للشيخ الطيب: كيف يكون الأزهر "وسطيا" ومناهجه تحوي التطرف والإرهاب؟!

الأربعاء 11/مارس/2015 - 10:42 م
طباعة للشيخ الطيب: كيف حسام الحداد
 
الدكتور أحمد الطيب،
الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف
أكد الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، أن الأزهر هو المؤسسة الوحيدة التي ظلت على مدى أكثر من عشرة قرون تُدرس الإسلام بصورة صحيحة، ولم يتأثر بأي تيار من التيارات، ولا بفكر أي جماعة من الجماعات، ولم يستطع أحد التأثير في رسالته الوسطية التي تنبذ التشدد والعنف .وكان هذا التصريح خلال استقباله أمس جان كريستوف، مستشار وزير الخارجية الفرنسي للشئون الدينية، والوفد المرافق له.
وفي وقت سابق في حديثه الأسبوعي للفضائية المصرية والذي أذيعت تفاصيله، الجمعة 30 يناير كشف شيخ الأزهر الشريف أن الحملة الشرسة المثارة ضد مناهج الأزهر وتراثه، يقودها فريق من الكارهين للأزهر .
للشيخ الطيب: كيف
وأوضح الإمام الأكبر أن هذه الكراهية قديمة وتنبع من أصحاب التيارات التي تتمنى أن ينقلب الشرق يومًا إلي جزء من الغرب يحاكي ثقافته وحضارته وقيمه التي لا يراعَى فيها دين ولا خلق، وهؤلاء لا يبكون كثيرًا ولا قليلًا علي الفروق العلمية والتكنولوجية والسلوكية بيننا وبينهم، ويعتبرون أن الأزهر هو العقبة التي تقف في طريق تحقيق أحلامهم.
كما كشف أن هناك فريقًا آخر يتشدد في التدين، ويرى أن الأزهر بوسطيته لا يحقق الصورة التي يحلم بها من طريقة التدين، وهي طريقة فَرضِ أمور علي الناس تنحصر في الشكليات لا أكثر ولا أقل، ولا يعنيهم العلم وتقدم المسلمين وقوتهم ولا اقتصادهم، ومن ثَم فإن الأزهر أمام فريقين، أحدهما مفرِط، وآخر مفَرِّط، وكِلاهما يجد أن الأزهر حجر عثرة في سبيل تحقيق أحلامه المريضة، لأن المتشدد لا يقل في أحلامه مرضًا عن المُتَمَيع الذي يريد أن يُميَع المجتمع، لافتًا إلى أن كِلَا الفريقينِ خطر علي الإسلام وعلى وسطيته.
وأوضح فضيلته أن الكارهين للأزهر من الفريقيْن لهم أبواق إعلامية، ولديهم دعم مادي رهيب لا يُتَصور، إذ الغرب ينفق علي التيار المتميِّع، وينفق في الوقت ذاته علي التيار المتشدد والمتطرف، وهذا يعد من العبث العالمي بالأمة الإسلامية، مشددًا على جهل الأبواق التي خرجت أخيرًا لتهاجم الأزهر وتراثه وتتهمه بأنه مصدر التطرف والإرهاب، واصفا هؤلاء بالجاهلين لا يعرفون ما يتحدثون فيه، مبينا أن الأزهر حفيظ علي العلم والثقافة، ويحث عليهما.
للشيخ الطيب: كيف
كما دعا فضيلة الإمام الأكبر في لقائه إلى استعادة الخطاب الديني الصحيح الذي تعلمناه من شيوخنا في الأزهر الشريف، مبينا أن تجديد الخطاب الديني يعني تغيير طريقة العرض والتفاعل، وأن الثوابت لا يمكن أن تتغير، مؤكدًا أن التاريخ لم يسجل – ولو مرة – أن الأزهر فيه طوائف متشددة قتلت الناس؛ لأن الأزهر يدرس العلوم التي درسها شيخ الأزهر والتي كان يدرسها الشيخ محمد عبده وكبار علماء الأزهر، فهل كان محمد عبده إرهابيا.
وشدد فضيلته على أن الأزهر هو صمام أمان الوسطية، لأن تراثه تراث وسطي وأن المهاجمين للأزهر الآن لا يعرفون ولا يفهمون الكتب والمناهج الأزهرية، لأن فهمها يحتاج إلي تأهيل، وهم غير مؤهلين.
كما أكد شيخ الأزهر أن الكتب المقررة علي طلاب الأزهر لا تكفر مسلمًا ينطق بالشهادتين مهما فعل، واصفا ما يُشاهد عبر شاشات التليفزيون من إحياء للآراء الشاذة، وتكفير للمسلمين الأبرياء بأنه أمر كارثي وضرب لما استقر عليه جمهور المسلمين، وأن السبيل للخروج من هذه الكارثة هو تراث الأزهر، لأنه هو التراث الصحيح.
ولا يسعنا في هذا المقام الا وضع مناهج الأزهر بين يدي شيخ الأزهر ليقرر بنفسه مدى وسطيته:
للشيخ الطيب: كيف
فمناهج الأزهر تعمل على تخريج جيل جديد ممن يتبنون الفكر المتطرف والوحشي والبربري كما وصفتموه، واليكم عينة "للمضطر أكل آدمي ميت إذا لم يجد ميتة غيره.. واستثنى من ذلك ما إذا كان الميت نبيًا فإنه لا يجوز الأكل منه جزمًا.. أما إذا كان الميت مسلمًا والمضطر كافرًا فإنه لا يجوز الأكل منه لشرف الإسلام، وحيث جوزنا أكل ميتة الآدمي لا يجوز طبخها، ولا شيها، لما في ذلك من هتك حرمته، ويتخير في غيره بين أكله نيئًا وغيره".. هذا النص لم يتم اقتطاعه من مؤلفات تراثية عن الخرافة، إنما تم اقتطاعه بمساعدة الباحث والمستشار القانوني أحمد ماهر، بتصرف لا يخل، من الصفحات من 255 إلى 257 من كتاب "الإقناع في حل ألفاظ أبى شجاع" الذى يدرسه طلاب الأزهر الشريف، فرغم أن الله تعالى كرّم بنى آدم، وسخّر لهم الكون من حولهم، فأحل لهم الطيبات وحرّم عليهم ما دون ذلك، خاصة لحم الآدمي، فإن مناهج المعاهد الأزهرية تخالف ذلك، وتحض على إهدار كرامة الآدمي بحل أكله وقت المجاعة، بل أكل الإنسان لبعض جسمه، وحسب المرجع السابق: "وله- أي للمسلم- قتل مرتد وأكله، وقتل حربى، ولو صغيرًا، أو امرأة وأكلهما، لأنهما غير معصومين.."، ولم يتوقف الأمر عند ذلك، لكنه يجوز للإنسان أكل لحمه حيًا، فحسب "حل ألفاظ أبى شجاع": "يحل قطع جزء نفسه لأكله إن فقد نحو ميتة، وكان خوف قطعه أقل، ويحرم قطع بعضه لغيره من المضطرين، لأن قطعه لغيره ليس فيه قطع البعض لاستبقاء الكل نعم، إن كان ذلك الغير نبيًا لم يحرم، بل يجب. ويحرم على المضطر أيضًا أن يقطع لنفسه قطعة من حيوان معصوم لما مر".
ورغم أن الدين الإسلامي دين الرحمة والعفو والنصيحة والتسامح، لكن ليس هذا ما تصوّره مناهج الأزهر، إنما تصدر الشريعة لدارسيها على أنها دعوة للقتل والعنف وإراقة الدم، وتدعو كتب الفقه التي تدّرس بالمعهد لقتل المخالفين كتارك الصلاة والزاني المحصن والمرتد، ولو بغير إذن الإمام، كما يجوز قتل الجماعة في الواحد، ولا يتوقف الأمر عند ذلك، إنما تقول بعدم القصاص لمن قتل أحدهم عن طريق إغراق إياه أو خنقه، لأن ذلك مما لا يقتل عادة، في نظرهم، وفيما يلى نصوص مناهج الأزهر: "وله- أي للمسلم- قتل الزاني المحصن، والمحارب، وتارك الصلاة، ومن له عليه قصاص، وإن لم يأذن الإمام في القتل، لأن قتلهم مستحق، ثم بعد ذلك يأكل منه ما يشاء"، "الشرح الصغير"، المقرر على الصف الثالث الثانوي. وفى منهج السنة الثالثة الثانوية الأزهرية نطالع في كتاب "الاختيار لتعليل المختار"، في صفحة 366 تحت عنوان "أحكام المرتد" ما يلى حرفيًا: "وإذا ارتد المسلم يُحبس ويعرض عليه الإسلام، وتُكشف شُبهته، فإن أسلم وإلا قُتل، فإن قتله قاتل قبل العرض لا شيء عليه.. ويزول ملكه عن أمواله زوالا مراعى، فإن أسلم عادت إلى حالها"، ونفهم من النص الأخير، أن من قتل مرتدًا فلا شيء عليه، كما أنه يتم الاستيلاء على مال المرتد، ويرد بالمناهج الأزهرية ما يخالف اجتهادات العلماء ورجال الدين المعاصرين من أنه لا تؤخذ الجماعة بذنب الفرد، فنجد نصوصًا في باب القصاص مثل "تُقتلُ الجماعة بالواحد، ويقتل الواحد بالجماعة اكتفاءً، وإن قتله ولى أحدهم سقط حق الباقين"، ويرد أيضًا: "كل ميت به أثر أنه تم قتله، فإذا وُجد في محلة لا يُعرف قاتله وادعى وليه القتل على أهلها أو على بعضهم عمدًا أو خطأ ولا بينة له، يختار منهم خمسين رجلًا يحلفون بالله ما قتلناه، ولا علمنا له قاتلًا، ثم يُقضى بالدية على أهل المحلة، وإن كان عدد المحلة يقل عن خمسين كرر بعضهم الحلف حتى يصل العدد لخمسين". أي أن 50 رجلاً يقسمون حتى لا يتم قتل كل أهل الحى الذى وُجدت به الجثة، لكن كل أهل الحى يدفعون الدية حتى بعد القسم.
للشيخ الطيب: كيف
وفي مشهد يُضرب به المثل في الرحمة إلى يومنا هذا، عفا النبي صلى الله عليه وسلم عن كفار قريش بعد فتح مكة، دون إجبار أحد منهم على اعتناق الإسلام، لكن ما نجده في مناهج الأزهر ينافى فعل الرسول، بل يشجع صراحة على سفك الدماء وسرقة أموال الآخر، وهو غير المسلم كما تورد هذه المناهج، ففي صفحة 340: "أما الأسارى فيمشون إلى دار الإسلام، فإن عجزوا قتل الإمام الرجال وترك النساء والصبيان في أرض مضيعة حتى يموتوا جوعًا وعطشًا، لأنا لا نقتلهم للنهى"، وفى كتاب "الاختيار لتعليل المختار في فقه أبى حنيفة» المقرر على الصف الثالث الثانوي الأزهري نطالع بصفحة 338 وما بعدها: "وإذا فتح الإمام بلدة عنوة إن شاء قسمها بين الغانمين، وإن شاء أقر أهلها عليها ووضع عليهم الجزية، وعلى أراضيهم الخراج، وإن شاء قتل الأسرى، أو استرقهم، أو تركهم ذمة للمسلمين، ولا يفادون بأسرى المسلمين ولا بالمال إلا عند الحاجة، وإذا أراد الإمام العودة ومعه مواش يعجز عن نقلها ذبحها وحرقها، ويحرق الأسلحة"، ولم ينس الكتاب تذكير المسلمين بعدم قتل الحيات والعقارب في دار الحرب "البلد الذى يفتحونه"، وذلك حتى يكثر نسلها فيكثر أذاها للكفار. وفى كتاب "الإقناع في حل ألفاظ أبى شجاع"، فله- أي للمسلم- كفاية لشر الكافر "أن يفقأ عينه، أو يقطع يديه ورجليه، وكذا لو أسره، أو قطع يديه أو رجليه، وكذا لو قطع يدًا ورجلًا".
فماذا يفعل تنظيم الدولة "داعش" في العراق والشام وليبيا وغيرها سوى ما تقومون انتم بتعليمه لأبنائنا من طلبة وطالبات الأزهر في الابتدائي والاعدادي والثانوي؟ وهل يريد شيخ الأزهر أدلة أخرى من المناهج التي يقوم بتدريسها للتأكيد على تطرفه وليس وسطيته؟

شارك