التاريخ والجغرافيا والسياسة.. ماذا تعني معركة تكريت لإيران والحشد الشعبي؟

الجمعة 20/مارس/2015 - 01:19 م
طباعة التاريخ والجغرافيا
 
تقارير وانتقادات كبيرة لمليشيات الحشد الشعبي في معاركة ضد تنظيم الدولة الاسلامية "داعش تتهمه بارتكاب جرائم "حرب" ضد المواطنين السنة وقتل علي الهوية وإبادة قري سنية بالكامل، ولكن لماذا الإصرار على تحرير مدينة تكريت من تنظيم "داعش" ولم يبدأ الجيش العراقي ومليشيات الحشد الشعبي المواجهة والتحرير ضد "داعش" من الموصل عاصمة "داعش" في بلاد الرافدين ومركز قوتهم وليس من تكريت، يبدو أن الانتقام وحسابات طائفية بحته كان وراء حرب تكريت وهي مدينة تقع على مسافة 160 كم شمال غرب بغداد على نهر دجلة، يبلغ عدد سكانها 370 ألف نسمة وهي مركز محافظة صلاح الدين .

مسقط صلاح الدين

مسقط صلاح الدين
تكرين ليس مسقط العدو الأول للشيعة بشكل عام والعراقيين بشكل خاص في العصر الحديث الرئيس الراحل صدام حسين، بل هي مسقط القائد صلاح الدين الأيوبي الذي انهى أهم وأقوى دولية شيعية ظهرت في العصر الإسلامي وهي الدولة الفاطمية في مصر والمغرب العربي، لذلك يحمل الشيعة بشكل عام كرها كبيرا  لصلاح الدين مؤسس الدولة الأيوبية والتي شمل حكمها إلى جانب مصر الشام والحجاز وشمال العراق وديار بكر بجنوب تركيا وجنوب اليمن في القرنين الثاني عشر والثالث عشر الميلاديين.
وبذلك يحضر  البعد التاريخي والطائفي والعقائدي، وأيضا “النفسية” يوضح مدى خطورة وأهمية معركة تكريت، وتوقّع ما سيحصل بعد هذه المعركة من صراع طائفي وقتل على الهوية بدعوي محاربة "داعش".

مسقط صدام حسين

مسقط صدام  حسين
كما تعتبر مدينة تكرين هي مسقط الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، حيث يحمل له أغلب شيعة العراق كرها كبيرا وخاصة القوي السياسية الشيعية التي تحكم والتي تشكل أغلبها في الخارج وخاض قتالا ضد الرئيس العراقي بجوار إيران خلال الحرب العراقية الإيرانية في الثمانينات من القرن الماضي، كما ساهموا بشكل كبير في احتلال الولايات المتحدة الأمريكية للعراق، ومن ثم السيطرة عليه، لذلك تشكل تكريت معركة نفسية كبيرة وحاجز نفسي كبير لدي المليشيات الشيعية ومن ورائهم إيران مع قيادة الجنرال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس الإيراني، للمارك في تكريت .
وفي هذا الصدد يُقال إنَّ قاسم سليماني، الذي يعتبر قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، قد أقام مركز قيادته في مدينة سامراء، ويقال إنَّ هناك دبابات إيرانية موجودة في عملية تكريت وتدور في الوقت الراهن حول هذه المدينة.
والآن صار عدو صدام حسين اللدود بالذات يريد الاستيلاء على مدينته؟ لقد تسببت الحرب التي استمرت ثمانية أعوام بين هذين البلدين الجارين العراق وإيران في فترة الثمانينيات بقتل مليون شخص، إلى أن أنهتها في آخر المطاف حالة من الجمود العسكري. وفي تلك الفترة اعتبر كلّ طرف نفسه منتصرًا في تلك الحرب.

الانتقام لمذبحة معسكر سبايكر

الانتقام لمذبحة معسكر
كما أن معركة تكريت لها مكانة “عاطفية” وخاصة بالنسبة إلى المقاتلين الشيعة حيث أنها المكان الذي شهد مذبحة معسكر سبايكر ،في يونيو الماضي، أكبر مذبحة للشيعة العراقيين في الالفية الجديدة حين قام تنظيم داعش بإعدام 1700 من الجنود الشيعة.
المجزرة التي كانت حدثت ظهر يوم 12 يونيو الماضي، والتي حاولت الحكومة العراقية المنتهية ولايتها برئاسة نوري المالكي التستر عليها لفداحتها، إذ جرى إنكارها في البداية وتكذيب تفاصيلها من قبل نواب وإعلاميين وكتاب ومحللين سياسيين مقربين من المالكي، لكن الصور ولقطات الفيديو التي جرى تسريبها عبر مواقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك) أجبرت رئيس الحكومة المنتهية ولايته على أن يصرح عبر التلفزيون بأن «(داعش) قتلت 157 من طلبة القوة الجوية في قاعدة سبايكر بتكريت»

الأهمية الجغرافية

الأهمية الجغرافية
وفي ما يتعلّق بالجانب الجغرافي، يمثّل الإقليم الفرعي الذي يضمّ تكريت وسامراء ومحافظة ديالى من الشرق الطريق المركزي الوسطي نحو قلب العراق الحضري من “سربل ذهاب”، الممر العظيم عبر جبال زاغروس من الوسط الغربي لإيران.
ووفق الباحثة الأميركية، ج. أ. داير (J. E. Dyer)،، التي اشتغلت في المخابرات البحرية الأميركية، في دراستها التي حملت عنوان “الوضع الجيوسياسي لمعركة تكريت”، هي خاصية جغرافية إستراتيجية، حيث توجد تكريت في محافظة صلاح الدين، وقريبة من محافظة ديالى، وهاتان المحافظتان تحملان ثقلا تاريخيا هائلا، فهذا الممر في شرق العراق، هو المكان الذي تحارب فيه الفرس والعثمانيون والعرب من أجل بسط النفوذ على مدى قرابة 1400 عاما.
وتقع محافظة صلاح الدين بين مدينة سامراء المقدسة عند الشيعة ومدينة بيجي التي تضم أحد أهم مصافي النفط في العراق. إضافة إلى رمزية المدينة على اعتبار أنها مسقط رأس صدّام حسين. بينما تعد تكريت التي تبعد 80 ميلا من بغداد، العاصمة الروحية لنظام صدام حسين، كما أن هذه المدينة، التي تتميز بثقلها الاستراتيجي والاقتصادي، كانت آخر مدينة أساسية تسقط بيد القوات الأميركية خلال غزوها البلاد في عام 2003.
وتضيف الباحثة، أن إيران على وشك الحصول على أكبر المكاسب الجيواستراتيجية من الصراع في العراق إلى حد الآن(في معركة تكريت)، وذلك بقطع الطريق عن وصول تنظيم الدولة الإسلامية إلى بغداد، من الجهة الشمالية على طول نهر دجلة. أيضا، وفي ما يتعلّق بالجانب الجغرافي، يمثّل الإقليم الفرعي الذي يضمّ تكريت وسامراء ومحافظة ديالى من الشرق الطريق المركزي الوسطي نحو قلب العراق الحضري من “سربل ذهاب”، الممر العظيم عبر جبال زاغروس من الوسط الغربي لإيران.

حرب تكريت

حرب تكريت
صحيح أن تكريت ميدان مهم في الحرب ضد تنظيم "داعش"، لكن الاستيلاء عليها من قبل مليشيات شيعية سيكون فوزا إيرانيا، وتتويجا لخطة يتمّ تنفيذها منذ عدة أشهر، بدأت من خلال تقدم القوات "العراقية/الإيرانية" عبر محافظة ديالى، انطلاقا من الحدود الإيرانية “مستردّة” تدريجيا مدنا مهمة من تنظيم "داعش". 
المعركة هي معركة واضحة أنها انتقامية بعكس كل المناطق في العراق، ولذلك هناك قلقل عراقي كبير من جميع العشائر في تكريت  وخاصة السنة من انتقام مليشيات الشيعية "الحشد الشعبي"  من أهالي المدينة بدعوي قتال عناصر "داعش" وهو ما يوضح أن المعركة هي معركة انتقامية تاريخية... فهل سينتبه العاقلون في العراق وخاصة المراجع الشيعية والساسة لأزمة معركة تكريت وتأثيرها علي النسيج العراقي.. فمعركة تكريت نقطة فاصلة في وحدة العراق أو التقسيم علي أساس طائفي ومذهبي؟

شارك