مكافحة الإرهاب وصون الحريات أبرز تحديات الحكومة التونسية
السبت 21/فبراير/2015 - 07:25 م
طباعة

بالتزامن مع توتر منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمخاطر الإرهاب والميليشيات المسلحة، بدأت التساؤلات الخاصة بأولوية مكافحة الإرهاب تفرض نفسها على الساحة التونسية، بعد أسابيع قليلة من تشكيل حكومة جديدة على إثر الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي شهدتها البلاد مؤخرا.
ويرى مراقبون تونسيون أن الفترة الماضية تميزت بعدم وجود وحدة سياسية لمواجهة الخطط الإرهابية نتيجة الخلافات بين الفرقاء السياسيين، إلى جانب التراشق بالتهم فيما بينهم حول مَن المستفيد مِن الإرهاب في الوقت الذي كانوا يشتركون فيه في التمسك بالمسار السلمي والديمقراطي والسعي إلى إنجاحه؟ وبالرغم مما تعيشه تونس اليوم من وضع سياسي جديد يتمثل في الخروج من المرحلة الانتقالية والمرور إلى مرحلة الاستقرار السياسي بعد انتخاب البرلمان الجديد ورئيس الجمهورية والانطلاق في تركيز المؤسسات الدستورية، إلا أن العملية الإرهابية الأخيرة التي استشهد فيها أربعة من عناصر الحرس الوطني، أعادت من جديد تساؤلات بشأن كيفية تعامل الأحزاب والقوى السياسية التونسية مع الموقف الراهن وسبل مكافحة الإرهاب.

وتماشيا مع مخاطر الإرهاب التي تُعَرِّض الاستقرار التونسي للخطر، تظاهرت اليوم أحزاب سياسية تونسية من أبرزها حزب نداء تونس، وحركة النهضة، وعدد مِن مُنظمات المجتمع المدني في شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة للتنديد بالإرهاب، وسط إجراءات أمنية مشددة على خلفية مقتل 4 عناصر أمنية الأربعاء الماضي على يد مسلحين، وانطلقت المسيرة التي دعا إليها نداء تونس وحركة النهضة، من أمام تمثال ابن خلدون بشارع بورقيبة وصولًا إلى مبنى وزارة الداخلية.
وردد المحتجون شعارات رافضة للإرهاب من بينها "تونس حرة حرة، الإرهاب على برة"، "بالروح بالدم نفديك يا تونس"، وفرضت عناصر الشرطة طوقًا أمنيًا كبيرًا حول المتظاهرين، فيما انتشرت سيارات الأمن ومدرعاتها، في كامل أنحاء شارع بورقيبة.
من جانبه قال بوجمعة الرميلي، المدير التنفيذي لحزب نداء تونس: "سننتصر على الإرهاب ولن يجد موطئ قدم في بلدنا، وَهذه المسيرات الشعبية دليل على أن الإرهاب لا يتمتع بحاضنة شعبية، داعيا مجلس نواب الشعب إلى التسريع في المصادقة على قانون الإرهاب، لتفعيله وحماية رجال الشرطة والجيش من مخاطر الجماعات الإرهابية.
ويرى أمين عام حزب الإصلاح والتنمية محمد القوماني أنه على الرغم من أن المسألة الأمنية تبقى مهمة في الوقت الراهن، فإن تأكيد الحكومة والرئاسة والبرلمان على الأولوية في مجابهة الإرهاب سيكون بالضرورة على حساب أهداف الثورة.
كذلك يرى خالد شوكات القيادي في حركة نداء تونس أن برنامج الحكومة منصب أساسا على دفع التنمية بالمناطق الفقيرة، ودفع الاستثمار والتشغيل وتحسين ظروف عيش الناس، وأن تحقيق تلك المطالب يستوجب قدرا من الاستقرار، باعتبار أن كليهما له تأثير على الآخر، وبين أن الحكومة لم تنزع الأهمية عن مطالب الثورة لكنها تسعى للعمل على جبهتين؛ لأنه تم جر البلاد لحرب مفتوحة ضد الإرهاب.

رئيس الحكومة الحبيب الصيد
من جانبه تقدم رئيس الحكومة الحبيب الصيد مقترحا بإنشاء مجلس للأحزاب يتحاورون فيه حول القضايا الأساسية التي تواجهها البلاد، في محاولة لتوحيد المواقف منها والتوصل إلى حلول يدعمها الجميع، وهو ما يجعل ظاهرة الإرهاب من أبرز الملفات التي قد تطرح على هذا المجلس في صورة تشكيله.
وفي هذا السياق أكد عبد المجيد الصحراوي القيادي بنداء تونس على أهمية أن يقوم المجتمع المدني والأحزاب بواجبهم، وينظموا مؤتمرا واسعا ضد الإرهاب؛ لكي يتحمل الجميع مسئولياتهم، ومن الضروري أن تتحمل الأحزاب مسئوليتها، خاصة تلك التي تلتقي معا.
وحول مقترح الحبيب الصيد بتكوين مجلس للأحزاب قال: "هو مقترح مقبول ونحن كنا دعونا إلى ما يشبه هذا المقترح مؤتمر وطني لمناهضة الإرهاب، وهو بمثابة الهيئة التشاورية التي يتم خلالها تبادل المعطيات ومناقشة الحلول، ولا يمكن إلا أن نكون مع هاته المبادرة، لكن هذا لا يعفي الحكومة من مهامها المباشرة، خاصة مسألة تعزيز القدرات العسكرية لقوات الأمن والجيش ومعالجة المشاكل التنموية".
التحديات كثيرة أمام الحكومة التونسية، وملفات عديدة عليها إنجازها، وسط ترقب الشارع بشأن مستقبل الإصلاح السياسي والتشريعي والاقتصادي الذي ستقوم به الحكومة، بعد سنوات من عدم الاستقرار.