جوانتانامو "قفص التعذيب " هل حان وقت إغلاقه؟
السبت 24/يناير/2015 - 08:35 م
طباعة

وعد الرئيس الاميركي باراك اوباما بمواصلة الجهود من اجل غلق معتقل جوانتانامو وقال في خطابه حول حالة الاتحاد "حان الوقت لانهاء العمل". واضاف "ليس من المعقول ان ننفق ثلاثة ملايين دولار على كل سجين للحفاظ على سجن يدينه العالم ويستخدمه الارهابيون للتجنيد".
وشدد كليف سلوان المبعوث الخاص السابق المكلف بغلق السجن العسكري "ان معارضي غلق غوانتانامو يوردون نسبة 30 بالمئة من العودة الى الجريمة بين معتقلين سابقين. وهذه المزاعم غير دقيقة بالمرة وأن اكثر من 90 بالمئة من جميع المعتقلين الذين تم نقلهم في عهد هذه الادارة، لم يشتبه وبالأحرى يثبت، انهم مارسوا ادنى فعل معاد منذ الافراج عنهم".
وقال مايلز كاغينز المتحدث باسم وزارة الدفاع "ان قرار نقل معتقل يتم بعد تبادل معلومات محددة ودقيقة مع بلد الاستقبال بشان التهديد المحتمل الذي يمكن ان يشكله السجين بعد نقله وحول الاجراءات التي يتعين على هذا البلد اتخاذها للتقليل بشكل كاف من هذا التهديد".
وقال ايان موس المتحدث باسم الخارجية المكلف غوانتانامو "نعمل على تحديد اماكن ملائمة لنقل كل سجين تمت الموافقة على الافراج عنه ونحن واثقون اننا سنتوصل الى ذلك واذا لم نحصل على كافة الضمانات الامنية وبشان المعاملة الانسانية، لا تتم عملية النقل".
وبحسب تقرير لمكتب المخابرات الوطنية في سبتمبر 2014 ، يتم تحديثه كل ستة اشهر، فان 19 بالمئة من المعتقلين السابقين بجوانتانامو الذين نقلوا قبل 2009 تأكد "انهم عادوا الى الانشطة الارهابية او حركات التمرد". واصبحت النسبة 6,8 بالمئة للمساجين المفرج عنهم منذ يناير 2009 حين وقع اوباما مرسوم غلق غوانتانامو كأول اجراء في عهد رئاسته.
وفي المقابل يلوح الجمهوريون بشبح تصاعد التطرف الاسلامي للإبقاء على السجن بالاعتماد على الاعتداءات الاخيرة في باريس.
ويطالب جون ماكين المرشح في الانتخابات الرئاسية امام اوباما في 2008، واعضاء آخرون في مجلس الشيوخ بوقف معظم عمليات الافراج لمدة عامين وذلك من خلال مقترح قانون لن الافراج عن مجموعات من المساجين دون وجود اي برنامج يدفع الى احتمال كبير لعودة ثلثهم الى القتال".
معتقل "خليج الخنازير " وتاريخ من الدماء

معتقل جوانتانامو الذى يقع في خليج جوانتانامو في أقصى جنوب شرق كوبا، ويبعد 90 ميل عن فلوريدا، حصلت عليه الولايات المتحدة الامريكية كقاعدة عسكرية في 23 فبراير 1903، بإيجار شهري بلغ 2000 دولار أمريكي، في عهد الرئيس ثيودور روزفلت، وعندما احتج الثوار الوطنيون على ذلك القرار، لم تقوم كوبا بصرف الشيكات اعتراضا على قرار الإيجار فردت الولايات المتحدة الأمريكية بعدم أرسال شيكا بقيمة 2000 دولار سنويا إلى حكومة كوبا واستولت على القاعدة
وفي أزمة صواريخ كوبا في أكتوبر عام 1968 لغم "كاسترو" القاعدة لمحاولة إجلاء الأمريكان، لكن الرئيس جون كنيدي رفض التدخل في القاعدة وأكد حقه في استئجارها ليتحول الى معتقل لمن تراهم إرهابيين ، وبدأت السلطات الأمريكية باستعماله في سنة 2002، وذلك لسجن من تشتبه في كونهم ، وتسيطر عليه الادارة الامريكية كسلطة مطلقة ولا ينطبق عليه أي من قوانين حقوق الإنسان لوجوده خارج الحدود الأمريكية
وتبدأ مأساة معتقل جوانتانامو في 13 نوفمبر عام 2001 عندما أعلن الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش عن أنشاء محاكم عسكرية استثنائية لمحاكمة من وصفهم "بالمقاتلين الأعداء". وفى11 يناير 2002
ووصل أول سجين إلى السجن ليضرب بوش بحقوق الانسان عرض الحائط ويصدر مذكرة رئاسية تنص على أن معتقلي تنظيم القاعدة و"مقاتلين أعداء" آخرين لا يخضعون لاتفاقيات جنيف، لكن ينبغي معاملة المعتقلين بطريقة إنسانية.
معتقلى جوانتانامو "المقاتلين الأعداء"

إدارة الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش، اتهموا المعتقلين بأنهم قاموا بعمليات عدائية ضدها من خلال التآمر لارتكاب جرائم حرب ضد الولايات المتحدة ومساعدة الاعداء ومحاولة القتل، وعلى الرغم من ذلك أدين ثمانية فقط من المعتقلين منذ إنشاء اللجان العسكرية الخاصة في 2006 واعترف ستة بالتهم الموجهة إليهم وألغت السلطات الفدرالية إدانات اثنين، فيما رفعت دعويان للاستئناف في قضيتين أخريين ولم يمثل أمام محكمة فدرالية سوى أحمد الجيلاني من تنزانيا والمحكوم بالسجن مدى الحياة، لدوره في الهجمات التي استهدفت السفارتين الأمريكيتين في كينيا وتنزانيا 1998.
لتنكشف الحقيقة المفزعة ان عدد المعتقلون كانوا 779 معتقل بين جدران المعتقل توفي منهم تسعة معتقلين آخرهم اليمني عدنان عبد اللطيف في سبتمبر 2012 وأعيد أكثر من 600 معتقل منهم إلى بلدانهم أو نقلوا إلى بلدان أخرى
ويوجد حاليا منهم 149 سجينا ومن بين الـ149 وافقت الولايات المتحدة على إطلاق سراح 78، من دون أي اتهامات لعدم تشكيلهم "أي تهديد أمني أساسي على الولايات المتحدة"، ويشمل هؤلاء 58 يمنيا وخمسة تونسيين وأربعة أفغان وأربعة سوريين أما المجموعة الثانية من 71 معتقلا؛ فتضم عشرة متهمين ويواجهون محاكم تديرها لجنة عسكرية أمريكية خاصة. وأحيل 23 منهم للنيابة العامة، فيما اعتبر الـ38 الآخرين مؤهلين لإعادة النظر في قضاياهم. وإلى هذه المجموعة ينتمي القياديون الخمسة المفرج عنهم.
وتتوزع أصول باقي المعتقلين بين 19 دولة، أكثر من نصفهم من اليمن. وبالإجمال يضم غوانتانامو 87 يمنيا و12 أفغانيا و11 سعوديا بالإضافة إلى آخرين من مصر وباكستان وموريتانيا وروسيا ودول أخرى.
ومن أشهر المعتقلين حتى اليوم في جوانتانامو خالد الشيخ محمد الذي اعترف بأنه خطط لهجمات 11 سبتمبر 2001، بالإضافة إلى أربعة آخرين يشتبه بتورطهم في تلك الهجمات. يضاف إليهم السعودي عبد الرحيم الناشري المتهم بشن هجمات تستهدف المصالح الأمريكية في اليمن ويواجهون عقوبة الإعدام في حال إدانتهم.
المعتقل الدموى وتاريخ حافل من انتهاكات حقوق الانسان

وأعتبرت منظمة العفو الدولية إن فشل حكومة الولايات المتحدة في إغلاق مركز الاعتقال في خليج جوانتانامو يخلِّف إرثاً مسموماً في مجال حقوق الإنسان.
وقالت في تقرير لها بعنوان " جوانتانامو عقد من انتهاك حقوق الإنسان" لقد أصبح معتقل جوانتانامو رمزاً لعشر سنوات من فشل الولايات المتحدة المنهجي في احترام حقوق الإنسان في ردها على هجمات 11 سبتمبر وقد تجاهلت حكومة الولايات المتحدة حقوق الإنسان منذ اليوم الأول لعمليات الاعتقال في جوانتانامو على الرغم من الوعد الذي قطعه الرئيس أوباما على نفسه بإغلاق معتقل جوانتانامو قبل 22 يناير 2010، فقد ظل 171 رجلاً محتجزين فيه بحلول ديسمبر 2011. ولا يزال 12 شخصاً على الأقل ممن نُقلوا إليه في 11 يناير 2002، محتجزين هناك. ويقضي أحدهم حكماً بالسجن المؤبد بعد إدانته من قبل لجنة عسكرية في عام 2008 ولم توجَّه تهم إلى أيٍّ من الأشخاص الأحد عشر الآخرين.
وسلط روب فرير الباحث في فرع منظمة العفو الدولية في الولايات المتحدة الضوء على المعاملة غير القانونية التي تعرَّض لها المعتقلون، قائلا لقد تبنَّت إدارة أوباما أقسام كبيرة من الفروع الثلاثة للحكومة الاتحادية- الإطار العالمي " للحرب" الذي صُمِّم في ظل إدارة بوش وفي يناير 2010 أكدت الإدارة أنه لا يمكن محاكمة نحو 40 شخصاً من معتقلي جوانتانامو ولا إطلاق سراحهم، ولكنهم يجب أن يظلوا معتقلين في الحجز العسكري إلى أجل غير مسمى بدون تُهم أو محاكمات جنائية بموجب التفسير الأمريكي الأحادي لقانون الحرب وإلى أن تتعامل الولايات المتحدة مع هذه الاعتقالات كقضية من قضايا حقوق الإنسان، فإن إرث جوانتانامو سيستمر، سواء أُغلق مركز الاعتقال أم لم يُغلق."
جوانتانامو وإرث من التعذيب

وتابع "لقد أصبح معتقل جوانتانامو ، الذي يقع في القاعدة البحرية الأمريكية في كوبا، رمزاً للتعذيب وغيره من ضروب إساءة المعاملة عقب افتتاحه بعد مرور أربعة أشهر على هجمات 11 سبتمبر ومن بين المعتقلين الذين مازالوا يقبعون فيه حتى اليوم أشخاص تعرضوا للتعذيب والاختفاء القسري على أيدي السلطات الأمريكية قبل نقلهم إلى جوانتانامو ولم تكن هناك مساءلة تُذكر عن الجرائم التي تشكل انتهاكاً للقانون الدولي، والتي اقترُفت في سياق برنامج الاعتقال السري الذي جرى العمل به بموجب السلطة الرئاسية وقد منعت الحكومة الأمريكية، بصورة منهجية، المحاولات التي قام بها معتقلون سابقون للمطالبة بإنصافهم على مثل تلك الانتهاكات وواجهوا محاكمات جائرة أمام اللجان العسكرية.
القانون الدولي لا يعترف بجوانتانامو

وأعتبر أنه بموجب القانون الدولي، لا يجوز استخدام القانون الوطني والسياسة المحلية لتبرير عدم التقيد بالتزامات المعاهدات. إن وضع أحد فروع الحكومة اللوم على الفروع الأخرى عن فشل الدولة في مجال حقوق الإنسان لا يعتبر مبرراً كافياً. إذ أن القانون الدولي يقضي بضرورة إيجاد حلول، ولا مكان للأعذار."
وذكر تقرير لجنة حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة تاريخ معتقل غوانتانامو واستخدام أميركا له، وأن القوات الأميركية مارست الاعتقال التعسفي بحق من أسمتهم “بالإرهابيين”، وقام الجيش الأميركي في أفغانستان باعتقال من ينتمي إلى حركة طالبان وتنظيم القاعدة، ومن لا ينتمي اليهما، وكانت الوحدات الأميركية تدخل إلى المنازل وتعتقل الرجال والنساء العزل وتسوقهم الى جوانتانامو ، دون أن تتم محاكمتهم أو إدانتهم، وتمارس بحقهم أبشع أنواع التعذيب والإذلال وهذا ما تحرّمه قواعد الأديان والقانون الإنساني الدولي، وشرعة حقوق الإنسان.
ورصد التقرير كيف أن المعتقلون في جوانتانامو ، موضوعين في أقفاص فولاذية بالكاد تقيهم من حرارة الشمس العالية، وكان قد اعتقل معظم هؤلاء إثر العمليات العسكرية التي جرت في أفغانستان ضد قوات طالبان والقاعدة، ولم تعتبرهم إدارة بوش أسرى حرب، وإنما مقاتلون أعداء وقررت أن إقامتهم في المعتقل غير محددة، وتتعلق بالمعلومات الاستخباراتية التي سيحصل عليها كل من وكالة الاستخبارات المركزية ومكتب المباحث الفدرالية والمحققين التابعين للجيش منهم ويعاني السجناء أقصى أنواع التعذيب والإذلال حيث يتم على مدى خمسين يوماً، العزل والحرمان من النوم، ووضع القناع، وحلاقة شعر الرأس، والتقييد والتهديد بالكلاب، أو التعرية والتهديد بالاغتصاب وغيرها من الأعمال القذرة. و”في عام 2002، منح وزير الدفاع السابق دونالد رامسفيلد المحققين في غوانتانامو السلطة برفض الزيارات ذات الطبيعة غير الطارئة للسجين وقد قامت الاستخبارات الأميركية بإرسال بعض السجناء إلى الدول التي تمارس التعذيب، ولم يعرف مصير المئات من هؤلاء السجناء، وأميركا هي المسؤولة عن إيذاء هؤلاء او تعذيبهم وسوء المعاملة لهم وأجبر العديد من السجناء على الوقوف أو الجلوس أو القرفصاء أو التمدد على الرمال تحت أشعة الشمس
وتابع التقرير "هكذا نرى أنهم كانوا يعاملون السجين معاملة سيئة وبغيضة، ليصل إلى درجة اليأس والخيبة والخوف، بحيث يصبح الفرد مستعداً لبيع أهله ليتخلص من ظلمة السجان، أو على الأقل لنوم ليلة مريحة بعيداً عن البرد والحشرات، والحصول على طعام جيد يسند به جسده وكان السجّانون يستخدمون أنواعاً مختلفة من أدوات التعذيب، لاسيما اللعب على وتر العرض والشرف والدين والأخلاق المحافظة، ما يشكل إذلالاً للسجين أكثر من مجرد تعذيبه الجسدي، والكثير من هذه الأساليب شاهدناها على شاشات التلفزة. ومن هذه الأساليب، تصوير المعتقلين رجالاً ونساءً وهم عراة، إرغام معتقلين ذكور ارتداء ألبسة نسائية داخلية، الاعتداء الجنسي والتلذذ باغتصاب السجينات، عرض السجناء عراة أمام بعضهم وإرغامهم على ممارسة الجنس، مهاجمة الكلاب للسجين وتمزيقه، منع السجناء من النوم وعدم تقديم الطعام لهم.
ليخلص في النهاية الى أن غوانتانامو مخالف للقانون الإنساني الدولي لمعاملة أسرى الحرب، ويجب على الولايات المتحدة الأميركية الالتزام به تجاه معتقلي أفغانستان وغوانتانامو، وتطبيق القانون الإنساني الدولي وبنود معاهدة جنيف الخاصة بأسرى الحرب وغيرهم من الأسرى الذين لهم الحق في التمتع بمزايا إعلان حقوق الإنسان لان ما يحدث في المعتقل تنعدم فيه الأخلاق ولذلك يجب وقف حد لهذه المعاناة وإغلاق المعتقل بشكل تام.
يذكر أن كلفة السجين الواحد في جوانتانامو تصل سنويا إلى ما بين 2,7 و2,8 مليون دولار، مقارنة مع 78 ألف دولار فقط، هي الكلفة السنوية لكل شخص يقبع في السجون داخل الولايات المتحدة.
ليبقى السؤال هل فعلاً ستحقق أميركا وعودها؟ وهل سيقوم باراك أوباما بإطلاق سراح سجناء جوانتانامو ؟ وماذا عن معاناة السجناء الذين خرجوا والذين ما زالوا بين جدرانه ؟