أردوغان يسعى لتطويق "كولن" في إفريقيا.. ومخاوف من تحالف مع إثيوبيا لبناء "سد النهضة"

الأحد 25/يناير/2015 - 07:11 م
طباعة أردوغان يسعى لتطويق
 
في خطورة جديدة، من شأنها أن تفتح باباً جديداً من التساؤلات، حول الجولات الإفريقية التي يقوم بها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، فضلاً عن أهميتها للجانب التركي، ففي حين ربط مراقبون بين تلك الجولات والمواقف العدائية التي تتخذها أنقره تجاه القاهرة بعد عزل الرئيس الإخواني محمد مرسي، خاصة وأن تلك الجولات تضمنت زيارة أردوغان لإثيوبيا التي لا تزال عازمة على بناء سد النهضة الذي أثبتت العديد من التقارير أنه سيخصم من حصة مصر من مياه النيل، في وقتٍ تعاني فيه مصر من فقرٍ في المياه.
فيما ذهب آخرون إلى أن زيارة أردوغان إلى عدد من الدول الإفريقية تستهدف في الأساس غريمه السياسي رجل الدين المقيم في الولايات المتحدة فتح الله كولن، حيث أعرب أردوغان مراراً أنه سيسعى لإغلاق المدارس المرتبطة بخصمه اللدود كولن في إفريقيا.
الملك عبد الله
الملك عبد الله
ورغم إرجاء الرئاسة التركية زيارة أردوغان التي كانت مقررة الجمعة الماضية إلى الصومال، وذلك لحضور مراسم تشييع جثمان الملك عبد الله، فضلاً عن استهداف حركة "شباب المجاهدين" فندقا يقع بالقرب من مقر الرئاسة الصومالية، والذي يُقيم فيه أعضاء الوفد التركي الذي يُجهز لزيارة أردوغان، في محاولة لإثناء الرئيس التركي عن الزيارة، أردوغان، صباح اليوم الأحد، إلى الصومال، والتي وصفها خبراء بالنادرة التي لم تحدث منذ عقدين.
وخلال حضور رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو، أعمال منتدى "دافوس" أكد أردوغان على زيارة الصومال رغم انفجار السيارة المفخخة التي كان يقودها انتحاري بحسب شهود، الخميس، الماضي عند مدخل فندق "أس واي أل" في مقديشو قرب الرئاسة الصومالية، مشيراً إلى أن أردوغان سيتجه إلى جيبوتي بعد اختتام زيارته للصومال.
وفندق "أس واي أل" المستهدف يرتاده عادة الزوار الأجانب والوفود الرسمية. ويقع على مقربة من فيلا صوماليا، المجمع الذي تحيط به إجراءات أمنية مشددة، وفيه مقر رئيس الصومال ومكتب رئيس الوزراء، حيث جاء الاعتداء عشية زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى العاصمة الصومالية، قيبل إرجائها رسمياً لحضور الرئيس التركي مراسم دفن ملك السعودية الملك عبدالله بن عبدالعزيز. 
زيارة أردوغان اليوم إلى الصومال شهدت إجراءات أمنية مشددة، حيث أغلق مئات الجنود والشرطيين أجزاء كبيرة من شوارع العاصمة الصومالية، وكان في استقبال أردوغان نظيره الصومالي حسن شيخ محمود في مطار مقديشو الجديد، وأشاد أردوغان "بالتطورات الكبيرة" المحرزة في الصومال، فيما أشار نظيره الصومالي، إلى "الدور المحوري والنموذجي" لتركيا في الصومال، مضيفا: "تركيا أرسلت مواطنيها إلى الأرض في الصومال، في حين فضل شركاء دوليون إدارة عملياتهم من الخارج".

حركة شباب المجاهدين تعلن مسئوليتها

حركة شباب المجاهدين
من جانبها، أعلنت حركة الشباب المجاهدين الصومالية مسئوليتها عن الهجوم على الفندق، وقال المتحدث باسم حركة الشباب الشيخ عبد العزيز أبو مصعب: إن الحركة هاجمت الفندق وقتلت عددا من أفراد الشرطة الصومالية هناك، إلا أنه لم يُشر إلى زيارة أردوغان للصومال.
وأسفر الانفجار عن مقتل خمسة صوماليين، بحسب مسئول أمني، بينما أكدت مصادر في الشرطة أن الهجوم ناجم عن تفجير سيارة مفخخة يقودها "انتحاري" عند مدخل فندق "إس واي إل" قبالة البوابة الرئيسة للقصر الرئاسي، وأنه أسفر عن مقتل عنصري شرطة وسيدة تعمل في الفندق، إضافة لإصابة ثلاثة من عناصر الشرطة.
التفجير وقع رغم إجراءات أمنية مشددة اتخذتها السلطات الصومالية، وقبل التفجير قال داود أويس المتحدث باسم الرئيس الصومالي في بيان: إن الرئيس التركي سيصل غدا إلى مطار مقديشو الدولي، وسيستقبله في المطار الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، وعدد من الوزراء، مضيفا أن أردوغان سيتفقد مشروعات تنموية تنفذها هيئات تركية.

زيارة أردوغان لإثيوبيا

الرئيس التركي رجب
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان
كان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان التقى نظيره الإثيوبي ملاتو ويرتو ورئيس الوزراء الإثيوبي هايله مريم ديسليغنه، الخميس الماضي، بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا وجرى التوقيع بعد لقاء الوفود على اتفاقيات للتعاون بين البلدين.
وذكرت هيئة الإذاعة والتليفزيون التركية (تي.آر.تي) الحكومية الإثيوبية أن أردوغان عقد مؤتمرا صحفيا مع رئيس الوزراء الإثيوبي، وطالب أردوغان خلال المؤتمر بضرورة إغلاق المدارس التابعة لما تطلق عليه الحكومة التركية "الكيان الموازي"، في إشارة إلى حركة الخدمة بزعامة الداعية الإسلامي الشيخ فتح الله جولن، خارج تركيا وأنه يمكن لوزارة التعليم التركية تولي هذه الأنشطة التعليمية.
اللافت للنظر استجابة رئيسة الوزراء الإثيوبي ديسلغنه لمقترحات أردوغان حيث قالت: "لدينا سياسة مفتوحة للعمل مع الحكومة مباشرة دون السماح للكيان الموازي بذلك، ونحن في انتظار موافقة الحكومة التركية على الخطوات التالية، وسنعمل بتوجيهات الحكومة التركية من الآن فصاعدا".
وفيما يبدو مغازلة أردوغانية لإثيوبيا، قال: إن منتدى العمل التركي- الإثيوبي، سيعمل خلال الفترة المقبلة على رفع حجم التبادل التجاري بين البلدين، وقال: "أعتقد أنه علينا رفع حجم التجارة بين تركيا وإثيوبيا إلى 500 مليون دولار في أقرب وقت".
ورغم الرسائل المباشرة التي أوضحها أردوغان، قال مراقبون: إن زيارة أردوغان إلى إثيوبيا، تهدف إلى الوقوف على آخر المستجدات المتعلقة ببناء سد النهضة، فضلاً عن كونها نكاية في مصر وأمنها القومي.
كان المتحدث باسم وزارة الخارجية الإثيوبية دينا مفتي، قال في تصريحات صحافية إن بلاده ترفض "إقحام" تركيا وإسرائيل في أزمة سد النهضة الذي يثير أزمة بين إثيوبيا ومصر، وتابع في تصريحات أدلى بها لوكالة الأناضول: "ما يتردد عن وقوف إسرائيل وراء بناء سد النهضة لا أساس لها من الصحة، كما أن تركيا ليس لها علاقة ببناء السد"، وأكد أن تركيا دولة صديقة لإثيوبيا وعلاقاتهم بها متميزة، وما يتم بين إثيوبيا وتركيا هو رغبة الأخيرة في الدعم والمشاركة في التنمية الجارية بالبلاد".
ورغم النفي المتحدث باسم الحكومة الإثيوبية وجود لتركيا دور في بناء سد النهضة، إلا أنه لفت إلى أن دولته تتطلع للاستفادة من خبرات تركيا في كافة المجالات بما فيها مجال الري والسدود، مشيراً إلى أن تركيا تعتبر إحدى الدول الشريكة لإثيوبيا في التنمية.
وزير الموارد المائية
وزير الموارد المائية والري السابق محمد عبد المطلب
كان وزير الموارد المائية والري السابق محمد عبد المطلب قال في تصريحات تلفزيونية، عقب عودته من زيارة قصيرة لإثيوبيا قبل تولي الرئيس السيسي الحكم: إن إسرائيل وتركيا شريكان أساسيان لإثيوبيا في بناء سد النهضة.
كما أشارت تقارير صحافية مصرية إلى أن الحكومة المصرية كشفت عن عرض تركيا على إثيوبيا مساعدتها في بناء سد النهضة لخنق حصة مصر من مياه نهر النيل، ولم تستبعد وجود دور لإسرائيل، كما اتهمت أديس أبابا، قبل أن يتفق الرئيسان المصري والإثيوبي على حل القضية بعيداً عن التراشق الإعلامي.
من جانبه، قال الخبير المائي الإثيوبي ديسالين: إن مصالح دول حوض النيل لا بد أن تراعى، وأن مصر ليس لها خيار سوى الحوار والتفاوض، وما يقال عن الحرب لا يفيد مصر ولا إثيوبيا، والجميع يرفض خيار الحرب وهي في الأساس مستبعدة واعتبرها لغة تجاوزتها الأحداث.

الخلاف بين أردوغان وفتح الله كولن

أردوغان - كولن
أردوغان - كولن
 رصدت العديد من التقارير الصحافية الخلاف بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيس حركة "الخدمة" فتح الله كولن، وحصر عدد من المراقبين عدة ملفات، تكسف عن الصرع بين الرجلين بينها أحداث سفينة مرمرة ورئيس الاستخبارات التركي هاكان فيدان والملف الكردي والجيش والمدارس التحضيرية الخاصة وصراع النفوذ.
اللافت إلى أن العديد من التقارير تؤكد أن أردوغان لم يكن يوما ذراعا سياسياً لجماعة فتح الله كولن، ولكنه ومنذ تأسيس حزب العدالة والتنمية ورغم تفضيله لعدم الحديث عن علاقته مع كولن فإنه كان معلوما لدى الجميع أن الجماعة تدعم أردوغان وحزبه بالأصوات في الانتخابات وبالتسويق له عبر مؤسساتها المتشعبة والمنتشرة في كل مكان، من أمريكا إلى إفريقيا كما في آسيا وأوروبا وفي كل مكان في تركيا، حتى بدأ الخلاف العلني على إثر اعتداء القوات الإسرائيلية على سفينة مرمرة.

الخلاف الأول

سفينة مرمرة
سفينة مرمرة
1- سفينة مرمرة:
حيث أحدثت تصريحات لفتح الله كولن لصحيفة "وال ستريت جنرال الأمريكية"، حول حادث قيام قوات الجيش الإسرائيلي بالهجوم على سفينة مرمرة التركية المتجهة لكسر الحصار على قطاع غزة، وقتلها لتسعة مواطنين أتراك، حيث حمل فيها كولن الجانب التركي المسئولية، وقال إنها أخطأت لأن السفينة مرمرة لم تحصل على إذن إسرائيلي لدخول غزة، واصفا ذلك بالتعدي على شرعية إسرائيل.
2- هاكان فيدان:
بعد وقوع أحداث سفينة مرمرة، قام أردوغان بتعيين هاكان فيدان، الذي تصفه وسائل الإعلام بأنه رجل المهمات الصعبة، ورجل الظل وأكثر المقربين إلى أردوغان، على رأس جهاز الاستخبارات خلفا لسلفه الذي كان متهما بالتعاون مع الموساد الإسرائيلي، ولكن جماعة فتح الله كولن، ولأسباب غير معلنة، رفضت هاكان فيدان، ووظفت كل قوتها للإطاحة به.
3- مفاوضات السلام مع الأكراد:
اعترضت جماعة فتح الله كولن على المحادثات التي أجراها هاكان فيدان في العاصمة النرويجية أوسلو، مع قيادات حزب العمال الكردستاني، واتهمت جماعة فتح الله كولن، هاكان بالتفاوض مع أعداء الوطن وتجاوز صلاحياته، إلا أن أردوغان تدخل بقوة في تلك الواقعة، وأنقذ فيدان من المحاكمة ومن إمكانية السجن، حيث أصدر تصريحات قاسية، قال فيها: "فيدان هو كاتم سري، وهو يتحرك بتعليمات مباشرة مني"، كما قام بتحصينه من المحاكمة إلا بإذن منه، وقام بعد ذلك بعزل عدد كبير من الأمنيين والمدعين العامين وبنقل عدد آخر إلى خارج المحافظات الرئيسية، كان معظمهم محسوبين على جماعة فتح الله كولن.
4- محاكمة قادة الجيش:
كما اعترضت جماعة فتح الله كولن على حيس قائد أركان الجيش السابق إيلكر باشبوغ، والذي قضت المحكمة بسجنه انفراديا مدى الحياة بتهمة تزعم شبكة أرغينيكون السرية، التي تتآمر على الدولة، حيث قال كولن: "لو كان الأمر بيدي لأطلقت سراحه".
5- أحداث تقسيم:
بعد اندلاع احتجاجات ميدان تقسيم في وسط مدينة إسطنبول، وبعد قيام المتظاهرين بغلق أكثر الميادين حيوية في تركيا، وأهمها بالنسبة لقطاع السياحة، وبينما كان أردوغان يتحدث عن مؤامرة دولية لإدخال تركيا في حالة من الفوضى والفراغ، ندد فتح الله كولن بوصف أردوغان للمتظاهرين بالفوضويين، وقامت وسائل الإعلام التابعة للجماعة بمهاجمة أردوغان وبالتنديد بطريقة تعامل حكومته مع الأحداث.
6- المدارس التحضيرية الخاصة:
قرار الحكومة التركية بغلق ما يسمى بالمدارس التحضيرية الخاصة، تحت مزاعم أنها مضرة، وهو ما قال عنه محللون أتراك بأنه الوتر الذي يوجع الجماعة والذي لا يمكن لفتح الله كولن أن يسكت عنه، حيث تمتلك الجماعة ما لا يقل عن ربع مراكز الامتحان الخاصة والتي تعتمد عليها فئة كبيرة من الأتراك في تعليمها الثانوي عوضا عن المعاهد الحكومية؛ وذلك لأنها لا تجبر التلميذ على دراسة كامل المناهج الدراسية الحكومية وتكتفي بإجراء اختبارات نهاية السنة وبتوفير قاعات للمذاكرة.
وعلق كولن وقتذاك على القرار قائلا: "إنهم يريدون غلق كل شيء، حتى أبواب الجنة يريدون غلقها.. على الأقل اتركونا نحن ندخل"، مشبها أردوغان بمن قاموا بالانقلابات في سنة 1980 و1997، في حين رد أردوغان قائلا: "يريدوننا أن نتراجع عن هذا القرار.. فليعلموا أننا لن نتراجع".

شارك