"داعش" وسوريا .. ما وراء انفتاح الأردن على شيعة العراق وإيران؟

الثلاثاء 24/مارس/2015 - 12:29 م
طباعة داعش وسوريا .. ما
 
زيارة لقيادة شيعية لها ثقلها في السياسة العراقية إلى عمان، وسبقها زيارة وزير الخارجية الأردني إلى طهران، وأنباء عن زيارة سرية لقائد الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني إلى عمان، في ظل وجود أنباء عن زيارة مرتقبة لزعم التيار الصدري مقتدى الصدر إلى المملكة الهاشمية يفتح العديد من التساؤلات عن طبيعة هذه الزيارة، تزامنا مع الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، وتنامي دور الجماعات الإرهابية في سوريا وسط مخاوف من تأثيرها على أمن المملكة الهاشمية.

زيارة الحكيم

زيارة الحكيم
التقى رئيس المجلس الأعلى الإسلامي العراقي السيد عمار الحكيم، عاهل الأردن الملك عبد الله الثاني بقصر الحسينية في عمان.
وبحث الملك عبدالله الثاني مع الحكيم العلاقات الأردنية العراقية وسبل تعزيزها، حيث أكد عبدالله الثاني وقوف الأردن الكامل إلى جانب الأشقاء العراقيين، ودعم مساعيهم في محاربة الإرهاب وتنظيماته، وبناء حاضر ومستقبل أفضل للعراق، وتمكينه من ترسيخ وحدته الوطنية وبمشاركة جميع أطياف الشعب العراقي.
وبحث الحكيم ملك الأردن تطورات الأوضاع الأمنية والسياسية في المنطقة، والحرب التي يخوضها العراق مع "داعش" نيابة عن دول المنطقة والعالم، داعيا إلى تضافر جهود الجميع؛ من أجل القضاء على داعش الذي يمثل ورما سرطانيا في جسد المنطقة، مجددا دعوته لمنظومة أمنية مشكلة من دول المنطقة لمواجهة الإرهاب والفكر المتطرف.
كما استقبل رئيس الوزراء الأردني الدكتور عبدالله النسور، في مكتبه بدار رئاسة الوزراء السيد عمار الحكيم والوفد المرافق له، وجرى بحث التحديات السياسية والأمنية والاقتصادية التي تتعرض لها المنطقة، وسبل مواجهة هذه التحديات ضمن جهود مشتركة تحقق مصالح الشعبين الشقيقين.
وأكد الجانبان أهمية تفعيل التعاون الاقتصادي والاستفادة من الفرص المتاحة واستكمال بناء المشاريع التي كان متفقا عليها.
ولفت النسور إلى دعم الأردن بقيادة الملك عبدالله الثاني للدولة العراقية والجهود التي تبذل لاستعادة العراق لأمنه واستقراره وتمكينه من تجاوز الظروف الصعبة التي يواجهها، بحيث ينعم جميع العراقيين بالأمن والسلام والاستقرار في وطنهم.
وأشار النسور إلى أهمية بناء مصالح اقتصادية مشتركة لضمان ديمومة العلاقات وانعكاسها على الشعوب، والسعي نحو بناء حالة تكامل اقتصادي عربي تحقق الرفاه لشعوب الأمة العربية.
وبَيَّن النسور أن الظروف السياسية ونمو التطرف حالت دون إتمام الكثير من المشاريع الاقتصادية بين البلدين والتي منها سكة الحديد وخط أنبوب للنفط وخطوط التجارة والطيران، وغيرها من المشاريع الاستراتيجية، والتي ستشكل فرصة كافية لتعزيز التعاون بين الطرفين حال تنفيذها.
ودعا إلى تعزيز الاتفاقات المشتركة التي تم التوصل إليها على مختلف المستويات بين البلدين الشقيقين، وبما يحقق المصالح المشتركة التي نتطلع لتحقيقها.
وقال الحكيم: إن هناك روابط تاريخية ومصالح مشتركة تجمع بين الشعبين الشقيقين العراقي والأردني، وإن هناك الكثير من التطابق في وجهات النظر تجاه الكثير من القضايا العامة، لافتا إلى أنه لا بد من بناء شراكة استراتيجية شاملة تستند إلى خارطة طريق وخطوات تنفيذية ضمن برنامج زمني محدد؛ لتفعيل مبادئ التعاون المشترك مع الأردن، مؤكدا في الوقت ذاته أن الفرصة مواتية أكثر من أي وقت مضى لذلك، حيث تتوفر الإرادة وبكل جدية.
وبَيَّن أنه بإمكان الأردن الاستفادة من الفرص الاقتصادية والإمكانات التي يوفرها العراق الآن، ضمن منظومة تكاملية الأدوار وتبادل المصالح، مع التأكيد على أهمية دور الشباب ضمن هذه المنظومة.
وقال الحكيم إننا شركاء في محاربة الإرهاب والتطرف، وإننا أمام تحد كبير، وإن أمن كلا البلدين مستهدف من هذا الإرهاب، خصوصا في ضوء نمو التطرف وتمدده وسرعة انتشاره إلى أقطار عدة.

زيارة الصدر

زيارة الصدر
زيارة القيادي الشيعي السيد الحكيم لن تكون هي وحدها، بل هي بداية لسياسة جديدة تتبعها المملكة الأردنية الهاشمية في المنطقة بالانفتاح على شيعة العراق وإيران؛ من أجل مواجهة التطرف والتشدد في الجانبين السني والشيعي، ومواجهة الجماعات الإرهابية، وبناء علاقات استراتيجية تحفظ أمن البلدين.
والأنباء تفيد بأن السيد مقتدى الصدر يستعد لشد الرحال إلى الأردن، وأن العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني سيستقبله في الديوان الملكي، مثلما استقبل السيد عمار الحكيم رئيس المجلس الإسلامي الأعلى في العراق. 

الانفتاح على إيران

الانفتاح على إيران
الأولوية الأمنية الأردنية وتنامي قوة الجماعات الإرهابي علي الحدود الأردنية خاصة تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" كسرت المحظورات السياسية، وأبرزها التقارب مع إيران، متجاوزا الخطّ الأحمر الذي رسمه يوماً الأمريكيون والسعوديون والبريطانيون، متقدّماً خطوات صوب إيران؛ نظراً إلى تأثيرها على «عمقه الاستراتيجي» من خلال سوريا والعراق، ومن هنا تندرج زيارة وزير الخارجية الأردني الأخيرة ناصر جودة لطهران.
كما ذكرت تقارير إعلامية أن قائد فيلق القدس الإيراني الجنرال قاسم سليماني قد زار الأردن سرا، وقد أشار موقع (ديبكا) الإسرائيلي المعروف بصلاته الوثيقة بالاستخبارات العسكرية في إسرائيل- نقلاً عن مصادر لم يسمها- إلى أن مقاتلات سلاح الجو الملكي الأردني كانت رافقت موكب الجنرال الإيراني الذي أتى من العاصمة العراقية بغداد إلى عمان، من خلال الطريق السريع الرئيسي الذي يربط الأردن بالعراق. 
وقال الموقع: إن سليماني تحدث وعلى وجه الخصوص مع مدير المخابرات العامة الأردني الفريق أول فيصل الشوبكي حول خطط مواجهة (داعش) في العراق وسوريا.
واعتبر (ديبكا)، أن زيارة سليماني إلى عمّان تؤشر إلى أن الأردن بدأ استعداده لاتخاذ الخطوة الأولى نحو تنسيق سياسته وعملياته العسكرية مع طهران، وليس فقط مع واشنطن.
ليس هذا الحراك الأردني في اتجاه إيران مفاجئاً، ففي العامين الماضيين زار رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية علي أكبر صالحي عمان (حين كان وزيراً للخارجيّة)، وكذلك فعل وزير الخارجية محمّد جواد ظريف، ووفقاً للإيرانيين «كانت هنالك وعود بأن يرسل الملك عبد الله سفيراً فوق العادة إلى طهران، وهذا ما تمّ فعليّا قبل 6 أشهر، فعيّنت عمّان وزير الإعلام السابق عبد الله أبو رمّان سفيراً في طهران، وهذا ما يعتبره السبايلة «مؤشراً قوياً»، ويقول: "عندما يقرر الأردن إرسال سفير فوق العادة من خارج كادر وزارة الخارجيّة ويحمل لقب وزير فهذه رسالة أردنية إيجابية".
قد أعلن وزير السياحة نايف الفايز في تصريح منذ أيام أن الإيرانيين بإمكانهم زيارة الأردن في أي وقت أرادوا على الرغم من أن جنسيتهم تعتبر من الجنسيات المقيدة، ما أثار زوبعة من التساؤلات حول مصير التعاون بين الطرفين في المستقبل القريب.

الأمن و"داعش"

الأمن وداعش
الأردن يشعر بقلق غير مسبوق من نمو ظاهرة الدولة الإسلامية "داعش" والجماعات الإرهابية، خاصة جبهة النصرة في سوريا، بالإضافة إلى أكبر حدود المملكة الهاشمية مع سوريا والعراق؛ ولذلك لم يكتف صانع القرار الأردني بالانضمام إلى التحالف العربي والدولي الذي تتزعمه الولايات المتحدة لمحاربة هذه الظاهرة، بل قرر تصعيد وتيرة دوره، وتولي مهام أكبر في هذه الحرب، وعدم الاكتفاء بإرسال طائرات حربية ذات طابع رمزي، ربما يرى البعض أنها تنطوي على مغامرة أو حتى مقامرة خطرة، وانفتاحه على إيران التي تحارب قواتها "الدولة الإسلامية" جنبا إلى جنب مع الجيش العراقي وقوات "الحشد الشعبي"، المكونة من ميليشيات شيعية ونسبة قليلة من رجال العشائر السنية، هو أحد أوجه هذا التحول الأبرز.
وقد جاء ذلك عبر اهتمام الأردن في موضوع العراق وزيارة رئيس هيئة الأركان الأردني مشعل الزّبن لبغداد، وحديثه عن أهمية الحفاظ على العراق، والاستعداد لفتح مخازن الجيش الأردني للجيش العراقي؛ من أجل تأمين عمقه الاستراتيجي على الحدود مع محافظة الأنبار العراقية.

الرؤية الأردنية لسوريا

الرؤية الأردنية لسوريا
كما دائما يؤكد الملك الأردني عبدالله الثاني على أهمية الحل السياسي للأزمة السورية، مع اتساع وتمدد نفوذ القاعدة "جبهة النصرة" وتنظيم الدولة الإسلامية في سوريا، وتهديده للأمن العربي بشكل عام والخليج بشكل خاص، ويرى المحلل الاستراتيجي الأردني الدكتور عامر السبايلة أنّ الجيش السوري "موجود على الأرض ويحقق إنجازات، وأية محاولة للالتفاف على هذه الأمور تعني أننا لا نريد الحلّ بل التأزيم".
ويشرح أن اتّخاذ الأردن قراراً بالتدخّل العسكري المباشر من دون غطاء التحالف في سوريا وتوجيه ضربات إلى «داعش»، "يعتبر تحرّكاً لافتاً في اتّجاه جبهة الجنوب السوريّ، أي جبهة الشمال الأردني، التنسيق الإيراني كان أيضاً واضحاً في تلك المعركة؛ ما يعني أنّ الأردن أصبح في معادلة العراق ذاتها، أي أنّه يوجد حزام أمنيّ أردني يجب أن يتشكّل في المنطقة الجنوبية في سوريا، من هنا فإن الأردن مضطرّ للحديث مع الإيرانيين في مواضيع كثيرة، أبرزها التنسيق الأمني مستقبلّا".
رؤية السبايلة تؤكدها تصريحات محمد المومني وزير الإعلام الأردني، من أن بلاده ستشارك في تدريب مدنيين من أفراد العشائر السورية؛ بهدف مواجهة مقاتلي "داعش" على الأرض، وفق برنامج دولي.
اللافت أن السيد المومني في مؤتمره الصحفي لم يقل أي كلمة حول مقاتلي النظام السوري، أي أن الأولوية للقضاء على خطر "داعش"، وهو موقف يتماشى مع رؤية الملك عبد الله الثاني حول أهمية الحلّ في سوريا بين النظام والمعارضة لعودة الاستقرار والأمن للبلاد.

الرؤية الأردنية

الرؤية الأردنية
حالة الجدل الراهنة في إعلام الدوائر السياسية العربية، تسود بعض مجالس النخبة الخاصة، وبعض وسائط التواصل الاجتماعي بين مؤيد ومعارض لهذا الانفتاح المتسارع على إيران وحلفائها في العراق- تعكس طبيعة التحرك الأردني تجاه الحفاظ على أمنه وعمقه الاستراتيجي في سوريا والعراق، وهو ما يؤكد أن المملكة الهاشمية تسعى إلى استقرار المنطقة، فعمان قلقة من وجود القوات الموالية لإيران القريبة جدا من حدودها. 
كما تهدف تحركات الأردن إلى محاولة فتح حوار بين الدول السُّنية العربية، ما يعمل على تقليص التوسع الإيراني المستمر في المنطقة، مع تقديم التوصيات المتعلقة بالنهج الإيراني إلى السكان السنة العراقيين؛ من أجل تجنب تدهور الوضع الأمني في تلك المنطقة من العراق.
وتسعى الأردن إلى محاولة استكشاف إمكانية «التعاون في مجال الطاقة» كما وعد الإيرانيون قبل بضع سنوات مضت، والتي جمدتها طهران بسبب التحالف القوي بين عمان ودول مجلس التعاون الخليجي.
كما سيمثل الانفتاح على شيعة العراق التوصل إلى اتفاق لإنهاء النزاع الأهلي، وعودة السلم والأمن إلى سوريا والعراق عبر الحوار السياسي والأمني بين القادة المسئولين، حيث بات واضحا أن الأردن تلعب دورا كبيرا في عودة المنطقة إلى حالة من الأمن والاستقرار.

شارك