خريطة العمليات العسكرية لـ"حفتر".. تقلص نفوذ الجماعات الإسلامية في ليبيا

الخميس 05/فبراير/2015 - 02:37 م
طباعة خريطة العمليات العسكرية
 
ما زال الوضع في ليبيا تسوده حالة من الهرج والمرج، بين أطراف مختلفة يقاتل كل منها الآخر لفرض سلطته سياسيا وعسكريا، خاصة بعد أن تحولت ليبيا إلى ساحة إقليمية ودولية لتصفية الحسابات.
وتشهد المرحلة الحالية صراعات وأحداث متوغلة في مناطق مختلفة بين الميليشيات المسلحة من جانب وجيش الكرامة بقيادة اللواء خليفة حفتر من جانب آخر؛ مما أدى إلى تفاقم الأزمة بين أطراف الصراع، وكذلك أدى إلى تفاقم الأحداث يومًا بعد الآخر.
خريطة العمليات العسكرية
جيش الكرامة والذي ينتمي إلى حكومة عبد الله الثني والمعترف به دوليًا، دخل خلال الفترة الماضية في صراعات مع التنظيمات المسلحة في مناطق مختلفة، منها بنغازي وطبرق وطرابلس.
وبدأ ظهور حفتر مع انتهاء ولاية المؤتمر الوطني، حيث عمت طرابلس وبنغازي ومدنا أخرى مظاهرات تطالب المؤتمر بالرحيل؛ ما فتح الطريق أمام حفتر للظهور، معلنا حالة الطوارئ بعد تجميده لأعمال المؤتمر، وذلك في خطوة وصفت بالانقلاب من جانب جماعة الإخوان المسلمين.
وعُرف حفتر عندما أعلن في مايو حربه على الإرهاب ضد أنصار الشريعة، ضمن عملية "كرامة ليبيا" في بنغازي؛ الأمر الذي قابله الطرف الآخر المتمثل في قوات "فجر ليبيا" المحسوبة على جماعة الإخوان المسلمين، لقتال كتائب الزنتان في طرابلس الموالية لحفتر.
وعقب إجراء الانتخابات البرلمانية وإعلان نتائجها في يوليو الماضي، برز في المشهد الليبي حكومتان وبرلمانان لسلطتين تتنازعان الشرعية في البلاد.
وحصل البرلمان المجتمع بطبرق شرق البلاد على اعتراف دولي واسع، فيما استمد الثاني المجتمع بطرابلس شرعيته من الفصائل المسلحة المسيطرة على رقعة واسعة بالبلاد، حيث تعد الأزمة السياسية التي أحدثها اجتماع نواب من البرلمان في طبرق، لتتسع دائرة القتال، وتشمل مدنا غرب ليبيا أهمها منطقة ورشفانة ومدينة ككلة.
عقب إعلان مجلس النواب أن فجر ليبيا إرهابية، تكونت رئاسة أركان منحت شرعية في قراراتها المتتالية لعملية الكرامة التي يقودها حفتر، ووسعت عملياتها العسكرية في الأشهر اللاحقة في بنغازي وفي غرب البلاد.
كما أن المعارك المتوالية في البلاد جعلت المؤتمر الوطني العام بطرابلس بقيادة عمر الحاسي المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين، يكلف كتائب مسلحة ينتمي أغلبها إلى مدينة مصراته بتحرير موانئ النفط، التي تسيطر عليها مجموعات مسلحة موالية لمجلس النواب، نتج عنها معارك في الهلال النفطي أدت إلى حرق أكثر من 7 خزانات للنفط في ميناء السدرة أكبر الموانئ النفطية الليبية.
خريطة العمليات العسكرية
في المقابل كان اللواء خليفة حفتر يشن هجماته العسكرية على الميليشيات المسلحة، في مناطق متعددة ليقلص نفوذ تلك الجماعات في المدن المختلفة، كانت أغلبها المناطق الغربية باستثناء بلدتي نالوت وغريان، وانضمت له كتائب الزنتان، العجيلات، صرمان، الجميل، رقدالين والزاوية، ورشفانة، المشاشية والنوايل، أما جنوبا فإن الكفرة هي أول من أعلنت انضمامها وذلك من خلال رئيس الكتيبة الثانية لحماية الأهداف الحيوية وليد بوليفة، ثم لحقت بها الجغبوب، فضلا عن انضمام لواء القعقاع، وكتيبة الصواعق، في حملته ضد أنصار الشريعة.
كان أبرز المناطق التي بدأها حفتر، مدينة بنغازي، ثاني أكبر المدن الليبية بعد العاصمة طرابلس، حيث نالت النصيب الأكبر من الاقتتال والتدمير والتشريد، إضافة إلى سلسلة طويلة من الاغتيالات، حصدت أرواح أكثر من 600 من أفراد الجيش ورجال الأمن والقضاء والنشطاء السياسيين؛ الأمر الذي جعل حفتر يعلن بدء عملية "الكرامة" لتطهير مدينة بنغازي من التشكيلات المسلحة المتطرفة.
وفي هذه المرة تمكن حفتر من حشد قطاعات عسكرية مهمة من مدينتي البيضاء وطبرق، إضافة إلى وحدات عسكرية من بنغازي، كما انضمت إليه قواعد جوية في مدن من شرق ليبيا، لم تتعرض طائراتها ومنشآتها الجوية لقصف الناتو الجوي؛ وذلك لخروجها عن سيطرة القذافي في وقت مبكر من عام 2011.
خريطة العمليات العسكرية
أسهمت عمليات الاغتيال التي طالت أعدادا كبيرة من ضباط وجنود المؤسسة العسكرية إلى دفع منتسبي الجيش إلى الالتحاق بقوات حفتر، والإسهام في حربه ضد الجماعات المتطرفة المتهمة بتنفيذ هذه الاغتيالات التي كانت تنفذ بشكل شبه يومي في بنغازي وفي درنة.
وتمكن الجيش الليبي والقوات الموالية لحفتر، من إحراز تقدم في مدينة بنغازي شرق ليبيا، حيث قام سلاح جو الجيش الليبي بقصف عدد من المواقع للميليشيات المسلحة؛ مما أسفر عن سقوط قتلى من الطرفين.
وفي مدينة طرابلس، العاصمة الليبية، شنت قوات "فجر ليبيا"، وهي تحالف جمع تشكيلات مسلحة تنتمي إلى مدينة مصراتة وكتائب من مدن أخرى هجوما للسيطرة على مطار طرابلس الدولي ومواقع أخرى تسيطر عليها قوات منافسة تابعة لمدينة الزنتان.
تواصلت المعارك حول المطار ومعسكرات أخرى أكثر من 40 يوما، وتسببت في تدمير 90 % من الطائرات المدنية الرابضة فوق المطار إضافة إلى إلحاق أضرار فادحة بمنشآت منفذ المدينة الجوي الرئيس، ولاحقا تم إحراق هذا المرفق الجوي بعد أن تمكنت قوات "فجر ليبيا" من السيطرة عليه في 24 أغسطس.
وفي هذا السياق لم تتوقف قوات "فجر ليبيا" عند ورشفانة، وقامت بمحاولات للهجوم على خصومها في معقلهم في جبل نفوسة جنوبي طرابلس لتحييد خطرهم، ولم تحقق هذه القوات هدفها بعد، خاصة بعد أن تمكن خصومها من الحصول على دعم من حكومة عبد الله الثني، وتزودت بطائرات حربية تتمركز في قاعدة الوطية جنوب غربي العاصمة، وتشن غارات على مواقع "فجر ليبيا" في زوارة والعجيلات وأبوكماش ورأس جدير وبئر الغنم وغريان، ولا يزال السجال دائرا بين الجانبين.
خريطة العمليات العسكرية
في أواخر ديسمبر الماضي، شنت قوات "درع الوسطى" التابعة لمدينة مصراتة ولتشكيلات "فجر ليبيا" هجوما للسيطرة على ميناء السدرة النفطي إلى الشرق من مدينة بن جواد، وأعلن قادة هذه القوات أن لديهم تكليفا من رئيس المؤتمر الوطني العام المنتهية ولايته نوري بوسهمين، بالسيطرة على الهلال النفطي الذي تتمركز فيه قوات لحرس المنشآت النفطية تأتمر بأمر إبراهيم الجضران وهو قائد ميليشيا في قوات حرس المنشآت النفطية الليبية، كان أغلق في وقت سابق موانئ التصدير في المنطقة لأكثر من 6 أشهر حرم خلالها الدولة من مليارات الدولارات؛ الأمر الذي قابلته القوات الموالية لحفتر بشن غارات جوية لمنع تقدم قوات فجر ليبيا نحو ميناءي رأس لانوف والسدرة بمنطقة الهلال النفطي؛ ما أدى إلى مقتل وجرح عدد من المقاتلين والعمال، كما شنت غارات أخرى قرب مدينتي سرت وزوارة، في حين أعلن في درنة عن تأسيس "مجلس شورى مجاهدي درنة وضواحيها" لمواجهة قوات حفتر.
ويسعى الآن حفتر لشن هجمات على العاصمة طرابلس واسترجاعها من "حركة فجر ليبيا" التي سيطرت عليها واستولت على المباني الوزارية والنفطية الصيف الماضي.
وقال حفتر: "إن هذه العملية ليست إلا البداية"، مبينا أن "الطلعات الجوية التي استهدفت مطار معيتيقة الدولي هي بداية المعركة الأخيرة لتحرير طرابلس".
وتابع حفتر أنه سيواصل الضغط "حتى يتم تحرير طرابلس"، وقال: "لا يمكن الاستمرار بحكومتين وبرلمانين".
ومع كل هذه الصراعات الداخلية بين قوات حفتر والميليشيات المسلحة برزت الأمم المتحدة بدورها في تولي المبعوث الأممي برنادينو ليون مهمة البحث عن مكان تجمع الفرقاء الليبيين؛ الأمر الذي فشل في جميع المحاولات.
على الرغم من نجاح قوات حفتر في تحرير بعض المناطق من الجماعات المسلحة، فإن القضاء بالشكل الكامل لن يتم إلا حال تدخلت القبائل الليبية في حسم الصراع بين حفتر والجماعات الإسلامية.

شارك