الخليج يُعوَل على الروس في حل الأزمة اليمنية
الخميس 12/مارس/2015 - 07:49 م
طباعة


بعد انقلاب جماعة أنصار الله الحوثي على سلطة الرئيس الشرعي للبلاد عبد ربه منصور هادي ازداد المشهد السياسي في اليمن تعقيدًا، وبدا أن هناك دولاً إقليمية ودولية، يمكن أن تساعد على حل الأزمة اليمنية، ومن بين هذه الدول، روسيا الاتحادية، في وقتٍ كانت قوى سياسية رئيسية في اليمن، رحبت باستضافة الرياض لحوار يمني مزمع تحت مظلة مجلس التعاون الخليجي من أجل التوافق على حل سياسي للأزمة اليمنية.
كانت روسيا، دعت إلى ضرورة حل الأزمة في اليمن بالطرق السياسية عبر حوار وطني شامل يضمن مصالح مختلف القوى السياسية والطوائف، مؤكدة أنها بصفتها عضو في الرعاة "العشرة" للعملية السياسية في اليمن، فإنها مستعدة للاستمرار في تقديم المساعدة لصنعاء في حل المشاكل.

والمشهد السياسي في اليمن ملتبس إلى حد كبير، كون قوى إقليمية لها نفوذ واسع مع اليمن تدفع الأوضاع في الاتجاه الذي تريده، فدول مجلس التعاون الخليجي تدفع إلى عودة سلطة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، فيما تدعم إيران وروسيا، جماعة الحوثيين، وقد عزا مراقبون ذلك الدعم إلى محاولة إيران وروسيا السيطرة على مضيق باب المندب.
كانت صحيفة "الشرق الأوسط"، كشفت عن تحركات كبيرة يقوم بها المكتب الرئاسي اليمني في العاصمة عدن، وسط الأحزاب السياسية، استعدادًا لنقل الحوار اليمني إلى العاصمة السعودية الرياض، فيما أكد قيادي لدى جماعة أنصار الله الحوثية، رفضهم بشكل رسمي نقل الحوار إلى الرياض، متهما الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي بأنه يقود مؤامرة، لكن مصادر في الرئاسة اليمنية قالت إن مساعيَ روسية لإقناع الحوثيين عبر طهران، بضرورة حضور لقاء الرياض.
وكان الرئيس هادي قد بعث برسالة إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز يطلب فيها نقل الحوار الوطني اليمني إلى العاصمة السعودية ليكون تحت مظلة مجلس التعاون الخليجي، وهو الأمر الذي وافق عليه قادة مجلس التعاون الخليجي.

ويعتبر مجلس التعاون الخليجي اليمن عمق استراتيجي له، لا بد من الوقوف معه، كما يعول الخليج ضمنياً على روسيا أن تدفع الحوثيين إلى المشاركة في مؤتمر الرياض، فضلا عن قدرتها على لعب دوراً في لمّ الشمل اليمني، من خلال علاقاتها مع إيران والحوثيين، بعد أن أعلنت مؤخرًا وقوفها مع الشرعية في اليمن.
السفير الروسي في اليمن فلاديمير ديدوشكين، أكد دعم بلاده للشرعية الدستورية للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، وهو يعتبر أول موقف علني رسمي من جانب روسيا لتأييد الشرعية في اليمن، جاء ذلك لدى استقبال الرئيس هادي له الأحد في العاصمة الاقتصادية والتجارية عدن، ونقلت وكالة الأنباء اليمنية من فرعها في عدن عن السفير الروسي تأكيده أنه لا خيار أمام اليمنيين للخروج من أزمتهم إلا من خلال الحوار واستكمال العملية السياسية لتجنيب اليمن ويلات الصراع.

وقال السفير الروسي في تصريح للصحفيين عقب اللقاء "لا توجد أي شكوك لدى روسيا الاتحادية حول شرعية الرئيس هادي الدستورية والتي أكدت عليها قرارات الأمم المتحدة الأخيرة"، وأشار إلى أنه بحث مع الرئيس هادي الطرق المثلى للوصول إلى حلول سريعة للأزمة في اليمن، من خلال الحوار بين جميع الأطراف السياسية باعتبار الحوار السبيل الوحيد للوصول إلى حل نهائي للأزمة في اليمن.
الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، أعرب عن شكره للدعم الروسي لليمن الذي يحافظ على الشرعية الدستورية، ويصفها إحدى الدول الراعية للمبادرة الخليجية في سبيل إخراج اليمن من أزمته الراهنة، مؤكدًا على أهمية مواصلة الحوار واستكمال العملية السياسية القائمة على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني وقرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة.
وتعوّل دول مجلس الخليج على مدى تأثير روسيا على إيران في دفع الحوثيين، في الدخول في حوار تحت رعاية مؤسسة الرئاسة اليمنية بقيادة الرئيس عبد ربه منصور هادي، كما يحظى هادي بدعم دولي في مواجهة الحوثيين.

من جهته أعلن حزب المؤتمر الشعبي، الذي يقوده الرئيس السابق علي عبد الله صالح، ترحيبه من حيث المبدأ حضور مؤتمر الرياض، وقال علي المقدشي، القيادي في الحزب إن حزبه ليس لديه موقف سلبي ضد دول الخليج، مؤكدا أن الأمانة العامة للحزب ستجتمع للبت في قرار الحضور للرياض، وأضاف أنه يرجح قبول الحزب للدعوة والحضور للعاصمة السعودية.
كان مجلس الأمن الدولي، لم يدعم طلب دول مجلس التعاون الخليجي، باستصدار قرار يستند إلى البند السابع، وذلك خوفاً من الفيتو الروسي، حسب المحلل السياسي نبيل الشرجبي، الذي يحذر من تدويل الأزمة اليمنية في ظل "الاستراتيجية الروسية الجديدة"، وكان المجلس قد تبنى بالإجماع قرارًا يدعو الحوثيين في اليمن بالانسحاب الفوري وغير المشروط من مؤسسات الدولة.
الإصرار الحوثي على التمادي في مخططهم الانقلابي يدفع إلى التساؤل حول الأسباب التي تدفعهم لذلك، ويقول بعض الخبراء إن العقلية العسكرية وعقلية الميليشيات مازالت هي المسيطر الأكبر على تفكير هذه المجموعة، ولم تستطع هذه المجموعة حتى الآن أن تتحول إلى العمل السياسي ومازالت تفتقد إلى الكثير من أبسط قواعد العمل السياسي.

ومن ناحية أخرى هي تعتقد أن غالبية المؤسسة العسكرية والاجتماعية أصبحت الآن في يدها، والعامل الثالث أيضًا هو استنادها واعتمادها على الدعم الإيراني والمواقف الإيرانية بشكل واضح جدًا، وهي أيضاً على استعداد أن تذهب إلى أبعد مدى، ظنًا منها أن هذا الموقف الإيراني لن يتغير بل سيتضاعف في ظل ضغط المجتمع الدولي.
وفيما له صلة، بمدى استغلال جماعة الحوثي، مزاعم "التدخل الخارجي" لحشد التعاطف الشعبي، فربما تستخدم جماعة الحوثي هذه المسألة لكن بشكل غير فاعل، لأن الرأي العام كامل يقف ضد الحوثيين، كما أن المجموعة التي تقف في صف الحوثيين ضئيلة وحتى محاولاتهم لاستغلال عواطف الناس بما يسمونه بـ"التدخل الخارجي" لن تنجح.
كانت روسيا طرحت مقترحات لدعم المبادرة الخليجية لحل الأزمة في اليمن، وقال المصدر في تصريح لوكالة أنباء (شينخوا) أن هناك جهودًا روسية تسعى إلى محاولة الدفع بأطراف الأزمة اليمنية لتنفيذ المبادرة التي تقدمت بها دول مجلس التعاون الخليجي بالإضافة إلى "طرح الروس عددًا من المقترحات الخاصة بحل الأزمة اليمنية"، دون أن يكشف عن مضمون هذه المقترحات .
وعبر الرئيس الروسي عن تمنياته بأن يتمكن الشعب اليمني من التغلب على المصاعب التي تواجهه والسير بالبلاد نحو المستقبل المفعم بالاستقرار وذلك من خلال الجلوس إلى طاولة الحوار في إطار الدستور والقوانين والتخلي عن العنف كوسيلة لتحقيق الأهداف السياسية.

في السياق، رفضت إيران الاتهامات الأمريكية لها بـ "المساهمة" في سيطرة جماعة الحوثي على السلطة في اليمن، وأكدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الإيرانية مرضية أفخم أن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري "يلقي باللوم على إيران، فيما تتناقض تصريحاته بشكل كامل مع أخرى سابقة لمسؤولين أمريكيين".
وشددت أفخم على أن موقف إيران الأساسي هو حق الشعوب في تقرير مستقبلها، مضيفة أن "على جميع الأطراف أن يسمحوا للشعب اليمني بتقرير مصير بلاده بنفسه"، ورأت أن أي تدخل أجنبي في التطورات السياسية الأمنية سيساهم في استمرار الأزمة وانعدام الأمن".
وكان كيري اتهم، أمام أعضاء الكونجرس الأمريكي في 24 فبراير الماضي، أن الدعم الإيراني للحوثيين في اليمن "ساهم" في سيطرتهم على هذا البلد، مؤكدا "أعتقد أن ذلك ساهم في انهيار الحكومة بدون أي شك".