ولع الجماعات الإرهابية بالمواقع الإلكترونية وجذب الشباب والفتيات ظاهرة مُحيّرة
الثلاثاء 10/مارس/2015 - 10:10 م
طباعة

هوس المتطرفين بمواقع التواصل الاجتماعي، وشبكة الانترنت بشكل عام، إلى جانب القنوات الفضائية التي تبث فيديوهات العمليات التي تقوم بها التنظيمات الإرهابية مثل داعش وجبهة النصرة وغيرهم ، كان محل اهتمام المتابعين والمراقبين لهذه الجماعات، لما تعتمد عليه في نشر معلوماتها وأساليبها لترويع الحكومات والشعوب التي لا تتفق معها.

وفي دراسة تم الكشف عنها مؤخرا، أكدت أن تنظيم داعش يملك سبع أذرع إعلامية يبث من خلالها العنف والإرهاب حول العالم وهي "أجناد، الفرقان، الاعتصام، الحياة، مكاتب الولايات، إذاعة البيان، مجلة وموقع دابق و90 ألف صفحة على مواقع التواصل الاجتماعي، وخاصة فيسبوك وتويتر، كما أن تنظيم "داعش" لديه وزارة إعلام يتولى قيادتها محمد العدناني وزير إعلام التنظيم، الذي عينه في ذلك المنصب أمير التنظيم أبوبكر البغدادي.
وكشفت الدراسة التي اعدها الباحث صبرة القاسمي، القيادي السابق بتنظيم الجهاد، أن هناك مجموعة من الأهداف الأساسية لهذه القنوات، أبرزها التسويق لأفكار التنظيم في مختلف دول العالم، بحيث يمكن تجنيد أكبر عدد من المواطنين، خاصة من الشباب المتشدد في أفكاره داخل هذه الدول، والتأكيد على مفهوم الخلافة وغزو أمريكا وأوروبا خلال الفترة المقبلة للسيطرة على العالم بأكمله، وقد ظهر ذلك صراحة في عدة فيديوهات منسوبة لهم والتي عادة ما تبدأ بجملة "نحن على مقربة منكم لتحقيق وعد الله بفتح جميع الدول الكافرة"، وهي ذاتها الجملة التي تناولها فيلم لهيب الحرب، الذي يحمل رسالة صريحة لأمريكا بغزوها قريبا والدخول في حرب معها بعقر دارها، في ظل قيام تنظيم داعش برصد من ميزانيته 3 مليارات دولار لتمويل القنوات السبع، والإذاعات والمواقع الإلكترونية والمجلات التي تروج لفكر التنظيم في جميع دول العالم بأكثر من 12 لغة، مشيرة إلى أن التنظيم تمكن من تكوين ثروة هائلة، بسبب سيطرته على معظم آبار النفط بالعراق، واستيلائه على 480 مليون دولار من بنك الموصل بعد اقتحامه، بخلاف 250 كيلو ذهباً من البنك ذاته، ومؤكدة أن عدد المقاتلين وصل إلى 200 ألف مقاتل بالتنظيم في سوريا والعراق.

أوضحت الدراسة أن استديو "أجناد" يعد الذراع الإعلامية الأولى من أذرع داعش، وبداخله يتم إنتاج الأناشيد الدينية والجهادية، وهو مجهز على أعلى مستوى بأحدث الأجهزة والتقنيات المتقدمة في مجال الصوت، بالإضافة إلى وجود كاميرات وسيارات متنقلة للتصوير الخارجي، يتم استخدمها لتصوير أي عملية ينفذونها، كما أن داعش رصد نحو مليون دولار لدعم هذا الاستوديو، مضيفة أن التنظيم رصد نحو 200 مليون دولار لتمويل "قناة الفرقان" التي تعد الذراع الإعلامية الثانية للتنظيم، وتم تأسيسها بدعم من تنظيم القاعدة منذ عدة سنوات، ثم انتقلت تبعيتها لتنظيم الدولة في العراق والشام، بعد الإعلان عنه، إلى جانب قناة "الاعتصام" التي خصص لها التنظيم 500 مليون دولار، ولديها العديد من المراسلين داخل العراق وسوريا، ومهمتهم نقل جميع المعارك التي تدور داخل الدولتين بالصوت والصورة، كي يتم بثها عبر هذه القناة.
وهناك أيضا قناة "الحياة"، التي رصد لها التنظيم ميزانية تزيد على 500 مليون دولار، وهي مخصصة لإجراء الحوارات التلفزيونية مع قيادات التنظيم مثل البغدادي ومحمد العدناني، كما أنها النافذة الإعلامية المعنية بعمل مونتاج للفيديوهات الإجرامية للتنظيم، حيث يذاع الفيديو بأعلى جودة ممكنة مصحوباً بالأناشيد الجهادية ومؤثرات صوتية، وهي القناة التي أعادت إنتاج فيديو ذبح الأقباط المصريين في ليبيا بهدف مخاطبة الفيديو للاشعور لدى فئة معينة من المتلقين، وذلك عن طريق قيام أطباء نفسيين بالإشراف على الفيديو وعدد آخر من علماء الاجتماع وعلماء الفقه والشريعة بالتنظيم بحيث يصاحب الفيديو أحاديث نبوية وقرآنية تبرر أفعالهم الإجرامية، كما أن مكاتب الولايات التي تعد الذراع الإعلامية الخامسة لـ"داعش" رصد لها التنظيم نحو 200 مليون دولار، وهي عبارة عن قنوات موجهة للولايات التي سيطر عليها التنظيم داخل العراق والشام. أما الذراع الإعلامية السادسة من أذرع "داعش"، فهي إذاعة "البيان" التي يتم بثها في الموصل والأنبار والرقة وعلى الإنترنت، وخصص لها التنظيم 100 مليون دولار، وتبث القرآن الكريم والأناشيد الجهادية، ويفصل بينهما بعض الأخبار التي تستهدف إثارة حماس المقاتلين، لذا وصفتها الدراسة بأنها موجهة بشكل مباشر للمقاتلين في الميادين بالعراق والشام.

شدد الباحث في دراسته أن هناك ذراعاً أخرى إلى جانب القنوات الإعلامية السبع يعتمد عليها تنظيم "داعش" لبث أفكاره المتطرفة، هي صفحات التنظيم على مواقع التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك، وتويتر، والتي يصل عددها إلى 90 ألف صفحة يشرف عليها مناصرون للتنظيم من مختلف الدول، ومتطوعون تم تجنيدهم من أعضاء التنظيم المركزي في سوريا والعراق، بعد إقناعهم بأن ما يفعله "داعش" مشروع عالمي لنصرة الإسلام وتأسيس دولة الخلافة، وأن كل شخص من هؤلاء المتطوعين يجلس أمام جهاز الكمبيوتر حوالي 12 ساعة، تكون مهمته خلالها نشر البيانات التي يكتبها قادة التنظيم، بالإضافة إلى متابعة كل ما يكتب عن التنظيم في المواقع والصحف المختلفة حول العالم، والرد على أي حملات هجومية تنال من التنظيم، إضافة إلى تحليل ردود الأفعال المصاحبة لنشر فيديوهات التنظيم الإجرامية، كما أن أغلب المتطوعين في تلك الصفحات من تونس والسودان وبريطانيا وألمانيا والجزائر ونيجيريا والصومال وتشاد، عدا عن وجود 200 ألف مقاتل في العراق والشام مهمتهم فقط القتال، بالإضافة إلى وجود 500 قيادة من القيادات المركزية بالتنظيم متواجدين أغلبهم في العراق والباقي في سوريا.
من جانبه اعتبر الخبير التقني مروان المريسي أن تغلغل الجماعات المتطرفة في شبكات التواصل لا حدود له، خصوصاً في القنوات الإلكترونية التي يكون التواصل فيها أسرع وأكثر تأثيراً، مثل «تويتر» الذي تجتمع فيه من الصفات ما تمنحه قابلية أكثر، إلى جانب طرق التضليل التي تستخدمها الجماعات المتطرفة في جذب الشباب، بـهيئات ظاهرها الجهاد على الرغم من أن أصحابها يتحدثون إلى الشباب بمعرِّفات وهمية.
شدد على أن الحل الأمثل لمواجهة تلك الجماعات وأنشطتها في مواقع التواصل الاجتماعية يتمثل في التوعية، وإقامة الحجة الواضحة البينة بالمقارنات التاريخية الثابتة، وإسقاطها إسقاطاً متزناً على الواقع، هو الحل الأنجع لإنقاذ شبابنا من الانخراط في ترهات لا يعلمون مصيرها الحقيقي.
ولا يتوقف الاهتمام بولع هذه الجماعات بالمواقع الألكترونية فقط، بل لا تزال ظاهرة جذب داعش للفتيات من دول أوروبا للانضمام إليه وتحمّل المغامرة والمخاطر للذهاب إلى المناطق التي يسيطر عليها في سوريا والعراق محل متابعة المراقبين والمهتمين بالجماعات المتطرفة، خاصة وان هناك دعاة ومواقع إنترنت تساهم في تقديم صورة براقة عن التنظيم والحياة في ظل دولة الخلافة وهذا يساهم في جذب الفتيات والنساء، وهى الظاهرة التي أصبحت محيرة للخبراء والباحثين وتطرح أسئلة كثيرة مهمة حول تقاطر النساء للتنظيم ولم يصل الجميع لاتفاق حول أسباب محددة بشأن هذا الأمر وفي التحقيق التالي جملة من الأسباب والاجتهادات بشأن تلك الظاهرة المثيرة للدهشة والاهتمام.