فتوى سلفية بتحريم المظاهرات
الثلاثاء 17/مارس/2015 - 11:02 م
طباعة
أصبحت الفتاوى المتداولة عبارة عن آليات للوقوف في وجه الآخر يستند اليها التيار السلفي وقت الحاجة، إذا كانت تتماشى مع متطلباته ومصالحه، وأما إذا خالفت هذه الفتوى أو تلك مصالح هذا التيار فما عليه سوى وضعها في ثلاجة لحين الاحتياج اليها، وأبرز مثال لمثل هذه الفتاوى "فتوى الخروج على الحاكم" والذي استند إليها التيار السلفي قبيل ثورة 25 يناير للوقوف بجانب نظام مبارك ضد هؤلاء الشباب الذين خرجوا على ولي الأمر – من وجهة نظر السلفيين – وبعد ما نجح هؤلاء الشباب في خلع مبارك تبدلت الفتوى من تحريم الخروج على الحاكم إلى وجوب الخروج على الحاكم الظالم في مشهد أقل ما يوصف به بأنه متناقض.
ويعد "شيوخ السعودية" وعلماؤها هم المرجعية الرئيسية لهذا التيار السلفي والممول الأول لهم في المنطقة العربية، فهم يستندون في كل شاردة وواردة بفتاوى "ابن باز" و"العثيمين" وغيرهما من أئمة الدعوة السلفية بالسعودية، وبالرجوع للفتاوى التي تخص "المظاهرات" وجدنا أن هؤلاء الشيوخ يفتون بتحريمها فيقول ابن باز " :" فالأسلوب الحسن من أعظم الوسائل لقبول الحق، والأسلوب السيئ العنيف من أخطر الوسائل في رد الحق وعدم قبوله أو إثارة القلاقل والظلم والعدوان والمضاربات ويلحق بهذا الباب ما يفعله بعض الناس من المظاهرات التي تسبب شرًا عظيمًا على الدعاة، فالمسيرات في الشوارع والهتافات ليست هي الطريق للإصلاح والدعوة، فالطريق الصحيح بالزيارة والمكاتبات بالتي هي أحسن فتنصح الرئيس، والأمير وشيخ القبيلة بهذه الطريقة، لا بالعنف والمظاهرة، فالنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مكث في مكة 13 سنة لم يستعمل المظاهرات ولا المسيرات ولم يهدد الناس بتخريب أموالهم واغتيالهم، ولا شك أن هذا الأسلوب يضر بالدعوة والدعاة، ويمنع انتشارها ويحمل الرؤساء والكبار على معاداتها ومضادتها بكل ممكن، فهم يريدون الخير بهذا الأسلوب ولكن يحصل به ضده، فكون الداعي إلى الله يسلك مسلك الرسل وأتباعهم ولو طالت المدة أولى به من عمل يضر بالدعوة ويضايقها، أو يقضي عليها، ولا حول ولا قوة إلا بالله أ. هـ " مجلة البحوث الإسلامية- العدد 38 ص .210"
وسُئل هل المظاهرات الرجالية والنسائية ضد الحكام والولاة تعتبر وسيلة من وسائل الدعوة؟ وهل من يموت فيها يعتبر شهيدا في سبيل الله؟
فأجاب " لا أرى المظاهرات النسائية والرجالية من العلاج ولكنها من أسباب الفتن، ومن أسباب الشرور ومن أسباب ظلم بعض الناس والتعدي على بعض الناس بغير حق. ولكن الأسباب الشرعية المكاتبة والنصيحة والدعوة إلى الخير بالطرق السلمية، هكذا سلك أهل العلم وهكذا أصحاب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأتباعهم بإحسان، بالمكاتبة والمشافهة مع المخطئين ومع الأمير والسلطان، بالاتصال به ومناصحته والمكاتبة له دون التشهير في المنابر وغيرها بأنه فعل كذا وصار منه كذا، والله المستعان" نقلا عن شريط بعنوان مقتطفات من أقوال العلماء.
فتوى الشيخ محمد بن عثيمين "الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد: فإن المظاهرات أمر حادث، لم يكن معروفا في عهد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولا في عهد الخلفاء الراشدين ولا عهد الصحابة ـ رضي الله عنهم. ثم إن فيه من الفوضى والشغب ما يجعله أمرا ممنوعا حيث يحصل فيه تكسير الزجاج والأبواب وغيرها، ويحصل فيه أيضا اختلاط الرجال بالنساء والشباب بالشيوخ وما أشبه من المفاسد والمنكرات، وأما مسألة الضغط على الحكومة فهي إن كانت مسلمة فيكفيها واعظا كتاب الله وسنة رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهذا خير ما يعرض على المسلم، وإن كانت كافرة فإنها لا تبالي بهؤلاء المتظاهرين وسوف تجاملهم ظاهرا وهي ما هي عليه من الشر في الباطن، لذلك نرى أن المظاهرات أمر منكر.
وأما قولهم إن هذه المظاهرات سلمية فهي قد تكون سلمية في أول الأمر أو في أول مرة ثم تكون تخريبية، وأنصح الشباب أن يتبعوا سبيل من سلف فإن الله ـ سبحانه وتعالى ـ أثنى على المهاجرين والأنصار وأثنى على الذين اتبعوهم بإحسان "الجواب الأبهر لفؤاد سراج ص.75 "
الشيخ صالح الفوزان سئل: هل من وسائل الدعوة القيام بالمظاهرات لحل مشاكل الأمة الإسلامية؟
الجواب: ديننا ليس دين فوضى، ديننا دين انضباط، دين نظام ودين سكينة، المظاهرات ليست من أعمال المسلمين وما كان المسلمون يعرفونها، ودين الإسلام دين هدوء ودين رحمة لا فوضى فيه، ولا تشويش ولا إثارة فتن، هذا هو دين الإسلام والحقوق يتوصل إليها دون هذه الطريقة بالمطالبة الشرعية والطرق الشرعية، هذه المظاهرات تحدث فتنا، وتحدث سفك دماء وتحدث تخريب أموال فلا تجوز هذه الأمور أ. هـ" الإجابات المهمة في المشاكل الملمة محمد الحصين ص .100 ."
فيديو صالح الفوزان بتحريم المظاهرات
تلك الفتاوى وغيرها الكثير التي تحرم المظاهرات بشكل عام وتلك المظاهرات التي تعد خروجا على الحاكم بشكل خاص، والسؤال الجوهري الذي نريد ان يجيبنا عليه التيار السلفي: إذا كان الخروج في مظاهرات حرامًا شرعا، كما يؤكد مرجعياتكم الدينية، فلماذا تخرجون في مظاهرات كالتي خرجتم بها في الفترة الانتقالية الأولى ضد بعض قرارات المجلس الأعلى للقوات المسلحة؟ هذه واحدة، والثانية لماذا خرجتم في مظاهرات 30 يونيه لعزل "محمد مرسي" ؟