اضطهاد المرأة المسلمة.. بين "قوانين وضعية" و"أحكام تُنسب للإسلام"

الخميس 19/مارس/2015 - 10:40 م
طباعة اضطهاد المرأة المسلمة..
 
في الوقت الذي يحتفل العالم بالمرأة  بأكثر من وسيلة، فهناك أعياد لليوم وأيام عالمية ومحلية مازال الوضع السيء للمرأة في بلدان العالم الإسلامي هو السائد وفي عام 2009 تم تأسيس حركة "مساواة" وهي حركة عالمية تسعى إلى تحقيق العدالة والمساواة داخل الأسرة المسلمة، حيث أُطلقت بمبادرة من منظمة "أخوات في الإسلام" الماليزية سنة 2009، عقب لقاء جمَع نشطاء ودارسين مسلمين من بلدان مختلفة. وتُعتبر "مساواة" حركة جماعية بقدر ما تجمع من منظمات غير حكومية وناشطين وعلماء ودارسين وصناع القرار، تهدف لتحقيق قيم العدل والمساواة الإسلامية والعالمية داخل الأسرة المسلمة لما لذلك من أثر على جميع مناحي الحياة في المجتمع، تنادي حركة "مساواة" بضرورة التغيير على مستوى العديد من قوانين الأحوال الشخصية والممارسات التي تُعتبر "إسلامية" لأنها لا تتسم بالعدل، ولا تلائم حياة الأسر المسلمة والمسلمين، وتَبَني إطار للعدل والمساواة يتسق مع مقاصد الدين الإسلامي ومبادئ حقوق الإنسان والواقع المعاصر، بحيث لا يمكن تحقيق عدل دون مساواة. وقد بذلت الحركة مجموعة من الجهود في سبيل إصلاح القوانين المتعلقة بالأسرة المسلمة التي تُعرض النساء للتمييز، والتصدي للتعديلات الرجعية التي تطالب بها المجموعات المحافظة داخل المجتمعات، أصدرت حركة "مساواة"  كتابا جماعيا بعنوان "نريد المساواة والعدل في الأسرة المسلمة" باللغة الإنجليزية قبل أن يُترجم إلى اللغتين العربية والفرنسية متضمنا مجموعة من المقالات. ويهدف هذا الكتاب إلى "فتح آفاق التفكير البنَّاء حول التغيير والإصلاح واستعادة التنوع والديناميكية اللذين كانا في الماضي جزءا لا يتجزأ من التراث الفقهي الإسلامي"، والسعي نحو إصلاح قانوني يعترف بالمساواة بين الرجل والمرأة وحماية المواد القانونية الإيجابية، في الوقت الذي يعتبر فيه البعض تحدي القوانين القائمة أو المطالبة بالإصلاح أمرا مناقضا للشريعة ودليلا على ضعف الإيمان، ومن الأوراق المهمة التي تضمنها البحث دراسة بعنوان (مكانة المرأة في الأسرة المسلمة بين ماض متخيل وواقع مستجد لقطات واقعية من القرن الحادي والعشرين ) كتبتها (كمالا شاندرا كيرنا ) رئيسة اللجنة الوطنية حول العنف ضد المرآة باندونيسيا منذ عام 2003، جاء فيها: "لم يكن العالم الاسلامي بمعزل عن التقدم والتحديات التي طالما واجهتها البشرية بل كان في وقت من الأوقات أحد أكثر قواها تأثير بل إن الواقع الذي يعيشه المسلمون والمسلمات وشكل الأسر المسلمة هما في حد ذاتهما استجابة للتحديات التي يشهدها العالم  وعلى مدار الأعوام العشرة السابقة التحقت 200 مليون امرأة بسوق العمل، ليصل عدد النساء العاملات حول العالم الى 1.2 مليار امرأة وهذه الارقام تضم نساءً من العالم الإسلامي، وعلى الرغم من الهوّة الواسعة في الإحصاءات، ولاسيما في ما يتعلق بالنساء المسلمات حيث تظهر نسبة كبيرة من المسلمات من إندونيسيا وماليزيا وجنوب الفلبين وجنوب تايلاند الأكثر فعالية في ما يتعلق بالمشاركة في سوق العمل، حيث حافظن علي ثالث اعلي مرتبة على مستوى العالم بعد شرق آسيا وإفريقيا جنوب الصحراء، وفي المقابل فإن أقل مستويات المشاركة في سوق العمل حول العالم هي النساء من منطقتي شمال إفريقيا والشرق الأوسط ولكن جدير بالذكر أن المنطقة العربية قد شهدت في الفترة من 1990 الي 2003 زيادة في نصيب النساء من النشاط الاقتصادي مقارنة بكل مناطق العالم الأخرى بلغت ستة أضعاف المعدل العالمي، والسؤال المهم الذي تطرحه الدراسة يقول كيف يمكن الربط بين هذه الحقائق التي تنطبق ايضا علي النساء المسلمات وبين نصوص العديد من قوانين الاحوال الشخصية والاسرة في العالم الاسلامي القائمة على افتراضات عريضة بان عائل الاسرة هو الرجل لا غير ؟ ما الذى نحتاج إليه للتوفيق بين واقع حيوات النساء المستجد والقوانين التي تنظم الزواج والأسرة ضمن المجتمعات الإسلامية حول العالم؟

اضطهاد المرأة المسلمة..
وتؤكد كمالا أن النساء المسلمات عرضةٌ بشكل خاص أيضا إلى بعض الممارسات التقليدية الضارة مثل ختان الإناث والجرائم المتعلقة بالصداق وجرائم الشرف، وأن الافتقار إلى سياسات لحماية النساء بشكل فعال من هذه الممارسات الضارة يوضح تقاعس الدولة عن الاضطلاع بمسؤوليتها إزاء كفالة حقوق الإنسان لجميع مواطنيها، ولا يقل إثارة للقلق تكريس الاعتقاد بأن هذه الممارسات ذات صلة ما بالتعاليم الإسلامية.. ومتى تغاضت الحكومة او حتى اعتمدت ممارسات تنطوي على عنف او تمييز ضد النساء في المجتمع عن طريق سن قوانين لتحقيق هذا الغرض بالإحالة بشكل مباشر أو غير مباشر إلى الإسلام فإنها تدلل على مدى شيوع التحالف بين الدولة من ناحية والقوى الابوية في الاسلام  في هذه الحالات تغدو النساء ضحايا التمييز المنهجي علي يد الدولة والمجتمع .لذلك فان تبني رؤية جديدة للإسلام تؤكد علي انسانية النساء وتعبر عن نفسها في شكل اعتماد الدول لقوانين تأخذ مسألة النوع الاجتماعي في الاعتبار وتستجيب لها أمر ضروي وممكن في الوقت ذاته، والآن هو الوقت المناسب لكي يصبح ذلك واقعًا ملموسًا في جميع بلدان العالم الإسلامي. 

شارك