القبيلة .. مفتاح الصراع والحل في الأزمة اليمنية

الخميس 19/فبراير/2015 - 06:56 م
طباعة القبيلة .. مفتاح
 
القبائل أو العشائر، ذلك التجمع الذي يحتفظ بدوره في الحياة اليمنية، والجزيرة العربية بشكل عام واليوم وفي ظل الأوضاع السياسية والأمنية المعقدة في اليمن، باتت القبائل مفتاح الصراع والحل في الأزمة اليمنية.

قبائل تشكل مليشيات:

قبائل تشكل مليشيات:
ومع فشل الفرقاء السياسيين باليمن في التوصل إلى اتفاق، ومع إصرار جماعة انصار الله" الحوثيين" علي الاعلان الدستوري، وعدم التراجع عنه، وفي ظل مساعي مليشيات الحوثيين في السيطرة والتوسع بالمدن اليمنية، وخاصة خارج الرقعة الزيدية، أعلنت قبائل يمنية جنوبية، تجهيزها 3 آلاف مقاتل و200 دورية لحماية محافظة شبوة جنوبي اليمن من خطر "المليشيات المسلحة" من خارج المحافظة، في إشارة إلى جماعة "أنصار الله"، المعروفة بـ"الحوثي". 
وذكرت قبائل العوالق (كبرى قبائل محافظة شبوة) في بيان لها، أن "القبائل أعدت 3 آلاف مقاتل لحماية المحافظة من المليشيات المسلحة من خارجها"، مضيفه : "لن نسمح لأي ميليشيا بدخول المحافظة، وسنقاتل كل من يحاول دخول مديريات شبوة من خارجها". 
وعبر البيان عن رفضه لما أسماه "الانقلاب الحوثي على سلطات الدولة"، وطالب برفع الإقامة الجبرية عن الرئيس عبد ربه منصور هادي من قبل مسلحي الحوثي. وجاء هذا الموقف خلال تنظيم قبائل العوالق حشد مسلح في مديرية نصاب، الواقعة على بعد نحو10 كم، من مدينة عتق عاصمة محافظة شبوة. وتأتي هذه الأحداث، بعد نحو أسبوع من سيطرة جماعة الحوثي على محافظة البيضاء، وسط اليمن، تحت غطاء الجيش اليمني، وهي المحافظة المفتوحة على عدد من المحافظات الجنوبية بينها "شبوة"، التي يرفض سكانها تواجد مسلحي الحوثي، ومحافظة شبوة من المحافظات الغنية بالنفط، إضافة إلى وجود ميناء "بلحاف" فيها، والذي يتم عبره تصدير الغاز المسال المستخرج من محافظة مأرب، عبر منشأة بلحاف، التي تديرها شركة "توتال" الفرنسية.
وأكدت قبائل مآرب إصرارها على واجب الحماية من أي عدوان، يستهدف المحافظة تحت أي مبرر، وكذا رفع الجاهزية تحسباً لأي طارئ، مؤكدين أن الوضع غير مطمئن في اليمن عموماً في ظل تزايد الانتهاكات اليومية التي يتعرض لها المواطن والمؤسسات والمنشآت العامة والخاصة في مناطق عدة من قبل جماعة الحوثي.

قوة القبيلة:

قوة القبيلة:
يشكل أبناء القبائل اكثر من 85 % من الشعب اليمني، حسب بعض الإحصائيات فإنه يتواجد ما يقارب 200 قبيلة في اليمن وبعضها أحصى أكثر من 400 قبيل، فاجتماعهم تحت مظلة سياسية وطنية واحدة، امر مفصلي في استقرار اليمن واعادته لحياة الاستقرار التي فقدها  خلال الاربع سنوات الماضية.
وتعتبر القبيلة اليمنية ذات أهمية سياسية في بناء الدولة، وهي تشكل جزءًا من سلطتها، وتلعب دورًا رئيسيًا في صناعة القرار السياسي، وتمتلك تأثيرا في منح الشرعية لسلطة ما، أو في معارضتها أو حتى في وقف كل قرار يتعارض مع مصالحها.
وفي بحث "القبيلة والسلطة... القوة والضعف"، يقول أستاذ علم الاجتماع السياسي في جامعة عدن، الدكتور سمير الشميري، إن القبيلة في اليمن حافظت على بقائها لعدة عوامل سياسية واقتصادية واجتماعية، منها: اشتراك القبائل في السلطة، ودورها في الصراعات الداخلية إلى جانب المساعدات الخارجية، بالإضافة إلى قوة العادات والتقاليد والتضامن القبلي ونزعة الانعزال وانتشار الأمية.
ولعبت القبائل في اليمن دوراً في دعم ثورة سبتمبر 1962 التي أطاحت بالنظام السياسي الذي حكم شمال اليمن والذي عُرف" بحكم الائمة الزيديين" لصالح الحكم الجمهوري، إبان الثورة وما تلاها من صراعات امتدت لسنوات استفاد بعض الثوار من إثارة الحساسية القبلية (القحطانيين) – الهاشمية (العدنانيين)، لكسب تأييد القبائل ضد "حكم الائمة"  الهاشميين النسب كما يُشترط، علماً أن الثوار كان بينهم الهاشميون وغيرهم. 
وفي العام 1963، دعمت القبائل ثورة 14أكتوبر (تحديداً في مناطق الجنوب) والتي خرجت ضد الاستعمار البريطاني، وفق ما جاء في ندوة استضافتها صنعاء عام 2008، حول الدور السياسي للقبيلة في اليمن.
وقد كانت القبائل السند القوي الذي اعتمد عليه الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح في استمرار حكمه قرابة 31 عاما، لذلك انشأ صالح في ثمانينات القرن الماضي -بقرار جمهوري- مصلحة شؤون القبائل كمؤسسة حكومية تضم شيوخ ووجهاء من القبائل، لها سلطة في صناعة القرار في البلاد، وبذلك بنى علاقات مصلحية مع زعماء القبائل.
يذهب بعض الباحثين إلى أن دور القبائل تراجع بعد الوحدة عام 1990 وبعد حرب الوحدة في 1994، لكن آخرين استبعدوا ذلك، وأشاروا إلى أبرز مشاهد استمرار النفوذ السياسي للقبائل مشاركة قبائل "حاشد"  في اللعبة السياسية باليمن، فانتخب الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر، شيخ قبيلة "حاشد" رئيسا للبرلمان اليمني لمرات عديدة.
وفي السنوات الاخيرة كان للقبائل في اليمن دور واضح في حل مشكلة اختطاف الأجانب، والضغط على الحكومة لتحسين الوضع الاجتماعي والاقتصادي لمناطقها، والدفاع عن أبنائها أمام السلطات.
وقد شاركت في الاحتجاجات التي اندلعت ضد نظام الرئيس عبد الله صالح في فبراير 2011 وطالبت بإسقاطه.
كما شاركت في الحوار الوطني، وواجهت جماعة الحوثي، خاصة في عامي 2013-2014، بعدما سعت جماعة الحوثي إلى بسط نفوذها على مناطق مختلفة من البلاد.
في كتابه: "الحوثيون واليمن الجديد صراع الدين والقبيلة والجوار"، يقول د. سعود المولى إن السلطة اليمنية تشكلت من تحالف رموز عسكرية وقبلية وتجارية ورجال دين. ويضيف أن الأحزاب سعت لتوظيف القبائل لتحقيق مآربها ، بالمقابل سعت القبائل للاستفادة من الأحزاب في مراكز السلطة.
وفي اليمن يمنح قانون الانتخاب شيخ القبيلة صلاحية تحديد سن الناخب، وفي أي انتخابات تعتبر القبيلة أهم عامل مؤثر، وهو ما يفسر حصول مشايخ القبائل على أكثر من نصف مقاعد البرلمان اليمني. وعندما تعجز الدولة عن لعب أدوراها في المناطق النائية فإنها تعطي سلطات لمشايخ المنطقة بلعب دور الدولة وهذا ما اثر على ضعف قوه الدولة وزيادة قوه القبلية.

القبائل والازمة:

القبائل والازمة:
مع اتساع رقعة الصراع بين جماعة انصار الله "الحوثيين" الذي يتمتعون بدعم قبلي وخاصة في الشمال والرقة الزيدية، يقابله رفض في جنوب وشرق اليمن من القبائل "الشافعية".
وتظهر من وقت لأخر وجود صدام وصراع بين القبائل في المناطق خارج الرقعة الزيدية مع مليشيات الحوثي، فقبائل مأرب توحدت في جبهة واحدة ضد الحوثيين، من أجل الدفاع عن وجودهم ومكاسبهم مع تهديدات الحوثيين باجتياحها والسيطرة عليه.
واصبحت القبلية لافته في اليمن، من خلال صعود الدور السياسي والأمني والاجتماعي للقبيلة، ووجود دعم خارجي لعددا من الاطراف الاقليمية الرافضة لتحركات الحوثيين، مما يشير الي ان القلبية ستكون أحد اهم العقبات التي ستؤدي إلى فشل الحوثيين في الوصول إلى السلطة أو انقسام اليمن إلى  شمال ذي أغلبية زيدية وقبائل متعاونة مع الحوثيين، جنوب وذات أغلبية شافعية.

الصراع والحل:

الصراع والحل:
في ظل استمرار جلسات مفاوضات القوى السياسية اليمنية تحت رعاية أممية، بهدف التوصل إلى حل للتغلب على الأزمة الناتجة عن استقالة الرئيس عبد ربه منصور هادي، والحكومة منذ 22 يناير الماضي، وإصدار جماعة "الحوثيين المسلحة" إعلانًا دستوريًا في 6 فبراير الجاري، من جانب واحد، ورفض كل القوى السياسية المحلية لهذا الأمر، الذي وجد رفضًا عربيًا ودوليًا على نطاق واسع.
يظهر الدور  القبلي الذي سيكون احد عوامل الحل في الازمة اليمنية اذا تم اجتماع قوي لقبائل اليمنية علي مختلف مشاربها ومذاهبها، فكلمة شيخ القبيلة وتعهده يعتبر ميثاق نافذ، أما حوار السياسيين فهو لا يجدي في محطات تاريخية.
وكما أن الدور القبلي ربما يكون الحل، قد يكون أيضا سببًا في إدارة واستمرار الصراع إذا تم تجاهل القبائل، والاتفاق دون وجود دور لهذه القبائل التي تعتبر أي مكان لديها هو مكان نفوذ، وفي ظل حالة غياب الدولة الوطنية والقومية في اليمن، مع ظهور بوادر المذهبية والطائفية، والصراع بين الأيدولوجيات قد تستدعي القبيلة لكل مقومات الصمود والصراع من أجل الحفاظ علي مكانتها، وقد تتشكل اخلاف من قبائل عدة ومعها تسقط الدولة اليمنية في مستنقع الصراع.

شارك