أجواء الحرب في اليمن.. هادي يهدد والحوثيون يصعدون
الأحد 22/مارس/2015 - 12:29 م
طباعة

بات اليمن على أعتاب حرب أهلية جديدة، في ظل تجييش الأطراف السياسية في اليمن لقواتها العسكرية والحشد الشعبي والإعلامي والسياسي للمواجهة؛ من أجل الإطاحة بالجانب الآخر، أو الحصول على أكبر المكاسب السياسية والجغرافية، فيما يدفع الشعب اليمني فاتورة الصراع المتوقع استمراره لفترة طويلة مع ظهور الدولتين، يأتي ذلك مع تحرك إقليمي ودولي لاحتواء الحرب.
الجمعة الدامي

شهدت اليمن يوما داميا بوقوع 5 هجمات انتحارية استهدفت مسجدين في صنعاء ومجمعاً في صعدة تبناها تنظيم الدولة السلامية «داعش» في بيانٍ منسوبٍ إليه، تكفي لنقل الصراع في اليمن إلى صراع مذهبي، فقد قتل ما لا يقل عن 142 شخصا وأصيب 350 آخرون بجروح وسط صراع على مطار عدن في الجنوب.
ومن بين هؤلاء، الداعية المرتضى بن زيد المحطوري الحسني، أحد أهم علماء الزيدية ومعروف برفضه للمذهب الاثني عشري وولاية الفقيه الإيرانية، كما هو معروف بمواقفه ضد نظام الرئيس السابق علي عبدالله صالح وضد رموز جماعة الإخوان باليمن.
جماعة «أنصار الله»، أكدت بلسان المتحدث باسمها محمد عبد السلام، أنه معروف من يقف وراء هجمات يوم أمس، ومن يحرض عليها ويمولها، مؤكداً أنها جزء من معركة شاملة تقودها أطراف تتبادل الأدوار السياسية والإعلامية والعسكرية والأمنية. وأضاف عبد السلام في بيان، أن العناصر الإجرامية التابعة لتنظيم «القاعدة» تحركت في ظلّ نشاط ودعم الأجهزة الأمنية والعسكرية المدعومة أمريكياً، رابطاً ما شهدته عدن أول من أمس بالهجمات الأخيرة.
خطاب ناري للرئيس اليمني

وفي خطاب ناري توعد فيه الحوثيين، دعا الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، في أول خطاب متلفز له، منذ انتقاله إلى عدن- قوات الجيش والأمن للوقوف مع "الشرعية" التي يمثلها، وقال في سياق حديثه عن الغارات الجوية التي استهدفته في عدن: إن "تلك الممارسات المجنونة واللامسئولة لن تثنينا عن تحملنا للمسئولية حتى نوصل البلاد إلى بر الأمان، ويرتفع علم الجمهورية اليمنية على جبال مرّان في صعدة (معقل الحوثي الأول) بديلاً عن العلم الإيراني".
ودعا قوات الأمن والجيش في مختلف المحافظات إلى الحفاظ على مؤسساتها، والقيام بواجباتها في الحفاظ على الأمن والاستقرار، وتلقي أوامرها من القيادة الشرعية التي يمثلها، بعيداً عن الولاءات الشخصية.
وتحدث هادي عن الأحداث في عدن، مُتهماً قائد قوات الأمن الخاصة، العميد عبد الحافظ السقاف، بتنفيذ انقلاب بالتنسيق مع "الحوثيين"؛ الأمر الذي استدعى استخدام وحدات من القوات المسلحة واللجان الشعبية لإنهاء تمرد السقاف. ووصف هادي قصف القصر الرئاسي في عدن بالطائرات بأنه تصرف "أرعن".
فيما ذكرت تقارير إعلامية إلى أنّ الجيش اليمني، بقيادة وزير الدفاع اللواء محمود الصبيحي، تمكّن من استعادة مطار عدن بالكامل، ودحر القوات الخاصة التي كانت تتمركز في طرفه الشمالي.
بدورها، أعلنت "اللجان الشعبية" عن سقوط أول قتيلٍ في صفوفها، وإصابة آخرين، في المواجهات العنيفة الدائرة، منذ صباح الخميس الماضي، بينها وبين القوات الخاصة.
كذلك ذكرت قبائل العوالق، التي وصلت الأربعاء إلى عدن، أنّ مسلّحيها انتشروا في ساحل أبين وخط العريش؛ لتعزيز صفوف اللجان الشعبية والجيش.
وكانت "اللجان" والجيش الموالي للرئيس اليمني، قد تمكّنا من التقدّم صوب حي العريش، واستولت على نقطةٍ تابعة للأمن المركزي، شرقي معسكر القوات الخاصة، في محاولةٍ لفرض المزيد من الحصار عليها، بعد أن قصفت هذه القوات بقذائف الهاون برج المراقبة في مطار عدن الدولي.
الحوثيون يعلنون التعبئة

من جانبه أعلن جماعة الحوثين التعبئة العامة في صفوف اللجان الشعبية والجيش والشرطة اليمنية في شمال البلاد، وبررت دعوتها بأنها تأتي إدراكاً لـ"خطورة الوضع الأمني في البلد، وما يتطلبه من يقظة كاملة لما يحاك من مؤامرات خارجية ضد الوطن، وانطلاقاً من واجبات اللجنة الثورية العليا في حماية أمن واستقرار الوطن وحماية حياة المواطنين من جرائم القوى الإرهابية".
كما تمكن الحوثيون من السيطرة اليوم الأحد مع قوات موالية للرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، على مطار مدينة تعز التي تقع شمال مدينة عدن. وتعز من أكبر مدن اليمن، وبوابة الجنوب، والمشرفة على مضيق باب المندب.
وتشير القوة العسكرية على أرض الواقع إلى تفوق قوات الرئيس صالح والحوثيين، من ناحية العدد والتسليح والتنظيم على القوات الموالية للرئيس هادي؛ حيث استقرت في معسكر القوات الخاصة شرقي تعز تتألف من 20 عربة عسكرية وناقلات جند، بالإضافة إلى سيارتين تحملان مسلحين دخلت مقر القوات الخاصة". ويأتي دخول الحشود العسكرية بعد وقت قليل من بيان للجنة الأمنية في المحافظة أقرت فيه «منع دخول أي تعزيزات عسكرية أو أمنية أو مدنية إلى المحافظة من أي جهة».
تحرك دولي

وفي إطار تحرك إقليمي ودولي لاحتواء الأوضاع في اليمن، يعقد مجلس الأمن الدولي اليوم الأحد اجتماعا لدراسة الوضع في اليمن، حيث دفع غياب الأمن المتفاقم، الولايات المتحدة إلى سحب طاقمها الدبلوماسي من هذا البلد، غداة هجمات أسفرت عن سقوط 124 قتيلا الجمعة. وفي مواجهة تفاقم الفوضى أعلن دبلوماسيون أن مجلس الأمن الدولي سيعقد اجتماعا طارئا بعد ظهر الأحد لبحث الوضع في اليمن، بطلب من الرئيس اليمني هادي.
ودعت دول مجلس التعاون الخليجي اليمنيين إلى التمسك بالتوافق الوطني وتغليب الحكمة والعقل بعد يوم واحد من التفجيرات التي أدت إلى مقتل وإصابة العشرات. ودانت دول مجلس التعاون الخليجي بشدة الأعمال الإرهابية الشنيعة التي وقعت في عدن وصنعاء باليمن، مستهدفة أمن واستقرار اليمن، والمساس بالشرعية الدستورية، وإثارة الفتنة الطائفية، وتمزيق النسيج الاجتماعي للشعب اليمني ووحدته الوطنية.
المشهد اليمني

اليمن الآن أصبح واضحا أنه دخل أجواء الحرب مع سقوط أول الضحايا في تفجيرات صنعاء وسيطرة الحوثيين على تعز، مع سيطرة اللجان الشعبية المدعومة من الرئيس هادي على مدينة عدن، وهو ما يشير إلى أن الصراع على وشك السقوط؛ مما يؤدي إلى مزيد من الضحايا مع وضوح المعسكرين: معسكر الشمال (الحوثيين – صالح- عدد من الأحزاب والقبائل)، ومعسكر الجنوب (الرئيس هادي- القبائل- الحراك الجنوبي- اللجان الشعبية).
والحرب اليمنية الآن لن تكون مجرد حرب بين الشمال والجنوب أو بين السلطة الحاكمة وتمردين، بل ستكون نتائجها كارثية أيا كان الطرف المنتصر، فالحرب حتى ولو حسمت عسكريا في هذه المرحلة، لكنها ستظل حربا طويلة متفرقة، والصراع سيتحول إلى صراع أشبه بما يحدث في العراق.