مخاوف أوربية من تنامي نفوذ "داعش ليبيا" في "دِرنة"
الأحد 15/فبراير/2015 - 07:36 م
طباعة


حفتر
في وقت شهدت فيه عدد من المدن الليبية جملة من التحركات الميدانية، تجسدت في تظاهرات تطالب بتعيين اللواء خليفة حفتر قائداً للجيش، وتشكيل مجلس أعلى للقوات المسلحة الليبية، على أن يكون اللواء حفتر قائداً عاما للجيش، حذر مراقبون من استفحال الجماعات الإرهابية في مدينة درنة الليبية، الذي يسيطر عليها تنظيم "مجلس شورى الشباب المسلم"، الذي أعلن مبايعة زعيم تنظيم "الدولة الإسلامية" المعروف بـ"الداعش".
وتظهر أهمية مدينة "درنة" كون الجماعات المسلحة التي تتخذها مقراً لها بايعت تنظيم "داعش"، كما أن تلك المدينة توجد على بعد 300 كم من أوروبا، حيث تقع على سواحل البحر المتوسط.
ويبدو أن الوضع بات أكثر تعقيداً في مدينة درنة، كونها أقرب المدن الليبية إلى دول (تشاد والنيجر) ما جعلها ممراً آمنًا للعناصر الإرهابية، والمشهد الذي يعكس استفحال الجماعات الإرهابية هناك، هو تشكيل العناصر المسلحة في تلك المدينة، ما يسمى "الشرطة الإسلامية"، وأوضح خبراء الحركات الأصولية، أن قوام تلك الشرطة يتكون من خليط من العناصر الإرهابية القادمة من دول الجوار، في إشارة إلى بلدان (تونس والجزائر وتشاد والنيجر وسوريا ومصر).
استعراض قوة لعناصر "داعش ليبيا":

كان موقع (CNN) بث مقطع فيديو لحافلات محملة بعناصر مدججة بالسلاح، تطوف مدينة درنة، وقال خبراء إن هؤلاء الأشخاص ينتمون إلى تنظيم "مجلس شورى الشباب المسلم" الفرع الليبي لتنظيم "داعش".
وبث مقطع الفيديو تصريحات لأحد المشاركين في تلك المسيرة التي غلب على تسليحها أسلحة ثقيلة ومتوسطة وخفيفة، إن مئات المؤيدين للتنظيم يسيطرون علي مدينة درنا، ولهم الأنظمة الخاصة بهم من قضاء وشرطة وغيرها من قواعد الحكم الإسلامي علي حد زعمهم، كما أظهر الفيديو مئات من مؤيدين التنظيم يهتفون لأمير التنظيم أبو بكر البغدادي.
مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلي ليبيا، بيرناردينو ليون، قال إن الوقت بدأ بالنفاذ من الليبيين، وأن أعداد الموالين لتنظيم "داعش" في شرق ليبيا، في إشارة إلى مدينة "درنة"، سيشكل مشكلة أكبر في المستقبل.

انتشار تنظيم "داعش"، بقوة في مدينة "درنة"، أثار قلق العديد من الدول الأوربية، بينها إيطاليا، التي أعلنت استعدادها للانضمام إلى أية قوة تقودها الأمم المتحدة لمكافحة تهديد إرهابي فعلي، حسبما قال وزير الخارجية الايطالي باولو جنتيلوني، الذي أكد تخوفه من وجود المتطرفين على بعد عدة ساعات بالقارب من بلاده.
إلى ذلك، قال ضابط شرطة في مدينة "درنة" إن المجموعات المتشددة طلبت من أفراد الشرطة العودة لأعمالهم شريطة أن يطيل عناصر الشرطة لحاهم ويلبسون لباسا خاصا أعدته هذه المجموعات، عليه شارات وكتابات لتنظيم "داعش"، موضحاً في تصريحات صحافية أن الدعوة لم تلق استجابة من أفراد الشرطة، قائلاً "هذه المجموعات وضعت لافتة مكتوب عليها الشرطة الإسلامية على مبنى أحد المراكز".
وقال مراقبون إن مدينة "درنة" باتت منفصلة عن ليبيا، بفضل سيطرة عناصر تنظيم "مجلس شباب الإسلام" الإرهابي، حيث علق لافتة على مقر محكمة "درنة" مكتوبًا عليها "المحكمة الإسلامية"، وقد عممت صفحات تابعة لـ"داعش ليبيا" صورًا لم يتسنَ التأكد من صحتها، وهم يطبقون حدودا إسلامية، كالجلد والقتل.
وقد نقلت العديد من التقارير الإعلامية، عن شهود عيان من أهالي مدينة درنة، إن مدينتهم شهدت في الأيام الأخيرة عدة صدامات بين مجموعات إسلامية مما يشعر بأن انشقاقا في صفوفها بدأ يطرأ عليها بعد انكسارها في مدينة بنغازي أمام قوات الجيش الليبي، فيما كان سالم دربي أحد أكبر زعامات المتشددين بالمدينة قد طلب اللجوء السياسي من تركيا حيث يقيم حاليا بحسب مصدر في السفارة الليبية في اسطنبول، فيما فرت عناصر متشددة الى الأراضي الجزائرية قبل أيام بعد رفضهم مبايعة تنظيم "داعش" الإرهابي.
ويمكن تفسير تلك الصدامات، بأنها تعود إلى بداية نزاع بين تنظيم "مجلس شورى الشباب" الموالي لـ"داعش" وتنظيم "أنصار الشريعة" الموالي لـ"القاعدة" في محاولة لبسط النفوذ من كلا الجانبين.

في السياق، وفي آخر تحركات لتنظيم "مجلس شورى شباب الإسلام" في مدينة درنة، أصدر التنظيم بياناً يُمهل فيه العاملين في وزارات الدفاع والداخلية والعدل، مدة 5 أيام لإعلان "توبتهم وبراءتهم" مقابل أن تعصم "المحكمة" دماءهم وأموالهم.
واشترط البيان لقبول "التوبة" أن يقوم العامل في إحدى هذه الوزارات بتسليم بطاقته وسلاحه "قبل القدرة عليه"، وأن يصطحب معه من يكفله سواء شيخ عشيرته أو والده أو أحد أئمة المساجد ونحو ذلك.
وانطلق البيان في استتابة العاملين في هذه الوزارات من منطلق أن "الحكومة الليبية الديموقراطية بحكومتها وبرلمانها هي طاغوت معبود مطاع من دون الله"، وأن "جيشها وشرطتها هم عابدوها من دون الله"، وبالتالي هم "طائفة كفر وردة لامتناعهم عن التزام شرائع الإسلام".
ويرجع تاريخ تأسيس "مجلس شباب الإسلام" لأول "محكمة إسلامية" و"شرطة إسلامية"، إلى أكتوبر 2014، على ان تكون مهمتها مراقبة مدى الالتزام بتطبيق الأحكام الإسلامية في الشوارع والأماكن العامة، وقد نظم بعض القائمون على المدينة حملة تحت عنوان "مد الأيادي لبيعة البغدادي"، قام خلاله حشد من سكان المدينة بإعلان بيعتهم لزعيم "داعش" أبو بكر البغدادي.
"درنة" معقل الإسلاميين الراديكاليين:

ويقول خبراء في الحركات الأصولية إن مدينة "درنة" تجذب حالياً المؤيدين في الأوساط المتطرفة في ليبيا، وأن المدينة تحولت إلى "إمارة إسلامية" ومعقلًا لأنصار الدولة الإسلامية، حتى المراقبين الغربيين يعتبرون المدينة معقلا تاريخيا للإسلاميين الراديكاليين والجبهة الثالثة للدولة الإسلامية فى شرق إفريقيا بعد "جند الخليفة" في الجزائر وأنصار بيت المقدس في مصر.
وعلى الرغم من أنّ "داعش" لم يُعلّق على بيعة "شورى الشباب المسلم" لأبو بكر البغدادي، ولم يضمّوا المدينة رسمياً إليهم، تبيّن خطوة "شورى الشباب" حيث ينتهج طريقاً للتوسّع.
مجلس شورى شباب الإسلام:

عدد من التقارير يشير إلى أن تنظيم "مجلس شورى الشباب" أعلن عن نفسه عندما سيطر على مدينة درنة الليبية أكتوبر الماضي، ليكون بذلك جزءا من تنظيم "داعش".
ويرى آرون زيلين الباحث بالمركز الأمريكى، أنه بالرغم من أن قادة تنظيم "داعش" لم يعلقوا على هذه الخطوة أو أكدوا ضم هذه الأراضي إلى أراضي ما يسمونه بالدولة الاسلامية، اٍلا أن تحرك مجلس شورى شباب الاسلام يشير الى التوجه المستقبلي لتلك التنظيمات إزاء التوسع على عكس سياسة تنظيم القاعدة في السابق.
في أبريل 2014 نزل أعضاء مجلس شورى شباب الإسلام الى شوارع مدينة درنه مرتدين زيا عسكريا حاملين اسلحة آلية ومنصات اطلاق قذائف صاروخية وزعموا انهم سيشكلون قوات الامن الجديدة فى المدينة لتطبيق الشريعة الاسلامية.
في مايو 2014 بدأ أعضاء التنظيم في القيام بدوريات أمنية كما قاموا بتطبيق الحسبة والحدود.
في يونيه 2014 أصدر مجلس شباب الاسلام بيانا أعلن فيه تأييده "داعش" وزعيمه أبو بكر البغدادي.
وتقول عدد من التقارير إن جماعة "شورى الشباب المسلم" تُشبه بحركة طلاب العلوم الدينية التي تكونت في مدينة قندهار، بداية التسعينيات من القرن الماضي، وعرفت في ما بعد بحركة طالبان، وهي، كما هو معلوم، من الجماعات الدينية المتطرفة التي قاومت الوجود السوفيتي في إفغانستان، وساهمت في تحرير البلاد منهم ومن الحكم الشيوعي بقيادة نجيب الله.
ونظرا للفراغ الأمني الذي تلى اقتتال تلك الجماعات، إلى جانب غياب القانون، وانهيار مؤسسات الدولة العسكرية والأمنية، تمكنت جماعة طالبان من السيطرة، أولا، على ولاية قندهار، وفرض القوانين الإسلامية فيها، حسب فهمهم الضيق للشريعة، ثم واصلت زحفها حتى تمكنت من السيطرة على كابول، مرورا بهيرات، وأزاحت برهان الدين رباني وحليفه المؤقت حكمتيار.
وتشير تلك التقارير أن طالبان استغلت الخلافات الشديدة بين قادة الجهاد، الذين عرفوا بتغيير ولاءاتهم، التي وصفها جنرال باكستاني متقاعد بانهم يغيرونها، أي ولاءاتهم، كما يغيرون ملابسهم، حتى وصل الأمر إلى ما وصل إليه من تدخل الأمريكان، ودحر طالبان.