اليمن .. عودة هادي هل يتكرر سيناريو 1994؟

الإثنين 23/فبراير/2015 - 12:32 م
طباعة اليمن .. عودة هادي
 
يعيش اليمن هذه الأيام أجواء حزينة ويائسة في ظل صراع سياسي، انعكس ميدانيا وشعبيا واجتماعيا، ودخلت القبائل ليكون لها دور كبير في اتساع هوية الصراع الذي بدأ مع إعلان الرئيس اليمني الاستقالة ثم إعلانه تراجعه وعقد أول اجتماع له مع المحافظات الجوبية مساء الأحد 22 فبراير 2015، وتوعد جماعة أنصار الله "الحوثيين" التي تسيطر علي العاصمة صنعاء.

أحداث 1994

أحداث 1994
في 7 يوليو 1994 دخلت القوات اليمنية مدينة عدن بعد حرب ضروس استمرت لشهرين متتالين أسفرت عن هزيمة قوات الانفصال بقيادة الرئيس الجنوبي الأسبق علي سالم البيض، ودخول القوات الحكومية الشمالية والموالية لها إلى عدن.
وكان الحزب الاشتراكي اليمني قد أعلن في 21 مايو من العام 1994 الانفصال عن دولة الوحدة، والعودة إلى التشطير الجنوبي والشمالي الذي وُحد في 22 مايو من العام 1990 بين النظام في الشمال، والحزب الاشتراكي الجنوبي في الجنوب .
وحرب صيف 1994 وتعرف أيضاً بحرب 1994 أو حرب الانفصال اليمنية، هي حرب أهلية حدثت في شهري مايو ويوليو بين الحكومة اليمنية والحزب الاشتراكي اليمني خلفت ما بين 1000 إلى 7000 قتيل .
وانتصرت الحكومة اليمنية التي تصف الحرب بحرب الدفاع عن الوحدة، بينما يصفها بعض من أبناء المحافظات الجنوبية- بحسب وصفهم- بحرب احتلال الكثير من الأراضي والممتلكات اقتطعت لصالح مسئولين ومشايخ قبليين من المحافظات الشمالية .

هادي في عدن

هادي في عدن
في 2015 الوضع اختلف تماما حيث سيطرت جماعة دينية "الحوثيون" على الحكم في شمال اليمن، وأحكموا سيطرتهم على العاصمة صنعاء ومؤسسات الدولة؛ مما أدى إلى استقالة الرئيس اليمني في 22 يناير 2015، وهو ما أدى إلى إصدار أنصار الله "الحوثيين" إعلانا دستوريا يقضي بتشكيل مجلس رئاسي انتقالي وبرلمان مكون من 551 عضوا، ولكن مع دخول مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن جمال بنعمر في مفاوضات وجلسات حوار مع الأطراف والقوي السياسية في اليمن، تم الاتفاق علي تشكيل مجلس انتقالي مع الإبقاء على مجلس النواب القديم، ليشكل الاثنان "مجلسا وطنيا" لقيادة البلاد في المرحلة الانتقالية بعد سيطرة الحوثيين على السلطة.
فالرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، كان يحكم اليمن من العاصمة صنعاء وكان الرئيس الشرعي في البلاد وكان هناك دعم شعبي للوحدة، فيما كان حركة الرئيس اليمني الأسبق علي سالم الأبيض- آخر رئيس لجمهورية اليمن الجنوبي قبل الوحدة في 1990- ووصف تحركات "سالم البيض" بالانفصالية فأدى ذلك إلى دعم قوي للسلطة الحاكمة في الشمال رغم سرعة اعتراف السعودية بدولة اليمن الجنوبي، وانفصال اليمن، وهو المشهد الذي تكرر ولكن في اتجاه الرئيس هادي من خلال تجديد المملكة العربية السعودية دعمها لـ"الشرعية اليمنية". وقال وكيل وزارة الخارجية السعودية للعلاقات المتعددة الأطراف الأمير تركي بن محمد، في تصريح صحفي: "دول مجلس التعاون الخليجي عبّرت عن دعمها الكامل للشرعية"، مضيفا: "نتطلع أن يقوم المجتمع الدولي وبالأخص مجلس الأمن بدوره للوصول إلى قرار يعيد الشرعية".
والآن الرئيس الشرعي لليمن عبدربه منصور هادي في مدينة عدن بجنوب البلاد، ومن يسيطر على مؤسسات الدولة في الشمال هي جماعة دينية سياسية، لديها قوة عسكرية وهناك من يساندها من القبائل، وبعض القوى السياسية، وتتحكم في الأجهزة الأمنية في الشمال، فيما الجنوب أعلن تأييده للرئيس هادي وكانت المناطق العسكرية في جنوب وشرق اليمن أعلنت رفضها لتسلم أي أوامر أو تعليمات من صنعاء حيث يسيطر عليها ويحكمها الحوثيون.
واجتمع هادي بمحافظي عدد من محافظات الجنوب والقادة العسكريين بمنتجع رئاسي في العاصمة الاقتصادية عدن في اجتماع أذيع على قناة تلفزيون محلية بالمدينة. وكان هادي قدم استقالته الشهر الماضي بعد استيلاء المسلحين الحوثيين على القصر الرئاسي وفرض الإقامة الجبرية عليه في صنعاء في صراع على السلطة بعد أشهر من التوتر بسبب خلافات حول مسودة الدستور.
لكن البرلمان اليمني لم يجتمع لقبول الاستقالة حتى تصبح نافذة طبقا للقوانين اليمنية. ويبدو أن هادي سحب استقالته أمس السبت بعد فراره من صنعاء قائلا في بيان إنه ما يزال رئيسا للبلاد. وعدن خارج سيطرة الحوثيين تماما.

مخاوف الدماء

مخاوف الدماء
المشهد الأكثر تعقيدا هو تسلح القبائل وتشكيلها مجموعات أشبه بالميليشيات الأسلحة؛ من أجل مواجهة أي تدخل في مناطق نفوذها من قبل ميليشيات الحوثيين، أو القوات المسلحة التي قد توالي الحوثيين باسم الثورة.
فقد شهدت محافظة شبوة، الاثنين 23 فبراير، أكبر عرض عسكري لقبائل بني هلال وعدد من القبائل الأخرى من مختلف مديريات المحافظة.
وشددت القبائل في عرض العسكري على أن ما تقوم به جماعة الحوثي في العاصمة صنعاء وبعض المحافظات جرائم حرب يجب أن تقف عند حدها وتعود إلى جبال مران حد وصف القبائل. ويعد هذا العرض الأول من نوعه على مستوى اليمن.
العرض العسكري للقبائل لن يختلف عن رأي المناطق العسكرية في الجنوب التي أعلنت ولائها للرئيس هادي فيما الشمال يقبع تحت سيطرة الحوثيين، وهو ما يؤكد على تعقيد المشهد ومخاوف من الانزلاق إلى حرب أهلية، في ظل تحفز في محافظات متعددة في شرق وجنوب اليمن والمناطق خارج رقعة جغرافيا الزيدية.

الحوار في خطر

الحوار في خطر
أفادت أنباء متطابقة عن توافق غالبية القوى المتحاورة في اليمن بنقل الحوار من صنعاء إلى مدينة أخرى آمنة، عقب عدول الرئيس هادي عن استقالته ليواصل مهامه من عدن التي توجه إليها قبل يومين، مؤكدا رفضه لـ"الإعلان الدستوري".
فيما يشهد الحوار أزمة حقيقية مع مطالب الرئيس اليمني نقل جلسات الحوار بين القوى السياسية إلى خارج العاصمة صنعاء، وهو ما قوبل برفض من أكبر فصيلين في الحوار جماعة الحوثيين وحزب المؤتمر الشعبي العام الذي يرأسه الرئيس السابق علي صالح، وهو ما يشير إلى وجود أزمة حقيقية في اليمن تهدد الوحدة.
فقد وافقت معظم الأطراف السياسية الموقعة على اتفاق السلم والشراكة في 21 سبتمبر الماضي على نقل الحوار من العاصمة صنعاء إلى مدينة أخرى آمنة، لم يتم تحديدها حتى الآن. ولكن جماعة "أنصار الله" الحوثية وحزب المؤتمر الشعبي العام بزعامة الرئيس السابق علي عبد الله صالح هما فقط من رفضا نقل الحوار من صنعاء.
وهاجم حسن زيد، أمين عام حزب الحق، الرئيس هادي، وهدده بالحرب في حال لم يتم مواصلة الحوار بين الأطراف السياسية وتأكيد انتهاء شرعية "هادي".
ففي جلسة الحوار التي عُقدت في "موفنبيك"، برعاية المبعوث الأممي إلى اليمن، جمال بنعمر، قوله: "إن ممثلي الحزب الاشتراكي والتجمع اليمني للإصلاح والتجمع الوحدوي اليمني وحزب العدالة والبناء قالوا في جلسة الحوار هذه: "إن مواضيع الحوار يجب أن تتغير، بعد أن وصل الرئيس هادي إلى عدن، فيما عارض ذلك حزب الحق، ممثلاً بأمينه العام حسن زيد، وطالب باستكمال الحوار والمضي في تشكيل مجلس رئاسي بدون الرئيس هادي".
وكان رد حسن زيد قال: إن "عبد ربه منصور لم يعد رئيساً لليمن، وهو الآن رئيس اللجان الشعبية في عدن والجنوب، ويجب على الأحزاب السياسية أن تستكمل الحوار ونقاش بقية القضايا فيه بشأن تشكيل مجلس رئاسي بدون هادي؛ وإلا فالحرب قادمة بين الشمال والجنوب".
في الجهة المقابلة وقُبيل لحظات من إعلان بيان هادي المرتقب لا زال بعض الجنوبيين يمنون النفس بإعلان جريء من هادي لفك الارتباط عن الشمال الذي دخل الجنوب معه في وحدة 1990، التي أعيد تحقيقها في صيف 1994 بحرب مشئومة قطعت آخر أوصال الوحدة الأخوية وأبدلتها بوحدة مكتوبة حبراً على ورق وفارغة من مضمونها الحقيقي.

المستقبل اليمني

الأمور في اليمن تزداد طائفية مع وضوح أكبر لمعسكرين في اليمن، معسكر مع الرئيس هادي ومعسكر الحوثيين والمؤتمر الشعبي العام، وهو ما يؤكد أن الأوضاع ستزداد اشتعالا في البلاد، وفي ظل التحرك الميداني فإن الأوضاع قد تشهد صراعا أهليا، فهل سينجح العقلاء في اليمن في نزع الأيدي من على الزناد أم أن الرصاص من سيحكم؟

شارك