بعد الطعن على حكم الأمور المستعجلة.. هل نجح "الجهاد الإسلامي" في رأب الصدع بين القاهرة وحماس؟
الخميس 12/مارس/2015 - 12:59 م
طباعة

رجح عدد من الخبراء أن تساعد خطوة الحكومة المصرية، التي تمثلت في الطعن حكم محكمة (القاهرة للأمور المستعجلة) بتصنيف حركة المقاومة الإسلامية حماس إرهابية، في تحريك المياه الراكدة بين الجانبين، بعدما وصلت العلاقة بين مصر و(حماس) في بعض الأوقات إلى طريقاً مسدوداً، على خلفية اتهام القاهرة للحركة في الضلوع في تنفيذ عمليات عدائية في الأراضي المصرية، عبر استخدام الأنفاق الحدودية بين الجانبين، فضلاً عن رفض حماس تسليم قائمة بأسماء مطلوبة على ذمة قضائيا إرهاب في مصر.
ويدخل قرار السلطات المصرية فتح معبر رفح لمدة يومين، في سياسة تحسين العلاقات المتوترة بين الطرفين منذ فترة، خاصة وأن المنفذ البري بين مصر وقطاع غزة الفلسطيني، ظل مُغلقاً بقرار سيادي لمدة تجاوزت الشهرين، وهو ما اعتبره مراقبون أنهما خطوتان تسهمان في تطوير العلاقات بين الجانبين، كما تساعدان على تهدئة التوتر مع حركة حماس.
حلحلت الموقف المُتجمد بين مصر وحماس، والتي بدأت تحديداً منذ عزل الرئيس الإخواني محمد مرسي يوليو 2013، كشف عنها نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، حيث أكد خلال خطبة الجمعة التي ألقاها الأسبوع الماضي، أنّ مسئولين مصريين أبلغوا الحركة أن الحكم القضائي الذي اعتبر الحركة "منظمة إرهابية" لم يتم تبنيه سياسيا.

وقال هنية، خلال خطبة صلاة الجمعة التي ألقاها في مسجد "الكتيبة" غرب مدينة غزة: إن حركته أجرت اتصالات على مدار الأيام الماضية مع الأمين العام لجامعة الدول العربية، نبيل العربي، ومسئولين مصريين وفلسطينيين؛ من أجل تنقية الأجواء، وتدارك تداعيات الحكم القضائي المصري، وأوضح أن مسئولين مصريين (لم يحدد أسماءهم) أبلغوا الحركة أن قرار المحكمة قضائي ولم يتم تبنيه سياسيا، وجدد هنية خلال خطبة الجمعة تأكيد حركته على عدم التدخل في أي شأن عربي داخلي، خاصة مصر؛ بوابة قطاع غزة والجارة والشقيقة.
وتابع: "ليس لنا أي دور أمني أو عسكري في داخل سيناء (شمال شرقي مصر) ولا في أي بقعة من أرض مصر"، مؤكداً حرص حركته على أمن مصر، مضيفا أن الأجهزة الأمنية بغزة تقوم بتأمين الحدود، على طول الشريط الحدودي مع هذا البلد العربي، ومنع تسلل أي شخص من داخل قطاع غزة إلى مصر، واستدرك قائلاً: "هذه مهمة وزير الداخلية رامي الحمد الله والوضع الطبيعي ألا يكون جندي واحد بيننا وبين مصر؛ لأننا شعب واحد، لكن أمام هذا المنعطف نحن معنيون بضبط حدودنا وسنفعل كل ما يلزم لتطمين أشقائنا المصريين بتوفير الأمن لهم"، وأضاف: "ليس الجيش المصري هو من يضرب الفلسطينيين".
الحكومة تطعن على الحكم

كانت الحكومة المصرية، قدمت أمس طعناً بحكم محكمة الأمور المستعجلة الشهر الماضي اعتبار حركة حماس تنظيماً إرهابياً، وحددت محكمة استئناف القاهرة 28 الشهر الجاري موعداً للنظر في الطعن الذي تقدمت به هيئة قضايا الدولة، التي تمثل الحكومة أمام المحاكم.
وعزا مصدر قضائي مصري قرار الطعن إلى صدور قانون «الكيانات الإرهابية» الذي يُنظم عملية إدراج أي تنظيمات أو شخصيات على لوائح الإرهاب، إذ خصّ القانون محكمة استئناف القاهرة، وليس محكمة الأمور المستعجلة، بإصدار تلك القرارات بعد طلب من النيابة العامة.
وقال خبراء سياسيين: إن من حق الحكومة المصرية الطعن على الحكم القضائي الذي صنف حماس أنها إرهابية، لافتًا أن غلق مثل هذا الملف في هذا التوقيت ضروري، خاصة، وأن مصر تخوض أكثر من صراع في أكثر من اتجاه، خاصة أن الدولة تستعد لمؤتمر اقتصادي تحتاج لنوع من الموازنة لإنجاحه.
فيما قال مراقبون: إن التحرك المصري يخدم حماس بشكل خاص، والقضية الفلسطينية بشكل عام؛ لأن إقرار حكم المحكمة، بأن حماس إرهابية، يدعم موقف إسرائيل في وجهة نظرها، ويدفعها للتعامل مع "حماس" على أنها إرهابية، لافتًا إلى أن هذا التحرك المصري يفهم على إنه تحرك إيجابي مع حركة المقاومة الوطنية.
الجهاد" ترعى تقريب وجهات النظر بين حماس والقاهرة

وربط مراقبون بين الزيارة التي قام بها أعضاء من حركة "الجهاد الإسلامي"، منذ أيام وحلحلت الموقف بين القاهرة وحركة حماس، حيث قام أمين عام حركة الجهاد الإسلامي رمضان شلّح ونائبه زياد النخالة، لبحث العلاقات المصرية الفلسطينية، فضلاً عن بحث سبل تنقية الأجواء بين حركة حماس والقاهرة، والوصول إلى مصالحة شاملة بين الطرفين.
ويبدو أن المهمة حققت ما كانت تتطلع إليه، وساعدت على تهدئة الأجواء بين الطرفين، وهو ما تمثل في قرار الحكومة المصرية فتح معبر رفح لمدة يومين أمام الحالات الإنسانية، ثم طعن هيئة قضايا الدولة ممثلة الحكومة أمام القضاء المصري، على حكم محكمة "الأمور المستعجلة" باعتبار حماس منظمة إرهابية، وذكرت صحيفة "ميدل إيست مونيتور" البريطانية، أن حركة الجهاد الإسلامي كانت قد أشادت بالمحادثات مع الجانب المصري بشأن غزة، ووصفتها بالمثمرة والإيجابية.
ولفتت الصحيفة إلى أن المحادثات أسفرت عن صدور قرار من السلطات المصرية بإعادة فتح معبر رفح، وقالت في بيان رسمي لها: إنها تتوقع نتائج أكثر إيجابية للمحادثات خلال الأيام المقبلة، كما رحبت حركة الجهاد الإسلامي، بطعن الحكومة المصرية على حكم محكمة الأمور المستعجلة، الذي صنف حماس بـ"الإرهابية"، وثمنت الحركة في تصريح صحفي، أن تكون هذه الخطوة قد وضعت حدًا لكل محاولات الإساءة لمفهوم المقاومة، وقطع الطريق على من يسيئون لدور مصر في دعم القضية الفلسطينية.

كانت حركة حماس أشادت بالجهود التي بذلتها حركة الجهاد الإسلامي لتحسين العلاقات بينها وبين مصر، في وقت كانت وكالة "معا" الإخبارية، قد ذكرت في تقرير صحفي نقلا عن مصادر أمنية مصرية وصفتها برفيعة المستوى أنّ حركة حماس تصالحت مع النظام المصري بواسطة من حركة الجهاد الإسلامي.
وقال التقرير: إنّ حركة حماس التزمت بمطالب القاهرة من أجل رأب الصدع في العلاقات التي شهدت مؤخرا توترا غير مسبوق، وذلك بوساطة حركة الجهاد الإسلامي التي لعبت دورا ضامنا لتنفيذ المطالب، ووفقا لوكالة معا، فإن القاهرة اشترطت أن تكف حركة حماس عن الحملات الإعلامية التحريضية ضدها، وألا تتدخل في شأنها الداخلي، وبكل ما يتعلق بشبه جزيرة سيناء، ونشاطات الحركات المتشددة فيها، بينها أنصار بيت المقدس، وأن تلتزم حماس بالعمل على ضبط الحدود بين قطاع غزة ومصر، بالإضافة إلى تسريع المصالحة مع السلطة الفلسطينية.

بنود المصالحة التي تمت بوساطة تنظيم "الجهاد"، أن مصر وافقت على مطلب الجهاد الإسلامي بإعادة فتح معبر رفح مرتين بالأسبوع والعمل تدريجيا على فتحه يوميا وبشكل دائم، في حين تتولى السلطة الفلسطينية إدارة المعبر من الجانب الفلسطيني وليست حركة حماس، وبموجب الاتفاق فإن مصر تعيد النظر في قرار المحكمة المصرية باعتبار حركة حماس "حركة إرهابية"، وهو ما تمثل في خطوة الحكومة المصرية الطعن على الحكم أمس
ردود فعل فلسطينية

من جانبه، وبعد ساعات من التحرك المصري، وصف المتحدث الرسمي باسم حركة حماس سامي أبو زهري، قرار الحكومة المصرية الطعن على قرار تصنيف الحركة كـ"تنظيم إرهابي" هو خطوة بالاتجاه الصحيح، مضيفاً: "نتمنى أن ترى خطوة الطعن طريقها إلى النور، ويتم تدارك تداعيات قرار اعتبارنا حركة إرهابية"، مشدداً على أن حماس "لا تتدخل في أي شأن داخلي عربي، وخاصة مصر"، التي قال إن حركته تتطلع إلى إقامة علاقات مستقرة معها.
كما وصفت (كتلة التغيير والإصلاح) النيابية التابعة لحركة حماس قرار الطعن بأنه خطوة في الاتجاه الصحيح، وشددت الكتلة على حرص الحركة على علاقة استراتيجية مع مصر قائمة على قاعدة دعم القضية المركزية لفلسطين والمصالح المشتركة للشعبين في مواجهة العدو المشترك لنا وهو العدو الصهيوني.