مخاوف من عرقلة السماسرة الدوليين جهود روسيا لخنق "داعش" مالياً
الأحد 08/فبراير/2015 - 06:51 م
طباعة

في حين دخلت روسيا بشكل مباشر على خط الحرب الدائرة دولياً ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" المعروف بـ"داعش"، لكن بشكل مختلف، بعدما أكد ديبلوماسيون وجود توافق روسي - غربي على مشروع قرار من المتوقع أن يصدره مجلس الأمن الأسبوع المقبل، ويستهدف تجفيف كل مصادر تمويل التنظيم، سواء كانت النفط أو تهريب الآثار أو الفديات و"خنق" التنظيم مالياً.

ورُغم موافقة العديد من الدول على مشروع القرار، إلا أنه يلقى تحديات بسبب وجود العديد من الدول المحورية التي تساهم بشكل مباشر وغير مباشر في تسهيل عمليات بيع تلك المنتجات، النفطية والقطع الأثرية، لتنظيم "داعش"، وهو ما يضع القرار الروسي أمام تحدي جديد من ناحية التنفيذ، حتى ولو وافقت الدول على القرار من حيث الشكل.
الصيغة الأولى للنص استكملت روسيا مناقشتها مع الأمريكيين والأوروبيين قبل أن يوزع على الدول الـ 15 الأعضاء في المجلس، وناقشت هذه الدول في جلسة مغلقة الجمعة الماضية للمرة الأولى النص، وقال السفير الروسي في الأمم المتحدة فيتالي تشوركين إن ردة فعلها "إيجابية جداً، معرباً عن أمله في تصريحات صحافية أن يتم تبني النص اعتباراً من الثلاثاء المقبل.
مصادر أموال "داعش":

وتشير العديد من التقارير إلى أن تنظيم "داعش" يجمع ثرواته من مصادر دخل مختلفة، معظمها جُمع محليا داخل العراق وسوريا، ويبدو أن التبرعات لم تعد تكفي غرور "داعش"، متجنبا انقطاع موارده حال استهداف شبكات تمويله، بل فضل التوجه نحو تهريب النفط إلى بلدان أخرى في المنطقة ونحو الابتزاز وفرض الضرائب خاصة على الأقليات غير المسلمة، ومؤخرا بيع ممتلكات سكان الموصل.
وتأتي التجارة في المواد البترولية، بعد سيطرة التنظيم على العديد من آبار البترول في العديد من المناطق التي يسيطر عليها في دولتي سوريا والعراق، لذلك يعتبر إنتاج النفط أكبر مصدر للدخل يعتمد عليه "داعش" وفقا لمختلف الخبراء، وتشير التقارير الاقتصادية إنه قبل ضربات الائتلاف الدولي كان إجمالي إنتاج الطاقة يزيد على 30.000 برميل يوميا في دير الزور وحدها في سوريا، وقد استهدفت ضربات التحالف 12 من المصافي المتنقلة في سوريا.
وتقدر المبالغ المالية التي يتحصل عليها "داعش" من إيرادات بيع البترول، نحو 500.000 دولار يوميا، بعد ضربات التحالف، حيث يعتبر ذلك المبلغ نصف المبلغ الذي كان يجنيه التنظيم يوميا في العراق قبل الضربات، لذلك يدرك التنظيم خير إدراك أهمية الثروة النفطية.
واتهمت عدد من الدول الأوربية كلاً من تركيا وإيران لتسهيلهم بيع المواد البترولية، لداعش، حيث يبيع التنظيم النفط لمن يقوم بشرائه، والتنظيم يعتمد بشكل كبير على مجموعة من السماسرة في سوريا وتركيا وإقليم كردستان العراق وإيران، لبيع المواد البترولية، ونشرت وكالة "راند" الإخبارية، إن نظام بشار الأسد يشترى هو الأخر النفط من المتطرفين.
ويقول خبراء إن "داعش" يسير على خطى سلفه تنظيم "القاعدة" الذي تمكن في عامي 2006 و2009، تحصيل ما يقارب من الملياري دولار أميركي من خلال تهريب النفط المنتج في مصفاة بيجي شمال العراق، وفي حين نجحت الضربات الجوية للتحالف الدولي من الحد من سيطرة داعش على مصافي النفط، ما أثر على أكثر الموارد المالية التي يعتمد عليها التنظيم في جمع الاموال، التي يستخدمها بحسب المحلل يشير هاوارد شاتز في مؤسسة "راند" – أحد أكبر مركز الأبحاث الأميركية - في الإنفاق على رعايه ومؤيده، قائلاً: "على داعش أن يسدّد فواتير ويطعم الأفواه".
ويمكن رصد مصدر آخر هام في عملية التمويل، وتشمل هذه الطريقة الابتزاز من عمليات الخطف وتحصيل الضرائب في المدن الكبرى وكذلك على محاور الطرق الرئيسة، فقد أفادت تقارير صحافية كثيرة أن الضرائب التي تفرضها المنظمات المتطرفة على سائقي الشاحنات في العراق أو على طول الحدود العراقية تتراوح بين 200 إلى 300 دولار أمريكي، كما تفرض الضرائب على الشركات في المدن الكبرى، هذا فضلا عن إيجارات الممتلكات المصادرة من الأشخاص الذين يصنفهم داعش أعداءه.
المشروع الروسي يلقى استحسان الدول:

السفير البريطاني مارك لايل
السفير البريطاني مارك لايل قال إنه لم تتقدم أي بلد اعتراضاً على النص، ويفترض أن يتبنى مجلس الأمن النص قبل الخميس، وقال إن القرار لا يحمل تغييراً أساسياً لكنه يظهر مرة جديدة أن المجلس موحد في محاربة الإرهاب ومستعد لاتخاذ إجراءات من أجل تضييق الخناق على تنظيم الدولة الإسلامية، موضحاً أن مشروع القرار مستوحى إلى حد كبير من سلسلة قرارات تبنتها الأمم المتحدة في إطار عقوبات فرضت على المنظمات أو الأشخاص المرتبطين بالقاعدة، من بينها تجميد ودائع ومنع تسليمهم أسلحة.
كان مجلس الأمن اعتمد في أغسطس 2014 قراراً يهدف إلى قطع التمويل عن الجهاديين عبر التهديد بمعاقبة الدول التي تشتري نفطاً منها، كما نص القرار على ضرورة وقف تدفق المقاتلين الأجانب إلى سورية والعراق للالتحاق بتنظيم داعش.
وقالت جريدة "الشرق الأوسط" إن مسئولًا أمريكيًا شارك في المناقشات حول صياغة مشروع القرار، وقال إن الإجراءات المفروضة على الدول الأعضاء والتي أدرجت في النص الجديد متينة وملزمة لكن الهدف من القرار الجديد هو توسيعها وتوضيح ما تتطلبه خصوصاً في مجال تهريب المنتجات النفطية.
وبعدما قال إنه يتوقع اعتماد النص الأسبوع المقبل، اعترف هذا المسؤول الأمريكي الذي طلب عدم الكشف عن اسمه بأن تطبيق هذا القرار الملزم قانونياً في الواقع يشكل تحدياً نظراً لكثرة الوسطاء الذين يتعاملون مع المتطرفين. وأضاف: نأمل أن يكون لهذه المعايير والبنود تأثير حقيقي، مشيراً إلى أن واحدة من النقاط الرئيسية الجديدة في القرار هي حظر تهريب القطع الفنية والأثرية التي سرقت من سورية حيث يسيطر تنظيم داعش على جزء من الأراضي. ويطبق حظر مماثل على العراق من قبل.
وأضاف: "مشروع القرار ينص على أن كل الدول الأعضاء ملزمة باتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع المتاجرة بالممتلكات الثقافية السورية والعراقية" التي أخرجت في شكل غير قانوني من العراق منذ اغسطس 1990 وسورية منذ بداية الأزمة السورية في مارس 2011 وضمان إعادتها إلى بلدها الأصلي.
وعن النفط يذكر مشروع القرار بأن الدول الأعضاء ملزمة الامتناع عن إبرام الصفقات التجارية المباشرة وغير المباشرة مع تنظيم داعش، ويطلب مجلس الأمن من هذه الدول إبلاغ الأمم المتحدة في حال مصادرة نفط خام أو مكرر مصدره المناطق التي يسيطر عليها المتطرفون، ويشير النص إلى أن حركة النقل البري من المناطق التي يسيطر عليها عناصر داعش، تسمح بالتجارة بثروات أخرى مثل الذهب والمنتجات الزراعية وبضائع.