الأزمة الليبية بين قبول الحوار الوطني ومستقبل نفوذ "داعش"

الإثنين 02/مارس/2015 - 09:22 م
طباعة الأزمة الليبية بين
 
في إطار التعاطي مع المحاولات الدولية لإنهاء الأزمة الليبية بالرغم من الازدواجية الغربية، قرر مجلس النواب الليبي رفع تعليق المشاركة في الحوار الذي ترعاه بعثة الأمم المتّحدة للدعم في ليبيا، بعد اجتماعات مطوّلة اليوم بين مبعوث الأمم المتّحدة إلى ليبيا برناردينو ليون وأعضاء من مجلس النواب.
جاءت هذه الخطوة، بعد مشاركة رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، برناردينو ليون لعدة اجتماعات مع رئيس مجلس النواب عقيلة صالح قويدر وممثلي المجلس في الحوار الوطني.

الأزمة الليبية بين
تأتى هذه الخطوة في الوقت الذي يسعى فيه مسئولو الاتحاد الأوروبي إلى تجاوز الدور البريطاني الأمريكي الذي يرونه يعرقل سير العملية السياسية في ليبيا في وقت تنامت فيه مخاوف قطاعات واسعة من الأوروبيين من خطر تنظيم داعش القريب من الشواطئ الجنوبية للقارة.
واتصل رئيس مجلس الاتحاد دونالد توسك برئيس وزراء إيطاليا مايتو رينزي، حيث تم التطرُّق إلى الوضع الليبي من ضمن حزمة من المسائل الرئيسة الأخرى، خاصة أنه تقرر أن يناقش القادة الأوروبيون الملف الليبي خلال قمتهم المزمع عقدها في 19 مارس الجاري، خاصة أن الاتحاد الأوروبي يتابع بحذر كبير تطور الوضع الليبي، وأن رئيس مجلس الاتحاد قرر نقل الملف أمام قادة الاتحاد خلال قمتهم في بروكسل المقررة يوم 19 مارس المقبل.
ويخشى مراقبون من تعرض أوروبا لضغوط متصاعدة من إيطاليا التي تخشى تدفق المهاجرين إلى أراضيها وتسلل عناصر داعش في صفوفهم، حيث تطالب إيطاليا ومالطا رسميًا بتفعيل ما يعرف بـبند الحماية الأوروبية لتقاسم أعباء المهاجرين الوافدين وهي مسألة حساسة وحيوية في إطار تعامل مؤسسات الاتحاد.

الأزمة الليبية بين
من جانبها قالت الناطقة باسم الممثلة العليا للسياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي كاثرين راي، إن تنظيم داعش موجود في ليبيا ويمثّل خطرًا جسيمًا على استقرار هذا البلد، ويعد عاملاً من عوامل انعدام استقرار ليبيا الرئيسية حاليًا.
وبالتزامن مع هذه التحركات الغربية، تم تعيين اللواء السابق خليفة حفتر قائدًا لجيش الحكومة الليبية المعترف بها دوليا.
وقال طارق صقر الجروشي نائب رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي في برلمان ليبيا المنتخب ان مجلس النواب عين اللواء خليفة بلقاسم حفتر قائدا للجيش، وأن حفتر رقي الى رتبة الفريق مضيفا أنه سيؤدي اليمين يوم الثلاثاء أو يوم الأربعاء.

الأزمة الليبية بين
ويرى مراقبون أن تعيين حفتر سيكون له نتيجة ايجابية في مقاومة الجماعات والميليشيات المسلحة، والتي تعمل على عرقلة جهود الحكومة الشرعية والبرلمان المنتخب، في ظل تنامى أعمال العنف التي تتبناها الجماعات الارهابية والمسلحة وخاصة تنظيم داعش وجماعة فجر ليبيا، وفي ذات الوقت ستؤدى هذه الخطوة إلى عرقلة محاولات الحوار الوطني الليبي التي تتمنى المنظمات الدولية والاقليمية أن تنجح.
وفي تحليل للأحداث الليبية، اعتبرت مجلة فورين أفيرز الأمريكية أن الفراغ الذي خلفته الأزمة السياسية، وانهيار المؤسسات الهامة في ليبيا يمثلان عامل جذب قويًّا للجماعات الإرهابية مثل تنظيم داعش، مشيرة إلى أن السيطرة على ليبيا هي الجائزة الكبرى لمثل هذه التنظيمات، وأن  السيطرة على ليبيا ستوفِّر عوائد مالية ضخمة من خلال شبكات التهريب، التي تتعامل في النفط والأسلحة والبضائع المهربة.

الأزمة الليبية بين
اعتبرت المجلة في تحليل لها أن العملية السياسية في ليبيا بوسعها وقف تقدم داعش في الدولة بفاعلية أكثر من الضربات الجوية، لوجود عدد كبير من الفصائل والقبائل والجماعات العِرقية، كل منها ينحاز إلى حكومة من الحكومتيْن المتنافستيْن في الأساس على الشرعية، وتختلف تلك الجماعات في أهدافها ومطالبها وأجندتها، وأهدافها هي التي تشكِّل قراراتها، ولن تسمح تلك الأطراف لتنظيم داعش باستغلال الخلافات بينها وفرض سيطرته.
واستبعدت المجلة نجاح داعش في الفوز بنصيب من المعركة الحالية، أو السيطرة على الموانئ والمنشآت النفطية، خاصة وأن طموح التنظيم في السيطرة على أهداف استراتيجية سيوحد الجماعات المسلحة ضده، وسيوفر لها عدوًا مشتركًا لمحاربته معًا، ويمكن لتك الجماعات مقاومة التنظيم، إلى جانب أن التنظيم ظهر في مدن معروفة بالتشدد والتطرف مثل سرت ودرنة، لكنه يفتقر لوجود قاعدة كبيرة من المؤيدين في المدن الأخرى، وفشل جهود التنظيم في تجنيد أعداد كبيرة من الليبيين بسبب انعدام الخلافات الطائفية بين السنة والشيعة، التي استغلها التنظيم في الدول الأخرى، والغضب العام بين الليبيين لأفعال التنظيم البربرية. 
أكدت المجلة أنَه حتى وإنْ نجح التنظيم في السيطرة على بعض منشآت وموانئ النفط، فلن يستطيع الاستفادة منها ماليًّا ولن تدر عليه دخلاً كبيرًا وذلك لانخفاض إنتاج النفط بشكل كبير، ووجود تلك المنشآت في مناطق صعب الوصول إليها في الصحراء أو على الشاطئ، ولن يستطيع التنظيم تصدير النفط بطرق غير قانونية.

شارك