استنادًا لكونه مفسدة.. الأزهر يرفض عرض الأفلام المجسدة للأنبياء والرسل
الإثنين 02/فبراير/2015 - 08:35 م
طباعة


الفيلم الإيراني محمد رسول الله
رفض الأزهر الشريف، عرض الفيلم الإيراني (محمد رسول الله)، وهو الفيلم المقرر عرضه، اليوم، حسب ما أُعلن لأول مرة في طهران.
وهذه ليست المرة الأولى التي يرفض فيها الأزهر عرض فيلم سينمائي، حيث رفض الأزهر الشريف تجسيد الأنبياء والرسل في الأعمال الدرامية والفنية، مبررًا رفضه لمكانتهم التي لا ينبغي أن تُمس بأيِّ صورة في الوجدان الديني.
واعتبر الأزهر الشريف، في بيان له، أن تجسيد شخصياتهم في هذه الأعمال يعد انتقاصًا من هذه المكانة الروحية التي يجب الحفاظ عليها.

الدكتور أحمد الطيب
وأوضح أن رفض تجسيد الأنبياء لا يقتصر على منع إظهار وجوههم بشكل واضح في هذه الأعمال، ولكن تجسيد الأنبياء صوتًا أو صورة أو كليهما في الأعمال الدرامية والفنية أمر مرفوض، لأنه ينزل بمكانة الأنبياء من عليائها وكمالها الأخلاقي ومقامها العالي في القلوب والنفوس إلى ما هو أدنى بالضرورة.
وفي محاولة من الأزهر لتخفيف لهجة خطابه حول منع الأفلام، فقد أكد على أنه ليس جهة منع للأعمال الفنية، ولكنه يبدي الرأي المستند على الشرع الحنيف في مثل هذه الأعمال، أمَّا قرارات المنع والإجازة فهي مسئولية جهات أخرى.
وقد قالت مصادر في مشيخة الأزهر بالقاهرة إن "الأزهر تأكد له عرض الفيلم في طهران خلال مهرجان فجر السينمائي رغم تحذيراته السابقة لإيران بعدم إنتاج الفيلم"، لافتة إلى أن "الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر أفتى بأنه محرم تماما.. ورغم ذلك سيتم طرح نسخة عالمية للفيلم الشهر المقبل»، وأكد علماء الأزهر أن "تجسيد النبي (صلى الله عليه وسلم) على الشاشة يؤدي إلى مفسدة".

مخرج الفيلم الإيراني مجيد مجيدي
ورغم الضجة الكبيرة التي رافقت الإعلان عن الفيلم الإيراني والدعوات الصادرة من هيئات إسلامية في مصر والمملكة العربية السعودية لوقف إنتاجه في نوفمبر الماضي؛ فإن مخرج الفيلم الإيراني مجيد مجيدي قال إنه "سيتم عرض الفيلم في مهرجان فجر الدولي الـ33 الذي يختتم فعالياته 10 فبراير الحالي بطهران، وإن النسخة العالمية للفيلم ستطرح في مارس المقبل"، وهو ما أكدته المصادر المصرية.
والفيلم الإيراني - بحسب تقارير صحافية إيرانية - يروي السيرة الذاتية للنبي محمد، والذي جُسد في الفيلم دون أن يظهر وجهه. وقالت التقارير إن "الفيلم، الذي أنتجه مهدي حيدر يان وتكلف 30 مليون دولار، ركز على مرحلة طفولة النبي، وسيكون بثلاث لغات هي الفارسية والعربية والإنجليزية"، مضيفة أن عددا من الممثلين سيظهرون بأدوار أبي طالب عم النبي، وجده عبد المطلب، وكذلك أبي سفيان، ومرضعة النبي حليمة السعدية، وكذلك فاطمة بنت أسد وهي والدة الإمام علي وزوجة أبي طالب.
وأبدى الأزهر، اعتراضه على تجسيد الأنبياء والرسل في الأعمال الدرامية والفنية؛ وذلك لمكانتهم التي لا ينبغي أن تمس بأي صورة في الوجدان الديني، ويعتبر الأزهر أن تجسيد شخصياتهم في هذه الأعمال يعد انتقاصًا من هذه المكانة الروحية التي يجب الحفاظ عليها.
وكانت "الهيئة العالمية للتعريف بالنبي محمد (صلى الله عليه وسلم)" بالسعودية قد أصدرت في مارس الماضي بيانا تناولت فيه الفيلم، فاعتبرت أن ذلك عمل «منكر وشنيع» وفيه «انتقاص» لمكانة النبي محمد (صلى الله عليه وسلم)، معتبرة أن الحكومة الإيرانية مسؤولة عن "مواجهة هذه الإساءة"
علماء الأزهر:

الشيخ سعيد عامر
في السياق ذاته، دعا مجموعة من علماء الأزهر الحكومة الإيرانية، أمس، لمنع عرض الفيلم الذي تم تصويره رغم اعتراض الأزهر.
وأكد الشيخ سعيد عامر، رئيس لجنة الفتوى بالجامع الأزهر، أن "أنبياء الله ورسله معصومون بعصمة الله لهم من النقائض الخلقية، ولقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب"، مشددا على أن تجسيدهم على الشاشة يؤدي إلى مفسدة، منتقدا ما تفعله إيران من سلوك غير لائق ومحرم لا يراعي مشاعر المسلمين، لعده اعتبارات أولها أن تمثيل الأنبياء فيه كذب على الله ورسله.
وأضاف الشيخ عامر: "اتفق جمهور الفقهاء على أن ما يحكى عن الأنبياء من أقوال لم يقولوها وما يسند إليهم من أعمال لم يعملوها، لا يمكن التعرض له"، وتابع بقوله "لنفترض أن التمثيل لا يتناول إلا بالقصص الحق، فكيف يمكن تمثيل الرسول (صلى الله عليه وسلم) وهو يناجي ربه؟»، مشددا على أن تجسيدهم يمثل انتهاكا للحرمات، ومتسائلا "كيف يستبيح الإنسان لنفسه أن يكون أخبث من الشيطان بتمثيل الأنبياء، لأن الشيطان لا يتجسد في شخص النبي؟.. فضلا عن أن الممثل الذي يجسد الشخصية لن يصل إلى روح الشخصية مهما أتقنها، ومهما بذل من جهد لإتقانها، كما أنه في الغالب يقوم في حياته العملية والطبيعية بأعمال تتنافى مع الإسلام".

الدكتور سعد الدين الهلالى، أستاذ الفقه المقارن
بينما الدكتور سعد الدين الهلالي، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، فقد كشف السبب الرئيسي وراء رفض مؤسسة الأزهر الشريف لتمثيل الصحابة وتجسيدهم بالأعمال السينمائية والأفلام بسبب الفكر الخاطئ عن التمثيل وفى إطار تحسن الصورة العامة عن الأعمال السينمائية والدراما حيث سمح الأزهر بتمثيل الصحابة، واستثنى فقط ظهور وتجسيد العشرة المبشرين بالجنة. وأضاف "الهلالي"، أن آراء الأزهر في الرفض والإلزام غير ملزمة للمسلمين بشكل عام، مؤكدا أن الرسول حسم أمر الافتاء في الأمور ودعا المسلم أن يستفتى قلبه ولكن اوجب استشارة العلماء والفقهاء بالدين، موضحا انه لا يمكن لأى شخص أن يصادر على اتجاهات أحد، كما أن هناك أشياء لم تذكر بالتحريم أو الحل في القرآن الكريم ولا يمكن أن يعتبر كل الدين حرام، كما لا يمكن أن يكون الدين عائق للحياة، لافتا أن الأزهر مؤسسة علمية تنويرية تدرس المذاهب الثمانية ولديها تعددية فقهية ولا تعمل بأمر سلطوي.
رأي السينمائيين:

طارق الشناوي
وتعقيبًا على تجسيد الأنبياء والصحابة في الأفلام، قال الناقد الفني، طارق الشناوي: "الأزهر توسع في رفض تجسيد الأنبياء والصحابة"، وأضاف، أن التجسيد بدأ منذ عام 1926، من خلال فيلم تركي لمخرج كردي، أخرج فيلمًا عن النبي محمد، صلى الله عليه وسلم، وترشّح للفيلم يوسف وهبي، موضحًا أن وهبي رحّب بتقديم "شخصية سيدنا محمد".
وأوضح أن الأزهر تدخل بعد ذلك لرفض الفيلم، ليرفضه يوسف وهبي بعد ذلك، لافتًا إلى أن هذا الفيلم كان سيجعل السينما تنطق.
وأشار الشناوي إلى أن الأزهر الشريف توسّع في رفضه للتجسيد، من خلال منعه لتجسيد الخلفاء والصحابة وآل البيت، والمبشرين بالجنة، ما أسفر عن زيادة المنع، غير أنه تم عمل مسلسل "الفاروق عمر"، عن سيدنا عمر بن الخطاب، وكذا عن سيدنا أبو بكر الصديق، وسيدنا عثمان بن عفان، وسيدنا علي بن أبي طالب، ما أدّى إلى كسر هذا القيد.