اندماجات الجهاديين أكذوبة الحرب السورية

الإثنين 23/مارس/2015 - 03:30 م
طباعة اندماجات الجهاديين
 
 تشكل حركة الاندماجات داخل الفصائل المسلحة الإسلامية في سوريا أحد أبرز ملامح الصراع في سوريا، وما يميزها بشكل أكبر هو الانفصال والانشقاق بين هذه الفصائل في أول اختبار عملي على الأرض. 
اندماجات الجهاديين
أحدث هذه الاندماجات وليس آخرها هو ما أعلن عنه فصيلا حركة أحرار الشام الإسلامية وألوية صقور الشام التابعان للمعارضة السورية المسلحة عن اندماجهما بشكل كامل، تحت مسمى "حركة أحرار الشام الإسلامية"، في بيان تلاه قائد الحركة هاشم الشيخ وبحضور رموزها كافة.
 وتم التأكيد فيه على أن القوة المركزية للفصيل الجديد ستكون تحت مسمى كتائب صقور الشام، وأن الاندماج جاء لما تقتضيه المرحلة من ضرورة التكاتف ووحدة الصف وجمع الكلمة، وتزامنا مع الذكرى الرابعة "لثورة الشام المباركة"، وأن الاندماج يأتي انطلاقا من واجب الاعتصام، وما تقتضيه المرحلة من ضرورة التكاتف، وأن الحركة مصرة على الثبات على مسار الثورة، والعمل على إسقاط النظام في دمشق، ورفض المساومة على دماء الشهداء".
دعا الشيخ فصائل المعارضة المسلحة الأخرى إلى التوحد والتنسيق فيما بينها؛ لتحقيق أهداف الثورة، والتخلص من النظام والظلم الواقع على الشعب السوري.
اندماجات الجهاديين
 حركة أحرار الشام تحديدا هي أولى الحركات التي كان لها السبق في الاندماج بين الفصائل المسلحة في سوريا، باعتبارها أقوى الكتائب  الإسلامية التي نشأت إبان الثورة، وذلك بعد اتحادها مع 4 فصائل إسلامية، وهي كتائب أحرار الشام وحركة الفجر الإسلامية وجماعة الطليعة الإسلامية وكتائب الإيمان المقاتلة، ولها وجود واسع في معظم المدن الخارجة عن سيطرة النظام السوري فيما عدا الرقة معقل "داعش".
 هذا الاندماج سيوسع بلا شك نفوذ جماعة أحرار الشام في محافظة إدلب شمال غرب سوريا، على حساب تنظيم قاعدة الجهاد في بلاد الشام "جبهة النصرة" المنافس لها، المسيطر الفعلى على المنطقة وهو ما أكده أبو مالك الشامي، القيادي في جماعة جيش المجاهدين والأنصار قائلا: "إن هذا سيمثل منافسا أقوى لجبهة النصرة في إدلب؛ لأن معظم قادة وأفراد جماعة أحرار الشام من السوريين المحليين على عكس جبهة النصرة التي يوجد في صفوفها مقاتلون أجانب". 
 وبالنظر إلى خريطة التحالفات والاندماجات داخل الساحة السورية نجد أنها بقدر السرعة في الاندماج تكون السرعة في الانشقاق والانفصال، ولم يسلم من هذا الأمر حتى الآن سوى تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام "داعش" الذي يعد في الأساس انشقاقا عن تنظيم القاعدة، وتنظيم قاعدة الجهاد في بلاد الشام "جبهة النصرة" الذي كان في الأساس جزءا من تنظيم الدولة الإسلامية في العراق "داعش" حاليا، وانشق عنها. 
 وبالنظر إلى خريطة الجماعات الجهادية المسلحة في سوريا نستطيع أن "نشرح" ظاهرة الاندماجات والانشقاقات في سوريا. 
اندماجات الجهاديين
1- كتائب المهاجرين المستقلة
تشكلت من مسارات متعددة للتيار السلفي الجهادي والمهاجرين؛ وبها تشكيلات هي الأقرب للقاعدة، وعلى الرغم من ذلك غير متحالفة مع ممثلها في سوريا "جبهة النصرة"، وتتشكّل غالبيتها من المجاهدين المهاجرين إلى سوريا، وتكتفي بدور المقاتل في المعارك دون الدخول في الخلافات الداخلية أو المشاريع السياسية ويقودها صلاح الدين الشيشاني، وتحالفت مع كتائب "جند الأقصى" الذي أسس "تحالف المهاجرين والأنصار" في الأساس مع كتائب محلية، التي سرعان ما انشق بعضها عنها وانضم لجبهة النصرة، مثل: "الكتيبة الخضراء" و"صقور العز".
2- السلفية الوطنية
تمثل الجبهة الإسلامية التي تأسست في 22 نوفمبر 2013 الحالة المثالية في الحالة السورية للاندماج والانشقاق، والتي كانت أضخم محاولة لتأسيس مشروع سياسي وعسكري جامع وحاضن للحالة الإسلامية المقاتلة، كمسار بديل عن تنظيم الدولة وتيار القاعدة من ناحية، وعن الائتلاف والأركان من ناحية مقابلة، وتشكّلت الجبهة من سبع فصائل رئيسة (لواء التوحيد، جيش الإسلام، حركة أحرار الشام الإسلامية، ألوية صقور الشام، لواء الحق، كتائب أنصار الشام والجبهة الإسلامية الكردية)، على أن تندمج كليًّا، وتتوسع فيما بعد، ولكن الارتباك والدعم واختلاف التوجهات الأيديولوجية داخل الجبهة (بشكل رئيس ما بين جيش الإسلام الممثل للمدرسة السلفية العلمية وأحرار الشام كممثلين لسلفية جهادية و"حركية" محلية، بينما يغلب على الفصائل الأخرى أولوية الميداني على الأيديولوجي وعدم امتلاكها بنية أيديولوجية صلبة)، إضافة للتباين والانقسام في مواجهة تنظيم الدولة؛ أدت هذه العوامل إلى تأخر تحقيق الجبهة لوعودها في الاندماج، أو لتمثيلها مشروعًا سياسيًّا وعسكريًّا بديلًا للائتلاف وهيئة الأركان، أو حاضنًا للقوى الإسلامية والمحلية الصاعدة.
 وعلى الرغم من ذلك تتشكل الجبهة الإسلامية من أكثر من ستين ألف مقاتل، كأضخم تحالف عسكري قائم، وتنتشر في معظم جبهات القتال، مع ضعف وجودها في الجبهة الجنوبية (درعا والقنيطرة) التي يغلب عليها الطابع المحلي، ويسهم النفوذ الأردني السعودي في تخفيف هذا الانتشار، لكن طرح الجبهة السياسي وتأخر قيامها كجسد موحد يُسْهِمان في تشجيع قيام تحالفات منافسة ومقابلة لها؛ لأسباب ميدانية أو أيديولوجية أو إقليمية مختلفة. 
3- الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام 
تأسس في 6 ديسمبر 2013، في دمشق وريفها، بقيادة (أبومحمد الفاتح)، ليمثّل المقابل الميداني والأيديولوجي لجيش الإسلام (السلفي)؛ فهو اتجاه زاوج بين مدرسة الإخوان الحركية والمدرسة الشامية، مع كون الجيش والاتحاد أكبر فصيلين عسكريين في ريف دمشق عامة، لكن الفترة الأخيرة شهدت تنامي احتقان متبادل بين الفصيلين وأدى إلى انفصالهما.

اندماجات الجهاديين
4- جيش المجاهدين 
تأسس الجيش في 2 يناير 2014، ليبدأ في اليوم التالي الصدام المسلح مع تنظيم دولة العراق والشام، والذي توسع فيما بعد ليشمل الجبهة الإسلامية وجبهة النصرة وجبهة ثوار سوريا وغيرها من الفصائل المحلية. ويمثل الجيش تحالفًا بين عدة قوى أثبتت تأثيرها وصلابتها الميدانية في حلب وريفها، وينتمي معظم عناصره إلى مدينة حلب وريفها الغربي، مع نسبة عالية من الشباب الجامعيين وهو مدعوم من جماعة الإخوان المسلمين، وقد أعلن عن تشكيل "حركة حزم" في يناير عام 2014، والتي تضم فصائل من ريف حماة وإدلب؛ وأعلن عن تشكيل "فيلق الشام"، ويجمع كتائب منتسبة لهيئة حماية المدنيين المقربة من الإخوان المسلمين، وتتوسع موجة التحالفات باستمرار، وقد اندثرت حركة حزم من قبل النصرة وتشتت جهود دعم الإخوان لهم وانفصلت عنه حركة نور الدين زنكي وعدد من الفصائل الأخرى، ومع ذلك لا يزال يشكل فصيلاً مهمًّا بين الفصائل المقاتلة بحلب، وهو عضو في غرفة عمليات أهل الشام مع جبهة النصرة والجبهة الإسلامية، ومشارك في غرفة عمليات النهروان ضد تنظيم الدولة الإسلامية.
اندماجات الجهاديين
5- جبهة ثوار سوريا 
أُعلن عن تأسيس الجبهة في 9 ديسمبر 2013، وتقوم بشكل رئيس على "تجمع كتائب وألوية شهداء سوريا" بقيادة جمال معروف، وكان دور الجبهة محوريًّا في قتال تنظيم الدولة في إدلب حيث مركزها، وتحاول أن تتوسع لتضم تشكيلات محلية تقاتل باسمها، في مناطق مختلفة وصلت حتى الجبهة الجنوبية في درعا.
اندماجات الجهاديين
6- حركة نور الدين زنكي 
واحدة من أقوى فصائل المعارضة في حلب، وعلى الرغم من أنها مستقلة، إلا أنها لعبت دوراً مهما في الاستيلاء على أجزاء كبيرة من حلب عام 2012، وكانت الحركة جزءاً من لواء التوحيد، وجبهة الأصالة والتنمية، وفيما بعد انضمت إلى جيش المجاهدين، أما الآن فهي تقاتل نظام الأسد وتنظيم الدولة الإسلامية بشكل مستقل.
اندماجات الجهاديين
7- جبهة أنصار الإسلام: وهو لواء إسلامي مستقل يقاتل ضد النظام في القنيطرة ودرع
اندماجات الجهاديين
8- ألوية سيف الشام 
مجموعة تأسست في دمشق، وتحارب الآن في درعا والقنيطرة، وشاركت في معارك درعا الأخيرة، وكانت جزءاً من الهجوم على ضواحي دمشق الشمالية خلال العامين الماضيين، وهو من بين الموقعين على تحالف الجبهة الجنوبية.
ألوية شهداء دمشق: جماعة إسلامية مستقلة في درعا والقنيطرة وجنوب ريف دمشق، على الرغم من أنه كان عضو في جبهة الشام الموحد
10- لواء التوحيد: يعتبر من الفصائل ذات الصلة بجماعة الإخوان المسلمين، وتكون في يوليو 2012 من خلال اندماج عدة كتائب مناطقية وجماعات مسلحة تتمركز حول حلب، وذلك بهدف توحيد العمليات العسكرية في المنطقة ضد النظام، وهو أكبر التنظيمات التي ينتمي قادتها لتنظيم الإخوان المسلمين في سوريا، ويقود الجناح السياسي فيه عبد العزيز سلامة، ويضم حاليًّا حوالي 11 ألف مقاتل، ويعتبر لواء التوحيد هو الفاعل المهيمن على محافظة حلب، وإن كان نفوذ لواء التوحيد قد تراجع لصالح دولة الإسلام في العراق والشام، وذلك منذ منتصف 2013، وعلى الرغم من أن لواء التوحيد تبنى توجهًا إسلاميًّا معتدلا، إلا أنه تعاون مع الكتائب الإسلامية المتطرفة المرتبطة بالقاعدة، كما أنه يتمتع باحترام من جانب الجماعات الأخرى، وهو ما اتضح في سبتمبر 2013 عندما تمت دعوة لواء التوحيد للوساطة بين داعش وأحد الفصائل المنضوية تحت الجيش السوري الحر، وقبل الطرفان وساطته
الجبهة الإسلامية الكردية
أصغر قوة مسلحة في هذا التحالف، حيث يقدر عدد أعضائها بأقل من ألف مقاتل. وقد حاربت مع التنظيمات المرتبطة بالقاعدة ضد قوات حماية الشعب الكردية، التابعة للاتحاد الديمقراطي الكردستاني ويعد هدف هذه الجبهة هو الاندماج التام بين الجماعات السبع، وليس مجرد وضع إطار تنسيقي بينها، ومن المتوقع أن يكون هذا الاندماج تدريجيًّا، ويستغرق فترة زمنية تمتد لحوالي 3 أشهر، ومن المتوقع أن تنضم إليها مزيد من الجماعات المعارضة في الأيام القادمة وتضم الجبهة حوالي 45 ألف مقاتل، وتمتلك كتائب تنتشر في دمشق، وحمص، وإدلب، واللاذقية، وحلب، وتضم بعض الكتائب الأشد تطرفًا مثل حركة أحرار الشام الإسلامية، وهو ما قد يدفع الجبهة كلها في هذا الاتجاه، ولكنها لا تضم أيًّا من الجماعات المرتبطة بالقاعدة.
 من خلال ما سبق يتضح لنا أن: 
1- الاندماج والانشقاق هو السمة المميزة لكافة الفصائل المسلحة في سوريا. 
2- أي إعلان عن الاندماج بين الفصائل الجهادية في سوريا يقابله توقع شبه مؤكد بالانفصال؛ نظرا لاختلاف المصالح والأهداف. 
3- عدم وجود رغبة حقيقية لدى كافة الفصائل الجهادية في سوريا للاندماج، وإن ما يحدث هو مجرد حالة وقتية مؤقتة سرعان ما تغيرها الوقائع على الأرض. 
4- لم تعد الفصائل الجهادية المسلحة تشكل مصدر جذب أو اغراء للجهاديين والفصائل الإسلامية الصغيرة في ظل وجود "داعش "و"النصرة" التي تمثل حاضنة أكبر وأقوى لها. 

شارك