تحركات دولية لوقف تمدد "داعش".. ودعوات بتوسيع المواجهة فكريًا ودبلوماسيًا
الإثنين 16/فبراير/2015 - 09:28 م
طباعة

في إطار استنفار المجتمع الدولي بعد بث فيديو تنظيم داعش الإرهابي لذبح 21 مسيحيًا مصريًا، صعَدت مصر من لهجتها في التعامل مع داعش، من خلال غارات جوية استهدفت معاقل التنظيم الإرهابي في بعض المناطق بليبيا، بالتوازي مع مشاورات سياسية ودبلوماسية مع دول عربية وأوروبية من أجل اتخاذ قرارات أممية جديدة لمكافحة الإرهاب تحت مظلة مجلس الأمن.

وفي الوقت ذاته طرح خبراء ومراقبون تساؤلات عديدة بشأن جدية المجتمع الدولة في مواجهة معاقل التطرف في ليبيا وسوريا والعراق، والحديث عن خطوات كثيرة ينبغي القيام بها بالتوازي مع الضربات العسكرية، فهناك حاجة إلى اقتلاع كل أفكار التطرف، ووقف كل أشكال الدعم الذى تقدمه دول وأجهزة لتنظيم داعش وغيرها من التنظيمات الارهابية، إلى جانب فضح الممارسات الإعلامية الفجة من قبل قنوات فضائية عربية وأجنبية تروِّج لما تقوم به هذه الجماعات.
ففي تطور سريع للأحداث دعا كل من الرئيس عبد الفتاح السيسي والرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند إلى عقد اجتماع لمجلس الأمن للبحث في اتخاذ "تدابير جديدة" ضد تنظيم داعش، وأدان هولاند القتل الوحشي لمصريين في ليبيا على يد تنظيم داعش وقال إن بلاده وحلفاءها عازمون على محاربة المتشددين، موضحًا أن هذه الجريمة تشير إلى امتداد عمليات داعش في ليبيا، وهو ما سيقابل بشن حرب على هذه الجماعات بالتعاون مع دول آخري.
من جانبه قال وزير الدفاع الفرنسي جان ايف لودريان "تقع ليبيا على الضفة المقابلة للمتوسط وهي قريبة جدًا منا، من هنا ضرورة البقاء في حالة يقظة دائمة واهمية التحالف مع دول الائتلاف كما تفعل مصر".

وفى هذا السياق أعربت إيطاليا الشريكة المميزة لليبيا عن قلقها حيال تنامي نفوذ الجهاديين مؤكدة استعدادها لـ"محاربة" الإرهاب في إطار الأمم المتحدة، وحضت أوروبا على جعل الأزمة الليبية أولوية، وهو ما ترجمته تصريحات رئيس مجلس الوزراء ماتيو رينزي بقوله "أكدنا لأوروبا والمجتمع الدولي أنه يتعين علينا أن نستفيق، لأن أمرًا خطيرًا جدًا يحدث ومن غير المنصف ترك تسوية كافة المشاكل لنا بذريعة إننا الأقرب، والأمر يتطلب دورا أقوى من الأمم المتحدة وايطاليا مستعدة في إطار بعثة للأمم المتحدة للاضطلاع بدورها من اجل الدفاع عن فكرة الحرية في منطقة المتوسط".
كذلك أعربت وزيرة الدفاع روبرتا بينوتي عن استعداد بلادها لتشكيل ائتلاف مسلح وإرسال خمسة آلاف رجل على الاقل للقتال في ليبيا.
تأتى هذه الخطوة في إطار المحاولات الايطالية لتحريك الاتصالات الدبلوماسية التي قد تساعد في اعادة الاستقرار الى ليبيا التي لا تبعد اكثر من 350 كلم عن شواطئها، لتجنب موجة "هجرة كثيفة.

على الجانب الآخر دعمت الحكومة الليبية التحرك المصري والدولي لمواجهة التنظيمات الارهابية، واعلن العميد ركن صقر الجروشي رئيس أركان القوات الجوية الليبية التابعة للحكومة الليبية المعترف بها دوليا، أن طائرات سلاح الجو الليبي ساعدت الطائرات المصرية في قصف مواقع "داعش" فجر اليوم، موضحا أن الطيران الليبي قصف أهدافا في سرت وبن جواد في وسط البلاد، مشيرا إلى أن العمليات مستمرة ضد أهداف التنظيم في ليبيا، وأن الغارات ستتم بالتنسيق مع مصر وستستمر ضربات أخرى خلال الفترة المقبلة.
وتأتي هذه التحركات قبل ساعات من بدء أعمال قمة مكافحة التطرف التي يستضيفها البيت الأبيض على مدى 3 أيام، وهى القمة التي دعت لها الولايات المتحدة عقب حرق داعش للطيار الأردني معاذ الكساسبة أول الشهر الحالي.
ومن المنتظر أن تناقش القمة الجهود الدولية لمنع الجماعات المتطرفة وأنصارها من جذب وتجنيد أفراد أو جماعات داخل الولايات المتحدة وخارجها للقيام بأعمال إرهابية، وهي الجهود التي أصبحت واجبة في ضوء الهجمات المأساوية الأخيرة التي وقعت في مختلف أنحاء العالم.

يأتي ذلك في الوقت الذى تحذر فيه تقارير استخباراتية من توسع عمليات التنظيم خارج سوريا والعراق، وهو ما كشفت عنه صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، بتأكيدها أن تنظيم داعش بدأ في التوسع متجاوزاً حدود قاعدته في سوريا والعراق، ليقوم بإنشاء أفرع له في أفغانستان، والجزائر، ومصر، وليبيا، وهو ما ينذر بشنّ حرب عالمية جديدة على الإرهاب.
ونقلت الصحيفة عن خبراء أمن وتقارير استخباراتية تشير إلى أن عدد مقاتلي التنظيم في سوريا والعراق يتراوح بين 20 ألفاً و31.5 ألف، وإنه تم الإعلان عن بيعات تأييد رسمية مما لا يقل عن بضع مئات من المتطرفين في دول مثل الأردن، ولبنان، وتونس، واليمن.
وفى هذا الإطار قال فنسنت ستيوارت، مدير وكالة استخبارات الدفاع الأميركية، إن تنظيم داعش بدأ يضع بصمة يتزايد وضوحها على الساحة الدولية.

وتسبب الانتشار المفاجئ لأفرع تنظيم داعش والمسلحين التابعين له في ممارسة البيت الأبيض لضغوط بهدف منح أوباما وخلفه تفويضاً جديدًا من أجل مطاردة التنظيم أينما ظهر له أتباع، تماماً مثلما فعل جورج بوش الابن في مطاردته لأفرع تنظيم القاعدة خارج مقرات التنظيم، التي كانت موجودة في البداية في أفغانستان ثم في باكستان، على مدى العقد الماضي.
ويقول محللون في مكافحة الإرهاب إنه يستخدم هيكل تنظيم القاعدة من أجل توسيع نطاق تأثيره الجغرافي، ولكن دون الالتزام الصارم بطريقة التنفيذ التي اتبعها تنظيم القاعدة والتي استغرقت عدة سنوات، ويمكن لهذه الطريقة أن تسمح بنمو الأفرع بشكل أسرع وأسهل وعلى نطاق أوسع.
وتشير "نيويورك تايمز" إلى أنه ربما يتحول أي تفويض لاستخدام القوة العسكرية الأمريكية ضد تنظيم الدولة إلى غطاء للتدخل في ليبيا، حيث أعلنت التنظيمات المسلحة العاملة هناك البيعة لتنظيم داعش، وحصلت على اعتراف عام باعتبارها "أقاليم" تابعة لدولة الخلافة المفترضة، ورغم عدم وجود أدلة أو ربما بعض الأدلة القليلة على أن قادة تنظيم داعش في سوريا والعراق يسيطرون عملياً على أقاليمه الموجودة في شمال أفريقيا، فإن نفوذ التنظيم واضح بالفعل من خلال عملياته ومن خلال زعزعة استقرار الدول الموجودة حوله.