بشارة الراعي بطريرك الكنيسة المارونية اللبنانية

الإثنين 25/مارس/2024 - 08:46 ص
طباعة بشارة الراعي بشارة الراعي روبير الفارس
 
يصادف اليوم  ذكري انتخاب بشارة بطرس الراعي أو بالصيغة الرسمية مار بشارة بطرس الراعي  بطريرك أنطاكية الماروني السابع والسبعون، الذي تم انتخابه في 15 مارس 2011 بعد ثلاث عشرة جولة اقتراع على مدى خمسة أيام قام بها مجلس المطارنة الموارنة منذ 11 مارس، خلفًا للبطريرك نصر الله صفير الذي كان قد أعلن استقالته في فبراير 2011 لكبر سنه . ولد الراعي عام 1940 في المتن الشمالي، وانخرط في الرهبنة باكرًا وهو بالتالي يُعتبر أول بطريرك قادم من الرهبنة منذ البطريرك طوبيا الخازن قبل نحو ثلاث قرون.
درس في لبنان وإيطاليا وعمل في الفاتيكان ودرّس موادّ لاهوتية وحقوقية كنسيّة في جامعات عدّة، قبل أن يصبح أسقفًا عام 1986 ورئيس أساقفة جبيل عام 1990، وترأس عددًا من اللجان الكنسيّة منذ انتخابه أسقفًا وحتى انتخابه بطريركًا. وهو إلى جانب كونه البطريرك الماروني، يعتبر رئيس مجلس بطاركة الشرق الكاثوليك. منحه بابا الفاتيكان البابا بندكت السادس عشر لقب كاردينال في الكنيسة الجامعة، وهو رابع بطريرك ماروني يتم منحه اللقب التالي للقب بابا، في الكنيسة الكاثوليكيةوبذلك اللقب اصبح  البطريرك الراعي أول عربي وماروني في العصور الحديثة يشارك في الانتخابات البابوية الفاتيكانية  بعد أن شارك في المجمع المغلق لعام 2013.التي جاءت بالبابا فرنسيس الاول بابا الفاتيكان 
ولد الراعي في قرية حملايا في قضاء المتن محافظة جبل لبنان، في 25 فبراير 1940، والده هو يوسف الراعي ووالدته ثمينة. انخرط في صفوف الرهبنة المريمية المارونية، ثاني أكبر رهبنات لبنان بعد الرهبنة اللبنانية المارونية عام 1953 وترهب في  31 يوليو 1962.

دراساته

إثر إبرازه النذور الدائمة، أوفدته الرهبنة إلى روما حيث تابع دراساته في اللاهوت والفلسفة في جامعة كاتدرائية القديس يوحنا اللاتراني الحبرية، حتى عام 1975 ونال إجازة الدكتوراه منها في الحقوق الكنسية والمدنية. كذلك درس خلال تلك الفترة المحاماة الكنسية وحصل إلى إجازة الرّوتا الرومانية التي تترجم كقاضي في الكنيسة الجامعة.
تولى الراعي خلال دراسته في روما عددًا من المناصب، فأصبح رئيس تحرير القسم العربي في إذاعة الفاتيكان منذ 1967 وحتى 1975، وشغل أيضًا منصب نائب رئيس دير مار أنطونيوس الكبير في روما والمسمى أيضًا المدرسة المارونية في روما، وقد سيم كاهنًا هناك في 3 سبتمبر 1967.
عاد الراعي إلى لبنان عام 1975 ليتولى منصب رئيس مدرسة دير سيدة اللويزة في بعبدا، وفي العام 1976 عيّن مرشدًا روحيًا لراهبات الزيارة في ذوق مكايل وظل في هذا المنصب حتى عام 1986، كما شهد عام 1977 تعيينه قاضيًا في المحكمة الروحية الابتدائية المارونية التي تنظر بقضايا الأحوال الشخصية وأخذ في العام نفسه يحاضر في مادة الحقوق في جامعة القديس يوسف في بيروت وظلّ في هذا المنصب حتى تعيينه أسقفًا، وأسس عام 1987 جامعة سيدة اللويزة وتولى رئاستها.
خلال هذه الفترة، كان الراعي يقوم بالإضافة إلى مهامه في التدريس والقضاء بخدمة عدد من الرعايا في ذوق مصبح وأدونيس الواقعة في قضاء كسروانوعيّن عام 1982 رئيسًا للمحكمة الاستئنافية المارونية، وعام 1983 عضوًا في الزيارة الرسولية للراهبات المريميات المارونيات، وتفرغ عام 1984 لرعية مار جرجس في ضبية الواقعة ضمن قضاء المتن كما كفّ عن إدارة مدرسة اللويزة والتدريس فيها ليتفرغ لشؤون مدرسة القديسة ريتا في ضبية.

الحياة الأسقفية 1986 - 2011

انتخب البطريرك نصر الله بطرس صفير في 19 أبريل 1986، وفي 5 يوليو 1986 عيّنه البطريرك أسقفًا برتبة نائب بطريركي في بكركي، فانتقل من رعيته في ضبية إلى بكركي، حيث تمّ سيامته الرسمية وفق الطقوس المارونية في 12 يوليو 1986 وعيّن المسؤول المشرف على جمعية كاريتاس لبنان الخيرية وقد ظلّ في هذا المنصب حتى 1991، كما شهد العام 1986 تعيينه مشرفًا عامًا على عمل المحاكم الروحية المارونية وقد استمر في منصبه حتى 1992؛ ثم أصبح بعد وفاة المطران عبد الله البارد عام 1988 مسؤول منطقة بكركي في الأبرشية البطريركية. وشهد عام 1988 أيضًا تعيينه من قبل البابا يوحنا بولس الثاني رئيسًا للجنة تنسيق النشاطات الاجتماعية في كنيسة لبنان واستمر في منصبه حتى العام 2000، كما عينه البابا في العام نفسه عضوًا في المجلس البابوي "قلب واحد" واستمر في عضوية المجلس حتى 1994. في العام 1990 أعلن البطريرك صفير بموافقة سينودس الكنيسة المارونية، فصل جبيل عن الأبرشية البطريركية وتحويلها إلى أبرشية مستقلة على رأسها بشارة الراعي.
في العام 1992 عينه البابا يوحنا بولس الثاني منسقًا عامًا لسينودس (اى مجمع ) الأساقفة الكاثوليك الخاص بلبنان، وقد استمر الراعي في مهمته حتى 1995
أصبح الراعي عام 2003 أمين سر السينودس الخاص بالكنيسة المارونية وفي عام 2004 مشرفًا على عمل المحاكم الروحية للأسقفيات وفي عام 2005 منسقًا عامًا للجان حماية العائلة الكاثوليكية في الشرق الأوسط، كما انتخب عام 2009 رئيسًا للجنة الأسقفية الكاثوليكية للإعلام، وفي العام 2010 عينه البابا بندكت السادس عشر عضوًا في اللجنة الحبرية لشؤون الاتصالات الاجتماعية

انتخابه بطريركًا

قدّم البطريرك صفير استقالته في فبراير بعد بطريركية طويلة دامت خمسة وعشرين عامًا لكبر سنه، بموجب قوانين الكنائس الكاثوليكية الشرقية فإنه عند شغور كرسي البطريركية وجب على مجلس المطارنة الدعوة خلال عشرة أيام على الأكثر لانتخاب بطريرك جديد؛ وهو ما تقيّد به المجلس إذ دعا إلى بدء الخلوة الانتخابية في 9 مارس على أن تشمل في اليومين الأولين صلوات ورتب روحية وتبدأ فعليًا بأول جلسة انتخاب في 11 مارس؛ وقد حضر الخلوة 39 مطرانًا من أصل 41 إذ تغيب مطرانا أبرشيتي الولايات المتحدة الإمريكية بداعي التقدم في السن، .
انعقدت صباح 15 مارس الدورة الانتخابية الثالثة عشر، والتي حصل بموجبها الراعي على أربع وثلاثون صوتًا من أصل سبعة وثلاثين بعد خروج المطران حميد موراني من الخلوة، لطارئ صحي. أما الأوراق الثلاثة فقد كانت بيضاء، وبذلك أصبح الراعي بطريرك الكنيسة المارونية السابع والسبعين وفي 25 مارس 2011، توّلى البطريرك الراعي مساءً بحضور البطاركة الكاثوليك وممثلي الكنائس الأرثوذكسية الشرقية والمشرقية والإنجيليين وجميع أساقفة الكنيسة المارونية الذين شاركوا في عملية الانتخاب، أما الحضور السياسي فقد حضر رئيس الجمهورية ميشال سليمان وزوجته وفاء سليمان، وكذلك حضر رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس مجلس الوزراء اللبناني سعد الحريري وقائد الجيش العماد جون قهوجي كما حضر أغلب النواب والوزراء ورؤساء الجمهورية السابقين، وحضر مملثون شخصيون عن الجمهورية العربية السورية والمملكة الأردنية الهاشمية وجمهورية مصر العربية ودولة قطر وجميع السفراء والقناصل المعتمدين في لبنان إلى جانب السفير البابوي في بيروت والسفير البابوي في دمشق ومفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني ونائب رئيس المجلس الشيعي الأعلى في لبنان الشيخ عبد الأمير قبلان وشيخ عقل طائفة الدروز، وتزامنًا مع الحدث أبرق البابا بندكت السادس عشر للبطريرك مهنئًا ومؤكدًا على الشراكة الكنسيّة؛ وقد توّلى رئاسة القداس الإلهي ومن ثم رتبة التولية البطريرك السابق نصر الله بطرس صفير.

مجد لبنان

مجد لبنان
العظة الأولى التي ألقاها بعد رتبة التولية، تطرق بها البطريرك لدور الكنيسة ومستقبلها ومما قاله
   بشارة بطرس الراعي إننا سنعيش معًا هذه الشركة بالمحبة، في لبنان الذي "مجده" في رسالته. لقد أطلق على البطريرك الماروني شعار"مجد لبنان اعطي له"، ، لكنه يعطى له ولكنيسته بقدر ما يلتزمان ببناء الشركة والشهادة للمحبة. مجد لبنان ينتقص بالانغلاق على الذات والتقوقع. لكنه ينمو ويعلو بالانفتاح على الآخر، على هذا الشرق وعلى العالم. بل يعطى "المجد" للبنان وشعبه، إذا كنا كلنا للوطن، كما ننشد. فالوطن ليس لطائفة أو حزب أو فئة. ولن يحتكره أحد لأن في احتكار فئة له احتقارًا لنا جميعًا، وفقدانًا لهذا "المجد"، الذي عظمته في تنوع عائلاته الروحية وغناها، ولا أقول في تنوع طوائفه لأنها صبغت بألوان سياسية وحزبية ضيقة انتزعت من هذه الطوائف قدسيتها وأصالة إيمانها وروحانية دينها. "فالويل لأمة كثرت فيها الطوائف وقلّ فيها الدين"، نقولها مع ابن الأرز جبران خليل جبران.   بشارة بطرس الراعي.

شارك