مناورة عسكرية للحوثيين.. رسالة إلى الخليج ومخاوف الحل العسكري
الأحد 15/مارس/2015 - 08:21 م
طباعة

أقدمت جماعة أنصار الله «الحوثيين» علي توجيه رسائل الي القوي الاقليمية والدولية في حالة التدخل العسكري في اليمن لصالح الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي أو حزب التجمع اليمني للإصلاح "جماعة الاخوان المسلمين "
مناورة عسكرية:

قامت جماعة أنصار الله بتنفيذ مناورة ضخمة على الحدود اليمنية السعودية. بمشاركةٍ لألوية من الجيش اليمني، «خاطب» الحوثيون الرياض بلغةٍ مباشرة، مفادها أن أي محاولة للتدخل السعودي أو الخليجي ضدهم سيُرَدّ عليها وفقاً لقدرات الجماعة العسكرية، التي اختلفت كثيراً عن عام 2009، تاريخ الحرب الأخيرة للرياض ضد الحوثيين، نُظّمت بمشاركة قوات عسكرية برية تابعة للجيش اليمني، إضافة إلى كتائب من «اللجان الشعبية» التابعة للجماعة، وسط تجمهر حاشد، استخدمت فيها دبابات وقاذفات صواريخ ومنصات كاتيوشا ومضادات الطائرات، إضافةً إلى استعراضات للكتائب العسكرية البرية المدربة.
المناورة الضخمة يمكن تفسيرها مبدئياً في ضوء توجه «أنصار الله» إلى «مخاطبة» السعودية التي تدعم قوى داخلية وترعاها، بصورةٍ مباشرة، بعدما أدركت «الجماعة» أن الحوار والتفاوض الداخليين لم يعودا مجديين في ظلّ إصرار تلك القوى على المراوغة والتملص من أي اتفاقات وتسويات تخرج من الوصاية السعودية الأمريكية على اليمن، كما جرى مع اتفاقات سابقة، أبرزها «السلم والشراكة".
وتمكنت الجماعة، من توجيه رسائل عدة لم تخرج عمّا أكدته مراراً منذ 21 سبتمبر الماضي، تاريخ سيطرتها على العاصمة صنعاء، ومفادها أن الجماعة تملك قوة عسكرية تتيح لها أن ترد على التهديدات السعودية خصوصاً والخارجية عموماً، و"بأننا بتنا أمام يمن جديد كلّياً»، وأن الجماعة التي خرجت من صعدة للتمدد في مختلف المحافظات، لا تزال رابضة على الحدود لتنبّه من وراء الحدود لعدم اختبار قوتها.
واستمرت المناورة العسكرية منذ الصباح حتى المغرب من يوم أمس، وشارك فيها الجيش و«اللجان الشعبية» في زيّ عسكري رسمي موحد، اتخذت من منطقة وادي آل أبو جبارة في صعدة ميداناً لها، يعتبر أكثر نقطة حدودية استراتيجية مع السعودية.
وأوضح المتحدث باسم الحوثيين محمد عبد السلام، أن "الآلاف من العسكريين التابعين لوحدات من الجيش مرابطة في شمال اليمن شاركت بعد ظهر الخميس في مناورات هي الأولى بهذا الحجم"، منذ دخل الحوثيون صنعاء في بداية فبراير2014.
وقال إن "أسلحة ثقيلة بينها دبابات ومدفعية" استولى عليها الحوثيون حين سيطروا على السلطة استخدمت في هذه المناورات التي جرت في محيط بلدة كتاف في محافظة صعدة.
وأضاف عبد السلام أن "الهدف من هذه المناورات هو تحديث العملية العسكرية والاستعداد لأي تحديات قد تطرأ".
وأكد أن "هذه المناورات هي رسالة سلام للجميع باستثناء من يسعى إلى تهديد اليمنيين بدعم العناصر التكفيرية"، في إشارة إلى المجموعات السنية المتطرفة.
واتهم السعودية بـ"تقديم مال وسلاح ودعم لوجستي للتكفيريين والقاعدة" الناشطة في شرق وجنوب اليمن، لافتا إلى أن الرياض التي رفضت ما اعتبرته "انقلاب" الحوثيين "لم تفهم أن تغييرا حصل في اليمن وأن اليمن يرفض أي هيمنة".
وتابع عبد السلام أن السعودية "عليها أن تفهم أن الشعب اليمني سيدافع عن سيادته ولن يخضع لأي إملاءات".
الموقف الخليجي:

وفي هذا الوقت، جاء رد مجلس التعاون الخليجي بتأكيده، أن لدى دوله من الإمكانات والإجراءات "غير المعلنة" ما يمكنها من حماية حدودها وسيادتها، جاء ذلك على لسان وزير الخارجية القطري خالد العطية الذي يرأس الدورة الحالية للمجلس على مستوى وزراء الخارجية، وردا على سؤال بشأن إعلان الحوثيين عن مناورات باليمن قرب الحدود مع السعودية.
وجدد العطية في ختام اجتماع وزراء خارجية دول المجلس اليوم بالعاصمة السعودية الرياض موقف المجلس الداعم للشرعية الدستورية في اليمن، ممثلة بالرئيس عبد ربه منصور هادي.
ودعا العطية - خلال مؤتمر صحفي عقب انتهاء اجتماع وزاري المجلس- القوى السياسية اليمنية إلى تغليب المصلحة الوطنية، والتمسك بمخرجات الحوار الوطني والمبادرة الخليجية التي أكدت ضرورة مشاركة جميع الأطراف على نحو عادل ومتكافئ.
وأضاف العطية أن الحوثيين معنيون بدعوة المصالحة اليمنية الموجهة من مجلس التعاون، مشيرا إلى أنهم مكون من مكونات الشعب اليمني.
من جهته، قال الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبد اللطيف الزياني إن المؤتمر بشأن اليمن المزمع عقده في العاصمة السعودية يختلف عن مؤتمر الحوار الذي يرعاه مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن جمال بن عمر بصنعاء.
وأشار إلى أن هدف مؤتمر الرياض تأكيد الشرعية في اليمن ورفض الانقلاب وإعادة بسط سلطة الدولة اليمنية على أراضيها. وأضاف أن أهداف هذا المؤتمر حددها الرئيس اليمني في الرسالة التي وجهها للملك السعودي في السابع من الشهر الجاري.
وبين الزياني أن هذه الأهداف هي المحافظة على أمن واستقرار اليمن في إطار التمسك بالشرعية ورفض الانقلاب عليها، وعدم التعامل مع ما يسمى الإعلان الدستوري ورفض شرعنته، وإعادة الأسلحة والمعدات العسكرية إلى الدولة، وعودة الدولة لبسط سلطتها على كافة الأراضي اليمنية.
الفصل السابع:

وعقب عودة المبعوث الدولي، جمال بن عمر، إلى صنعاء السبت، بعد جولةٍ على الرياض والدوحة في إطار الجهود الرامية للتوصل إلى حلّ للأزمة اليمنية، وفي مقابلة تلفزيونية، لم يستبعد بن عمر، لجوء مجلس الأمن إلى اتخاذ قرار تحت الفصل السابع للضغط على «الأطراف المعرقلة» للتسوية السياسية في اليمن، مشيراً إلى أن مجلس الأمن يولي أهمية خاصة للأزمة اليمنية، ومحذراً من وقوع اليمن في خطر الحرب الأهلية. وقال بن عمر إن هناك دولا كثيرة تعاني اضطرابات، «ولكن مجلس الأمن لا يهتم بها، بينما يصر المجلس على إعطاء أهمية خاصة للأزمة اليمنية، وخصوصاً لتعلقها بقضايا الإرهاب وتنظيم القاعدة».
كما أعلن مكتب البنك الدولي في اليمن أن البنك قرر يوم أمس «تعليق تمويل مشاريعه التنموية في اليمن حتى إشعار آخر، مع تصاعد الاضطرابات الأمنية والسياسية في البلاد». وفي سياق السعي الإقليمي والدولي لتأكيد الشرعية لهادي، التقى الأخير السفير التركي فضلي تشورمان في عدن يوم أمس. وقالت مصادر حضرت اللقاء إن المسؤولين «بحثا تداعيات الأحداث في اليمن»، وذلك بعدما كانت أنقرة قد أغلقت سفارتها في صنعاء بعد تسلم «أنصار الله» السلطة في العاصمة.
الرئيس هادي والمعارضة:

في ظل ذلك يوجد رئيس ضعيف في اليمن فالأحداث كشفت عن أن هادي رئيس ضعيف. حاول أن يجاري الحوثيين، لكنه بذلك ساهم من حيث لا يريد في توسع التمدد الحوثي وسيطرتهم على العاصمة، واضطر أخيراً إلى الهرب إلى عدن لقيادة مواجهة الحوثيين. انتقاله إلى هناك أعاد ترتيب المشهد بما يسمح بتصحيح ما ارتكب من أخطاء، وأبرز هذه الأخطاء عدم وضع بند نزع سلاح الحوثيين ضمن مخرجات الحوار الوطني الذي اكتملت مجرياته في فندق «موفنبيك» في صنعاء العام الماضي، وكان من الطبيعي أن يتوج هذا الخطأ في وثيقة «السلم والشراكة» التي تم توقيعها بين القوى السياسية تحت فوهات سلاح الحوثيين إثر سيطرتهم على العاصمة.
كما كشفت الاحداث عن ان الاحزاب والقوي المعارضة ضعيفة، فمن خلال نظرة أولية على قائمة أسماء المكونات المشاركة في “التكتل الوطني للإنقاذ” باليمن، الذي أُشهر، أمس السبت، في العاصمة صنعاء، لن يضيف جديدا الي الشارع اليمني او الثقل السياسي والامور لا تخرج الي تغير اسماء التكتلات ، فالتكتل الوطني للإنقاذ لا يفرق كثيرا عن اللقاء المشترك والقوي السياسية الأخرى.
ويضم التكتل 7 أحزاب، من بينها حزب التجمع اليمني للإصلاح (إخوان مسلمون)، وحزب التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري (مشارك في الحكومة المستقيلة)، وحزب الرشاد اليمني (سلفي)، و حزب “العدالة والبناء” (منشق عن حزب الرئيس السابق عبدلله صالح)، وأحزاب أخرى، إضافة إلى 10 تحالفات قبليّة، ومثلها من الحركات الثورية والشبابية، وكذا 16 منظمة ونقابة، والعديد من الشخصيات الوطنية والإعلامية والأكاديميين، والقيادات النسوية، والأدباء والمثقفين، ومنظمات المجتمع المدني وفصائل من الحراك الجنوبي؛ ويترأس التكتل، البرلماني اليمني البارز عبد العزيز جباري، والأمين العام لحزب العدالة والبناء (منشق عن حزب الرئيس السابق عبدلله صالح) فيما يرأس أمانته العامة الشيخ القبلي غسان أبو لحوم.
ويُنظر إلى هذا التكتل باعتباره ما سيوحّد الجبهة الوطنية المناهضة للحوثي، وستكون كل التحركات القادمة تحت مسماه، التنوع في التكتل يؤكد علي انه سينهار وقد يكون هناك انشقاقات قريبة، واذا يغلب عليه وجود الاخوان والسلفيين "السنة" في مواجهة الحوثيين "الشيعة" يشير الي ان التكتلات اصبحت تبني علي قاعدة مذهبية وليس وطنية رغم وجود احزاب سياسية اخري ولكن هذه الاحزاب ستذوب في الوجهة المذهبية.
المشهد اليمني:

يبدو أن المشهد في اليمن يذهب إلى مزيد من التعقيد، فقد يلجأ الحوثيون إلى الخيار العسكري، وقد يتحالف معهم في ذلك علي صالح، الأكيد أن إيران ستشجعهم على تبني هذا الخيار لأنه الوحيد الذي يتيح فرض حضورهم وأخذ مصالحهم بعين الاعتبار في أي تسوية متوقعة، في ظل انقسام الجيش وغيابه عن المشهد، مع التردد الخليجي في التعامل مع الأزمة وكيفية الخروج منها، فيما إيران تكسب مزيدًا من الأرض دون أي جهد.
وتبقى ضرورة التمسك بحل سياسي متوازن وشامل لا يستثني أحداً، لحماية اليمن من الانزلاق الى حرب أهلية طويلة.