قرار مجلس الأمن ضد "داعش".. المافيا أم المجتمع الدولي سيربح حرب التمويل؟

الجمعة 13/فبراير/2015 - 02:31 م
طباعة قرار مجلس الأمن ضد
 
جاء تصويت مجلس الأمن بالإجماع على قرار يقضي بتجفيف منابع تمويل المتطرفين، ويشمل القرار محاصرة مصادر تمويل كل من تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" وجبهة "النصرة"- فرع تنظيم القاعدة في سوريا- ويؤكد على سعي المجتمع الدولي لمواجهة التنظيمات الإرهابية.

مجلس الأمن:

مجلس الأمن:
أصدر مجلس الأمن الدولي قراراً يقضي بمنع تمويل "الجماعات الإرهابية" في كل من سوريا والعراق، بما في ذلك التنظيم المعروف باسم "داعش"، و"جبهة النصرة"، التي تُعد أحد أذرع تنظيم القاعدة.
يحمل القرار الجديد، الذي تقدمت به روسيا بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، وصدر بإجماع أعضاء مجلس الأمن الخميس، رقم 2199 لسنة 2015، ويُعد مكملاً للقرار السابق رقم 2170 لسنة 2014، وفق ما أورد الموقع الرسمي للأمم المتحدة.
يشدد القرار على التزامات الدول في مجال "مكافحة خطر الجماعات الإرهابية"، ويتضمن "إدانة أي تجارة مباشرة أو غير مباشرة، خاصة بالنفط ومشتقاته مع الأفراد أو الجماعات الإرهابية المشار إليها، تحت خطر مواجهة عقوبات".
وفي هذا الإطار أكد القرار أنه "ينبغي على الدول أن تبلغ اختصاص لجنة الأمم المتحدة بأي نقل للنفط أو مشتقاته عبر أراضيها من أو إلى هذه المجموعات".
كما شدد القرار على "إدانة تدمير التراث الثقافي، بما في ذلك الديني، في العراق وسوريا"، داعياً إلى اتخاذ "تدابير لمنع الاتجار غير المشروع بالسلع الثقافية، بما في ذلك الأثرية".
كما أكد مجلس الأمن على "إدانة الاختطاف، بما في ذلك اختطاف النساء والأطفال، واستغلالهم الجنسي"، وفق ما جاء في الفقرة الثالثة من القرار.
ويطالب المجلس الدول الأعضاء بتجميد أصول هذه المجموعات التي تقاتل النظام السوري وعدم القيام بتجارة معها، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر وضبط تهريب شاحنات تمر خصوصا عبر الحدود التركية.
ويوسع القرار حظر المتاجرة بآثار مسروقة، ليشمل سوريا وهو قرار كان ساريا من قبل على العراق.

تمويل "داعش":

تمويل داعش:
هناك العديد من الأساليب والطرق التي يحصل بها تنظيم "داعش" والجماعت الإرهابية على التمويل اللازم لشراء السلاح وغيره من المستلزمات التي يواصلون بها القتال، رغم الضربات الجوية لقوات التحالف الدولي.
وتتمثل هذه المستلزمات في الآتي:

1-الأفراد:

أبو محمد العدناني
أبو محمد العدناني
المصدر الأول والأهم لهذه التنظيمات هو الأفراد والمنظمات الداعمة بالمال.. ومن بينها 6 أشخاص فرض مجلس الأمن الدولي عقوبات عليهم, تشمل الحظر على  السلاح وتجميد الممتلكات والأموال والمنع من السفر.. وأبرز هذه الأسماء:
* أبو محمد العدناني، المتحدث باسم "تنظيم داعش": اسمه الحقيقي طه صبحي فلاحة، من مواليد عام 1977 في بنش، بريف إدلب شمال سوريا قرب حلب (شمال سوريا).  
* عبد الرحمن محمد ظافر الدبيسي الجهني، مبعوث القاعدة إلى سوريا: وهو أحد أكثر المجرمين المطلوبين للعدالة في السعودية.. توجه إلى سوريا عام 2013 لتقديم الدعم لداعش والنصرة.
* حجاج بن فهد العجمي، ممول لـ"جبهة النصرة": هو كويتي الجنسية, يعتبر مهندس عمليات تمويل "جبهة النصرة" في سوريا, ويشتبه في أنه يتنقل بين الكويت وسوريا لنقل الأموال, وتجنيد كويتيين لتولي مواقع  قيادية في التنظيم.  
* عبد المحسن عبد الله إبراهيم الشارخ، زعيم تنظيم القاعدة في سوريا: سعودي الجنسية, ومعروف أكثر باسم سنافي النصر, يشتبه في أنه يقود عمليات تنظيم القاعدة في سوريا، ولديه علاقات وثيقة بمتطرفين في باكستان, أدرجته  الأمم المتحدة على قائمتها السوداء لصلته بـ"جبهة النصرة".
* سعيد عارف، المسئول عن تجنيد جهاديين للقتال في سوريا، ويعتبر من أهم ممولي تنظيم "داعش".. ولد "عارف" في الجزائر.. أدرجته الأمم المتحدة على قائمتها السوداء لصلته بـ"جبهة النصرة". 
* حميد حمد العلي: أدرجته أيضا الأمم المتحدة على قائمتها السوداء لصلاته بتنظيم القاعدة والجماعات.. متهم بتمويل وتخطيط وتسهيل أو تنفيذ أعمال على علاقة مع، أو باسم كل من تنظيمي "جبهة النصرة" و"داعش". 

2-البترول:

2-البترول:
المصدر الثاني والأهم في تمويل داعش وغيرها من التنظيمات المتطرفة هو النفط, حيث سيطر التنظيم على أجزاء واسعة من شرق سوريا (الرقة ودير الزور، والحسكة امتدادا إلى تكريت, الموصل, وديالي في العراق).
وبحسب خبراء فإن تنظيم "داعش" يكسب ما بين 2 إلى 4 ملايين دولار عبر بيع النفط إلى عدة وسطاء في القطاع الخاص. لكن هذه العائدات تراجعت تحت تأثير الضربات الجوية التي يقوم بها التحالف الدولي ضد المتطرفين، والتي أدت إلى تدمير مصاف، وأيضا بسبب تراجع أسعار النفط.
ويصل عدد الحقول النفطية التي تخضع لسيطرة تنظيم «الدولة» في العراق وسوريا إلى 22 حقلا تضم احتياطيا يقدر بـ20 مليار برميل من النفط، بحسب تقرير المركز العالمي للدراسات التنموية البريطاني. ويتوقع خبراء أن «يسيطر التنظيم في وقت لاحق على نحو 600 ألف برميل نفط شمال العراق».

3- بيع الآثار:

3- بيع الآثار:
مشروع القرار يطلب أيضاً وقف دفع الفدية للمختطفين، ووقف أي تجارة محظورة بالآثار التاريخية المسروقة من قبل الإرهابيين عبر حدود العراق وسوريا، مع المطالبة بوقف تدميرها.
وكشفت تقارير إعلامية أن «داعش» كسب ملايين الدولارات جراء أعمال النهب التي قام بها، بما في ذلك الحصول على 36 مليون دولار فقط من نهب أحد البنوك في سوريا. ومع استحواذ التنظيم على قطع أثرية يعود عمرها إلى 8 آلاف سنة، فإنه بذلك ليس بحاجة إلى دولة راعية؛ إنه يعمل على تمويل المذابح التي يرتكبها من خلال ثروة الحضارات القديمة.
وقال باحث الآثار ومستشار رئيس مجلس محافظة ذي قار لشئون السياحة والآثار العراقية، عامر عبد الرزاق الزبيدي: "نقل داعش آلاف القطع الأثرية الموجودة في محافظة نينوى إلى سوريا، وتضم هذه المحافظة العراقية 1750 موقعا أثريا، إضافة إلى سرقته، وتدمير أغلب الآثار في مدينة الموصل التي تضم بدورها مدنا أثرية مهمة. ويعود تاريخ هذه القطع الأثرية إلى آلاف السنين من عصور البابليين السومريين؛ لتنتهي على أيدي "داعش" إما تدميرا أو تهريبا.
وحذر منتدى لمنظمة الثقافة والفنون (يونسكو) من أن تنظيم "داعش" يبيع قطعا أثرية عراقية وسورية بواسطة مافيا تهريب دولية لتمويل نفقاته، كما يعمد التنظيم إلى تدمير المتبقي من الآثار الدينية والتاريخية باعتبارها أوثانًا.

4- نهب الموارد والسلع والأموال:

4- نهب الموارد والسلع
استفاد داعش أيضا أثناء دخوله العراق من الأموال التي سرقها من المصارف, ومنها أكثر من 420 مليون دولار من البنك المركزي في الموصل, إضافة إلى  المعدات والآليات العسكرية المتطورة التي سيطر عليها داعش من القطع العسكرية التي انسحب منها الجيش العراقي تاركا وراءه كميات كبيرة من السلاح  والمعدات.
كذلك اعتاد تنظيم داعش على نهب الموارد والسلع والمؤن من مستشفيات، ومراكز تسوق، ومطاعم، ومرافق الكهرباء والمياه فى المناطق التى يحكم سيطرته عليها، وهي المرافق التي توفر له عوائد تُقدر بالملايين كل شهر.

5- الإتاوات:

5- الإتاوات:
تُعد من مصادر تمويل داعش أيضا "الإتاوات" التي تجبى في سوريا والعراق من الشركات التجار والأسواق، حتى إنهم وصلوا إلى أصحاب الصيدليات والمحال التجارية وشركات الهاتف النقال التي تدفع مبالغ خيالية.
إلى جانب فرض الترويع والقتل على المواطنين الأبرياء، فإن تنظيم داعش يقوم بابتزاز الفلاحين والموظفين فى هذه المناطق، ويجبر غير المسلمين على دفع الجزية، بصورة أدت إلى تهجير مئات الآلاف منهم. إلى جانب ذلك أيضًا يقوم داعش بفرض ضرائب شهرية على المؤسسات المحلية تُقدر بحوالي 8 ملايين دولار.

6- فدية الخطف والتحرير:

6- فدية الخطف والتحرير:
دأب تنظيم داعش على اختطاف المواطنين الأجانب، والموظفين الدوليين، والصحفيين الغربيين، وأخيرا الصحفيين العرب، ومساومة ذويهم ودولهم على الإفراج عنهم مقابل ملايين الدولارات كفدية لهم. وذكرت بعض التقارير الصحفية الدولية أن عوائد هذه الطريقة بلغت أكثر من 25 مليون دولار سنويًّا.
كما يقوم تنظيم "داعش" الإرهابي بعمليات بيع واسعة للنساء والأطفال الذين يقوم باختطافهم، لتمثل عمليات تجارة البشر واحدة من أهم مصادر التمويل للتنظيم، فضلاً عن أنه يتمكن بفضل هذه التجارة من إغراء واستقطاب مزيد من المقاتلين من مختلف أنحاء العالم ممن يتم تأمين نساء لهم كــ"سبايا وعبيد" فور وصولهم إلى الأراضي التي يسيطر عليها التنظيم.

7- الأراضي الزراعية:

7- الأراضي الزراعية:
يُعد المصدر المهم الآخر لداعش هو سيطرته الكاملة على كل الأموال العامة في مناطق نفوذه، والتي تشمل مئات الآلاف من الهكتارات الزراعية المروية على ضفتي نهر الفرات في ريف حلب والرقة ودير الزور, ويفرض نسبة 10% من المحاصيل الزراعية على أصحاب الأراضي، إضافة إلى أعداد كبيرة جدا من العقارات التجارية والسكنية في المدن التي يسيطر عليها والتي تعود ملكيتها للبلديات والأوقاف، والتي قام التنظيم بتأجيرها للسكان وقبض الإيجارات منهم، إضافة  لسيطرته على صوامع ومطاحن الحبوب والأفران ومحطات الوقود وغيرها من المؤسسات الحيوية التي تدر له دخلاً يومياً ضخماً.
كما تأتي عائدات الزروع التي يزرعها المواطنون العراقيون والسوريون فى المناطق التي يسيطر عليها داعش، حيث يبيعها التنظيم إلى دول مجاورة عن طريق وسطاء إقليميين ودوليين بأقل من السعر العالمي؛ فيحقق ربحا خياليا. وقد قال مسئول بوزارة الزراعة العراقية: إن داعش يسطير الآن على حوالي ثلث إنتاج العراق من القمح.

8- المخدرات:

8- المخدرات:
كشفت  تقارير إعلامية أن تجارة  المخدرات- وفي مقدمتها الكوكايين- تعد رافدا جديدا من روافد تمويل تنظيم "داعش"، قائلة: إن تلك التجارة الرائجة في أوروبا تُسهم في تمويل أنشطة "داعش" والجماعات الإرهابية، فقد بسطت جماعات موالية لتنظيم الدولة الإسلامية سيطرتها على مساحات شاسعة في مالي في العام 2013 تعتبر أهم طرق تهريب وتجارة المخدرات والكوكايين إلى ساحل الشمال الإفريقي ومنه إلى أوروبا.
والأموال التي يحصل عليها مسلحو القاعدة من تجارة الكوكايين المحرمة ساعدت الجماعة على شراء الأسلحة، والتي مكنتها بالطبع من إحكام قبضتها على مساحات كبيرة من مالي، ومن الممكن استخدامها أيضا في تمويل ممارسات العنف الإجرامية ضد الدول الغربية ومصالحها في الخارج.
ومما يدل على تعاطي مقاتلي داعش المخدرات أثناء القتال، فقد عثر مقاتلون أكراد على كمية من الكوكايين في منزل أحد قياديي التنظيم في حي بوتان بمدينة عين العرب "كوباني".
وأظهرت الصور التي نشرتها صحيفة "ديلي ميل" العثور على هذه المادة البيضاء المخدرة في منزل القيادي الداعشي أمير أبو زهرة، والذي لقي حتفه في عملية عسكرية على الحدود السورية التركية، حيث المعارك العنيفة بين تنظيم داعش والقوات الكردية.

هل ستنجح العقوبات؟

هل ستنجح العقوبات؟
ويبقى السؤال الأكثر غموضا وهو: هل ستنجح العقوبات الدولية في تجفيف منابع "داعش"، الذي لا يعترف بالمجتمع الدولي بشكل عام والمؤسسات والدول، وتتم تجارته وتهريبه عبر جماعات ومافيا التهريب، التي تعتبر أحد أهم المنظمات والهيئات التي تسيطر وتدير العالم من خلف الستار؟
العراق كان من بين الدول المتبنية لمشروع قرار مجلس الأمن، وأسهم في إجراء تعديلات عليه. وقال مندوب العراق الدائم لدى الأمم المتحدة محمد علي الحكيم: "إن مشروع القرار يطالب دول العالم بعدة إجراءات أخرى، من بينها معاقبة الأشخاص والشركات والمصارف التي تتعامل ماليا مع "داعش" و"القاعدة "والمنظمات المرتبطة بها، إضافة إلى تجميد أي أموال ذات علاقة بهذه المنظمات.
وذكرت وزيرة العدل في فرنسا، كريستيان تاوبيرا، أثناء زيارتها للأمم المتحدة هذا الأسبوع، أنه "لا بد لنا من معاقبة أولئك المتورطين في نشاطات الإرهاب، وتجفيف منابع تمويلهم، ووقف عمليات تجنيدهم للإرهابيين في بلداننا".
فهل سينجح العالم في وقف نمو "داعش"؟ أم أن تنظيم الدولة الإسلامية بشبكة علاقته بالمنظمات والجماعات الإرهابية ومافيا التهريب المختلف وتجار السلاح والمخدرات سوف يحقق أهدافه، ويصمد أمام العقوبات الدولية، وينجح في تحقيق تواجده ومكانته في العراق والشام ومناطق النفوذ التي بايعته من الصين شرقا إلى المحيط الأطلسي غربا؟

شارك