الحوثيون يجلسون للحوار.. بين المراوغة والاندماج السياسي

الإثنين 09/فبراير/2015 - 03:17 م
طباعة الحوثيون يجلسون للحوار..
 
قبول جماعة أنصار الله "الحوثيين" للعوة إلى طاولة الحوار في اليمن لم يكن مفاجأة، وربما يكون تمهيدا للتوافق حول مخرج للأزمة اليمنية التي دخلت أسبوعها الثالث عقب استقالة الرئيس عبدربه منصور هادي، ورئيس الحكومة المهندس خالد بحاح، في ظل فراغ سياسي وأمني بالبلاد.

تراجع

تراجع
وافقت جماعة الحوثي على العودة للحوار مع بقية الأطراف اليمنية، في مؤشر على أن الجماعة مستعدة للتراجع عن إعلانها "الدستوري" المثير للجدل. 
وأعلن المبعوث الأممي إلى اليمن جمال بنعمر، أن "الأطراف السياسية في اليمن ستستأنف المشاورات لحل الأزمة السياسية".
وذكر بنعمر في تصريح لوسائل الإعلام خلال حضوره بعض اللقاءات في فندق "موفنبيك" بصنعاء، أن "الأطراف ستعود غداً لطاولة الحوار، لإيجاد حل للأزمة في اليمن".
يأتي هذا بعد يومين من إعلان ما يسمى "اللجنة الثورية"، التابعة لجماعة "أنصار الله" (الحوثي)، في القصر الجمهوري بصنعاء، ما أسمته "إعلانا دستوريا"، يقضي بتشكيل مجلسين رئاسي ووطني، وحكومة انتقالية.

الضغوط

الضغوط
سياسة جديدة تتبلور في اليمن منذ يوم الجمعة الماضي، سيحدد ضمنها تداخل العوامل الداخلية والخارجية وجهة البلاد المقبلة، إضافة إلى تحديد المدى السياسي الذي من الممكن أن تصل إليه تبعات "الإعلان الدستوري" الذي أصدرته "اللجنة الثورية" التابعة لجماعة أنصار الله.
ولاح في الأفق تراجع الحوثي، عن الاستمرار في سياسية الأمر الواقع وخطته تجاه التغيرات السياسية في اليمن، والتي جاءت لأسباب عديدة منها.
1- الرفض الخليجي 
وصفت دول مجلس التعاون الخليجي الإعلان الدستوري للحوثيين بالانقلاب على الشريعة الدستورية لليمن، واتفاق السلم والشراكة الذي تم توقيعه في 21 سبتمبر 2014، بالإضافة إلى المبادرة الخليجية التي وقعت في 2012 والتي على إثرها تنحى الرئيس السابق علي عبدالله صالح.

2- الموقف الدولي 
يعتبر تهديد المجلس الدولي بفرض عقوبات علي الحوثيين هو أكثر المواقف التي أدت إلى تراجع الحوثيين وإعادة التفكير في الأمر، بدلا من سياسة الأمر الواقع التي يريد الحوثيون فرضها على القوى السياسية في الداخل اليمني والدول الإقليمية والدولية.
وكان ذلك واضحا في بيان وزارة الخارجية الأمريكية التي أعلنت رفضها للإعلان الدستوري، مؤكدا على أن الوحيد المخول له بإصدار إعلان دستوري هو الرئيس اليمني المستقيل عبدربه منصور هادي.
3- الحراك الجنوبي
يعتبر موقف الحراك الجنوبي والمحافظات والقيادات العسكرية في مناطق اليمن الجنوبي أحد أهم النقاط التي أربكت حسابات الحوثيين، فالجنوبون أعلنوا عدم اعترافهم بالإعلان الدستوري الذي أصدره محمد علي الحوثي رئيس اللجان الثورية الحوثية، مؤكدا العصيان لأي أوامر تأتي من صنعاء، وهو الأمر الذي دعمته القيادات التنفيذية "المحافظين" والقوى السياسية بالجنوب اليمني؛ مما شكل إحدى أدوات الضغط على الحوثيين.
4- القوي السياسية في الداخل
أغلب القوى السياسية والأحزاب ذات الثقل السياسي في اليمن رفضت الإعلان الدستوري بشكل أو بآخر أو أعلنت تحفظات كبيرة عليه، وفي مقدمتهم حزب المؤتمر الشعبي العام، الذي يترأسه الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، والحزب اليمني للإصلاح "إخوان اليمن" والذي يسعى للعودة إلى السلطة عبر استثمار الأحداث الجارية في اليمن.
كما أعلنت أغلب الأحزاب ذات التوجه الإسلامي أو اليساري رفضها للإعلان الدستوري، وهو ما شكل انتقاصا من شرعية الإعلان الدستوري، بل جعلت الإعلان بمثابة قرار حوثي يخص أنصار الله وليس قرارا تُجمع عليه القوى السياسية والوطنية.

الحوار اليمني بين المراوغة والاندماج

الحوار اليمني بين
خلط للأوراق، وأمر واقع فشل أنصار الله "الحوثيين" في فرضه، لكن التطورات لن تقف هنا. المبعوث الدولي، جمال بنعمر أعلن عودة المفاوضات، فيما يبدو أن الأطراف الخارجية- ولا سيما الإقليمية- لا تزال مترقبة لعلم الجميع ربما أنّ اللعب بتطورات اليمن هو أول إحراق لمبادئ الاستقرار الخليجي.
بالرغم من أن ميزان القوى على الأرض "الميداني" يميل بشكل واضح لصالح "الحوثيين" سيدفع بالجماعة لاستمرار الاستفراد بالسلطة، إذا استمرت حالة التعنت السياسي لدى القائمين على صناعة القرار في الحوثيين.
إلا أن الميزان "السياسي" يصير عكس إرادة ورغبة الحوثيين، حيث أغلب القوى السياسية المؤثرة في الشارع اليمني رفضت الإعلان الدستوري وهو ما أدى إلى جلوس الحوثيين ممثلا في مهدي المشاط مدير مكتب زعيم أنصار الله عبدالملك الحوثي، اليوم الاثنين مع القوى السياسية برعاية المبعوث الأممي جمال بنعمر، في فندق "+موفمبيك".
ومن أجل نجاح الحوار يجب أن يتوفر حد أدنى من الشروط لأي حوار معهم؛ لأن استمرار الحوار من ناحية مترافقاً مع مضيهم في خطوات أحادية جديدة من الناحية الأخرى معناه أنه لا جدوى من الحوار، وأنه وسيلة لتخدير الرأي العام المحلي والإقليمي والدولي، وكسب وقت من قبل الحوثيين، وهو ما ترفضه القوى السياسية اليمينة.
وأبدى مراقبون تخوفهم من أن يكون سعي جماعة الحوثي لكسب الوقت عبر الجلوس على مائدة المفاوضات وتنفيذ سياسة تمكينه على أرض الواقع.
ولفت المراقبون إلى تصريحات أمين الدائرة السياسية للتنظيم الوحدوي الناصري، عبد الله المقطري، والتي كشفت عن أن الحوار لم يبدأ بعد؛ لأنه سيتم الاتفاق على نقاط الحوار قبل البدء فيها، وقال: "القضية كالتالي: اليوم الناس ليسوا في جلسة حوار وإنما جلسة نقاش حول موضوع آلية ومرجعية الحوار الذي سيتم استئنافه من حيث المبدأ".

المشهد اليمني

المشهد اليمني
يبدو أن الحوار بين القوى السياسية والحوثيين سوف يأخذ وقتا طويلا، وقد لا يصل في النهاية إلى أن هدفهم؛ لذلك فإن الأزمة اليمنية قد تستمر طويل في ظل حالة التعنت الحوثي والقوى السياسية، اعتمادا على تكاثر أخطاء جماعة الحوثيين في إدارة البلاد وارتفاع فسادهم وظلمهم وقمعهم للآخرين؛ مما يؤدي إلى ارتفاع وتيرة الاحتجاجات والمظاهرات، وهو ما يوضح أن مستقبل اليمن غامض وقاتم.

شارك