في تأكيد لدعمها الإرهاب.. الدوحة تنكر عودة قيادي طالبان للعمل الميداني
الثلاثاء 03/فبراير/2015 - 05:37 م
طباعة

ظهر مرة أخرى الحديث عن علاقة قطر وحكامها بحركة طالبان الأفغانية، والتي تعتبر أحد أهم العقبات أمام استقرار أفغانستان، ولها دور رئيسي في احتواء وحماية تنظيم القاعدة الإرهابي خلال العقود الماضية.
وذلك عقب استضافة سجون الدوحة معتقلين ينتمون إلى حركة طالبان، أشارت تقارير إلى أنهم عادوا إلى تصعيد الأمور في البلد المنهك منذ مرحلة الجهاد السوفيتي.
معتقلو طالبان

نفى وزير خارجية قطر خالد العطية، أي تقارير أفادت بأن أحد خمسة معتقلين قياديين في طالبان نقلوا من سجن جوانتانامو إلى قطر حاول الانغماس مرة أخرى في نشاط متشدد.
وقال العطية: "هذا غير صحيح بالمرة هم يقيمون وفقًا للاتفاق الذي وقعناه مع الولايات المتحدة."
ونقل الرجال الخمسة من جوانتانامو في مايو الماضي في إطار مبادلة تضمنت إطلاق سراح السارجنت الأمريكي بوي بيرجدال، الذي غادر موقعه العسكري في أفغانستان في 2009 وأسره متشددون.
وبمقتضى اتفاق توصل إليه الرئيس الأمريكي وأمير قطر من المفترض أن الرجال الخمسة يخضعون لمراقبة وثيقة لضمان ألا يعودوا إلى أنشطة متشددة.
وذكرت محطة تلفزيون سي.إن.إن الأسبوع الماضي، أن مسئولين أمريكيين بالجيش والمخابرات يعتقدون أن أحد الرجال الخمسة "تواصل" مع شركاء مشتبه بهم من طالبان في أفغانسان لتشجيع نشاط المتشددين.
وإذا تأكد ذلك فإنه قد يمثل صداعًا سياسيا للرئيس الأمريكي باراك أوباما الذي يريد إغلاق سجن جوانتانامو وقام بتسريع وتيرة نقل المعتقلين الباقين فيه.
لكن العطية- الذي كان يتحدث في منتدى ترعاه مجلة ذي اتلانتيك- قال إنه لا يوجد ما يدعو للقلق، مضيفا أن أجهزة الأمن الأمريكية والقطرية "ستراقب وتلتقط أي شيء سيحدث... يمكنني أن أؤكد لكم أنه لا أحد قام بمحاولة للعوة" إلى أفغانستان.
وأكد العطية- الذي اجتمع أيضا مع وزير الخارجية الأمريكي جون كيري- موقف قطر من أن الائتلاف الذي يقاتل تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" في سوريا يجب أن يوسع تركيزه ليشمل حكومة الرئيس السوري بشار الأسد، مضيفا أن التركيز الضيق على الدولة الإسلامية "شيء محزن".
المعتقلون الخمسة

جاء الافراج عن المعتقلين الخمسة في سجن جوانتانامو في نهاية مايو 2014، عبر صفقة أمريكية مع حركة طالبان الأفغانية بواسطة قطرية، مقابل إفراج طالبان عن الجندي الأمريكي السارجنت بو بيرغدال الذي كان محتجزا في أفغانستان، والخمسة المفرج عنهم هم:
الملا خير الله خير خواه: وزير الداخلية في نظام طالبان، وهو يعتبر معتدلا نسبيا. كما أنه أحد أبرز مسئولي طالبان منذ تأسيسها في 1994، لذا فهو يعتبر واحدا من الأكثر احتراما والأكثر نفوذا في الحركة، بحسب "شبكة محللي أفغانستان" ومقرها كابول، واعتقلته السلطات الباكستانية عام 2002 وسلمته إلى الولايات المتحدة.
والثاني هو الملا محمد فاضل آخوند: وزير الدفاع في نظام طالبان وأحد أهم قياداتها العسكرية، وقد اشتهر خصوصا بإنجازاته في ميادين القتال قبل اعتقاله. اعتقل في نوفمبر 2001.
والقيادي الثالث هو الملا نور الله نوري: كان مسئولا عن ولاية بلخ (شمال) في نظام طالبان. وعلى غرار الملا محمد فاضل آخوند، اعتقل في نوفمبر 2001، بحسب "شبكة محللي أفغانستان".
والقيادي الرابع الملا عبد الحق وثيق: نائب مدير الاستخبارات في نظام طالبان، هو أيضا أحد مؤسسي الحركة وقد اعتقل في نهاية 2001، بحسب "شبكة محللي أفغانستان".
والقيادي الخامس، هو الملا محمد نبي: وهو الأقل شهرة بين الخمسة المفرج عنهم، وهو شخصية ليست من الصف الأول في حركة التمرد، بحسب "شبكة محللي أفغانستان"، وتعتبر الشبكة أن إدراج طالبان لاسم "نبي" على هذه اللائحة قد يكون سببه علاقاته المحتملة بشبكة حقاني، وهي فرع من حركة طالبان يعتقد أنها هي التي اعتقلت السارجنت الأمريكي واحتجزته طيلة هذه السنوات.
وقبل نحو أربع أعوام، انتقل من كابول إلى قطر أيضا الملا عبد السلام ضعيف، السجين السابق في جوانتانامو وسفير طالبان لدى باكستان، وسافر ضعيف إلى هناك بمجرد إزالة اسمه من على قائمة العقوبات الدولية، مصطحبا عائلته.
إشادة أمريكية

وبات واضحا من خلال التصريحات الأمريكية وقيادات طالبان الدور القطري في الصفقة والعلاقات الوثيقة بين المخابرات القطرية، والجماعات الإسلامية "الإرهابية- الجهادية" في عدد من البلاد العربية والإسلامية، وفي مقدمتها أفغانستان ولحكومة الدوحة علاقات قوية بهذه الجماعات.
وكان الرئيس الأمريكي باراك أوباما، قد أعلن في 30 مايو 2013، أن الحكومة القطرية أعطت الولايات المتحدة ضمانات أمنية بشأن خمسة معتقلين أفغان في معتقل جوانتانامو نقلوا إلى قطر، مقابل إفراج حركة طالبان عن جندي أمريكي معتقل منذ نحو 5 سنوات في أفغانستان.
وقال أوباما في خطاب ألقاه في حديقة الورود في البيت الأبيض، وقد أحاط به والدا السارجنت المفرج عنه برغدال، بوب وجاني: إن "الحكومة القطرية أعطتنا ضمانات بأنها ستتخذ إجراءات لحماية أمننا القومي".
وأكدت الإدارة الأمريكية في وقت سابق إتمام الصفقة المذكورة التي تمت عبر محادثات غير مباشرة، وشهدت إطلاق سراح الجندي الأمريكي، مقابل نقل السجناء إلى قطر التي قامت بدور الوسيط في العملية.
وقال الرئيس الأمريكي في بيان له 31 مايو الماضي: إن "الشعب الأمريكي مسرور اليوم، لأنه سيتمكن من استقبال السارجنت العائد برغدال بعد احتجازه لنحو خمسة أعوام" في أفغانستان بيد طالبان.
وتابع أوباما: "أعرب عن امتناني الكبير لأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، لأنه ساعد على توفير أمن عودة جندينا". كما شكر أيضا الحكومة الأفغانية على مساعدتها في الإفراج عن الجندي.
الدور القطري

النفي القطري حول عودة قيادي بحركة طالبان يوضح دور الدوحة الذي تلعبه في تحريك الجماعات الإرهابية حول العالم، من خلال قيادات هذه الجماعات التي لا يخفى لمتابعين العلاقات القوية بين الدوحة وهذه الجماعات في مناطق الصراع.
في النهاية، تصر حكومة قطر على أن استضافتها لقادة طالبان ينبع من رغبتها في المساعدة والترويج لنفسها كوسيط رئيس في هذا الصراع الذي طال أمده.
وبحسب مسئول في وزارة الخارجية التابعة لحكومة طالبان سابقا فإن قطر كانت تحافظ على علاقات "ودية" مع الحركة، وبعد إسقاط حكومة طالبان 2001، لم يجد قادتها مكانا يلوذون إليه.
وقبل نحو أربعة أعوام، انتقل من العاصمة الأفغانية كابول إلى قطر أيضا الملا عبد السلام ضعيف، السجين السابق في جوانتانامو وسفير طالبان لدى باكستان، وسافر ضعيف إلى هناك بمجرد إزالة اسمه من على قائمة العقوبات الدولية، مصطحبا عائلته.
واشتهرت قطر، تلك الدولة الخليجية الثرية ذات الأغلبية السنية- بتحقيق نجاحات تفوق حجمها. وفي هذا الإطار أضحت اسما مألوفا بفضل إطلاقها شبكة قنوات الجزيرة التليفزيونية.
وأسهم افتتاح مكتب طالبان لدى قطر في يونيه 2013 في لعب الدوحة دورًا كبيرًا في السياسية الخاصة بالجماعات الإسلامية، وقبيل فتح مكتب طالبان كان هناك العشرات من قياديي طالبان رفيعي المستوى قاموا بطلبات لجوء إلى قطر.
وتزايد بصورة تدريجية نشاط عدد ممثلي طالبان في قطر، ويوجد في قطر أكثر من عشرين من عناصر طالبان رفيعي المستوى نسبيا يعيشون برفقة عائلاتهم.
ومن أهم أسباب اختيار الدوحة لاستضافة المكتب السياسي لحركة طالبان رغبة حركة طالبان والإدارة الأمريكية معًا في تقليص الدور الباكستاني في القضية، فصانع القرار الأمريكي يشعر بأن باكستان تستغل الظروف الأمنية لتواجد القوات الأمريكية في أفغانستان في ابتزازها ماليًّا بحجة التعاون في الحرب على الإرهاب، عن طريق استبقاء ورقة طالبان بيدها لإيجاد مزيد من الضغط عليها للحصول على مزيد من المكاسب.
ويقول رجل الأعمال الأفغاني زدران درويش الذي يعيش في الدوحة "إنهم يعيشون في الدوحة في منازل مريحة يتولى دفع تكاليف الإقامة فيها قطريون، وهم على وجه العموم شعب ودود".
المشهد الآن
يبدو أن الدور القطري الذي تلعبه في علاقتها بالجماعات الجهادية والإرهابية في مختلف الدول العربية والإسلامية وخاصة مناطق الصراع، يأتي كورقة مصالح ونفوذ من قبل الدوحة والتي أثارت علامات استفاهم حول دمها لجماعات الإرهابية والسلامية في ظل الحرب الدولية علي تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، مع أنها تتمتع بعلاقات قوية مع جماعات الصراع السياسي في سوريا، وهو ما يوضح أن قطر هي الشريك الخلفي في إدارة الجماعات الإرهابية بما يضمن تحقيق المصالح الدولية للولايات المتحدة الأمريكية.