ليبيا.. مفتاح "داعش" للسيطرة على المغرب الكبير وتهديد أوروبا

الثلاثاء 27/يناير/2015 - 04:04 م
طباعة ليبيا.. مفتاح داعش
 
يبدو أن الأزمة في ليبيا، تزداد تعقيدًا، مع اشتعال الأحداث على أراضيها، حيث هاجم مسلحون فندق "كورنثيا" في العاصمة الليبية طرابلس بعد تفجير سيارة مفخخة في مرآب السيارات.
وأفادت تقارير بأن الحادث أسفر عن مقتل عدد من الأشخاص، وأن المسلحون يحتجزون رهائن، فيما نفي مدير الإدارة العامة لحماية البعثات الدبلوماسية في ليبيا، العقيد خالد أبو ظهير، وجود دبلوماسيين وقت الهجوم.
وقال أبو ظهير، إنَ سفارة قطر تتخذ من الفندق مقرًا لها إلا أن المقر شاغر حتى الآن، كما نفى وجود دبلوماسيين أمريكيين داخل الفندق، خلافًا لما تداولته بعض وسائل الإعلام.
ليبيا.. مفتاح داعش
وقد تمكن 15 نزيلا أجنبيا من الفرار من فندق كورنثيا في طرابلس بعدما اقتحمه متطرفون، وقد انفجرت سيارة مفخخة في محيط الفندق.
ومن جانبه أكد مصدر أمني، أن قوات الأمن الليبية تطوق الفندق بعد أن تحصن به مسلحون، ويعرف فندق كوريينثيا بأنه مقصد لرجال الأعمال والدبلوماسيين.
وقال المصدر بالعاصمة طرابلس، إن أربعة مسلحين من المهاجمين المحاصرين من قبل عناصر الأمن، فجروا أنفسهم بالطابق الواحد والعشرين، داخل فندق كورنثيا بطرابلس.
وأوضح المصدر أن عمر الحاسي رئيس ما يعرف بـ "حكومة الإنقاذ" المحسوبة على جماعة الإخوان المسلمين، كان متواجدًا بالفندق لحظة الهجوم عليه.
وأضاف المصدر أن قوات الردع تمكنت من إخراج الحاسي أثناء تبادل إطلاق النار مع المهاجمين، دون أن يصاب بأي أذى، وكان مسلحون يرتدون واقيات ضد الرصاص، قد اقتحموا الفندق، وأطلقوا الرصاص عشوائيًّا باتجاه العاملين والنزلاء الموجودين في باحة الفندق بالدور الأرضي.
فيما يبدو أن العمليات الإرهابية تزداد، في ظل تفاقم الوضع في ليبيا، فبعد التفجيرات التي يقوم بها أنصار الشريعة، ظهر اليوم تنظيم "داعش" الإرهابي ليعلن مسؤوليته عن تفجير الفندق.
وقال التنظيم، إن ما حدث يعد انتقامًا لما حدث لـ"أبو أنس الليبي" القيادي في تنظيم القاعدة، والذى كان متهما بالمشاركة في تفجير سفارتي الولايات المتحدة في إفريقيا في 1998، وقد أعلنت وفاته في مستشفى في نيويورك أوائل الشهر الجاري قبل أيام من بدء محاكمته.
وبث التنظيم على موقعه تقريرًا مصورًا تحت اسم "غزوة أبو أنس الليبي"، ليعلن فيه مسؤوليته عن الحادث الإرهابي.
وكان أبو أنس، واسمه الحقيقي نزيه عبدالحميد الرقيعي، على لائحة مكتب التحقيقات الفيدرالي "إف بي ىي" لأهم المطلوبين، حيث اعتقله عناصر من القوات الأمريكية الخاصة في عملية نفذت في أكتوبر 2013 في العاصمة الليبية طرابلس.
ليبيا.. مفتاح داعش
وتحت عنوان "ليبيا البوابة الاستراتيجية للدولة الإسلامية"، نشر تنظيم "داعش"، تقريرا مفصلًا، يشرح من خلاله أسباب اهتمامه بليبيا، وأبرز ميزاتها التي تجعل منها نقطة انطلاق هامة نحو تحقيق ما يسمى بدولة الخلافة.
ويشير التقرير الذي نشره التنظيم على إحدى منصاته الالكترونية اليوم الثلاثاء، إلى أن ليبيا تتمتع بـ "موقع استراتيجي يمكنها من تخفيف الضغط على مناطق دولة الخلافة في العراق والشام، حيث تتميز ليبيا بمساحة كبيرة جداً وبصحراء شاسعة لا يمكن مراقبتها، وبجبال محصنة تجعل الطائرات عديمة الجدوى.
وأضاف: يكفي أن نقول إن ليبيا تطل على بحر وصحراء وجبال، وعلى 6 دول "مصر، السودان، تشاد، النيجر، الجزائر، تونس".
كما أكد أن ليبيا ذات ساحل طويل ومطل على دول الجنوب الأوروبي، والتي يمكن الوصول لها بسهولة عن طريق الزوارق البسيطة، ولعلنا ننوه إلى كثرة الرحلات لما يسمى "الهجرة غير الشرعية" في هذا الساحل، وبأعداد مهولة، فيما تقدر بحوالي 500 شخص يومياً على أقل تقدير، ونسبة كبيرة منهم يستطيعون تجاوز النقاط البحرية الأمنية والوصول لداخل المدن، وإذا تم استغلال هذه الجزئية وتطويرها استراتيجياً بالشكل المطلوب، فسيقلب حال دويلات الجنوب الأوروبي للجحيم وإذا توفرت الإمكانيات، يمكن إقفال الخط الملاحي واستهداف سفنهم وناقلاتهم حسب التقرير.
ليبيا.. مفتاح داعش
في سياق مواز، نشرت صحيفة " واشنطن تايمز" الأمريكية أمس الاثنين، تقريرًا يوضح أن المعارك بين التشكيلات المسلحة في ليبيا ترفع من ترتيب البلد في قائمة الدول الفاشلة التي توفِّر ملاذًا آمنًا للجماعات الإرهابية.
وأشارت الصحيفة في تقريرها، إلى أن  هذه الحالة تتزايد مع سيطرة اضطرابات اليمن على الإعلام في الأيام الأخيرة، ونقل التقرير وصف محللين ليبيا بكونها النموذج الآخر لسورية، والمثال على كل الأخطاء التي حدثت في الدول التي أثَّر فيها الربيع العربي.
وصرح مصدر من المخابرات الأمريكية، أن ليبيا تضم معسكرات تدريب وأسلحة كثيرة، كما توفر سهولة حركة عبر البلد لجبهات جهادية أخرى، وأكد أن بيئة انعدام القانون وشبكة المتطرفين تمثل تهديدًا للغرب.
ونقل التقرير عن مصدر دبلوماسي، تأكيده أن الوضع على الأرض في ليبيا تغير بشدة على مدار العامين الماضيين لدرجة أثبتت عدم فاعلية استراتيجية الرئيس الأميركي، باراك أوباما لمكافحة الإرهاب في ليبيا.
واتهم الباحث بجامعة كامبريدج ورئيس موقع Libya-Analysis.com، جيسون باك، كثيرًا في الغرب بالتبسيط الشديد للأزمة الليبية بمحاولة تقديمها كمعركة واضحة بين حكومتي طبرق وطرابلس.
يذكر أن طرابلس شهدت سلسلة من الهجمات بسيارات مفخخة وعمليات إطلاق رصاص في الفترة الأخيرة.
ليبيا.. مفتاح داعش
وتشهد ليبيا منذ يوليو الماضي 2014، هجمات مسلحة، وانقسام سلطوى في اتجاهين، الأول معترف به دوليا في طبرق ويتألف  مجلس النواب، الذي تم حله من قبل المحكمة الدستورية العليا، وحكومة عبد الله الثني المنبثقة عنه، إضافة إلى ما يسميه هذا الجناح بـ"الجيش الليبي" والملقب بـ"الكرامة".
 أما الجناح الثاني للسلطة، وهو في طرابلس، يضم المؤتمر الوطني العام ومعه رئيس الحكومة عمر الحاسي المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين، فضلاً عما يسميه هذا الجناح هو الآخر بـ"الجيش الليبي"، والملقب "فجر ليبيا". 
على الجانب الأخر، فشلت جميع محاولات الأمم المتحدة في احتواء الأزمة وانعقاد الحوار الذى كان مقرر الأسبوع الماضي ويضم كافة أطراف النزاع، وشكك محللون وسياسيون في إمكانية نجاح الجولة الثانية للحوار بين الفرقاء الليبيين في إقناع أطراف الأزمة الليبية على قبول تسوية سياسية، وتحقيق نتائج سريعة لإنهاء الأزمة المستمرة منذ نحو 6 أشهر، في ظل أزمة الثقة بين الأطراف، ومحاولة البعض لإفشال الحوار عبر أسلوب المقاطعة.
والمشهد يوضح أن سهولة تدخل "داعش"، في ليبيا بهذا الشكل، مؤشر لتوغلها في المنطقة بأكملها، وبالأخص بعد أن طردت قوات الحماية الكردية بالعراق وقوات البشمركة، تنظيم "داعش" من المدنية، أصبحت ليبيا هي الملاذ الأخير له، كما أن عدم تمكن أي حكومة من السيطرة والنزعات الداخلية سيتيح الفرصة لداعش إلى التقهقر في البلاد، ما يؤدى إلى خطورة المرحلة المقبلة على ليبيا، في ظل فشل كافة محاولات حل الأزمة، كما أن تزايد عدد الجهاديين سيخلق نطاقًا واسعًا من عدم الاستقرار يهدد المنطقة أيضًا.

شارك