لبنان.. الفتنة أو السلام في يد "حزب الله" و"المستقبل"

الإثنين 16/فبراير/2015 - 04:05 م
طباعة لبنان.. الفتنة أو
 
يواصل الفرقاء في لبنان "حزب الله و"تيار المستقبل" جلسات الحوار الثنائي من أجل الخروج من الأزمة السياسية والتعقيدات الأمنية في لبنان، وأكد رئيس المجلس النيابي نبيه بري أن الحوار بين "حزب الله" و"تيار المستقبل" مستمر ويحقّق نتائج، مشيراً إلى أن موضوع الرئاسة سيكون مدار بحث، وليس اسم الرئيس العتيد.

انتخاب الرئيس

انتخاب الرئيس
يمر اليوم تسعة أشهر على الفراغ في قصر رئاسة الجمهورية اللبنانية وكأن الغائب المطلوب حضوره موظف من الدرجة الثالثة، تسعة أشهر من الفراغ المعنوي يملؤه الناشطون السياسيون بنظرياتهم وتوقعاتهم، فيما الوزراء والنواب يتابعون اجتماعاتهم ومشاوراتهم وتصريحاتهم، والخلاصة التي تتكرر: هناك أمل بالتوافق على مرشح للرئاسة يُرضي الجميع، ويرضى عنه الجميع، ولا مصلحة للبنان بالاستعجال تجنبًا للوقوع فيما هو أدهى.
في غضون ذلك بات من المؤكد أن "المستقبل" سيطرح في الجلسة المقبلة ملف انتخابات رئاسة الجمهورية، ليشعر المسيحيون أولا ولا سيما أفرقاء 14 آذار، بأنه لا يمكن التغاضي عن هذا الملف الحساس الذي يشغل سائر الأفرقاء. ولا جدول محدداً في الحوار يمنع أي طرف من تناول هذا البند.
و سيعاود حزب الله البحث ثانية في الملفات والأمور الأمنية؛ بُغْية الانتهاء منها، من الألف إلى الياء؛ لأن بعض الأصوات في "المستقبل" وكتلته النيابية لم تتوقف عن إثارة هذه النقطة، ولا سيما الذين لم يرحبوا من الأساس بفتح قنوات الحوار مع الحزب.

المستقبل يؤكد الحوار

المستقبل يؤكد الحوار
قال عضو كتلة «المستقبل» النيابية اللبنانية نضال طعمة: إن «مقاربة الحريري الحوار مع حزب الله كانت بوضوح العارف ماذا يريد؟ وجرأة المدلل على صعوبة المرحلة. وما تشكيلة الحضور، إلا مؤشر إلى الدور المحوري لقوى 14 آذار في مقاربة الملفات المقبلة».
واعتبر عضو الكتلة نضال طعمة أن الحريري «وضع النقاط على الحروف، راسماً أفق المرحلة الآتية، بتشدد الساعي إلى خير أهله ومصلحتهم، وبدبلوماسية المدرك لحساسيات المرحلة والواقع المأزوم. وقد صوّب البوصلة تجاه فلسطين، لتبقى القضية المركزية، وليرسم أفق الصراع الجديد المتمثل بدبلوماسية حكيمة تقودها السعودية ترجمتها صموداً ووحدة عرفها الأردن، واختبرها في أتون الصراع في المنطقة».
وكان الحريري قد أكد في خطابه أنه لن يعترف لـ «حزب الله» بأي حقوق تتقدم على حق الدولة في قرارات السلم والحرب، وتجعل من لبنان ساحة أمنية وعسكرية، «يسخّرون من خلالها إمكانات الدولة وأرواح اللبنانيين لإنقاذ النظام السوري وحماية المصالح الإيرانية».
وأضاف: أما ربط النزاع، فهو دعوة صريحة وصادقة لمنع انفجار النزاع. المهم بالنسبة لنا هو رفض الانجرار وراء الغرائز المذهبية، والامتناع عن تحكيم الشارع في الخلافات السياسية، مشددا على أن الحوار مع الحزب هو حاجة وضرورة في هذه المرحلة، معربا عن اعتقاده أن فوائده حتى الآن مناسبة لتأكيد مواصلة هذا المسار. إلا أنه اعتبر أن تدخل «حزب الله» في الحرب السورية جنون وربط الجولان بالجنوب جنون أيضا، مطالبا إياه بالانسحاب من سوريا والتوقف عن سياسات التفرد.

حزب الله: حوار جيد

حزب الله: حوار جيد
يؤكد نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، في احتفال تخريج الدورات الذي أقامه معهد سيدة نساء العالمين في مجمع المجتبى، أن الحوار بين حزب الله و"المستقبل" جيد وإيجابي ومفيد، "ولمسنا الجدية عند الطرفين وقرار الطرفين أن يستمرا بالحوار وأن لا يردا على "حرتقات" المتضررين من الذين لا يرغبون في الحوار".
ورأى الشيخ قاسم أن "لبنان في درجة مهمة من الاستقرار الأمني والسياسي، ولكن هذا الاستقرار قراره سياسي، لولا أن الأطراف المختلفة متفقة على الاستقرار السياسي، وهناك إجماع دولي إقليمي على أن الاستقرار في لبنان ينفع الجميع، لما وجدنا هذا الاستقرار؛ لأن معطيات المنطقة والتهابها تفترض أن ينعكس الأمر بسلبيته على لبنان وتحصل أشياء كثيرة، ولم تحصل بسبب القرار السياسي الداخلي والخارجي في آن معا".

حوار إعلامي

حوار إعلامي
فيما أكد مستشار رئيس حزب القوات اللبنانية العميد المتقاعد وهبي قاطيشا، أن سقف الحوار بين المستقبل وحزب الله هو نزع الصور والشعارات الحزبية، وهو بالتالي لن يتمكن من الوصول إلى المرجو منه على المستويين السياسي والأمني، وتحديدا على مستوى انتخاب رئيس للجمهورية، وضبط الأمن المتفلت في مناطق نفوذ حزب الله، بدليل أن الأخير بقي يعرقل انطلاق الخطة الأمنية في البقاع بانتظار فرار كبار المطلوبين للقضاء؛ ما يعني من وجهة نظر قاطيشا أن الحوار بين المستقبل وحزب الله على ضرورته وأهميته ما هو إلا مجرد شكليات ومصدر عناوين إعلامية.
ولفت قاطيشا، إلى أن رئيس تيار المستقبل سعد الحريري في خطابه الأخير وضع السيد نصر الله أمام خيارين لا ثالث لهما: إما استمراره بمعاداة اللبنانيين من خلال خروجه عن الشرعية، وإما عودته إلى تفاهمات داخلية تختصر المسافات في بناء الدولة المستقلة عن المحاور الإقليمية، التي حاول السيد نصر الله التأكيد على أنها واحدة لا تتجزأ من طهران مرورا بدمشق وبيروت وصولا إلى صنعاء، وهو ما عناه الحريري بكلامه: «نرفض أن نكون سلعة أو ورقة مساومات وتفاوض على طاولة أحد»، مشيرا في المقابل إلى أن هذا الخطاب أكد لحزب الله ومن معه على المستويين المحلي والإقليمي أنه ليس باستطاعتهم شراء الوقت من خلال حوار سقفه ردع الفتنة المذهبية.
في سياق متصل لفت قاطيشا إلى أن كلام الرئيس الحريري حول عدم استعجال حزب الله لانتخاب رئيس للجمهورية، يؤكد المؤكد بأنه لا رئيس للجمهورية على المدى المنظور، معربا في المقابل عن أمله في أن يتوصل الحوار بين القوات اللبنانية والتيار العوني إلى فتح كوة في جدار الفراغ الرئاسي.

حوار مقلق

حوار مقلق
العودة إلى نموذج العام 1975 مقلق. الحرب الأهلية في لبنان، حيث حين كان الجميع يسمي الأحداث الأمنية والعسكرية التي كانت تجري ببين الفرقاء اللبنانيين بالجولات. لم يكن أحد مقتنعاً أن ما يجري هو حرب حقيقية، إلا بعد أن وصل الدم إلى الركب. 
واليوم مع سير الحوار بشكل أعرج يخشي اللبنانيون من أن يشتعل فتيل الفتنة، في ظل الركون إلى المواقف الدولة والتي قد تتأثر بأي تعديل في الأجندة الدولية سيبدأ معها اشتعال الحرب الأهلية ويغرق لبنان في فتنة جديدة، كل مقوماتها تبدو جاهزة، إنه نظريا وأيديولوجيا من خلال التعبئة المذهبية، أو عمليا من خلال السلاح المنتشر بكثرة بين اللبنانيين، والذي أصبح منظما وموجها أكثر من أي وقت مضى.
بالرغم من كل التوتر الذي يحيط بلبنان، فإن الهدوء النسبي الذي يعيشه، يبدو أكبر من أن يُصدَّق، لكنه يعطي أيضاً أملاً، ليس لأبنائه فقط إنما للدول التي يسودها التوتر. باختصار، ثمة من يؤكد أن المطلوب أن يتحول لبنان إلى نموذج لتخطي الحرب في المنطقة، والأهم أن ثمة من يثق بقدرته على القيام بهذا الدور.
إنهاء التوتر" السني- الشيعي" ليس أولوية عند جميع مكونات «14 آذار»، لكن نيار «المستقبل»، صار على قناعة بأن علة وجوده تنتفي مع أي حرب مذهبية؛ لهذا فهو يرى أن أهمية الحوار الذي يعقد بين «المستقبل» و«حزب الله» تكمن في أنه في حال حدوث أي أمر خطير، فإن خطوط التواصل ستكون قائمة، بعكس ما كانت عليه في السنوات السابقة.
وإذا كان طرفا الحوار قد استغرقا وقتا طويلا في مناقشة بند تنفيس الاحتقان المذهبي، واتخاذ الإجراءات اللازمة لتخفيف حدته، من قبيل القرار بإزالة الشعارات والصور والأعلام الحزبية.. فقد أتت تصريحات زعماء الفريقين لتطرح تساؤلات حول جدوى نزع العلامات الحزبية المستفزة، ما دامت الأدبيات المستفزة لا تزال رائجة، مخلّفة وراءها احتقانا يتجاوز مفعول الشعارات والصور والأعلام!

أهمية الحوار

أهمية الحوار
النائب الدرزي وليد جنبلاط، رئيس "جبهة النضال الوطني" رأى أن أهم ما في كلمة الرئيس سعد الحريري تأكيده المضي في الحوار مع حزب الله، ولم يعلق على الانتقادات التي وجهها الحريري إلى الحزب، معتبرا أن المهم هو أن يستمر تيار المستقبل وحزب الله في الحوار، لمعالجة الأمور التي من الممكن معالجتها.
وشدد جنبلاط على ضرورة اعتماد سياسة واقعية في هذه المرحلة، "بحيث نقارب المسائل التي هي بمتناولنا من الحوض الرابع إلى الخطة الأمنية في البقاع وتنفيس الاحتقان، مرورا ببناء السدود لحماية الخيرات بعد الأمطار الكثيفة هذه السنة، أما السياسة العليا فليست عندنا".
وأكد رئيس "جبهة النضال الوطني" أن هذا الاستحقاق الرئاسي ليس شأناً مسيحياً فقط بل يخص جميع مكونات اللبنانيين، في انتظار ما ستحمله نهايات الحوار المفتوح بين "التيار الوطني الحر" و"القوات اللبنانية" ولقاء زعيميهما، مع طرح السؤال: ماذا سيقدم "المستقبل" و"حزب الله" من عامل جديد يساعد في شق الطريق إلى الانتخابات إذا لم ينجح عون والدكتور سمير جعجع في تقديم جواب عن هذه المعضلة حتى الآن؟

المشهد اللبناني

المشهد اللبناني
يبدو أن الأيام القادمة صعبة على اللبنانيين في ظل الأوضاع الأمنية والسياسية الداخلية والإقليمية والدولية، واتساع الصراع بين الجماعات والفصائل المسلحة في العراق وسوريا، وهو ما قد يؤدي إلى وصول نار الاقتتال إلى الداخل إلى لبنان، البلد الذي عانى كثيرا من الحرب الأهلية خلال ثلاثة عقود.. فهل سينجح الحوار اللبناني في نزع فتيل الفتنة في بلاد الأرز؟ أم أن الدور الإقليمي والدولي سيكون له رأي آخر باتساع رقعة الصراع في منطقة ملتهبة منذ أربع سنوات وتعج بالصراعات والدماء؟

شارك