"داعش" تطل بوجهها الدموي على "تونس".. والمواجهة "بلا رحمة"

الخميس 19/مارس/2015 - 02:08 م
طباعة داعش تطل بوجهها الدموي
 
رسالة تونس
أطل تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام "داعش"، بوجهه الدموي القبيح في المغرب العربي، بعملية إرهابية بشعة، أقل ما توصف بأنها غير إنسانية، ولكن ذلك الأمر ليس مستغربا على التنظيم المجرم الذي يذبح ويقتل ويحرق ليل نهار منذ ظهوره، وتشكل عملية قتل الأبرياء في تونس إحدى حلقات مسلسل الترهيب والتخويف الذي يقوم به التنظيم، ولكن في منطقة جديدة وعلى بشر جدد: تونس وأهلها.

هجوم إرهابي في تونس

هجوم إرهابي في تونس
لم تكن مصر وحدها ضحية العمليات الإرهابية، بل كانت اليمن وليبيا وسوريا، وأخيرًا تونس والتي شهدت أمس عملية إرهابية هي الأولي منذ قيام الثورة التونسية، ووقع هجوم إرهابي على متحف باردو وسط العاصمة التونسية، أسفر عن مقتل 32 شخصا بينهم 17 سائحا ومدني تونسي وأحد أفراد الشرطة التونسية، بالإضافة للمهاجمين.
وكشف متابعون أن مسلحين اثنين نفذا الهجوم الإرهابي ودخل المهاجمان، اللذان ارتديا زيا عسكريا، مسلحين برشاشي كلاشينكوف باحة متحف باردو قرب مقر البرلمان، وفتحا النار على السياح بينما كانوا ينزلون من حافلاتهم أمام المتحف، ثم طَارَدَا بعضهم وَقَتَلَاهم داخله.
وتدخلت قوات الأمن التونسية وقتلت المهاجمين، وتمكنت من إجلاء 92 سائحا من جنسيات عدة كانوا داخل المتحف، حسبما أعلن الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية.
ويعتبر متحف باردو رمزا ثقافيا وسياحيا، يزخر بمجموعات أثرية نادرة وثمينة، افتتح المتحف في مايو 1888 تحت مسمى متحف العلوي، وكان في الماضي مقرا لبايات العهد الحسيني، وتم تغيير اسمه عام 1956 واتخذ قسم منه مقرا للبرلمان التونسي.

"داعش" المسئول عن الهجوم

داعش المسئول عن الهجوم
قال رئيس الحكومة التونسية الحبيب الصيد: إن بين قتلى الهجوم الإرهابي 4 إيطاليين وفرنسي وكولومبيان وخمسة يابانيين وبولندي وأسترالي وإسبانية، إلا أن مصدرا في باريس أعلن مقتل فرنسيين اثنين بالهجوم، وليس واحدا فقط.
كما أسفر الهجوم بحسب رئيس الوزراء عن إصابة 44 شخصا هم "13 إيطاليا منهم جريح في حالة حرجة، و7 فرنسيين منهم جريح في حالة حرجة، و4 يابانيين أحدهم حالته حرجة و6 تونسيين و11 بولونيا وروسي واثنين من جنوب إفريقيا.
وفي سياق متصل قالت مصادر رسمية: إن الإرهابيين اللذين نفذا عملية متحف باردو، هما مهدي اليحياوي وجابر الخشناوي، الأول من مواليد 1980 والثاني من مواليد 1994، كلاهما من معتمدية سبيطلة من محافظة القصرين وينتميان لما يسمى كتيبة "عقبة بن نافع" الإرهابية، المتمركزة بجبل الشعانبي، التابعة لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام "داعش".
وهذا الهجوم هو العملية الثانية التي تستهدف سياحا منذ هجوم الغريبة "معبد يهودي في جربة" في أبريل 2002 الذي قتل فيه 14 شخصا منهم 6 سياح ألمان وفرنسي واحد وأصيب أكثر من 30 آخرين.
وتكتسب هذه العملية في خطورتها الأمنية أبعادا متعددة؛ لأن المتحف يقع في مربع أمني حساس بمحاذاة مجلس النواب التونسي، وهو ما يعتبر اعتداء على أحد رموز السيادة التونسية.

مقاومة الإرهاب

مقاومة الإرهاب
عقب الهجوم تعهد الرئيس التونسي، الباجي قائد السبسي، بمقاومة الإرهاب "بلا شفقة ولا رحمة"، قائلا: في خطاب توجه به إلى التونسيين عبر التلفزيون الرسمي: "إننا في حرب مع الإرهاب، وإن هذه الأقليات الوحشية لا تخيفنا، وسنقاومها إلى آخر رمق بلا شفقة وبلا رحمة".
وكان الناطق الرسمي باسم رئاسة الجمهورية التونسية معز السيناوي أعلن في تدخل على قناة "نسمة" أن السبسي دعا إلى اجتماع طارئ اليوم الخميس 19 مارس 2015 لقادة الأمن والجيش لإعلان الحرب على الارهاب.
كما أبرزت صحيفة "البايس" الإسبانية خوف التونسيين على المستقبل الديمقراطي للبلاد، بعد أن كان في مأمن من الإرهاب حتى حلت كارثة الأمس، في البلد الذي يتمتع باستقرار سياسي قاده إلى رئيس ليبرالي عبر انتخابات نزيهة ويسير بخطوات هادئة نحو مستقبل مليء بالتفاؤل، إلا أنه يصطدم بالمخاوف الإرهابية؛ لعدة أسباب.

إدانة عربية

إدانة عربية
أدانت كل من مصر الإمارات وفلسطين والسعودية والجزائر والأردن والمغرب وقطر بشدة الهجوم الإرهابي، معبرين عن تضامنهم الكامل وغير المشروط مع تونس.
ووصف ملك المغرب محمد السادس الهجوم على متحف باردو بالاعتداء الإجرامي الآثم،  وقال إنه يستهدف استقرار تونس، مشددا على إدانة بلاده لكل الأعمال الإرهابية.
وأدان الأردن الهجوم ووصفه بالإرهابي واستنكر استهداف الأبرياء، مؤكدا تضامنه مع تونس في مواجهة الإرهاب والتطرف.
كما شدد رئيس الوزراء الجزائري، عبدالمالك سلال، على تضامن الحكومة الجزائرية ومساندتها لنظيرتها التونسية في تصديها للإرهاب.
من جانبها أكدت قطر في بيان لها أن هذا الهجوم الإجرامي يتنافى مع كافة القيم والمبادئ الإنسانية، ويهدف إلى النيل من استقرار تونس.
وفي مصر أجرى الرئيس عبد الفتاح السيسي اتصالا هاتفيا مع نظيره التونسي أدان فيه بشدة "الحادث الإرهابي"، معربا عن تضامن مصر مع تونس في مواجهة الإرهاب والتطرف بكافة أشكاله وصوره.
أدان الرئيس الفلسطيني محمود عباس الهجوم قائلا: "نقف مع تونس الشقيقة رئيسا وحكومة وشعبا في تصديها لهذا الإرهاب المجرم".
وأدان وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد آل نهيان "بأشد العبارات الحادث الإرهابي الجبان" وسقط فيه "ضحايا أبرياء من السائحين الأجانب والمواطنين التونسيين".

إدانة أوروبية

إدانة أوروبية
من جهة أخرى أدان مجلس الأمن الدولي بالإجماع الهجوم الإرهابي الذي نفذه مسلحان تونسيان في على متحف باردو في تونس.
وقدمت دول المجلس الـ 15 في المجلس الأعضاء في بيان صدر بالإجماع التعازي إلى عائلات الضحايا، وإلى الحكومة التونسية وبقية الحكومات التي قتل رعاياها في هذا الاعتداء.
ودعا البيان إلى محاكمة منفذي وممولي هذه الأعمال التي وصفها بالإرهابية، وحث جميع الدول على التعاون مع الحكومة التونسية من أجل ذلك، وكان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون قد أصدر قبل ذلك بيانا استنكر فيه الهجوم، معبرا عن تضامنه مع تونس.
وأدانت الولايات المتحدة ودول عربية وأوروبية الهجوم الدامي الذي وقع في إحدى المناطق الأكثر تأمينا في العاصمة التونسية.
وأعرب الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند في اتصال هاتفي مقتضب مع نظيره التونسي الباجي قايد السبسي عن تضامن فرنسا "مع الشعب التونسي في هذه اللحظة الأليمة".
كما أدان رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس الهجوم الذي وصفه بالإرهابي، وقال: إنه "يظهر بشكل فاضح المخاطر التي تواجهها أوروبا وحوض المتوسط والعالم"، مؤكدا أن فرنسا وتونس تعملان معا على دعم الاتحاد الأوروبي من أجل مكافحة الإرهاب.
بدورها حملت مسئولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني تنظيم الدولة الإسلامية المسئولية عن الهجوم، وقالت في بيان: إن ذلك "يعزز تصميمنا على التعاون بقوة أكبر مع شركائنا للتصدي للتهديد الإرهابي".
أما واشنطن أدان وزير الخارجية الأمريكي جون كيري "بشدة الهجوم الإرهابي المميت"، وشدد في بيان صادر عن الخارجية الأمريكية على وقوف حكومة بلاده إلى جانب الشعب التونسي، "ومواصلة دعم جهود الحكومة التونسية لتقوية الأمن والرخاء في تونس الديمقراطية".
من جهته، قال رئيس الوزراء الياباني شينزو اليوم الخميس: إن بلاده تدين الإرهاب، وإنها بصدد جمع معلومات عن الهجوم الذي شهدته أمس العاصمة التونسية، وقالت الخارجية اليابانية إن ثلاثة يابانيين وليس خمسة قتلوا في الهجوم.
وتعد هذه العملية من أسوأ العمليات الإرهابية في تونس؛ ذلك أنها حدثت في وسط العاصمة، بينما كانت أغلب الاعتداءات الإرهابية تتركز في السابق على مواقع جبلية كجبل الشعانبي، وجبل السلوم على الحدود مع الجزائر، إضافة إلى ازياد المخاوف من عودة المقاتلين التونسيين من سوريا والعراق، والذين يقدر عددهم بـ3000 جهادي، علما بأن تونس في مقدمة الدول المصدرة للجهاديين إلى تنظيم "داعش" في العراق وسوريا.
ويرى متابعون أن أحد أسباب الهجوم هو انعقاد قمة اجتماعية دولية الأسبوع المقبل بالعاصمة التونسية، وهو الأمر الذي أثار حفيظة الإرهابيين؛ خوفا من استقرار تونس وإنعاش اقتصادها، ويرون أن هزيمة حزب النهضة الإسلامي ضربة لمشروع الدولة الإسلامية. 

شارك