صحيفة التايمز: سنة العراق وتعاطفهم مع "داعش" / دويتشه فيله: تكريت بين مطرقة "داعش" وسندان الطائفية
الأربعاء 04/مارس/2015 - 03:47 م
طباعة

تقدم بوابة الحركات الإسلامية كل ما هو جديد يوما بيوم وذلك من خلال تناول الصحف العالمية اليومية، وكل ما يخص الإسلام السياسي فيها
صحيفة التايمز: سنة العراق وتعاطفهم مع "داعش"
تقول الصحيفة إنه عندما سيطرت داعش على مدينتي الموصل وتكريت العراقيتين المهمتين في الصيف الماضي، جاء انتصاره مدعوما بدرجة كبيرة من القبائل السنية في المنطقة.
وتضيف الصحيفة: إن أكبر إخفاق لرئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي هو أنه أهدر العلاقات مع السنة التي تم بناؤها أثناء زيادة تدفق القوات الأمريكية عامي 2007 و2008. وآنذاك تم تشجيع السنة على التصدي للهجمات المتزايدة للقاعدة مقابل بعض المزايا والحماية من التمييز الطائفي من قبل الشيعة. واستتبع ذلك التفاهم الفضفاض فترة من الهدوء النسبي.

وتقول الصحيفة: إن الوضع في سوريا أدى إلى فتح الحدود لمسلحين سنة كان ينظر إليهم على أنهم ليسوا أكثر خطورة من الحكومة الشيعية. وتضيف أنه من المعتقد قوة قوامها 30 ألف جندي في طريقها لاستعادة تكريت من تنظيم الدولة الإسلامية، وأنه ينظر إلى استعادة تكريت على أنها مقدمة لاستعادة الموصل، ثاني أكبر مدن العراق.
وتستدرك الصحيفة قائلة: إن هذه اللحظة الحاسمة أيضا لحظة خطر محدق، حيث إن القوات التي تهم باستعادة تكريت مكونة بالتساوي من الجيش النظامي العراقي ومن ميليشيات شيعية.
وتقول الصحيفة إنه يبدو أن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، الذي جاء خلفا للمالكي، وعى الدرس ويحاول طمأنة السنة في الأماكن التي يسيطر عليها المسلحون من أنهم إذا وضعوا سلاحهم، لن يطالهم أذى.
وتختتم الصحيفة المقال قائلة: إن أي نصر لن يكتب له الاستمرار إلا إذا تغيرت الظروف المحيطة. فإذا عاد العراق إلى حالة الفوضى الطائفية، سيؤدي ذلك إلى عودة الإرهاب، وقد يؤدي إلى تفكيك العراق ذاته.
دويتشه فيله: تكريت بين مطرقة "داعش" وسندان الطائفية

تثير العملية العسكرية التي تشنها قوات عراقية مشتركة في مدينة تكريت ذات الأغلبية السنية والتي يحتلها تنظيم "داعش" المتطرف، مخاوف من تحولها إلى حرب طائفية بسبب قتال ميليشيات شيعية إلى جانب القوات، فما مدى جدية هذه المخاوف؟
تواصل فصائل مسلحة عراقية متنوعة هجومها العسكري الواسع لاستعادة السيطرة على تكريت ومدن أخرى استولى عليها تنظيم "الدولة الإسلامية" المتطرف في محافظة صلاح الدين شمال بغداد، وذلك تمهيدا لشن معركة يعتبرها البعض مصيرية في محافظة نينوي المجاورة ومركزها مدينة الموصل التي يتخذ منها تنظيم داعش الإرهابي أحد أبرز معاقله في العراق. وفيما يشتد وطيس الحرب، تزداد المخاوف من ارتداد عواقبها على المدنيين المعرضين للاستهداف من التنظيم المتطرف ومن الميليشيات على حد سواء.
ويعد هذا الهجوم أكبر عملية عسكرية في المحافظة منذ استيلاء مقاتلي التنظيم على مناطق شاسعة شمال العراق في يونيو من العام الماضي وتقدمهم صوب العاصمة بغداد. ويثير الدور الكبير الذي تلعبه قوات الحشد الشعبي الشيعي في المعركة ضد تنظيم داعش، الخوف من خلق توتر طائفي مع العشائر السنية في تلك المحافظة.
أكبر عملية وأكبر اختبار
ويشن نحو 30 ألف عنصر مسلح عملية واسعة، تعلن الحكومة أنه يجري بدعم من الطيران العراقي والمدفعية والصواريخ لاستعادة تكريت، وسط تحذيرات صدرت عن أهالي المحافظة من لجوء القوات الحكوميّة إلى سياسة الأرض المحروقة، مؤكّدين وجود نحو 25 في المائة من سكان المحافظة فيها.
مدينة تكريت ذات الأغلبية السنية هي مسقط رأس الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين، ولا يزال العديد من أفراد عشيرته يعيشون فيها، وكانت آخر مدينة كبيرة دخلها الجيش الأمريكي دون قتال بعد الحرب على نظام صدام حسين عام 2003.
سلمت القوات الأمريكية تكريت إلى قوات الأمن العراقية عام 2005 واحتلها مقاتلو تنظيم الدولة الإسلامية في 2014، وأفادت أنباء بأن معظم سكان المدينة فروا منها بسبب الوضع الأمني المتدهور.
صحيفة تاتس الألمانية اعتبرت أن العملية التي تشنها قوات عراقية في تكريت هي أكبر عملية للجيش، وفي الوقت ذاته أكبر اختبار لقدرته على الدخول في مواجهات أخرى مستقبلا ضد ميليشيات التنظيم الإرهابي، وستحدد قدرته على استعادة مدينة الموصل الخاضعة لسيطرة التنظيم خاصة بعد إخفاقه الكبير وهروب عناصره أمام مقاتلي داعش الصيف الماضي؛ ما سمح لهؤلاء باحتلال مناطق واسعة شمال العراق.
وهو ما يتفق معه الخبير الألماني في الشئون العراقية البروفيسور هينرفرتيك الذي قال في حديث لدويتشه فيله: "هو بالفعل أكبر اختبار يواجهه الجيش وتمكنه من استعادة مدينة مثل تكريت ستكون له رمزية كبيرة في الوعي الوطني العراقي ككل".
وتشير المعطيات الحالية إلى تقدم القوات العراقية في تكريت واستعادتها بعض المناطق في محيط المدينة من قبضة مقاتلي داعش حسبما أعلنته القوات المشتركة العراقية، كما نقلت بعض المصادر سقوط 5 قتلى في صفوف الجنود و11 من المقاتلين المتطوعين في المعارك.
مخاوف من تطهير عرقي

الغارات الجوية التي شنها التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة طوال شهور، وإن بدت رمزية أحيانا، أسهمت في إضعاف تنظيم داعش، إلا أن الخسائر الكبيرة التي ألحقت به لم تتحقق إلا عبر المواجهات المسلحة على الأرض، خاصة عبر هجمات قوات البيشمركة شبه النظامية الكردية وفصائل الحشد الشعبي الشيعية.
الملفت للنظر أنّ قوات التحالف الدولي لا تؤمّن غطاء جويا لهذا الهجوم- على الأقل كما هو معلن- إذ ذكرت وزارة الدفاع الأمريكية أن الولايات المتحدة وحلفاءها لم يتلقوا طلبا من العراق بشن غارات دعما للقوات الحكومية في عمليتها لاستعادة تكريت من أيدي "داعش"، وهو موقف يفسره مراقبون بتخوف الغرب من التورط في "حرب طائفية" محتملة تشنها الميليشيات الشيعية المسلحة التي تقاتل إلى جانب القوات العراقية انتقاما من سكان تكريت السنة، بالمقابل أكدت وسائل إعلام عراقية وإيرانية مشاركة قائد فيلق القدس في الحرس الثوري اللواء قاسم سليماني في العملية العسكرية.
رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي كان قد منح أنصار داعش ما وصفه بفرصة أخيرة لإلقاء السلاح، أو مواجهة ما وصفه بالعقاب الذي يستحقونه لوقوفهم إلى جانب الإرهاب. لكنه شدد أيضا على ضرورة أن يحمي الجيش والفصائل المدنيين والممتلكات في ساحة المعركة، في إشارة إلى الاتهامات التي سبق أن وجّهت إلى الفصائل الشيعية المسلحة بارتكاب عمليات إعدام جماعي وحرق بيوت في مناطق استعادتها من تنظيم داعش، لكن ذلك لم يكن كافيا لطمأنة أهالي تكريت، خاصة بعد انتشار تصريحات منسوبة لقادة ميليشيات شيعية تهدد من خلالها بتصفية كل من تجده في طريقها معلنة عن شعار "حرب بلا أسرى"، وهو ما يثير المخاوف في الشارع العراقي من وقوع مجازر، على غرار ما حدث في مرات سابقة بمدن محافظة ديالي.
وناشد سكان محليون رئيس الجمهورية فؤاد معصوم والقائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي ورئيس البرلمان سليم الجبوري، لإنقاذهم من نيران المواجهات التي قد تحدث خلال الساعات المقبلة بين القوات الأمنية والميليشيات من جهة وتنظيم "داعش" من جهة أخرى.
الهجوم على تكريت سيعقّد العلاقة بين الشيعة والسنة

اعتبرت مجلة فوكوس الألمانية أنّ الهجوم على تكريت سيؤدي إلى مزيد من التعقيد في العلاقة بين شيعة العراق وسنته؛ خاصة لكون الجيش العراقي مدعوم بشكل كبير من الميليشيات الشيعية، مؤكدة أنّ الأخيرة "معروفة بسمعتها السيئة وعنفها الذي سبق وواجهت به القوات الأمريكية".
وفي حال تحول المواجهة في تكريت إلى تطهير طائفي في حق سكان المدينة فإن الجيش العراقي سيفشل- حسب المراقبين- في اختبار آخر يثبت كونه جيشا وطنيا أم فصيلا مسلحا طائفيا. ويقول الخبير الألماني البروفيسور فرتيك: إنّ الجيش النظامي العراقي تطغى عليه الطائفية الدينية والعرقية، لكن حربه على داعش فرصة له لإثبات أنه جيش وطني قبل كل شيء. ويضيف أن تحقيق انتصارات ضد داعش بما في ذلك استعادة مدينة الموصل "رهين بالتنسيق والتعاون بين الجيش النظامي والميليشيات الشيعية والسنية أيضا، بالإضافة إلى قوات التحالف الغربي".
وكانت منظمات حقوقية دولية قد اتهمت الفصائل الشيعية بارتكاب انتهاكات بحق السكان المدنيين من السنة في المناطق العراقية المحررة، تمثلت في حرق منازل بعض السكان ومنع آخرين من العودة إلى بيوتهم.
وعن احتمال انضمام السكان السنة إلى تنظيم داعش هربا من تهديدات الميليشيات الشيعية يقول البروفيسور فُرتيك: "كثير من السنة تعاونوا في الماضي مع قوات داعش بسبب استيائهم من سياسة نوري المالكي، لكن جزءا كبيرا من هؤلاء يحاول اليوم الهرب من التنظيم"، واعتبر الخبير الألماني أنّ السنة ليسوا ضائعين كما يبدو، ويضيف: "في عامي 2006 و2007 وقف السنة ضد تنظيم القاعدة وصوتوا لصالح الدولة العراقية، لكنهم لم يُكافأوا على ذلك من حكومة المالكي، وهذا خطأ يجب أن لا يتكرر".