إقليم ذاتي لأكراد سوريا.. بداية سيناريو التقسيم الأمريكي
الإثنين 02/فبراير/2015 - 03:20 م
طباعة

مع انتصار المقاومة الكردية، على تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" في مدينة عين الرعب السورية "كوباني"، ظهرت بعض الآراء حول سعي أكراد سوريا لتأسيس إقليم للحكم الذاتي في شمال شرق البلاد علي غرار إقليم كردستان في العراق.
رغم أن الحكومة السورية بقيادة الرئيس بشار الأسد، وزعماء الأحزاب الكردية يؤكدون على وحدة التراب السوري، ضد أي تقسيم، إلا أن ظهور خريطة ودستور وقوات كردية يشير إلى سعي أكراد سوريا لتأسيس إقليم ذاتي على غرار إقليم كردستان العراق وسط دعم "أمريكي تركي".
الموقع الجغرافي لكردستان سوريا

كردستان مصطلح سياسي يستعمله القوميون الأكراد للإشارة إلى منطقة جغرافية كبيرة ممتدة في عدة دول، وهي تشمل أربعة أجزاءٍ رئيسية، يطلق عليها كردستان تركيا وكردستان إيران وكردستان العراق وجزء صغير في أقصى شمال شرق سورية، بالإضافة إلى أطراف صغيرة على الحدود الجنوبية لأرمينيا. وحسب القوميين الأكراد، تشمل منطقة كردستان الكبرى أجزاءً من أربع دول حديثة، هي تركيا وإيران والعراق وسوريا، وتعترف إيران والعراق بمناطق كردية على أراضيهما، أما سوريا وتركيا فهما لا تعترفان بذلك.
ويقطن أكراد سوريا في الشمال والشمال الشرقي، حيث يجاورون الأكراد في تركيا في إقليم الجزيرة الفراتية (محافظة الحسكة) وينتشرون في مناطق (القامشلي والمالكية وراس العين وعامودا والدرباسية ومعبدة وعلوانكي)، وفي منطقتَي عين العرب (كوباني) وعفرين (جبل حلب) في (محافظة حلب).
كما أعد مركز "ياسا" الكردي للدراسات والاستشارات القانونية، والذي يتخذ من مدينة "بون" الألمانية مقرًّا له خريطة جغرافية لما أطلق عليه "إقليم كردستان سوريا".
وبحسب خريطة "ياسا"، تبدأ حدود الإقليم الكردي، من قرية "عين ديوار" التابعة لمدينة ديريك" في محافظة الحسكة أقصى شمال شرقي سوريا، وتمتد بمحاذاة الحدود التركية لتصل إلى أقصى الشمال الغربي عند لواء الإسكندرونة.
وتظهر الخريطة مدن الشمال السوري الرئيسة، مثل "ديريك، رميلان، تربه سبيه، قامشلو، عامودا، الحسكة، سري كانيه، كوباني، عفرين"، ونسبة كل قومية فيها من كرد وعرب وآشوريين مسيحيين، حيث يختلط السكان في المدن الرئيسية، بينما يعيشون بشكل منفصل في القرى.
ولم توضح الخريطة مساحة الإقليم ولا امتداده، حيث اعتمدت على أن هذه الأبعاد ستحددها المرحلة الثانية من الدراسات الدقيقة والغير متاح أن تجري حاليًا بسبب الوضع الأمني.
وبحسب رئيس مركز "ياسا" الحقوقي جيان بدرخان، فإن عدد أكراد سوريا يبلغ 3 ملايين أغلبهم يعيشون في مدن الشمال السوري ويشاركهم أقليات عربية ومسيحية.
ويضيف أن الخريطة التي وضعها المركز تتناقض مع التقسيم الإداري للدولة السورية، لكنها تتوافق مع الوجود الكردي الحالي في مناطق يقطنونها منذ قرون.
بعد 2011

عقب اندلاع الصراع المسلحة في سوريا على خلفية احتجاجات شعبية تحولت إلى صراع دموي يقوده الجماعات الجهادية الإرهابية وفي مقدمتها تنظيم القاعدة، انسحبت القوات السورية من ثلاث مناطق يقطنها أكراد وسلمت السيطرة العسكرية للميليشيات الكردية في عام 2012. في نوفمبر 2013 أعلن حزب الاتحاد الديمقراطي تشكيل إدارة مدنية انتقالية في ثلاث مناطق ذاتية الحكم أو كانتونات هي عفرين، والجزيرة وكوباني. الجناح العسكري للجنة العليا الكردية هي وحدات حماية الشعب. والخدمة العسكرية إلزامية اعتباراً من يوليو 2014.
الدستور

نشر المكتب الإعلامي لحزب الشعب الكردستاني ما قالت إنها "مسودة الدستور لإقليم غربي كردستان" المزعم إنشاؤه كمنطقة حكم ذاتي لأكراد سوريا.
وأكد في مقدمة الدستور: "لقد توحدت أهداف كل مكونات مجتمع الإدارة الذاتية الديمقراطية من كرد وعرب ومسيحيين، واتفقت مع إرادة بقية مكونات الشعب السوري وبكلّه التعددي، ليكون إقليم الإدارة الذاتية الديمقراطية إقليما اتحاديا ضمن دولة سوريا التعددية الديمقراطية، وتجسيدا لهذه الإرادة وتحقيقا لهذه الأهداف، فلقد تبيّنا هذا الدستور".
الدستور ينص في الباب الأول على أحكام عامة، المادة الأولى: يسمى هذا الدستور: العقد الاجتماعي في غربي كردستان.
المادة الثانية: مناطق سريانه: يسري مفعول هذا العقد في مناطق غربي كردستان ولا يجوز تعديله في المرحلة الانتقالية.
المادة الثالثة: ينظر هذا العقد إلى سورية دولة مستقلة ذات سيادة تامة عاصمتها دمشق ونظامها ديمقراطي برلماني تعددي اتحادي، وغربي كردستان (مناطق الإدارة الذاتية) جزء لا يتجزأ من سوريا جغرافيا وإداريا ومدينة قامشلو عاصمة مناطق الإدارة الذاتية الديمقراطية.
المادة الرابعة: يحدد علم وشعار ونشيد مناطق الإدارة الذاتية بقانون.
المادة الخامسة: اللغة الكردية والعربية هما اللغتان الرسميتان لمناطق الإدارة الذاتية مع ضمان التعليم لأبناء المكونات الأخرى للتعليم بلغتهم الأم .
المادة السادسة: يحترم هذا العقد ويضمن بشكل كامل حرية الأديان وممارسة شعائرها.
وأكد على وجود البرلمان وفقا للباب الرابع بالدستور المزعم: الجهاز التشريعي (البرلمان) المادة التاسعة والعشرون: هو الجهاز التشريعي الأعلى في مناطق الإدارة الذاتية منتخب من قبل الشعب بالاقتراع السري والمباشر ولمدة 4 سنوات لكل دورة ويصدر التشريعات والقوانين اللازمة ويراقب عمل الجهاز الإداري والتنفيذي.
والمادة الواحدة والثلاثون: عدد أعضاء مجلس الشعب تكون بنسبة لكل "20" ألف ناخب عضو يمثلون كافة المناطق والمدن والقرى في مناطق الإدارة الذاتية وبنسبة التمثيل 40% للجنسين ووفقا لقانون الانتخاب.
المادة الثانية والثلاثون: لا يحق للرئاسة المشتركة للمجلس أن يرأس المجلس أكثر من دورتين متتاليتين ويحق تمديد الدورة في حالات استثنائية وبطلب من ربع الأعضاء أو بطلب من ديوان الرئاسة أو بطلب من رئاسة الحكومة.
وفيما يتعلق بالحكومة ووفقا للباب الخامس: الجهاز التنفيذي (الحكومة) المادة الثامنة والثلاثون الحكومة هي الجهاز الإداري والتنفيذي الأعلى في غرب كردستان، وهي مسئولية أمام البرلمان في نطاق عملها، وتقوم بتنفيذ القرارات الصادرة عن البرلمان والمؤسسات العدلية، كما تقوم بتنسيق العمل فيما بين مؤسسات الإدارة الذاتية ومسئوليتها تضامنية.
المادة التاسعة والثلاثون تتألف الحكومة من رئيس أو رئيسة، وواحد وعشرون عضوا منتخبا من البرلمان بأغلبية الأصوات.
دور أمريكي تركي

فيما كشف موقع "صوت كردستان" الكردي العراقي، عن وثيقة سرية قال إنها صادرة عن "جهات داخل إقليم كردستان العراق"، وتتعلق باتفاق أمريكي- تركي- كردي لـ"تقسيم" سوريا وإقامة ثلاثة مطارات عسكرية في أمريكية إقليم "كردستان سوريا"، وتقديم الدعم العسكري لإنشاء فيدرالية سورية. وأكد الموقع أنه حصل على الوثيقة من جهات داخل إقليم كردستان العراق، مشيرا إلى أنها تتحدث عن "اتفاق ثلاثي بين تركيا والولايات المتحدة وجهات داخل إقليم كردستان العراق، جرى خلال اجتماع عقد في عاصمة إقليم كردستان العراق (أربيل) لإقامة مطارات عسكرية في غربي كردستان وتقديم دعم لأطراف محددة في المعارضة الكردية السورية موالية لتركيا؛ من أجل تقويتها وبموافقة حزبي الديمقراطي الكردستاني برئاسة مسعود بارزاني والاتحاد الوطني الكردستاني برئاسة جلال الطالباني وتركيا وواشنطن وجهة أخرى".
وتكشف الوثيقة، التي نشر الموقع جزءاً منها، أن تركيا تعهدت في الاجتماع الذي عقد في الثاني من سبتمبر الماضي في آربيل "بعدم الممانعة في بناء فيدرالية في سوريا وتقديم الدعم المادي والعسكري اللازم لذلك أو إدخال كتائب من البيشمركة إلى المناطق الكردية لحمايتها حتى يتم إيجاد بديل من أكراد سوريا". وأشارت الوثيقة إلى أنه "تم الاتفاق خلال الاجتماع على أمور أخرى تشمل استعداد الجانب التركي لصرف مبلغ مالي غير محدد من الخزينة التركية للمعارضة الكردية، بالإضافة للدعم العسكري، شرط أن يتم بناء قاعدة ومطار عسكري جنوب مدينة المالكية السورية (في أقصى الشمال الشرقي من سوريا)، بالإضافة إلى مطار آخر في جنديرس التابعة لمنطقة عفرين (غربي حلب)، وقاعدة عسكرية أخرى في جنوب غرب عين العرب التابعة لمحافظة حلب".
وتابعت الوثيقة القول: "اتفقت الأطراف على الإبقاء على الهيئة الكردية العليا؛ نظراً لتمكنها من لجم وتقليص تحركات وتصرفات ما يسمى بمجلس شعب غرب كردستان التابع لحزب العمال الكردستاني". وأفادت الوثيقة بأن الاجتماع "حضره كل من السفير الأمريكي لدى الأردن ستيوارت جونز ونائب وزير الخارجية التركي وممثلي أحزاب «يكيتي» الكردي في سوريا عبد الباقي يوسف وعبد الباسط حمو (المقيم في ألمانيا)، و"الديمقراطي الكردي" في سوريا عبد الحكيم بشار، و«الحقيقة الكردي» في شمال العراق نور الدين حميد بريمو، و«الاتحاد الشعبي الكردي» في سوريا سابقاً صلاح بدر الدين، وحالياً هو مسئول «رابطة كاوى» للثقافة الكردية في شمال العراق".
مستقبل الإقليم

قال الباحث في مؤسسة الدراسات الاستراتيجية (أوساك)، "محمد يغين": إن هناك كيانًا فعليًّا على أرض الواقع شمال سورية، مشيرًا إلى احتمال بقاء هذا الأمر الواقع حتى لو بقي نظام الأسد أو رحل.
من ناحيته، قال مدير المعهد التركي العربي للدراسات محمد العادل: إن المعطيات تطورت وأصبحت المنطقة كلها مهددة، وأضاف أن المخطط لتقسيم سوريا إلى كيانات أو دويلات صغيرة لا يخدم إلا أمن إسرائيل.
وحمل العادل حكومات المنطقة مسئولية ما يجري بسبب عدم اتباعها سياسات تحفظ حقوق مواطنيها، وأكد أن المصالح الأمريكية هي التي أعادت طرح القضية الكردية على الساحة السياسية.
ودعا إلى عدم المقارنة بين إقليم كردستان في العراق وتجربته الطويلة وبنائه المتماسك، وبين مناطق الأكراد في سوريا وتركيا وإيران
المشهد الكردي

الوضع في شرق سوريا "ذو الأغلبية الكردية" يشير إلى أن قيادات أكراد سوريا على تواصل وتوافق دائمين مع الحكومة السورية في دمشق، ولا يريدون الانفصال عنها، ولكن يريدون حكومة ذاتية ببرلمان ووحدات حماية "شرطة- جيش" على غرار ما يحدث في كردستان العراق، ولكن حتى الآن هناك رفض من قبل الرئيس السوري بشار الأسد لأي نوع من أنواع الحكم الذاتي، تحت مبدأ سوريا الموحدة، وهو ما يشير إلى أن وجود إقليم ذاتي هو سعي أمريكي لتفتيت سوريا وفقا لخارطة تقسيمها التي نشرت في وقت سابق، ولكن وضع الدولة السورية ومستقبلها يتوقف على إرادة الشعب والحكومة السورية مع إسقاط الجماعات الجهادية التي تسعى إلى تمزيق الكيان السوري وفقا للخطة الأمريكية.