الحوثيون وهادي.. اليمن على سكة التقسيم
الإثنين 02/مارس/2015 - 12:51 م
طباعة

يبدو أن سلطة الأمر الواقع، والتوجه إلى تقسيم اليمن لشمال وجنوب هو أمر بات قريبا جدا أو أصبح أمرا واقعا بفعل التغيرات التي تحدث في اليمن، سواء في العاصمة صنعاء أو مدينة عدن جنوب اليمن، فالرئيس عبدربه منصور هادي يستمر في التوجه للسعودية ودول الخليج، فيما دَشَّنَ أنصارُ الله قِبلتَهم السياسية باتجاه إيران، تلك بداية المعركة، ويظهر أن كل طرف قرر المضي في خياره الأحادي إلى ما لا نهاية في معركة "تكسير العظام"، لن تطال كوارثها هادي و"أنصار الله" وحدهما بل قد يبلغ مداها الوطن بأكمله.
خطوات "أنصار الله" تجاه إيران عبر رحلة الطيران ثم زيارة وفد عالي المستوى كما تناقلت بعض المواقع، إضافة إلى أن الزيارة المعلنة لروسيا تعد رسالة واضحة للرياض ودول الخليج والولايات المتحدة أنه كلما ضيقتم الخناق علينا كلما اتجهنا صوب إيران وروسيا والصين.
إلى التقسيم

تقارير إعلامية كشفت عن مفاوضات تجري في اليمن لإيجاد حل للأزمة القائمة من خلال الاعتراف بدولتين الأولى في الشمال والأخرى الجنوب.
تلك التقارير أشارت إلى أنه، وبعد يوم واحد من زيارة الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبداللطيف الزياني للرئيس اليمني عبدربه منصور هادي في عدن، التقى جمال بن عمر المبعوث الأممي إلى اليمن الرئيس هادي، وقالت مصادر إنه طرح فكرة حل الدولتين عليه.
ولجأ بن عمر إلى التجاوب مع هذا الاقتراح على ما يبدو بعد انتشار الإحباط الذي سيطر على اليمنيين جراء فشله في جهود التوصل إلى حل للأزمة منذ تعيينه في منصبه.
إلا أن مراقبين يرون أنه في حالة القبول بفصل الدولتين فإن الجنوب والشمال سيكونان مجبرين على التعاون فيما بينهما لتصدير الغاز والنفط.
حرب المحاور

الحوثيون وحلفاؤهم في الشمال، والرئيس هادي وحلفاؤه السياسيون وعلى رأسهم حزب التجمع اليمني للإصلاح "الإخوان المسلمون باليمن" أصبحوا معسكرين واضحين، والقبائل اليمنية فيما بينهما.
أصبحت الوجهة معروفة في اليمن: معسكران؛ واحد في الشمال وآخر في الجنوب، وهي محاور تضم مراكز قوى وشخصيات مهمة قد تجر اليمن إلى ذلك الصراع المحتدم الآن في سوريا والعراق منذ سنوات.
واليمن بأيدي أبنائه دخل في صراع الحسبة الإقليمية والدولية، حيث تحالفات الشرق والغرب، وهو ما يضع قرار اليمن رهن الخارج أكثر منه رهن القوى الداخلية، وإذا استمر المعسكران في اندفاعهما السريع سوف تنتهي الأمور إلى دولة شمالية وأخرى جنوبية.
معسكر الحوثي

في هذا الوقت، توجه وفدٌ برئاسة رئيس المجلس السياسي في «أنصار الله»، صالح الصماد، إلى إيران «لإجراء مباحثات مع المسئولين في الحكومة الإيرانية تستهدف تعزيز التعاون المستقبلي بين البلدين الشقيقين في المجالات الاقتصادية والسياسية وغيرها من المجالات»، بحسب الصماد. كذلك ذكر أن الزيارة «تأتي في إطار ترجمة ما جاء في خطاب عبد الملك الحوثي الذي تحدث (الخميس) عن إمكانية فتح آفاق جديدة للعلاقات مع الدول التي تحترم إرادة الشعب اليمني وسيادة أراضيه». وقال الصماد: إن «العلاقات بين اليمن وإيران كانت أخوية وإيجابية، لكن ارتماء الحكومات السابقة في أحضان بعض الدول أدى إلى التأثير سلباً على العلاقات مع إيران»، مؤكداً أن عودة العلاقات بين البلدين الشقيقين «أمرٌ طبيعي ويصب في مصلحة تعزيز التعاون الثنائي بين البلدين».
وفي زيارة رسمية هي الأولى، زار وفدٌ من الجماعة العاصمة الروسية موسكو، حيث التقى برئيس كتلة «روسيا العادلة» في الدوما. وقالت الجماعة، عبر موقع «شباب الصمود» الإلكتروني التابع لها، إن الزيارة تعتبر رداً عملياً على مغادرة السفارات من اليمن، ورسالة واضحة لأمريكا تقول «إن العالم لا يقف عندها وإن الخيارات مفتوحة»، وفقاً لما نُشر في الموقع. وأضاف الموقع أن العلاقة بروسيا قد تسهم إلى حدّ كبير في إحباط أي مساع دولية لفرض مزيد من العقوبات على اليمن.
معسكر هادي

فالرئيس هادي ومن ورائه حزب الإصلاح وأحزاب أخرى سيندفعون أكثر للارتماء في أحضان سفراء الدول العشر وفي مقدمتهم دول الخليج العربي، فيما يتوجه الحوثيون للتحالف مع روسيا وإيران والصين.
من جهةٍ أخرى، وفي أول لقاءٍ له بسفيرٍ منذ انتقاله إلى عدن، استقبل هادي السفير السعودي، محمد سعيد آل جابر، الذي استأنف أعماله من عدن «دعماً لشرعية هادي»، ولتكريس عدن عاصمة سياسية بديلة من صنعاء.
وفيما أشاد هادي بدعم السعودية لليمن- جدد السفير السعودي دعم بلاده لهادي باعتباره يمثل «الشرعية الدستورية»، وإعلان وقوف الرياض الدائم إلى جانب الشعب اليمني، مؤكداً «ضرورة استكمال التسوية السياسية في اليمن الشقيق في إطار المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية». وأكد آل جابر أن بلاده تعمل حالياً بكل أقسامها من «العاصمة الاقتصادية والتجارية عدن».
كذلك استقبل هادي يوم أمس شيوخ القبائل من محافظات مأرب والبيضاء والجوف، وأكد أمامهم، بحسب مسئول إعلامي، أنه غادر إلى عدن «مفلتاً من الإقامة الجبرية التي كان يخضع لها، بعدما احتل الحوثيون صنعاء». وفيما جدّد هادي وصفه للسلطة في صنعاء بـ«الانقلاب المكتمل الأركان»، أكد بحسب المسئول أن «الخروج إلى عدن ليس لأجل إعادة التشطير (العودة إلى دولتي الشمال والجنوب) كما يزعم البعض، بل لأجل الحفاظ على أمن اليمن واستقراره».
بريطانيا وأمريكا

كشفت تقارير إعلامية أن السفارتين البريطانية والأمريكية في اليمن ستعاودان أعمالهما من عدن، في انضمامٍ إلى بعض دول الخليج التي قامت بالخطوة نفسها.
وهو ما يشير إلى أن اليمن دخل مرحلة الصراع الإقليمي والتنافس الدولي في خطوة تشير إلى تقسيم الدولة اليمنية، وهو يبدو أنه سيكون الساحة الأولى لتعبير حرب المحاور.
المشهد اليمني

هل سينتهي الوضع في اليمن إلى التقسيم؟ وما مصير الدستور الذي انتهى وتم تسليمه إلى الرئيس هادي قبل تقديم استقالته ومحاصرة قصره الرئاسي من قِبَل الحوثيين؟ وهل بات خروج الرئيس هادي من صنعاء إلى عدن بمثابة الصفقة مع الحوثيين وأطراف خارجية، حريته مقابل الدولتين.. ويبقى ثمن الخروج من النفق المظلم لليمن بتقديم كل من المعسكرين الرئيسين في اليمن تنازلات حقيقية للحفاظ على وحدة التراب الوطني أو خسارة الطرفين بوجود دولة لكل منهما؟
وحال اليمن الآن تنطبق عليها مقولة المناضل الهندي الكبير غاندي:
" كثيرون حول السلطة وقليلون حول الوطن".