التجربة الروسية في مكافحة الارهاب.. حرب "بوتين" من نوع خاص
الثلاثاء 10/فبراير/2015 - 07:28 م
طباعة

بالتزامن مع زيارة الرئيس الروسي فلاديمر بوتين إلى مصر، من المهم تسليط الضوء على التجربة الروسية في مكافحة الارهاب ومواجهة العناصر المتطرفة، خاصة وأن الخطوات التى تم اتخاذها محل اهتمام كثير من المهتمين بملف الحركات الاسلامية والجماعات المتطرفة، خاصة بعد أن أدرجت روسيا جماعة الاخوان الارهابية فى 28 يوليو 2006 ضمن قائمة ضمت 17 منظمة تصنفها كإرهابية وفى 7 مايو 2009 ، في ضوء اعلان منظمة معاهدة الأمن الجماعى والتى تشارك فيها روسيا وكازاخستان وبيلاروسيا وأرمينيا وقرغيزيا وطاجيكستان وأوزبكستان توسيع قائمة المنظمات الإرهابية إلى 31 متضمنة جماعة الإخوان.
وتعتبر روسيا في عهد الرئيس فلاديمير بوتين جماعة "الإخوان المسلمين" الخطر الواضح على مستقبل الشباب في الجمهوريات الإسلامية والداعم الأكبر لاستمرار نشاط الحركات الانفصالية التي يقودها المقاتلين في شمال القوقاز منذ انهيار الاتحاد السوفيتي بعد انتشار مبادئ وتعاليم وافكار الجماعة بين مسلمي روسيا من خلال المهاجرين الشيشان إلى الدول العربية خاصة الأردن وإلى تركيا، فيما يظل مفهوم "التضامن الإسلامي" ومحاولات تكريس فكرة عدم اعتبار المسلمين الروس انفسهم جزء من الدولة الروسية يشكل الخطر الحقيقي الذي تعمل السلطات في روسيا على مواجهته والحد من نشاط الجماعة وانتشار أفكارها، من خلال رؤية جديدة تمثلت بالانفتاح على العالم الإسلامي حتى تمكنت من الحصول على مقعد مراقب في منظمة "التعاون الإسلامي" وقرار المحكمة العليا بإدراج الإخوان" في قائمة الجماعات الإرهابية عكس حجم ما مخاوفها من نشاط يهدد وحدة وسلامة أراضيها.
وأبقت السلطات الروسية جماعة الاخوان على قائمة المنظمات الإرهابية رغم صعود الحركة سياسيا بعد الثورات العربية؛ وهو ما أرجعه خبراء إلى البيروقراطية الروسية التى لا تتماشى مع سرعة التغيرات فى العالم، بينما أشار آخرون إلى مخاوف روسيا من وصول الإسلاميين للحكم مما يهدد المصالح الروسية.

وقال خبراء ومهتمون إن وضع جماعة الإخوان المسلمين على هذه القائمة جاء بسبب علاقاتها بالانفصاليين الشيشان فى تسعينيات القرن الماضى، وأرجع خبراء روس استمرار الجماعة على القائمة إلى الآلة البيروقراطية الروسية الشهيرة التى تعمل ببطء شديد، والاشارة إلى أن عدم شطب الإخوان من قائمة الإرهاب ربما يعود إلى هواجس القيادة الروسية، مشيرين إلى أن الرئيس الروسى ديميترى ميدفيديف عام 2011 عبر منذ اللحظة الأولى لثورة 25 يناير عن مخاوفه من وصول من سماهم بالمتطرفين إلى السلطة، معتبرا أن هذا سيؤثر بصورة مباشرة على روسيا.
تجربة بوتين لمواجهة الارهاب

وتعهد بوتين بمواجهة الجماعات المتطرفة منذ ظهوره على الساحة السياسية عام 1999، وما ظهر بعد ذلك من حرب الشيشان، والعمليات الأمنية المكثفة بالمنطقة، ثم وضع قائمة للجماعات المحظورة والداعمة للتطرف والإرهاب في إطار جهود الكرملين للحد من تأثير نشاط هذه الجماعات على المناطق الملتهبة.
ونجح بوتين في بداية رئاسته الاولى في التعامل مع ملف حرب الشيشان التي اشعلها بوجهه الملياردير الروسي، بوريس بيريزوفسكي، بعد أن ارسل بوتين الجيش الروسي إلى الشيشان بخطة حاسمة لمنع اميركا من ايجاد رقبة جسر داخل الفدرالية الروسية، وخلال أشهر قليلة تم القضاء على رؤوس الفتنة في الشيشان، وسحقت تماماً القوات الارهابية، وتحولت القضية الشيشانية من مشكلة سياسية عسكرية للدولة الروسية، يقع ثقل حلها على الجيش الروسي، إلى قضية انسانية لجماهير لاجئين ومشردين في الجبال بحاجة إلى الغذاء والدواء، فعاد الجيش الروسي إلى ثكنه وتولى الصليب الاحمر الروسي والهلال الاحمر الشيشاني قضية اللاجئين، وفي الوقت ذاته تم فتح الحي الشيشاني في موسكو الذي كانت تسيطر عليه المافيا الشيشانية وشبه المغلق على الروس، وسحقت المافيا الشيشانية.

وجاءت هذه الخطوة بعد أن دخلت الشيشان في حروب طويلة مع الحزب الشيوعي الحاكم في روسيا؛ الأمر الذي دفع المواطنين إلى تشكيل كيانات مسلحة، لجهاد الروس المعتدين، وككل الأفكار الجهادية ألعابرة للأقطار، وجه العديد من المسلحين الإسلاميين قبلتهم إلى الشيشان لجهاد المعتدي الروسي، وكان من بين تلك التنظيمات المسلحة التي توجهت إلى هناك أفراد ينتمون إلى جماعة الإخوان، وما إن أعلن الاتحاد السوفيتي حق الانفصال لأي جمهورية ترغب في الاستقلال، والانفصال عنه ـ حتى سارع الشيشانيون إلى إعلان جمهوريتهم المستقلة، وفي نهاية 1990أعلن الشيشانيون استقلال جمهورية الشيشان.

و تزعم حركة الانفصال وقتها، الجنرال جوهر دوداييف الذي أَسَّس، عام 1991، حركة قومية، باسم "مؤتمر عموم شعب الشيشان"، للتحرك صوب الانفصال؛ فكوَّن حرساً وطنياً، وأعلن التعبئة العامة بين الذكور، الذين تراوحت أعمارهم بين 15 و50 عاماً؛ واستولى على المنشآت الحيوية، كالمطار والإذاعة والتليفزيون، وحاصر البرلمان، مطالباً بإدراج موضوع الانفصال عن روسيا الاتحادية، على جدول أعماله، وفي 27 أكتوبر 1991، دعا إلى انتخابات رئاسية، أسفرت عن فوزه بمنصب رئيس الجمهورية؛ وهي الانتخابات التي لم يعترف بها البرلمان الروسي.
وحينها أعلن جوهر دوداييف، في 2 نوفمبر 1991 الاستقلال عن روسيا الاتحادية؛ لتبدأ بذلك سلسلة طويلة من الحروب والصراعات بين دوداييف وموسكو، فكان الاجتياح الروسي الأول لشمالي القوقاز، بدعم ومساندة الجناح الشيشاني، الرافض لقيادة دوداييف، بزعامة عمر أتور خانوف في ديسمبر 1994، لينتهي في أغسطس 1996 إلى اتفاق وقعه الطرفان، في الوقت الذي لم يكد تنتهي فيه الحرب الروسية الشيشانية الأولى، حتى تجددت في نهاية تسعينيات القرن الماضي، وتحديداً في 1999؛ الأمر الذي دفع جماعات المقاومة إلى الاستنفار، وتمثلت عمليات المقاومة الشيشانية في مزيج من حرب العصابات والعمليات النوعية الخاصة، التي تعتمد على تنفيذ الإغارات والكمائن بمهارة عالية مستغلة طبيعة الأرض والأحوال الجوية، واقتحام المواقع الروسية، والاستيلاء على قرى ومدن شيشانية بالقوة المسلحة والسيطرة عليها لفترة محدودة ثم الانسحاب منها.

ويمكن رصد البدايات الأولى لعلاقة الشيشانيين وجماعة الإخوان عند هجرتهم إلى الأردن، والتي لم يكن لهم أية أنشطة سياسية هناك إلا في عام 1955، وتحديداً مع تولي الشيشاني المهندس سعيد بينو منصب وزير الأشغال العامة في عهد رئيس الحكومة الأردنية مضر بدران، كما شكلوا في الحكومة الأردنية ثلاث وزارات، منها وزارة المخابرات العامة التي تولى رئاستها اللواء متقاعد سميح بينو، والوزير عبد الباقي جمو والوزير محمد بشير، وتأثر قيادات الشيشان بقيادات جماعة الإخوان المسلمين، إلى الدرجة التي أصبحوا فيها من الإخوان، وعندما عادوا إلى بلادهم تمسكوا بمبادئ الإخوان المسلمين؛ ليعلن الشيخ عبد الباقي جمو انضمامه إلى شعبة الإخوان المسلمين في الزرقاء، ثم أصبح بعد ذلك نائبا للمراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن، وكان المراقب العام للجماعة هو الأستاذ محمد عبد الرحمن خليفة، ونجح إخوان الأردن في تعريف الشيشانيين بمبادئ الجماعة، إلى الدرجة التي دفعت القيادات الشيشانية التي ارتضت بالجماعة مرجعية وفكراً لها، إنشاء شعبا لتعليم مبادئ الإخوان للشعب الشيشاني، ومن هنا انتشرت تعاليم ومبادئ الإخوان وسط الشعب الشيشانين ومنذ ذلك الوقت، وسعى الشيشانيون المتأثرون بالفكر الإخواني، إلى تعميم الفكرة، فلجئوا إلى المساجد والمدارس، فضلاً عن إصدار الكثير من المجلات والصحف؛ لنشر فكرهم الإخواني، ليعلنوا بذلك عن مرتكزاتهم الفكرية التي لم تختلف كثيراً في كافة البلاد التي تواجد فيها التنظيم، وهي أن الإسلام هو دين ودولة ويصلح للتطبيق في كافة الأوقات والأماكن.
ورصدت العديد من التقارير، مساعي قيادات الحركة الانفصالية الشيشانية المبنية على الشعارات الإسلامية، كخطوة لنشر الإسلام في الجمهورية، ليستقر المنتمون إلى جماعة الإخوان في الشيشان أعلى الجبال، كون الرئيس دوادييف كان يرفض وجود دور للجماعات الإسلامية في الشيشان؛ لذلك فضل إخوان الشيشان عدم طرح القضية الإسلامية بشكل رسمي في البلاد، خاصة مع بداية الصراع بين دوداييف وحزب "الطريق الإسلامي" الذي أسسه محافظ غروزني بيسلان غانتيميروف الذي أصبح فيما بعد خصما لدوداييف.

ومثل دعم جماعة الإخوان، إلى المقاومة الشيشانية، وسيلة أخرى لانتشار الجماعة في الشيشان، حيث كانت المقاومة الشيشانية وقتها بقيادة دوكو عمروف، المصنف إخوانياً وينتمي تنظيمياً لجماعة الإخوان، وحدد عمروف الذي لاقى قبولاً واسعاً في صفوف المقاومة الشيشانية أهم أهدافه في الجهاد، وهو جهاد الروس لتحرير القوقاز، معتمداً على حرب العصابات والعمليات النوعية الخاصة، حيث يعتمد أسلوبها على تنفيذ الإغارات والكمائن مستغلة طبيعة الأرض والأحوال الجوية.
وليست جماعة الاخوان وحدها المدرجة في القوائم الارهابية، بل هناك مؤسسة الحرمين الخيرية التى تعد من أشهر المؤسسات الخيرية الإسلامية السعودية في المجال الدعوي والإغاثي، وتنظيم القاعدة ، وكذلك تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي، وإمارة القوقاز الإسلامية، وجماعة الجهاد المصري الإسلامي، وحزب التحرير ، وجماعة المجاهدين، وجماعة جند الشام.