الأطفال بنك دماء "داعش" المتجدد

الأربعاء 18/مارس/2015 - 05:39 م
طباعة الأطفال بنك دماء
 
 اعتاد العالم أن يستيقظ يوميا على العشرات من الجرائم الدموية لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام "داعش"، وهو ما دفعه إلى ارتكاب جريمة أكثر بشاعة في حق الإنسانية بتخليق آلة قتل جديدة من الأطفال الغير مدركين لبشاعة التنظيم وأفكاره الإرهابية. 
البنية الجهادية الإرهابية الجديدة قوام عناصرها من الأطفال دون سن الـ 18 بعد أن فقدت "داعش" قدرتها على استقطاب الشبان، مع إغلاق الحدود وتزايد ضربات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية لخطوط إمداداه البشرية. 
الأطفال بنك دماء
 التنظيم الإرهابي بدأ بالفعل في افتتاح المزيد من المكاتب داخل المناطق التي يسيطر عليها في العراق وسوريا لتجنيد الأطفال للقتال معه؛ حيث افتتح في مدينتي الميادين والبوكمال بالريف الشرقي لدير الزور في سوريا، مكاتب أسماها مكاتب أشبال الخلافة، تقوم باستقبال الأطفال دون سن الـ 18، وإجبار الأهالي هناك على إرسال أبنائهم للتسجيل في هذه المكاتب، واستقبال الأطفال الراغبين بالتسجيل في تلك المكاتب دون موافقة أولياء أمورهم.
وتركز "داعش" على أطفال سوريا والعراق، الذين يتوقع التنظيم أن يصبحوا كوادر فيه ويمكن تحويلهم إلى محاربين وانتحاريين أو جواسيس لمساعدته في البحث عن المعارضين لها وتحذيرهم من مقاومة دورها بين السكان المحليين، فأغلب التعزيزات التي أرسلها داعش إلى مدينة كوباني الكردية في السابق كانت من سوريين وعراقيين صغار. 
ويكثف "داعش" جهوده الآن لتلقين الأطفال في الأراضي التي يسيطرون عليها في سوريا، ويصدرون أوراق تسجيل للآباء المحليين، ويطلبون منهم إرسال أطفالهم إلى المدارس التي يسيطرون عليها، وعلى المدرسين الراغبين في العمل أن يؤدوا قسم الولاء لداعش ويدرسوا المناهج التي تقدم لهم، كما صدرت أوامر للمدرسين بالإبلاغ عن الأطفال الذين لا يحضرون. 
الأطفال بنك دماء
يقول "م.ر" الناشط وشاهد العيان السوري من مدينة الرقة: إن تنظيم داعش يخضع أولئك الأطفال إلى دورات خاصة تحت اسم "دورات الأشبال"؛ وذلك للتأثير فيهم وتغيير طريقة تفكيرهم من طفولية إلى أخرى تتقبل القتل والتكفير، وتستمتع بالسلطة القاتلة التي يستعملها أفراد التنظيم في التعامل مع كل من يخالفهم بالرأي، أو كل من لا ينفذ الأوامر بحذافيرها، وإنه بعد عملية غسل الدماغ التي يقوم بها التنظيم للأطفال، فإنهم يجندونهم لحراسة مراكز "داعش" الأمنية، ويُعتقد أن الهدف من ذلك منع أي عملية من داخل الرقة ضد مراكز "داعش" الأمنية لوجود أطفال المدينة كحراس هناك.
وقال بعض أهالي الرقة: إن تجنيد أطفالهم في القتال إلى جانب "داعش" هو عملية خطف، وإن خطف أولئك الأطفال وتدريبهم وغسل أدمغتهم ومن ثم استخدامهم كحراس وكجنود، كل ذلك يتم رغماً عن أهل مدينة الرقة التي باتت مرهونة لأهواء وأفكار "داعش".
وأشار الدكتور وائل الشريمي، الباحث في مركز الدراسات الإقليمية الاستراتيجية، إلى أنه بعد مرور ثلاث سنوات على الثورة السورية تزداد قضية تجنيد الأطفال خطورة، وأن عددا كبيرا وغير محدد من الأطفال يكبرون في ظل هذا الصراع، ومع انتشار الجماعات المسلحة المتطرفة فمن الطبيعي أن يكبر هؤلاء الأطفال على الأفكار السوداء، فيصبح الفكر الجهادي المتطرف هو الفكر الصحيح بالنسبة لهم بعد إخضاعهم لعملية غسل العقول، ويتكون جيل مجاهد جديد، وهذا هو الأمر الذي تعول عليه القاعدة والتنظيمات الشبيهة بها في تجنيدها للأطفال.
مصادر التنظيم لجذب الأطفال: 
 يعتمد تنظيم داعش على 3 مصادر رئيسية لتجنيد الأطفال تتمثل فيما يلي: 
1- أبناء الجهاديين ويتم تلقينهم الفكر الداعشي عن طريق الأسرة. 
2- الأطفال الذين يتخلى عنهم ذووهم مقابل مبلغ زهيد، محاولين الخروج من يأسهم وفقرهم.
3- عمليات الخطف التي ينفذها التنظيم.

مراحل تجنيد الأطفال

مراحل تجنيد الأطفال
تمر عملية تجنيد الأطفال من قبل "داعش" بعدة مراحل:
1- استمالة الأطفال الذين يرتادون المساجد للصلاة ولتعلم القرآن.
2- استمالة الأطفال الذين يسكنون بالقرب من سكن عناصر التنظيم أو مقاره.
3- استمالة الأطفال الذين يتجمعون أثناء تنفيذ عمليات "الإعدام والذبح والصلب والجلد والرجم".
4- التودد للأطفال الذي يدرسون في مدارسه في مدينتي البوكمال والميادين. 
5- إغراء الأطفال بالمال وحمل السلاح وتعليم قيادة السيارات.
6- استهداف التنظيم للأطفال الذين يتعدى عمرهم 13 عاما.
7- جذب الأطفال لإقناعهم بالانتساب إلى معسكرات التنظيم.
8- التسجيل في مكاتب "أشبال الخلافة".
9- جذب الأطفال من الأنشطة الترفيهية والأجواء الخاصة التي توافرها معسكرات "داعش".
10- تنظيم المؤتمرات في المدارس حول موضوع الحرب، وإقناع الأطفال بأنهم يستطيعون القتال.
11- يحرص التنظيم في معسكرات التدريب على تأمين الملبس والمسكن ووجبات الطعام إلى الأطفال، وهو يعتبر الأطفال والشباب من أولوياته؛ محاولا كسب ولائهم على المدى البعيد.
الأطفال بنك دماء
12- تلقين الأطفال أيديولوجيته من خلال حضور الأطفال لدورتين إحداهما شرعية والأخرى عسكرية، حيث يقوم التنظيم في الأولى بترسيخ "عقيدة التنظيم وأفكاره" المتطرفة في عقول الأطفال، فيما يقوم بتدريبهم في الدورة العسكرية على استعمال الأسلحة والرمي بالذخيرة الحية وخوض الاشتباكات والمعارك والاقتحامات.
13- تحفيظ الأطفال القرآن بطريقة آلية دون فهم.
14- تحفيظ الأطفال لعشرات الفتاوى التي تحرض على القتل وسفك الدماء.
15- استبدال المواد العلمية بالدروس القتالية.
16- إلغاء مقررات العلوم والأحياء ومناهج التربية الإسلامية والتربية الوطنية والتاريخ والجغرافيا، واستبدالها بكتب حول شروحات الفكر الجهادي السلفي.
17- تدريب الأطفال على الطاعة العمياء للمدرسين ومسئولي وأمراء داعش.
18- تدريس العلوم ومواد الحساب كجزء من التدريب العسكري؛ لمساعدتهم على تحديد المناطق والتعامل مع الصواريخ وغيرها.
19- تجنيدهم في البداية للعمل كمخبرين يجمعون له المعلومات، ثم أفرادا لحماية مقرات التنظيم، ثم مقاتلين في التنظيم. 
مواقع تواجد أطفال "داعش" 
1- مدينة الرقة السورية؛ حيث أرسل التظيم في 25 يناير 2015 م قبل سيطرة الأكراد بشكل كامل على مدينة عين العرب "كوباني" كتيبة مؤلفة من 140 طفلاً دون سن الـ 18 من معسكرات التدريب التابعة له في الرقة.
2- في مدينة الموصل؛ حيث تتواجد معسكرات تدريب لهم متخصصة في تعليمهم على استخدام الأسلحة وكيفية القتال في حرب الشوارع والعصابات.
3- ينتشرون على نقاط التفتيش الخاصة بالتنظيم في العديد من المناطق في العراق وسوريا. 
4- المناطق الحدودية؛ حيث سبق أن قام طفل لم يتعد عمره 17 سنة بتفجير معبر باب السلام الحدودي.
5- المؤسسات التعليمية وعلى رأسها مدرسة البثري في الباب في مدينة حلب، وهي تستخدم كمنشأة تدريب عسكري للفتيان ما دون 18 عاما.
6- مخيم الشريعة الخاص باليافعين الواقع بالقرب من مدينة الطبقة في محافظة الرقة، ويدرب نحو 350 طفلا ما بين 5 إلى 16 سنة ليتولوا مهام قتالية.
7- مدرسة في مدينة منبج في حلب، ويجري تلقينهم بشكل يومي.
8- تدريب حوالي 50 طفلاً تتراوح أعمارهم بين السابعة والثالثة عشرة، وإلحاقهم بفصيل يحمل اسم "شبال العز" في مدينة الطبقة غرب الرقة.
9- معسكر "أشبال الزرقاوي" في سوريا. 

أعداد الأطفال في "داعش"

أعداد الأطفال في
أعداد الأطفال في "داعش" 
تترواح أعداد الأطفال التي تقوم "داعش" بتجنيدهم وفقا لتقرير صادر عن اللجنة السورية لحقوق الإنسان ما لا يقل عن 800 طفل تحت سن الـ18 تم تجنيدهم من قبل التنظيم.
 كشفت تقارير أمريكية عن أن التنظيم قام بتجنيد أطفال ممن هم دون سن العاشرة والحادية عشر، بلغ عددهم 400 طفل لم يبلغوا 18 عاما.
كشف تقرير للأمم المتحدة عن أن التنظيم قام باختطاف 153 طفلا كرديا ما بين 14 و16 سنة في 29 مايو 2014 واحتجزوا في مدرسة في مدينة منبج في حلب، وجرى تلقينهم بشكل يومي طوال 5 أشهر الفكر الجهادي العسكري، وكان يعاقب بالضرب المبرح كل من يعارض منهم هذه الأفكار.
قتل أكثر من 30 طفلا كانوا يقاتلون في صفوف "داعش"، في معارك القوات الكردية والتنظيم في مدينة كوباني.
وقائع إجرامية لأطفال داعش 
تؤكد العديد من المشاهدات المنتشرة على "الإنترنت" بشاعة ما أوصله التنظيم لهؤلاء الأطفال؛ مما سيكون لها تأثير كارثي على المدى الطويل على الأجيال الصاعدة في العراق وسوريا، ومن أبرز الأمثلة على ذلك: 
1- الفيديو الذي نشره تنظيم "داعش" عن إعدامه إحدى الرهائن، حيث ظهر طفل يعتقد أنه فرنسي الجنسية لا يتعدى عمره الثانية عشرة عاما، وكان هو من أطلق الرصاص على جبهة الرهينة المتهم بالتجسس لإسرائيل قبل أن يغرقه برصاصات أخرى في جسده. 
2- نشر أحد عناصر "داعش"، أسترالي الجنسية، والمقيم بمدينة الرقة السورية صورة على تويتر لابنه البالغ من العمر سبع سنوات يمسك رأسا مقطوعة، وعلق عليها قائلا: "هذا هو ابني".
3- نشر التنظيم صورا لطفل زعم أنه أصغر مقاتل أجنبي يقتل في معركة، ولم يكن يتعدى العاشرة من العمر، وراح أنصار داعش يتناقلون صور الطفل، متباهين بأنه أصغر شهيد. 
4- نشرت مقابلة مع طفل من "داعش" يبلغ من العمر 17 عاما، اعتقل قبل أن يتمكن من تنفيذ هجوم انتحاري في العراق، وبدا نادما على تصرفاته، وكشف عن أن كثيرا من المهاجمين الانتحاريين في داعش كانوا أصغر سنا منه، وتراوحت أعمارهم بين 13 و15 سنة.
5- نشر على لسان نشطاء في بلدة عين العرب "كوباني" أنهم لاحظوا وجود أطفال يقاتلون إلى جانب مسلحي داعش، وتم العثور على جثث 4 أطفال، اثنين منهم تقل أعمارهم عن 14 عاما شاركوا في هجمات انتحارية.

مواقف دولية

الأمم المتحدة
الأمم المتحدة
الأمم المتحدة 
 تعتبر الأمم المتحدة أن "داعش" لا تستخدم الأطفال، لتنفيذ العمليات الانتحارية أو القتال فحسب، بل جعلتهم أيضا جلادين؛ حيث سلط تقرير للأمم المتحدة الضوء على الاستخدام الممنهج من قبل «داعش» للأطفال ما دون الـ18 كجلادين، وتحدث عن المقاتل الذي يبلغ عمره 16 عاما الذي نفذ عملية قطع رأس جنديين، كان التنظيم قد اختطفهما من قاعدة طبقة الجوية في أواخر أغسطس عام 2014، في سلوك بمحافظة الرقة، كما أظهر شريط فيديو آخر طفلا لا يتعدى عمره 8 سنوات يقوم بإعدام رجلين اتهمهما التنظيم بأنهما جاسوسان لروسيا، وأن التنظيم يقصد من ذلك "البروباغندا" التي ينشرها الأطفال بشكل خاص، حيث يقوم في مدينة الرقة، بجمع الأطفال لتشاهد عمليات قطع رءوس عناصر من الجيش النظامي.
هيومن رايتس
أكد تقرير لمنظمة هيومن رايتس ووتش على أن تجنيد الأطفال في سوريا ما يزال مستمرا، وأن تجنيد الأطفال واستخدامهم من قبل الجماعات المسلحة في سوريا مستمر من خلال حملات تعليم مجاني تشمل التدريب على الأسلحة، وأسندت إليهم مهمات خطيرة بينها تنفيذ عمليات انتحارية.

منظمة اليونيسيف

منظمة اليونيسيف
منظمة اليونيسيف
 أكد أنطوني ماكدونالد، رئيس قسم حماية الأطفال في منظمة اليونيسيف، أن موقف المنظمة بالنسبة إلى أي مجموعة مسلحة هو الرفض التام لتوريط الأطفال بنشاطات ترتبط بالحرب، ويشمل ذلك استخدام أو تجنيد الأطفال، وكلمة «استخدام» لا يقصد بها فحسب إشراك الأطفال في المعارك، بل أيضا استعمالهم لنقل المياه وغيرها من الأمور، فضلا عن تزويج الفتيات القاصرات والاستغلال الجنسي.. إن ارتفاع حدة ووحشية وانتشار النزاعات يعرّض الأطفال بشكل متزايد لخطر التجنيد والاستخدام من قبل المجموعات المسلحة.
 ودعت إلى العمل بشكل طارئ للقضاء على الانتهاكات الجسيمة لحقوق الأطفال، بما فيها تجنيدهم واستخدامهم في النزاعات المسلحة، وضمان التزام أطراف النزاع ببنود القانون الدولي.

شارك