تغيير المعادلة على الأرض.. هل يقوض وجود "داعش" والجماعات المتطرفة بليبيا؟
الثلاثاء 24/فبراير/2015 - 05:10 م
طباعة

مع توجيه مصر ضربة عسكرية إلى قواعد تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" في ليبيا، وعمليات للقوات الخاصة المصرية ضد معسكرات التدريب التابعة للميليشيات المسلحة وتنظيم "داعش" بدأت الأوضاع على الأرض تأخذ منحى آخر في صالح الجيش الوطني الليبي وحكومة طبرق ضد جماعات الإرهابية، مع سعي أعيان من قبائل مصراتة للقاء الرئيس عبد الفتاح السيسي، وقرار مجلس النواب الليبي تعيين حفتر قائدا عاما للجيش الليبي، وتعليقه لحوار مع ميليشيات فجر ليبيا والمؤتمر الوطني "برلمان الإخوان" بطرابلس، وبدء ميليشيات الإسلامية الصراع فيما بينها.. مشاهد تقوض من وجود "داعش" والميليشيات لصالح الجيش الليبي.
تحول في مصراتة

يبدو أن هناك تحولا كبيرا في المدن الليبية وخاصة من قبل مشايخ القبائل والتي يكون لها دور الحسم في انتهاء الفوضي بالبلاد، فمع موازاة العمل الميداني، كشف مراقبون أن وفداً من المدينة الليبية سيتوجه قريباً إلى القاهرة للقاء الرئيس عبد السيسي للبحث عن حل سياسي للأوضاع التي تشهدها البلاد في ظل تنامي قدرات نظيم "داعش".
المراقبون رأوا تحرك زعماء قبائل من مدينة مصراتة ذات التاريخ الطويل مع الجماعات الإسلامية، وبدء الابتعاد والتميز عن حلفائهم في ميليشيات «فجر ليبيا» الذراع العسكري لجماعة الإخوان يؤكد أن هناك تغيرا في المعادلة على الأرض، وأن الليبيين بدءوا في الثورة ضد الانفلات الأمني والمؤسسي بالبلاد.
أعيان مصراتة يسعون إلى الحصول على دعم مصري في واجهة الميليشيات المسلحة وتنظيم "داعش" لعودة الاستقرار إلى البلاد.
كما يعتبر تغيرا كبيرا في المعادلة لصالح الحكومة الشريعة وسحب البساط من الميليشيات المسلحة وحكومة الإخوان الموازية.
مصراتة على طريق المصالحة

وأعيان مصراتة لم يتوقفوا عند اللجوء إلى مصر، بل بدءوا تغيرات داخلية، عبر اتصالات بين مصراتة وخصومهم الزنتان للوصول إلى تفاهمات مشتركة، وهو ما يمثل تقدماً ملحوظاً بالنظر إلى المواجهة العنيفة بين الجانبين في معركة مطار طرابلس التي انتهت بهزيمة الزنتان وانسحاب قواتها إلى مدينتها.
وأعلن ما يعرف بـ"مجلس أعيان ليبيا للمصالحة" أن جلسة أولى للمصالحة بين شخصيات من مصراتة وأخرى من الزنتان جرت يوم أمس الجمعة في مدينة الأصابعة غرب العاصمة طرابلس. وقال المجلس في خبر أورده على صفحته الرسمية على شبكة فيسبوك أن من أسماهم بـ"أعيان" من مدينة الأصابعة هم من مهدوا لهذا الاجتماع الذي وصف بـ"شبه المعجزة". ولم يعط الخبر أي تفاصيل عما دار في الاجتماع، وما إذا كان قد أفضى إلى أي تفاهمات. ويذكر أن مدينة الأصابعة احتضنت، في مناسبات سابقة، مصالحات مماثلة بين الزنتان وكل من غريان وككلة انتهت بتبادل المحتجزين بين الطرفين.
تعيين حفتر

المصالحة والبحث عن الدعم المصري لمواجهة "داعش"، فيما تشهد الأوضاع داخل المؤسسات الحكومية الليبية تطورا جديدا عبر موافقة مجلس النواب الليبي، "البرلمان" الشرعي المعترف به دوليا والذي يقوم بعقد جلساته في "طبرق"، خلال جلسة مغلقة حضرها 80 شخصا، على استحداث منصب القائد العام للجيش الليبي، وتعيين اللواء خليفة حفتر قائد عملية الكرامة في المنصب.
وكان مجلس النواب الليبي يدرس تنصيب قائد عملية الكرامة اللواء خليفة حفتر، قائدًا للجيش الوطني الليبي، فيما دعا وزير الخارجية محمد الدايري المجتمع الدولي إلى مد جيش بلاده بالسلاح ودعمه في مكافحة الإرهاب.
وكان عضو لجنة الإعلام والثقافة ومؤسسات المجتمع المدني في المجلس النائب المنتصر الحاسي، قال: إن «مجلس النواب، وبعد إصدار قراره بعودة اللواء خليفة حفتر للمؤسسة العسكرية، يبحث تنصيبه قائدًا عامًّا للجيش الوطني».
تمدد "داعش"

تمدد تنظيم الدولة الإسلامية في ليبيا وخاصة في مدينتي درنة وسرت وضع ميليشيات فجر ليبيا وحكومة الإخوان بطرابلس في موقف صعب أمام المجتمع الدولي، فقد أدى صعود تنظيم "داعش" إلى تنامي خطر الصراع بين قوات فجر ليبيا و"داعش" وأنصار الشريعة، وشهدت بعض أحياء وضواحي العاصمة الليبية طرابلس ولليوم الثاني على التوالي اشتباكات مسلّحة عنيفة بين تنظيم الدّولة الإسلامية «داعش» وبين قوات فجر ليبيا دون وجود أيّ معلومات عن وقوع خسائر بشرية من الطرفين.
التطور في غرب ليبيا يشير إلى أن هناك صراعا قادما بين "داعش" والتنظيمات الإسلامية الأخرى، كما حدث ذلك على الأراضي السورية، مع مخاوف من أن تمدد "داعش" على حساب هذه الجماعات وتسحب البساط من تحتها؛ مما يؤدي إلى ثورة وغضب الشعب الليبي من جميع الميليشيات المسلحة، مما يمهد الطريق أمام الجيش الليبي في الشرق للسيطرة علي العاصمة ودحر "داعش" والجماعات المسلحة بدعم عربي وإقليمي.
توقف حوار

الحل الأمني بات الأكثر تواجدا على الساحة الليبية مع الانتهاء من ترتيب المؤسسات بالحكومة الليبية، وجاء قرار مجلس النواب الليبي، المعترف به دولياً، بتعليق مشاركته في الحوار الوطني، الذي ترعاه الأمم المتحدة، بعدما بدأ، الشهر الماضي، في جنيف قبل أن ينتقل إلى غدامس في جلسة يتيمة.
وجاء قرار مجلس النواب بالإجماع بعدم استمرار المشاركة في الحوار، في ظل مواصلة "ميليشيات ما يسمى (فجر ليبيا) نشر العنف والإرهاب والتطرّف".
قال النائب طارق الجروشي: إنّ "معلومات وصلته تفيد بأن المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة سيشكّل حكومة وفاق وطني من تيار الإسلام السياسي والإخوان في جلسة الحوار في المغرب، الخميس المقبل، كسياسة أمر واقع"، معتبراً أنّ في ذلك "مؤامرة سياسية".
وأضاف أنّ "الحكومتين الأمريكية والبريطانية، ستعترفان مباشرة بهذه الحكومة فور إعلانها بعيداً عن مجلس النواب صاحب الحق في اعتمادها".
المشهد الليبي

بات المشهد الليبي الآن واضحا في ظل مساعي حكومة عبد الثني في مواجهة المليشيات الإرهابية والقضاء على تنظيم "داعش"، بدعم مصري وإقليمي، ومع تأكيد دول الجوار الليبي على أهمية مواجهة خطر تنامي "داعش"- تمهد الأمور وتعطي دفعة قوية إلى الجيش الليبي؛ من أجل تحقيق تقدم كبير يعزز من حضوره الأمني والسياسي داخل الدولة الليبية، ويُسهم في تماسك الدولة التي أصبح ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية والدولية.