تأخر رواتب الموظفين.. الاقتصاد يهدد حلم "الحوثي" بحكم اليمن

الثلاثاء 03/فبراير/2015 - 12:28 م
طباعة تأخر رواتب الموظفين..
 
تنتهي غدا الأربعاء مهلة "المؤتمر الوطني"- الذي نظّمه الحوثيون وأحزاب أخرى، أمس- القوى السياسية في اليمن ثلاثة أيام لإنهاء أزمة الفراغ في الرئاسة اليمنية على خلفية استقالة الرئيس عبدربه منصور هادي، والحكومة برئاسة المهندس خالد بحاح، مهددين بتكليف ما يطلقون عليه "القيادة الثورية" بحسم الأزمة، وذلك بعد يوم من فشل مشاورات سياسية أجراها المبعوث الأممي جمال بن عمر بين مختلف الأحزاب اليمنية في التوصل إلى حل، وتمسك الرئيس هادي وحكومة بحاح بالاستقالة.
ولكن في ظل الصراع السياسي سيلعب الدور الاقتصادي دورا كبيرا في حسم المستقبل اليمني، وقد يُحَجِّم الحوثيين، في جولات المواجهة السياسية والمسلحة التي تشهدها معظم المحافظات اليمنية. 

أزمة رواتب

أزمة رواتب
فمنذ مدة يعيش المواطنون أزمةً اجتماعية ناتجة من وقف صرف الرواتب الحكومية، من دون أن يعرفوا كيف ستكون خواتيمها، وما إذا كانت ستُحلّ قريباً.
يأتي ذلك مع استقالة حكومة "بحاح" التي صعدت من أزمة الرواتب وتعقيد  الوضع الاقتصاد.
الأمر لم يتوقف عند استقالة الحكومة بل أثار تروّج عدم صرف رواتب شهر يناير الماضي، أزمة في الشارع اليمني؛ مما دفع «الحوثيين» إلى إصدار بيان دعت فيه جموع موظفي الدولة إلى عدم الوقوع في فخ الشائعات «التي تريد خلق حالة اضطراب وسخط عام ضد التصحيح ومكافحة الفساد التي تراكمت خلال عشرات السنين لتصبّ في صالح العابثين والفاسدين، نتيجة مؤامرات بعض الأيادي الأمريكية التي فقدت مصالحها في هذه المرحلة». وفي البيان نفسه، نفت الجماعة أي علاقة لها بإشكالية تأخر صرف المرتبات، مؤكدةً أنها تسعى جاهدة لإلزام الجهات المعنية بصرف المرتبات في موعدها المحدد من دون تأخير، خصوصاً أن مبالغ المرتبات متوافرة لدى الخزانة العامة، موضحة أنها ستقف إلى جانب الموظفين العاملين في قطاع الدولة بمختلف جهاتها. لكن هذا الأمر لم يتحقق رغم بلوغ شهر (فبراير) يومه الثالث.

الخزينة اليمنية خاوية

الخزينة اليمنية خاوية
تواجه الخزينة العامة اليمنية عجزاً كبيراً في مواجهة نفقاتها وقدرتها على إمكانية صرف راتب الموظفين حتى نهاية العام الحالي.
وفي نوفمبر الماضي كشف مساعد الأمين العام للأمم المتحدة ومستشاره ومبعوثه الخاص إلى اليمن جمال بن عمر، عن إفلاس الخزينة العامة للدولة وعجزها عن سداد رواتب الموظفين نهاية العام الجاري أي بعد شهرين "نهاية يناير الماضي"، كما عبّر عن خشيته من اندلاع حرب طائفية "سنية شيعية" في اليمن وضمن روزنامة مخاوف وقلق ينتاب المبعوث الأممي.
وأكدت تقارير إعلامية تصاعد أزمة السيولة التي يُعانيها البنك المركزي اليمني، مع التراجع الشهري المستمر لاحتياطي اليمن من العملة الصعبة؛ حيث تضطر الحكومة شهريًّا إلى السحب من الاحتياطي لتغطية العجز القائم لديها.
كان اليمن أقر ميزانية عام 2014 التي ترفع الإنفاق نحو أربعة بالمئة إلى 2.88 تريليون ريال (13.4 مليار دولار) مقارنة بالإنفاق المقرر في ميزانية 2013. وتتضمن الميزانية عجزا قدره 679 مليار ريال تقريبا. ويقارن هذا بعجز قدره 682 مليار ريال في ميزانية 2013. وكان الاقتصاد قد انكمش بمعدل 12.7 في المئة في 2011 حين عصفت الاضطرابات بالبلاد.
يقول اقتصاديون: إن سيطرة الحوثيين على مطار صنعاء وهيئات أخرى أدت أيضاً إلى تراجع الإيرادات الجمركية والضريبية، والتي تشكل نحو30% من موازنة الدولة، بجانب النفط، وإن العقاب الخليجي جاء بعد نفاد صبرهم من السياسة اليمنية المتبعة حيال الوضع الحاصل في البلد.

تهديد المؤسسات الدولية

تهديد المؤسسات الدولية
الحل السياسي سيكون له دور في إجبار الأطراف المتصارعة على الوصل إلى حل عبر الأطرة الدستورية، كشف مصدر رفيع أن ممثلتي البنك والصندوق الدوليين في اليمن تراقبان الأوضاع عن كثب وباهتمام كبير، وما سوف تأول إليه خيارات انتقال السلطة وعبر أي آليات، لتقرر على ضوء ذلك الخطوة القادمة.
وحول ما يتم تداوله من أخبار ومعطيات عن توجه إلى تشكيل مجلس رئاسي أو سلطات ثورية، أكد مصدر لصحيفة "المنتصف" اليمنية، في الممثلية المالية الدولية بالعاصمة صنعاء، أن البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، سوف يمتنعان عن تقديم أية تمويلات جديدة أو مساعدات مالية لأي سلطة "غير دستورية".
وأضاف المصدر لصحيفة "المنتصف" اليمنية، أن البنك والصندوق الدوليين يرفضان، بالمطلق، التعامل مع أية سلطة، وفي أي زمان ومكان لا تعتبر وفقًا لمعايير متعارفة، سلطة دستورية.
وأوضح المصدر، أن معايير البنك والصندوق الدوليين، تعتبر السلطة انقلابية والنظام الممثل لها غير دستوري. وهذا يستتبعه مباشرة وقف كافة البرامج والتعاملات.
وفي مؤشر علي تخفيض الدعم المقدم للحكومة اليمنية، أعلن ممثل «البنك الدولي» في اليمن، وائل زقّوت، أن البنك قرر تحويل المساعدات المقدّمة للحكومة اليمنية إلى 50 % قروضاً و50 %منحاً بعدما كانت كلها منحاً.

الخليج يطوق الموقف اليمني

الخليج يطوق الموقف
أمين عام مجلس التعاون الخليجي عبداللطيف الزياني، أكد في تصريحات صحفية، أن المجلس يرفض التعاطي مع أية سلطة غير شرعية وغير دستورية في اليمن.
ويعتمد اليمن كثيراً على الدعم الخليجي؛ فالسعودية وحدها تموّل عدداً من المشاريع التنموية في اليمن بنحو 700 مليون دولار أبرزها "مدينة الملك عبد الله الطبية" في العاصمة صنعاء بتكلفة 400 مليون دولار، ومشاريع في قطاعات الكهرباء والمدن السكنية لذوي الدخل المحدود والطرق بقيمة 300 مليون دولار، كما أنها قدمت للحكومة اليمنية منذ مطلع العام الجاري مساعدات بمليار و400 مليون دولار، ووضعت "وديعة" في البنك المركزي اليمني بمليار دولار لحماية العملة النقدية المحلية من الهزات.
كما قدمت دولة قطر دعماً بقيمة 350 مليون دولار لصندوق دعم المتضررين مخصّصاً لتعويضات أبناء المحافظات الجنوبية، جرّاء ما لحق بهم في حرب صيف 1994 بين الشمال والجنوب.

موقف أوربي

موقف أوربي
كشف علي العماد، عضو المجلس السياسي لأنصار الله، في منشور على موقعه التواصل الاجتماعي "الفيسبوك بوك"، عن أن الأوروبيين "هددوا بشكل مباشر بقطع المعونات والحصار الاقتصادي والإعلامي، إذا ما اتجهنا إلى الإعلان عن مجلس رئاسي يمثل فيه الجميع"، وذلك في إشارة إلى لقاءاته الأخيرة مع عدد من سفراء دول الاتحاد الأوروبي لم يحددها، مضيفا "أضف إلى ذلك الموقف المعلن الرافض لصيغة المجلس الرئاسي من قبل دول الخليج والأمريكيين".
وأوضح "العماد" أن "العودة إلى البرلمان ودستور ما قبل 2011، هو الخيار الوحيد المرغوب فيه إقليميا ودوليا".
واعتبر أن ذلك يشير إلى "حرص مهندسي المبادرة الخليجية على صناعة أفخاخ، يعمدون من خلالها إلى حشر المراحل الثورية في دهاليز السياسة، لإنتاج حلول تعيدنا دوما إلى المربع الأول كالحفاظ على ظاهرة البرلمان".

المشهد اليمني

المشهد اليمني
فيما يبدو أن العامل الاقتصادي سيكون له الدور الأكبر في تحديد المسار السياسي في اليمن، مع تأكيد الدكتور عبد الكريم الإرياني، المستشار السياسي للرئيس هادي، في حوار مع صحيفة 26 سبتمبر التابعة للجيش اليمني، أن "المجتمع الدولي ومجلس التعاون الخليجي قرروا أن يتوقف دعمهم لليمن، وربطوا ذلك بالالتزام الحرفي لاتفاق السلم والشراكة الموقع بين الأطراف السياسية".
الأوضاع تشير إلى أن الاقتصاد يهدد طموح الحوثيين في انتزاع السلطة في اليمن عبر المجلس الرئاسي في ظل إصرار المجتمع الدولي والإقليمي على الحل الدستوري، وأيضا أطراف داخلية ترفض وجود حل عبر المجلس الرئاسي، وهو ما يشير إلى أن "مجموعة السفراء العشرة" سيقمون بترتيب الوضع في اليمن عبر بوابة الاقتصاد.

شارك