بين تدمير متحف الموصل والدعوة لهدم الأهرامات.. "داعش" و"السلفيون" وجهان وعُملة واحدة

الخميس 26/فبراير/2015 - 07:10 م
طباعة بين تدمير متحف الموصل
 
بين تدمير متحف الموصل
نشر تنظيم "الدولة الإسلامية - داعش" اليوم الخميس شريطًا مصوراً على الإنترنت يبين تدمير عناصره الآثار القديمة الموجودة في متحف مدينة الموصل التاريخي شمال غرب العراق.
ويظهر في الفيديو ومدته 5 دقائق مجموعة من الملتحين في متحف الموصل وهم يهدمون تماثيل ضخمة باستخدام المطارق وأدوات الحفر، من بينها تماثيل لآلهة تعود إلى حضارات بلاد الرافدين وتمثال للثور الآشوري المجنح داخل المتحف يعود تاريخه إلى القرن التاسع قبل الميلاد.
 ويوضح الفيديو تدمير ثور مجنح آخر موجود في "بوابة نركال" الأثرية في مدينة الموصل، علما بأن "الثور المجنح يعد رمز الحضارة الآشورية التي ازدهرت في العراق وامتدت سيطرتها حتى وادي النيل".
وظهر في التسجيل، متحدث من "داعش" يقف أمام مجسم أثري كبير فيما يفترض أنه متحف نينوي الأثري وأشار بيده إلى المجسم قائلاً "إن هذه أصنام وأوثان لأقوام في القرون السابقة كانت تُعبد من دون الله".
وأضاف بأن "ما يسمى بالآشوريين والأكّاديين (حضارتان قديمتان في منطقة بلاد ما بين النهرين ما بين الألف الأول والثاني قبل الميلاد) وغيرهم كانوا يتخذون آلهة للمطر وآلهة للزرع وأخرى للحرب يشركون بها بالله ويتقربون إليها بشتى أنواع القرابين".
وبعد تلاوته عدداً من الآيات والأحاديث القرآنية يقوم بتحطيم وطمس الآثار، و قال المتحدث إنه "هان عليهم تحطيم هذه الآثار وإن كانت بمليارات الدولارات".
وظهر في التسجيل لوحات تعريفية شارحة بالقطع والمجسمات الأثرية التي تم تحطيمها تظهر أن بعضها يعود للقرن الثامن قبل الميلاد.
بين تدمير متحف الموصل
ويعتبر علماء ومتخصصون بالآثار متحف نينوي في مدينة الموصل العراقية من أهم متاحف العالم حيث يحوي آلاف القطع الأثرية، وسرق العديد منها بعد الاحتلال الأمريكي للعراق 2003 وما صاحبه من فوضى أمنية وعمليات سرقة لعدد من متاحف العراق.
في سياق آخر، ذكرت وكالة أنباء النظام السوري(سانا)، ووسائل إعلام عربية في فقراتها التي تحمل اسم "حدث في مثل هذا اليوم"، أن حركة طالبان فجّرت في مثل هذا اليوم 26 فبراير من عام 2001 تمثال "بوذا" الشهير في منطقة باميان بأفغانستان والذي يعتبر من آثار التراث العالمي، وتم تفجيره على مراحل بتلغيمه بكميات كبيرة من المتفجرات.
هنا نجد أن "داعش" اليوم، انتهج خُطى حركة طالبان الأفغانية في بداية الألفية، في دلالةٍ بارزة على كونهما فصيل واحد، له المرجعية ذاتِها.. والتي غاليًا ما يكون مؤداها  العداء للحضارة.
وحول ذلك.. أدان الدكتور مختار الكسباني أستاذ الحضارة الإسلامية بكلية الآثار جامعة القاهرة الفيديو الذي قام بنشره التنظيم الإرهابي "داعش" وقال: " إن الفيديو لا يدع مجالاً للشك لانتماء التنظيم لكل من إسرائيل وأمريكا التي تريد طمس الحضارة الآشورية، وكذلك تورط إيران في هذا التنظيم، لأن الآشوريين استطاعوا الوقوف أمام الغزو الفارسي من قبل، وكثيرًا ما كانت تقوم إيران بتدمير المواقع الآشورية الموجودة في العراق بالطائرات أثناء الحرب بينها وبين العراق، كما كانت تقوم أمريكا بتسليط بعض اللصوص إبان الغزو العراقي لتدمير الحضارة العراقية وسرقة لوحة السبع البابلي، والتي كانت تستهدف المتاحف والمواقع الأثرية لإعادة تهريبها مثلما تفعل داعش الآن، وهي تقوم ببيعها والإتجار فيها. 
وأعرب "الكسباني" عن حزنه الشديد من الفيديو الذي قام ببثه تنظيم "داعش" لتدمير متحف نينوى داعيًا منظمة اليونسكو إلى التحرك الفوري للدفاع عن المواقع الأثرية العراقية لأنها مسجلة على قائمة التراث العالمي، ووضعها ضمن قائمة الخطر، وتفعيل اتفاقية جنيف الدولية التي تحرم التعدي على المواقع الأثرية وتعتبرها ضمن جرائم الحرب.

الدعوة السلفية "داعش" مصر:

عبد المنعم الشحات
عبد المنعم الشحات
ما تم فعله في متحف الموصل ليس بعيدًا عنا في مصر، حيث شاهدناه من قبل وشاهدنا وسمعنا مُنظري الدعوة السلفية وهم يظهرون العداء للحضارة المصرية، فقد وصف عبد المنعم الشحات المتحدث باسم الدعوة السلفية الحضارة الفرعونية بالعفنة من قبل، ودعا المصريين لتغطية التماثيل بالشمع وغيره ففي حوار تليفزيوني 12/1/2012 وصف الشحات الحضارة الفرعونية بالعفنة بسبب صعوبة تطبيق الشريعة الإسلامية آنذاك، معبراً عن عدم فخره لصور الفراعنة العراة "لأنها كفر"، وان أي مخالفة للشريعة "مرض"، فيما اعتبره البعض تلويحاً باتخاذ إجراءات تستهدف آثار الحضارة المصرية الفرعونية القديمة.
ولم يكتف الشحات بالتعبير عن رأيه السلبي حول الإرث المصري العريق، بل شمل انتقاده الكاتب المصري الشهير نجيب محفوظ، أول روائي عربي يحصل على جائزة نوبل في الآداب، قائلاً ان روايته "أولاد حارتنا" تنال من الثوابت الإسلامية و"ذات بعد إلحادي" بحسب ما هو منشور من تسجيلات فيديو على الـ "يوتيوب"، التي يؤكد من خلالها انه لا يهاجم شخص نجيب محفوظ وانما أعماله الأدبية فقط.
وشدد الداعية الملقب من قِبل بعض أتباعه بأسد السنة على أن السلفيين يحترمون المرأة وانهم ليسوا أعداءً لها "كما يحلو للبعض"، معرباً عن أمله بأن تتنقب كل السيدات في المجتمع المصري، كما عبر عبد المنعم الشحات عن رغبته باعتماد الشريعة الإسلامية دستوراً للبلاد كي يتسنى للسلطات تطبيق الحدود، كقطع يد السارق، وفقاً لما نشرته صحيفة "الأهرام" المصرية.
وقد أثارت دعوات بعض الإسلاميين المتشددين إلى هدم الأهرامات وآثار مصر في 22 نوفمبر 2012 على اعتبار أنها أصنام وبقاؤها "حرام شرعًا" مخاوف المصريين وعلماء الآثار مع دخول مصر عصرًا دينيًا مجهول الآفاق مذكرة إياهم بتحطيم تمثال بوذا الأثري في أفغانستان.
وكأن مصر بعدما تخلصت "فرعونها الدكتاتور"، يبدو أنها دخلت في مرحلة التخلّص من آثارها الفرعونية، في ظل دعوات تنادي بهدم الأهرامات وأبي الهول، لأنها أصنام وتتناقض مع الشريعة الإسلامية.
وقد ظهرت في هذه الأيام إشارات إلى خطر يقترب من الآثار الفرعونية في مصر، مع دعوة القيادي الجهادي مرجان الجوهري المسلمين الى تدمير أهرامات الجيزة و"أبو الهول"، باعتبارها أصنامًا، وقال إن "التماثيل والأصنام التي تملأ مصر يجب أن يتم تدميرها، لأن المسلمين مكلفون بتطبيق تعاليم الإسلام".
واعترف الجوهري في حديث تليفزيوني "نعم حطّمنا تماثيل بوذا في أفغانستان، ونحن مكلفون بتحطيم الأصنام، وسنحطم تماثيل أبو الهول والأهرامات، لأنها أصنام وأوثان تُعبد من غير الله".
وقد انتقده الكثير من العلماء والمهتمين، مؤكدين أن عمرو بن العاص حينما فتح مصر لم يأمر بتحطيمها، وكان هو أولى بذلك من الشيخ السلفي، فلماذا تثار مثل هذه القضايا الآن، وهل تم الانتهاء من كل المشاكل التي تعانيها مصر، ولم يبق سوى هذا الأمر؟

زيارة الأهرامات بدعة وحرام شرعًا:

الشيخ اليمني الدكتور
الشيخ اليمني الدكتور علي الربيعي
لم يكن الجوهري الوحيد الذي يدعو إلى هدم الآثار المصرية، إذ انضم إليه كثر- وربما سبقوه في هذا الأمر- من بينهم الشيخ اليمني الدكتور علي الربيعي، الذي أصدر فتوى عبر موقع تويتر للتواصل الاجتماعي، تفيد بأن زيارة الأهرامات في مصر حرام شرعاً، معتبراً ذلك من البدع الشركية.
ومن جهته، قال الباحث السلفي محمد حمدي إن أهرامات مصر تم بناؤها بـ "زنى بنات الملوك"، مدّعياً أن هذا الأمر كتبه المؤرخ هيرودوت.
وأضاف: "هناك كتب تاريخية تؤكد أن الأهرامات تم بناؤها عن طريق الدعارة، فبنات الملك كنّ يمارسن الزنى، ويأخذن الحجارة كأجرة على هذا، وهذه المقولة منسوبة إلى المؤرخ هيرودوت".
يبدو أن هذا الصراع يختزل صراعاً حول الآثار المصرية، فالعديد من العلماء المسلمين عملوا في القرون الوسطى على فهم الآثار وفك رموز اللغة الهيروغليفية. وفي أواخر القرن التاسع عشر، كانت المواقع الأثرية في مصر مركز صراع وطني، لا سيما مع اكتشاف مقبرة الملك توت عنخ أمون، إذ نشب خلاف حول كيفية تقسيم كنوزها بين الدولة ومكتشفي الموقع.
وفي عهد الإمبريالية الأوروبية التي أعقبت الحملة الفرنسية عام 1798، أصبح مجال "علم المصريات الجديد" وجه دولة مصر وممثلها، وتحول إلى جزء أساسي من تراث البلاد. كما أصبح هذا التراث رمزاً سياسياً مهماً في تاريخ مصر الأحدث.
يدرك معظم المصريين دور الآثار في اقتصادهم، إضافة إلى الجهود التي تبذل لجعل مصر دولة عصرية باعتبارها واحدة من الحضارات الكبرى في العالم، إلا أن هناك "عدم ارتياح واضح" تجاه تمجيد الماضي قبل العهد الإسلامي.
ويصف عالم الآثار نيل أشر سيلبرمان الآثار المصرية بـ "التركة غير السهلة"، معتبراً أن بعض المصريين يعبّرون عن استيائهم من "تركيز الانتباه على هذه الأعمال الوثنية التي تلتهم الموارد على حساب رفاهية الماضي والحاضر والمستقبل الإسلامي، كما إنهم يتذكرون قصة فرعون، التي وردت في القرآن، في تبريرهم رفض الآثار الفرعونية.
وفي 15/3/2013 حطمت مجموعة مجهولة التماثيل الموجودة بالحديقة اليابانية في حلوان، حيث أكد شهود عيان أن السلفيين هم من قاموا بتحطيم رؤوس التماثيل مشيراً شاهد عيان أنه قام بالاتصال بمدير الحديقة بوزارة الأثار ولكنه أنكر هدم التماثيل ، قائلا أنا "معرفش حاجة على اللي بتتكلم عليه" ، منتقداً ما فعله السلفيون في تماثيل ام كلثوم ، وطه حسين. 
هكذا يتطابق الفكر الداعشي في العراق والشام مع الفكر السلفي في مصر ويتحدون معا في هدم الحضارة الانسانية في العراق والشام ومصر من اجل بناء حضارة ابناء صهيون وليس كما يدعون عودة الحضارة الاسلامية، فقد كانت هذه التماثيل التي يهدمونها موجودة ابان الفتح العربي ولم يهدمها صحابة رسول الله ومن اتى بعدهم، هل عند هؤلاء اسلام غير الاسلام الذي تم به فتح هذه البلاد؟
فيديو تحطيم المتحف  
وفيديو السلفيون يطالبون بهدم الاهرام

شارك