زيارة الرئيس الأمريكي لـ"السعودية".. هل تعيد التقارب بين الجانبين؟

الثلاثاء 27/يناير/2015 - 01:42 م
طباعة زيارة الرئيس الأمريكي
 
في محاولات منها لاستعادة الثقة، تعتزم المملكة العربية السعودية، لعودة العلاقات بقوة مع الأمم المتحدة الأمريكية، وذلك بعد الخلافات التي شهدها الطرفين خلال السنوات الأخيرة، بسبب الأزمة السورية حيث أن السعودية تري أن باراك أوباما يجب أن يسعي بجاديه للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، فضلا عن الخلافات بشأن إيران التي يعتبر السعوديون التقارب بينها وبين واشنطن أمرًا مقلقًا.

تقارب بين الجانبين

تقارب بين الجانبين
بدأت بالفعل السعودية مساعيها في فتح صفحة جديدة مع واشنطن بعد أن فقدت ثقتها بها، يأتي ذلك في التوقيت الذى يزور فيها الرئيس الأمريكي باراك أوباما، الرياض، مع زوجته لتقديم العزاء في وفاة الملك عبدالله.
 من جانبه أعلن الديوان الملكي السعودي عن "زيارة عمل رسمية"، سيقوم بها الرئيس باراك أوباما إلى السعودية اليوم الثلاثاء.
والجدير بالذكر أن أوباما والملك عبدالله، كان بينهما خلافات بحسب ما ذكر خبراء، حيث سبق وشهدت إحدى مكالمات الطرفان خلافاً حاداً في الآراء، فيما يتعلق بتقدير الأوضاع بشأن ما جرى في مصر وعزل محمد مرسي، فضلا عن الخلاف بشأن ما يجري في سوريا.
وأعلن البيت الابيض، أنه من المتوقع أن يبحث الرئيس الامريكي مع العاهل السعودي الجديد في الحملة العسكرية على تنظيم "الدولة الاسلامية" داعش والأزمة في اليمن.
كما تجري خلال الزيارة مباحثات رسمية بين العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز والرئيس باراك أوباما، تشمل العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تطويرها، كما سيتم بحث القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
وتتطلع القيادة السعودية الجديدة التي يزورها أوباما اليوم، إلى التزام أمريكي متجدد في المنطقة بعد أن فقدا الطرفان ثقتهما ببعض خلال المرحلة الأخيرة.
 كانت تقارير استخباراتية، أكدت أن إدارة أوباما سعت جاهدة لتنصيب سلمان، وأن يعين مجلس البيعة في المملكة- حسب المتبع- وزير الداخلية محمد بن نايف وليا لعهده، وهو ما تم عبر تعيين محمد بن نايف وليا لولي العهد في أول قرارات ديوان الملك سلمان، وهو الذي تحظى واشنطن بعلاقات خاصة معه، عبر رئيس وكالة المخابرات المركزية جون برينان، كما وصفت تلك التقارير حكم سلمان بأنه سيكون مجرد استراحة، لأنه مريض هو الآخر.
وبما أن ولي ولي العهد، الأمير مقرن بن عبد العزيز، سيصبح وليًا للعهد، فإن الصراع الحقيقي على السلطة الذي سيكون مجرد بداية سيكون حول من يعين وليا لولي العهد، وهو ما تم إنجازه سريعا بتعيين محمد بن نايف في المنصب، لكن تداعياته لن تظهر الآن.

بداية الخلافات السعودية الأمريكية

بداية الخلافات السعودية
العلاقات بدأت في التوتر بين الجانبين السعودي والأمريكي، عندما كان الملك عبدالله، يرى أن أوباما متباطئ في تسليح المعارضة السورية التي تواجه نظام بشار الأسد، و كان متسرعا جدا في التخلي عن حلفائه كنظام الرئيس الأسبق حسني مبارك، ورأى الملك أن أوباما يتصرف بسذاجة من أجل الوصول لصفقة تاريخية مع إيران فيما يتعلق بمشروعها النووي، وهنا أيضا فقد شهدت علاقات السعودية وواشنطن وعلاقات إسرائيل وواشنطن تراجعا ولنفس الأسباب إلى حد كبير.
من جانبه، أكد متخصص في شؤون الشرق الأوسط فريديريك، أنه العلاقة بين الملك عبدالله والرئيس الأمريكي باراك أوباما لم تكن جيدة ولا على ما يرام، ومن هنا فإن التغيير يمكن أن يكون صفحة جديدة على هذا المستوى.
وأضاف على المستوى التنفيذي، أنه ليس هناك أي تغيير من الجانب السعودي لأن أشخاصا مثل وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف الذي يمسك بالملف الأمني وأصبح وليًا لولي العهد، تم تعزيز موقفهم.
ونقلت شبكة سي إن إن الأمريكية عن آرون ديفيد ميلر، الباحث في مركز وودرو ويلسون الدولي، والمستشار السابق لعدد من وزراء الخارجية الأمريكية، قوله إن العلاقات الأمريكية السعودية ليست بأفضل حال، فهناك خلافات أساسية بين الطرفين، وهي نفسها التي يواجهها أوباما مع إسرائيل، خاصة مع رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو، الذي خطط لخطاب أمام الكونجرس، رغم طلب أوباما منه عدم فعل ذلك.
أضاف ميلر: أن زيارة أوباما إلى السعودية في وقت يعيش فيه اليمن انتقالاً كبيرًا وفشلاً في إدارة الدولة يمكن أن يظهر على أرض الواقع بأنه ورغم عدم الاستقرار الذي يشهده الشرق الأوسط، إلا أنه توجد هنالك عمليات أخرى تجد لها مكانا، ويمكن لهذه الأمور أن تتخطى أكبر الانتقالات في السلطة على مستوى المنطقة.
وبحسب الخبير في الشؤون النفطية والاستراتيجية جان فرانسوا سيزنيك، أن العلاقات الأمريكية السعودية لم تكن في أفضل أوضاعها في عهد أوباما، موضحًا أن السعوديين على كل المستويات يرون بأن الأمريكيين لم يعودوا محل ثقة. 
وأكد أن السعوديون يرون أن الأمريكيين سينسحبون "استراتيجيا" من المنطقة بكل الأحوال، وبإمكانهم أن يتوصلوا بدورهم إلي اتفاق مع إيران بعد اتفاقها مع القوى الكبرى، وبإمكانهم بموجب هذا الاتفاق أن ينسقوا مع الإيرانيين لترتيب شؤون المنطقة من سوريا إلي اليمن.  
وقال سيزنيك إن انخفاض أسعار النفط هدية لأوباما لأن انتعاش الاقتصاد الأمريكي يرتبط بذلك، وعلى أوباما أن يكون ممتنًا لذلك.

موقف السعودية من أمريكا

موقف السعودية من
من المعروف أن الجانبان السعودي والأمريكي، بينهما تحالف استراتيجي قائم على مصالح مشتركة ضخمة، إلا أن السنوات الأخيرة، تركت طابع استياء سعودي إزاء ما اعتبرته الرياض نقصا في التزام واشنطن تجاه قضايا المنطقة العربية بأكملها وعلى رأسها سوريا، بحسب خبراء.
كما أن تقارب واشنطن نسبيا مع خصم السعودية التقليدي إيران، في وقت تزداد فيه احتمالات التوصل الى اتفاق نووي مع طهران.
كما أن موقف واشنطن إزاء الاحتجاجات في العالم العربي، أدى إلى انفلات الوضع العراقي وانهيار اليمن والتأزم في ليبيا وعدم التدخل في سوريا وصولاً إلى استراتيجية محاربة الإرهاب وعدم ممارسة ضغوط كافية على إسرائيل، وتبدو سنوات أوباما سيئة بالنسبة لحكام السعودية مقارنة مثلا بعهد جورج بوش.
وفي سياق متصل، قال أنور عشقي رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات السياسية والاستراتيجية في جدة: أن هناك ملفات يجب أن يتفاهم الطرفان سلمان وأوباما بشأنها، لأن المملكة تتفق مع واشنطن على كثير من الأهداف، لكن الاختلاف واضح حول عدد كبير من المسائل.
وأضاف أن السعودية تختلف مع واشنطن في الاستراتيجيات حول ملفات متنوعة، مثل التعامل مع الإرهاب وتنظيم داعش، حيث ترى السعودية أنه يجب زوال السبب وهو غياب العدالة في العراق والعنف في سوريا الذي يشكل حاضنة للإرهاب، وليس فقط التعامل مع الظاهرة.
 وبشأن إيران تري السعودية أن الولايات المتحدة تركز فقط على مسألة السلاح النووي لكن المملكة تريد منها أن تواجه سياسة زعزعة الاستقرار في المنطقة. 
وتتهم السعودية، إيران بالتدخل في شؤون الدول العربية في المنطقة، لاسيما في اليمن وسوريا والعراق ولبنان والبحرين.
فيما تسعي المملكة العربية السعودية إلى التزام أمريكي أكبر في ليبيا وفي اليمن لإجبار الجميع على العودة إلي العملية السياسية بعد أن سيطر المتمردون الحوثيون الشيعة على صنعاء، وما تلاها من استقالة الرئيس عبدربه منصور هادي.

أوباما والملك عبدالله

أوباما والملك عبدالله
عقب وفاة الملك عبدالله، قال أوباما: "لقد تأكد أن العلاقة السعودية الأمريكية مهمة من أجل الاستقرار والأمن في الشرق الأوسط وأبعد من ذلك"، مشددًا على أن قوة الشراكة بين البلدين تشكل جزءًا من أرث الملك عبدالله.
فمن المشروع النووي الإيراني إلى مستقبل سوريا، كان الملك الراحل عبدالله بن عبد العزيز يجد نفسه على خلاف مع إدارة أوباما الذي لا يثق فيها ويعارض سياستها بشدة.
فقد شهدت فترة حكم الملك عبد الله، تزعزع في العلاقات مع الولايات، وخاصة في السنوات الأخيرة التي شهدت غضب الملك عبدالله على الفشل الأمريكي في الوفاء بالتهديدات لشن ضربات عسكرية على النظام السوري في عام 2013 لاستخدامه المزعوم للأسلحة الكيميائية، وكانت الرياض تعتقد بأن البيت الأبيض لم يظهر دعماً قوياً لحلفائها في الشرق الأوسط، ولا سيما في مصر، بعد ثورات الربيع العربي التي اندلعت منذ عام 2011، كما أن الرياض اعتبرت أن المحادثات السرية التي جرت بين الولايات المتحدة وإيران بشأن برنامج الأخيرة النووي، هي علامة على إضعاف التحالف الأمريكي- السعودي، ودليل على أن البيت الأبيض على استعداد لإجراء التحالفات مع أعداء المملكة بدون موافقة الملك عبد الله.

وفاة الملك.. فرصة لأمريكا

وفاة الملك.. فرصة
في الوقت الذى توفي فيه الملك عبدالله، والذى كانت علاقته بأمريكا ليست على ما يرام، علقت الولايات المتحدة عقب وفاته، قائلة: "إن أمريكا سوف تسعى للتعامل بسرعة مع الحكام الجدد في المملكة العربية السعودية لوقف الأزمات الناشئة في المنطقة، مثل الحرب الأهلية اليمنية والاتساع المتزايد لجهاديي الدولة الإسلامية في العراق وسوريا"، في المقابل عبر المسؤولون الأمريكيون عن مخاوفهم حول قدرة الملك الجديد على ترسيخ سلطته بالسرعة الكافية للرد على هذه التهديدات الإقليمية.
وفيما يبدو من المشهد الحالي أن العلاقات بين الطرفان ستشهد في الفترة المقبلة تغيرات جذرية في عودة التقارب مجددا في ظل الزيارة الحالية لأوباما إلى السعودية، فعقب وفاة عبدالله، سيكون هناك تغير مع تولي الملك سلمان، ويتفق الخبراء في أمريكا وخارجها أن شكل العلاقات مع الولايات المتحدة ستتخذ اتجاه إيجابي لأن الرياض لا تستطيع الاستغناء عن واشنطن، حيث أكد بروس بريدل المسئول السابق فيCIA  والخبير الحالي بمعهد "بروكنجز" أن السعوديون يعلمون أنه لا غنى عن الدور الأمريكي وسيتعاملون معه بغض النظر عن شكوكهم حول فعالية هذا الدور.

شارك