هل تقوم الولايات المتحدة بتخليق "داعش" جديدة في سوريا؟
الثلاثاء 03/مارس/2015 - 07:36 م
طباعة

لا تكف الولايات المتحدة الأمريكية عن ممارسة هواياتها المفضلة وهى رعاية وتربية الجماعات الراديكالية المتطرفة في معاركها ضد الانظمة المناوئة لها والتى سرعان ما تتحول الى جماعات إرهابية تنقض عليها وتجعل من مواطنيها "ذبائح" و"ضحايا" لمشروعاتها الارهابية.
الولايات المتحدة تقوم بتخليق داعش جديدة في سوريا تحت دعوى إسقاط نظام الرئيس السوري الحالي بشار الأسد، على الرغم من أن الاستراتيجية الاميركية ضد تنظيم الدولة الاسلامية في العراق وبلاد الشام "داعش " تقوم على هزيمة هذا التنظيم في العراق أولا، ولمن الوضع في سوريا يتطلب سنوات عدة قبل أن يتمكن مقاتلو المعارضة المعتدلة من إحراز تقدم ضدها ليثور السؤال لماذا اذا تدرب الولايات المتحدة قوات معارضة لنظام هي لاتركز على سقوطه وما هو الضامن لتكون هذه المعارضة معتدلة .
الجنرال الأمريكي، جون آلن، منسق التحالف الدولي ضد تنظيم"داعش حسم الامر وأكد على إن الولايات المتحدة ستدرب وتحمي مقاتلي المعارضة السورية المعتدلة الذين ستدربهم وتسلحهم، وذلك حتى يصبحون في ميدان القتال من خلال مشروع واضح لتدريبهم وتجهيزهم بأحدث الأسلحة، وحمايتهم عندما يحين الوقت ولا تفكروا بأننا لن ندعم هؤلاء المقاتلين".
أوباما والفكرة المتهورة:

تحركات الولايات المتحدة لتدرب مقاتلين من المعارضة السورية جاءت بعد قرار إدارة الرئيس أوباما في يونيو بطلب مبلغ 500 مليون دولار من الكونغرس لتدريب وتجهيز عناصر خاضعة للتدقيق الأمني من المعارضة السورية المسلحة بعد النجاح النوعي الذى حققه نظام بشار الأسد على المعارضة المسلحة وسيطرة تنظيم داعش على أراضٍ شاسعة من شرق سوريا وشمال العراق.
وتمثلت أهداف البرنامج الذى حمل عنوان "التدريب والتجهيز المعزز" فيما يلى
1- تقوية المعارضة المعتدلة كبديل عن حركات المعارضة السلفية- الجهادية وربما كبديل عن نظام الأسد نفسه.
2-إعطاء النظام الخيار ما بين صراع مدمر ومفتوح وبين حل دبلوماسي
3- إحكام الضغط على نظام الأسد و «حزب الله» وإيران لردع أي نزعة مغامرة من جانبهم
4- دفع داعش إلى تقليل عدد قواتها في العراق من أجل التصدي للتحدي الذي تواجهه في سوريا، وبالتالي تخفيف الضغط على الحكومة العراقية
5- لفت انتباه إيران إلى تكلفة السياسات الإقليمية التي ينتهجها قائد "قوة القدس" التابعة لـ "الحرس الثوري الإسلامي" الإيراني قاسم سليماني، والإثبات لها أن الولايات المتحدة ستدافع عن مصالحها الحيوية حتى إذا كانت منخرطة في مفاوضات نووية مع الجمهورية الإسلامية.
6- تدريب المعارضة المعتدلة العاجزة حاليا سيدفع بها لمواصلة الضغط على نظام الأسد وتقييد قوات حلفائه الإيرانيين و"حزب الله" وربما من الشيعة العراقيين، الأمر الذي يحد من قدرتهم على الانخراط في أعمال أو نزعات مغامرة في مكان آخر.
7- توسيع التدريب والتجهيز وتعديل أهدافه بما يمكّن الضغط على النظام ليعيد النظر في قراره برفض الحل الدبلوماسي للحرب الأهلية. أما إذا تبين أن النظام لا يزال يأبى التفاوض فيما أثبتت المعارضة المعتدلة قدرتها على الاحتفاظ بالمناطق المحررة وإدارتها بفعالية، فقد يصبح استبدال النظام خياراً ممكن التطبيق.
8- إن قيام برنامج معزز من شأنه أن يساهم في تقوية المعارضة المعتدلة عبر نقل الأسلحة والمعدات إليها وتزويدها بنسبة أكبر من التدريب المتقدم وتحسين مستوى القيادة والتحكم والتواصل والاستخبارات لديها، فضلاً عن تعزيز إمكانياتها اللوجستية عبر آلية مساندة موحدة
9- لا بد لمسعى التدريب والتجهيز المعزز أن يعتمد مقاربة شاملة تساهم كذلك في تقوية الإمكانيات السياسية والمعلوماتية لدى المعارضة، فيما تكبح وتعرقل عملية تجنيد المقاتلين من قبل الحركات السلفية- الجهادية.
10- ينبغي على الولايات المتحدة أن تساعد المعارضة المعتدلة في استحداث تنظيم سياسي يتمتع بالمصداقية والشمول ويستطيع العمل مع المعارضة العسكرية، والتفوق على الحركات المعارضة المتشددة في أعداد مجنّديها، فضلاً عن بسط حكمه على المناطق المحررة على نحو فعال.
وتضمنت عناصر "برنامج التدريب والتجهيز المعزز" ما يلى:

1-المساندة بالأسلحة الفتاكة: المزيد من الأسلحة على اختلاف أنواعها، خصوصاً المدافع/مدافع الهاون والأسلحة المضادة للدروع (البنادق عديمة الارتداد) والقذائف الصاروخية والمدفعية المضادة للطائرات وربما أيضاً كمية صغيرة من أنظمة الدفاع الجوي المحمولة على الكتف التي تسلَّم للعناصر الخاضعة لتدقيق أمني دقيق - وذلك بالترافق مع حملة إعلامية مكثفة لتعظيم إنجازاتهم.
2-التدريب من خلال توجيهات أكثر تعقيداً وتطوراً حول استخدام الأسلحة وتكتيكات الوحدات الصغيرة (على سبيل المثال، الكمائن المعقدة، والهجمات على المواقع المحصنة، والغارات باستعمال قذائف الهاون/المدفعية، والكمائن المضادة للطائرات). فالتدريب الأفضل على استخدام المدافع المضادة للطائرات قد يعوّض عن كمية الإمدادات المحدودة لأنظمة الدفاع الجوي المحمولة على الكتف.
3-القيادة والتحكم والتواصل والاستخبارات: قد تساهم المساندة في هذا المجال في تعزيز قدرة المعارضة على تخطيط وتنسيق العمليات على المستويات الإقليمية والوطنية، فضلاً عن تحديد واستغلال نقاط ضعف النظام وإعطاء التحذيرات المسبقة المناسبة بشأن أي عملية عسكرية يشنها النظام.
4- اللوجستيات: من خلال توفير المزيد من الآليات العسكرية، ومؤهلات الصيانة والتصليح، والمزيد من المعدات الحربية (على سبيل المثال، الذخيرة، والمواد الغذائية، والإمدادات الطبية، وقطع الغيار)، والنظام اللوجستي الموحد أن تتيح للمعارضة أن تحدد أولويات الدعم بين مجموعاتها بالاستناد إلى احتياجاتها العملانية.
5- آلية المساندة الموحدة: إنّ مسعى التدريب والتدريب المجزّأ - حيث يعمل مختلف المزودين على توفير الأسلحة لمختلف الجماعات عبر قنوات متباينة - قد عزز تجزئة او انقسام المعارضة؛ لذلك فإن المسعى الموحد سيضمن على الأقل ألا تؤدي آلية المساندة إلى تفاقم المشكلة.
6- الحرب النفسية والدعائية من خلال تعزيز الولايات المتحدة لصورة المعارضة المعتدلة، وتضخّم إنجازاتها العسكرية (للمساعدة في عمليات التطوع)، وتشوّه سمعة جماعات المعارضة المتطرفة، وتقوّض معنويات النظام من خلال خلق التصور بأن الاندفاع العسكري آخذ في التنامي وأنه لا مفر من النصر.
7- عرقلة تجنيد المتطرفين والحد من تدفق المقاتلين إلى حركات المعارضة المتطرفة من خلال التصدي لتطرف المجتمعات السورية وردع المقاتلين السنة الأجانب المتوجهين إلى سوريا.
8- عمليات وعقوبات إلكترونية على الإنترنت تستهدف أصول أبرز الفاعلين المطلعين في النظام السوري بغية تأجيج التوتر في صفوف النظام نفسه وبين النظام وداعميه
9- عمل خلايا مشتركة معنية بالاستخبارات والتخطيط والعمليات، هدفها تعزيز فعالية قوات المعارضة المعتدلة
10- الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع وغيرها من خدمات الدعم الهادفة إلى تسهيل هجمات المعارضة ضد قواعد النظام الجوية ومخازنه وخطوط اتصالاته، وذلك من أجل عرقلة عمليات إعادة التموين لدى الحكومة
11-الدفع بإعداد صغيرة من المستشارين من القوات الخاصة الأمريكية لتعزيز الفعالية العسكرية للمعارضة.
التدريب بين التأجيل والبدء:

تحركات الولايات المتحدة لتدريب مقاتلين من المعارضة السورية بدأت عمليا بعد الانتهاء من عناصر البرنامج و عقب بدأ هجمات طائرات التحالف الدولي ضد مواقع "داعش" عندما أعلن جون كيربي المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية عن أن المرحلة الأولى من عملية تدريب مقاتلي المعارضة السورية المعتدلة ستركز على أساسيات القتال فقط، لأن مهمة إرشاد طائرات التحالف من الأرض صعبة وتتطلب مهارات عالية لأنها تتضمن التواصل مع الطائرات لتحديد أماكن الأهداف.
ولكنه لم يستبعد ذلك قائلا " لا يمكنني أن استبعد احتمال أن نرى في وقت ما إنه من المفيد أن تكون لدى (هؤلاء المقاتلين) القدرة على المساعدة في تعيين الأهداف من الأرض ويهمني أن لا يكون قد تولد لديكم انطباع بأننا سندرب مراقبين جويين سوريين محترفين لأن الأمر ليس كذلك".
هذا التعاون والتنسيق تم بالفعل من خلال الجو على نطاق محدود مع قوات الحماية الكردية أثناء حصار داعش لمدينة عين العرب "كوباني " السورية الحدودية مع تركيا حيث تلقت المقاتلات الأميركية إرشادات من الأرض من المقاتلين الأكراد الذين كانوا يبلغونها بمواقعهم ومواقع أعدائهم من جهاديي تنظيم داعش وأن المقاتلين الاكراد ادوا في تلك المعركة دور مراقبين جويين محترفين.
ورغم تضارب الأنباء حول موعد التدريب بين تركيا التي ستحتضن مواقع وأماكن التدريب، ووقعت في 19 فبراير اتفاقًا لتدريب عناصر المعارضة في قاعدة تركية وتزويدها بمعدات عسكرية، والولايات المتحدة التي ستدرب المقاتلين السوريين إلا أن الولايات المتحدة قامت بإرسال حوالي 100 مدرب أمريكي للقيام بهذه المهمة، على أن يتم زيادتهم إلى 1000 في وقت لاحق.
وقدرت وزارة الدفاع الأمريكية أن بوسعها تدريب 5400 مجند في العام الأول، وأن هناك ضرورة لما يصل إلى 15 ألفا لاستعادة المناطق التي يسيطر عليها تنظيم " داعش " في شرق سوريا وإن هؤلاء سوف يخضعون لعملية تدقيق شامل تشمل اختبارات نفسية وجمع بيانات القياسات الحيوية. وسيتم فحص أسماء المرشحين من خلال قواعد البيانات الأمريكية وتبادلها مع الحلفاء بالمنطقة من أجل فحصها. وسيضع مستوى التدقيق والتدريب في الاعتبار أن المقاتلين لن ترافقهم قوات أمريكية في مهام وبمجرد انضمام المتدربين للبرنامج ستتم مراقبة جميع المقاتلين بشكل مستمر. وسيتم اختيار الكثير من المرشحين من المدن والقرى السورية، وسيخضعون لدورة تدريب أولي لمدة شهر أو شهرين وسيكون الهدف تجنيد وحدات موجودة مسبقا تضم من 100 إلى 200 مقاتل من مجموعة سورية. وقد يجند الجيش الأمريكي أشخاصا من منطقة جغرافية معينة ومقاتلين من خارج سوريا ومن بينهم لاجئون.
الموقف التركي الذى من المفترض انه شريك في التدريب لازال يعيش في حالة من التخبط بسبب إصراره على تحديد العدو الذي يتعين على هؤلاء المقاتلين السوريين التركيز على قتالهم، وأن يقاتلوا القوات النظامية السورية وتعتبر بشار الأسد عدوها اللدود بينما تريد واشنطن تدريب هؤلاء المعارضين في إطار مكافحتها تنظيم "داعش"، على أن عملية انتقاء العناصر التي ستدرب بعناية، منعـاً لـتسلل عناصر معادية إلى برنامج التدريب، بينما تركيا لا تركز على هذا الأمر
مخاطر ما بعد التدريب:

لا يخلوا الأمر من العديد من المخاطر على رأسها:
1- سمعة العمليات التي ستقوم بها قوات المعارضة المعتدلة التي ستخضع للتدريب إذا استُخدمت الأسلحة المقدمة من الولايات المتحدة لارتكاب جرائم حرب أو انتقلت إلى يد المتشددين العنيفين.
2- الخطر على المدربين الأمريكيين المتمركزين في الدول المجاورة الذين قد يتعرضون للاعتداء من قبل وكلاء النظام
3- الارتداد المعاكس فقد يؤدى برنامج التدريب والتجهيز بدون قصد إلى تمكين المتطرفين والتصعيد من قبل سوريا أو «حزب الله» أو إيران.
4- إمكانية توسيع إيران وحزب الله للعمليات في سوريا، وردهم على التدريب الأمريكي للمعارضة المحدوداً أصلا بدعم أكبر للنظام السوري من خلال منظومات الدفاع الجوي واو المضادات الارضية

وأعتبر معتز شقلب المعارض السورى على أن الولايات المتحدة تعطي الحقن المسكنة للشعب السوري منذ بداية الثورة ولا تتورع أن تفعل عكس ما تعد به، فما يهمها هو استمرار القتال في سوريا إلى أن تصبح سوريا بلدا ممزقا تماما ويكون جاهز لإحدى الحالتين الحالة الأولى وهي تقسيمه لدويلات جديدة وحدود جديدة وإما أن يصبح لديهم القدرة على فرض من يرونه مناسبا ليكون رجلهم في المنطقة ليضمنوا أولا ضعف سوريا وبالتالي ضمان قوة إسرائيل كقوة وحيدة في المنطقة.
وأضاف قائلا "لا أثق بأي وعد من الإدارة الأمريكية ومن سكت للأسد عن كل هذه المجازر التي رأيناها ، فمن المؤكد انه يلعب ويتلاعب بالثورة، وللأسف فإن المعارضة السورية لعجزها الكبير على تغطية مستلزمات الثورة فإنها مجبرة على التعامل مع الطرف الأمريكي رغم وضوح الرؤية، وأن بشار الأسد انتهى والولايات المتحدة تعلم علم اليقين انه لم يعد قادرا على حكم البلاد فما السر وراء تقاعسها عن نجدة الشعب السوري والجواب نجده في إسرائيل".
وكشف بسام حجي، القيادي بالجيش الحر عن أنه لا توجد تغيرات جدية ايجابية في الموقف الأمريكي من نظام بشار الأسد، وأن أمريكا حت الان لم تتجاوز مرحلة إدارة الأزمة، أن ما أعلنته عن تدريب المعارضة السورية المسلحة المعتدلة لن يتم تنفيذه لأن موقفها من بشار الأسد كما هو، على الرغم من تصريحات وزير الخارجية الأمريكية جون كيري بأن بلاده تعلم أن بشار فقد شرعيته و أن أكبر دليل على عدم جدية أمريكا في إنقاذ الموقف، هو ضربات التحالف الدولي المرتبكة ضد داعش، وأن السوريين يدركون أن هناك تفاهمًا روسيا أمريكيا غير معلن بعدم المساس بنظام الأسد، وأن هذه الأسباب ستكون سببًا في أن التحالف لن يجد قوة على الأرض تتحالف معه ضد داعش وتعيد إليه ما استلمت من أسلحة ، وأن تسليح الجيش السوري الحر قد يتسبب في الإخلال بالتوازنات القائمة.

وشدد محمود مرعي أمين عام هيئة العمل الوطني الديمقراطي المعارض في سوريا على ان "قرار الكونغرس الأمريكي تدريب المعارضة المعتدلة يزيد الأزمة السورية ويطل أمد الحرب، وهذا يدل على ان الإدارة الأمريكية تريد استبدال داعش بشمال وشرق سوريا بقوات المعارضة الجديدة وهذا يطل أمد الحرب ويزيد من الدم في سوريا وعلى الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا الاتحادية أن تتفقا على حل ومخرج سياسي وليس تدريب وتسليح وإقامة معسكرات تدريب لمقاتلي المعارضة المسلحة".
وأشار ماهر مرهج أمين عام حزب الشباب الوطني السوري أن الولايات المتحدة الأمريكية تريد فتح معسكرات للمجموعات المسلحة بهدف جمع التمويل بداية، ومن ثم استخدام تلك المعسكرات كورقة ضغط على الحكومة السورية لاحقا، وإنهاء داعش كخطوة ثانية من خلال خلق متمردين مسلحين على خلاف دائم مع الحكومة السورية يمتد لسنوات قادمة طويلة ورسم استراتيجية طويلة هدفها الأول محاربة داعش ".
سياسة واشنطن الملتوية منذ البداية هي التي دفعت الى مزيد من الاستقطاب الطائفي وزعزعة الاستقرار في العديد من المناطق ونمو النفوذ الإيراني في سوريا ، ونجاح داعش في السيطرة على مزيد من الاراضى في الوقت الذى لم يراوح برنامج التدريب للمعارض مكانه ولم يتم التأكد بعد من تسلل عناصر متطرفة اليه وهو أمر ممكن في ظل أصرار تركيا المعروف دعمها لعناصر غير معتدل كقاعدة الجهاد في بلاد الشام "جبهة النصرة والعلاقة المشبوهة مع داعش ليبق السؤال هل ستخلق الولايات المتحدة بهذا البرنامج "داعش " جديدة؟