحاربة الارهاب
الأمانة العامة للجامعة دعت إلى عقد اجتماع عاجل لمجلس الدفاع العربي المشترك، "وزراء الخارجية العرب، ووزراء الدفاع"، لبحث إمكان تشكيل قوات التدخل العسكري العربي لردع الإرهاب، والآليات اللازمة لعملها، ومرجعياتها السياسية والقانونية، ووسائل تنظيم عملها، وتشكيلاتها العسكرية، والدول الأعضاء والمُسْهِمَة فيها.
وعرض الأمين العام لجامعة الدول العربية، الدكتور نبيل العربي، الدراسة على الاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب، وذلك وفقا لتكليف سابق من المجلس الوزاري العربي.
وطالبت الدراسة بضرورة إصلاح الأجهزة الأمنية من خلال إيجاد منظومة للحلول المتعددة التي يمكن الاعتماد عليها في إنهاء مظاهر الإرهاب، بحيث تكون الوسائل الأمنية والثقافية والنفسية والإجراءات السياسية، في خطة متكاملة، ورفع مستوى القدرات والكفاءة للمتعاملين مع ظاهرة الإرهاب وتمكينهم من الاختيار بين البدائل المتاحة لاختيار الحل الأقل تكلفة والأكثر نجاعة للتعامل مع الظاهرة بأسرها.
الإصلاح السياسي:

الاصلاح السياسي
أكدت الدراسة ضرورة العمل على إيجاد الركائز اللازمة لتحقيق إجماع وطني للتوافق على مبدأ التغيير السلمي، وتأكيد مبدأ الإرادة الطوعية المسئولة، لتحقيق ديمقراطية حقيقية وباعتماد معايير التغيير الداخلية وآلياتها التي تتيح المشاركة الواسعة للقوى الاجتماعية، من أجل المحافظة على النسيج الاجتماعي والسلم الأهلي الذي تُحترم فيه حقوق المواطنية، بغض النظر عن المعتقد أو المذهب أو العرق أو اللون، وقيام مجتمع حر يقوم على أساس الحكم الرشيد الذي يضمن حرية الاعتقاد والرأي والتعبير والتنظيم والقبول بالآخر بوصفه شريكا مكافئا في عملية التغيير التي ظلت تتطلع إليها الشعوب العربية، مع الإسراع في تحقيق الإصلاح السياسي والديمقراطي في المجتمعات العربية.
وطالبت الدراسة بتفعيل المشاركة السياسية دون إقصاء أو تهميش، وإعطاء الفرصة الحقيقية لكل الفئات المشاركة بما يعمق الثقة بالذات المجتمعية التي تؤدي إلى تفعيل المشاركة في الحياة العامة، من خلال توسيع دائرة المشاركة، وإعادة صياغة علاقة الدولة بالمجتمع وتصحيحها من خلال إرساء الديمقراطية وتوسيع دائرة المشاركة السياسية وتعميق قيم العدالة الاجتماعية.
كما دعت الدراسة إلى ضرورة وضع البرامج التي تنهض بالتثقيف السياسي، وإرساء قيم الحوار الديمقراطي وتعميق الوعي بمفهوم المواطنة، واحترام حقوق الإنسان من خلال التوسع في نشر أدبيات الديمقراطية الاجتماعية والسياسية، وإتاحة المجالات أمام مؤسسات المجتمع المدني ودعم جمعيات حقوق الإنسان والجمعيات الخيرية وغيرها من الجمعيات، بحيث يصبح المجتمع بكامل مكوناته، طرفا مهتما وفاعلا في التصدي لظاهرة الإرهاب.
التعليم والثقافة:

التعليم والثقافة
رؤية جامعة الدول العربية لم تتوقف عند الجانب العسكري والسياسي، بل أكدت على أهمية منظومة التعليم وتطويرها ومنظومة الثقافة لمحاربة الإرهاب وأقطار التطرف والتشدد.
فقد شددت الدراسة على ضرورة إعطاء الأولوية لقضايا التنمية الاجتماعية الشاملة، وفي مقدمتها ضرورة الاهتمام بالعملية التربوية ومنظومتها ومناهجها، وتحسين نوعية التعليم الرسمي، والتركيز على التعليم الذي يهدف إلى بناء عقل نقدي منتج، والعمل على تنظيم التعليم الديني بوصفه عاملًا حاسما في إظهار سماحة الدين وانفتاحه على الآخر.
وشددت الدراسة على أهمية رفع الوعي بالهوية الحضارية والثقافية، من خلال مناهج التعليم بتعزيز الانتماء الوطني، مطالبة بضرورة الاهتمام بالجانب الثقافي، وتبني تعددية الرؤى بدلا من الرأي الواحد لمقاومة الفكر المتطرف والتكفيري، والاهتمام بإبراز أضرار الإرهاب وخطورته على المجتمع، موضحة أن هذا من الممكن أن يقوم به باقتدار المثقفون والمبدعون في مختلف المجالات في الثقافة والفنون والأدب.
الاقتصاد:
وفقًا لدراسة جامعة الدولة العربية أنه في سبيل مواجهة الإرهاب يجب أن يكون هناك دور بارز للتنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية ومواجهة البطالة والفقر، فهي أحد أهم أسباب انتشار التطرف والتشدد بجعل الفقراء والعاطلين فريسة للتشدد الديني والتطرف، ووقودًا لأفكار الجماعات الإرهابية.
وأوضحت الدراسة أن عدم الاقتصار على مستويات التنمية التقليدية الثلاثة التي تتضمن مستوى المعيشة، والصحة، والتعليم، ليتعداها إلى المنهج المتكامل والتي تؤدي إلى تحقيق الاستقرار والأمن والانسجام الاجتماعي القائم على المساواة وتكافؤ الفرص والعدالة الاجتماعية.
ودعت الدراسة إلى ضرورة الاستثمار الكثيف في المشروعات التنموية الإنتاجية بما يتيح فرصا أفضل لتشغيل الشباب والقضاء على البطالة؛ كونها تمثل أحد المؤشرات التي يمكن أن تدفع الشباب إلى تبني أفكار شديدة التطرف قد تؤدي إلى الانتماء للمنظمات الإرهابية.
المشهد الان:

المشهد الان
يبدو أن الدول العربية بدأت حثيثًا في السعي لمواجهة مشكلة التطرف والتشدد الذي تواجهه عبر القوة العسكرية، وأيضا بدراسة أسباب وظهور الجماعات الإرهابية وانتشار فكر التطرف، فجامعة الدول العربية قدمت تصورا ودراسة عون مواجهة الإرهاب، ليس عبر تشكيل قوة عسكرية فقط، ولكن بالمواجهة السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية، وهي كلها ملفات تؤكد بحاجة للعمل عليها مجتمعة لمواجهة الإرهاب.