"عاصفة الحزم".. هل ينفصل جنوب اليمن؟

الإثنين 30/مارس/2015 - 01:21 م
طباعة عاصفة الحزم..  هل
 
يسعى الحراك الجنوبي إلى استغلال التطورات في اليمن، في ظل عمليات تحالف "عاصفة الحزم" التي تقودها المملكة العربية السعودية بمشاركة 9 دول، لترتيب أوراقه وتجميع قواه، في مسعى لفرض واقع جديد باتجاه تحقيق هدفه بالانفصال، وهذا ما ظهر في بيان للمجلس الأعلى للحراك دعا فيه "إلى التحرك نحو التمكن من الاستيلاء على كافة المعسكرات في المحافظات الجنوبية".

الحراك الجنوبي

الحراك الجنوبي
وأكد المجلس الأعلى لـ"الحراك الثوري السلمي لتحرير واستقلال الجنوب"، ترحيبه بعمليات "عاصفة الحزم"، محمّلاً من سماه "مجرم الحرب الأول" الرئيس السابق علي عبدالله صالح، وزعيم "أنصار الله" عبدالملك الحوثي، ومن معهما وخلفهما، "كامل المسؤولية الدينية والجنائية والسياسية والأخلاقية، التي تترتب على حرب الاحتلال الجديدة، وتداعياتها وسفك الدماء الطاهرة".
وطالب المجلس المجتمع الدولي، وتحالف دعم الشرعية، "بإرسال قوات برية تتمركز في الحدود بين الشمال والجنوب"، داعياً مكونات الحراك الجنوبي، وكافة القوى السياسية الجنوبية، ومنظمات المجتمع المدني كافة، "إلى الانضمام للمقاومة الجنوبية، والتحرك للاستيلاء على كافة المعسكرات في المحافظات الجنوبية، والحفاظ على المقرات والمنشآت الحكومية وحمايتها، وتشكيل اللجان الأمنية، للحفاظ على الأمن العام في المدن وتسيير حركة الناس".
خطوات الدعم من أجل دعم استقلال الجنوب، تتمثل بوجود مجلس عسكري بقيادة ناصر النوبة، ومحمد علي أحمد.  وبدأ الجنوب حراك سلمي من 2007 حتى الآن، من أجل فك الارتباط مع الجمهورية اليمنية.

إنذار بمغادرة الشماليين

إنذار بمغادرة الشماليين
كما انتشرت في شورع مدينة عدن العديد من الملصقات والمنشورات الورقية التي تطالب من أسماهم أبناء الشمال اليمني بالانسحاب من مدن الجنوب والعودة إلى الشمال.
ووجهة  تنظيم يطلق علي نفسه "المقاومة الجنوبية"، إنذار لكل المواطنين اليمنيين من أصول شمالية بمغادرة المحافظات الجنوبية خلال مدة أقصاها 24 ساعة من الأحد 29 مارس الجاري، وأنه إذا استمروا في مدن الجنوب فانهم عليهم تحمل الأضرار التي ستقع عليهم.

حرب علي قوات الموالية لصالح والحوثي

حرب علي قوات الموالية
وتواصل المواجهات بجنوب ووسط اليمن بين اللجان الشعبية ومليشيات الحراك الجنوبي الموالية للرئيس عبدربه منصور هادي ، وقوات من الجيش اليمني الموالية للرئيس علي عبد الله صالح والمسنودة بمليشيات من جماعة انصار الله"الحوثيين".
وتشهد محافظات لحج، الضالع، عدن، أبين، شبوة، في مناطق الجنوب اليمني، معارك عنيفة بين اللجان الشعبية الجنوبية ورجال القبائل من جهة، وقوات عسكرية حوثية موالية للرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح من جهة أخرى، منذ يوم الأربعاء الماضي، ولا تزال جبهات القتال تتمدد رقعتها في مناطق الجنوب، الذي يطالب معظم أبنائه بالانفصال عن شمال اليمن والعودة إلى ما قبل توقيع الوحدة اليمنية بين الشطرين في العام 1990م.
وارتفعت المواجهات خاصة في مدينة الضالع (وسط اليمن) ومساعي الحراك الجنوبي واللجان الشعبية الموالية لهادي لسيطرة علي اللواء 33 بالضالع.
كما استعاد مسلحو القبائل، الاثنين 30 مارس 2015، مديرية كان الحوثيين قد سيطروا عليها في وقت سابق في محافظة البيضاء، وسط اليمن، بعد مواجهات عنيفة مع مسلحي الجماعة، بحسب مصادر قبلية.
وقالت المصادر القبلية، إن مسلحي القبائل استعادوا السيطرة على مديرية ذي ناعم، الواقعة على بعد25 كم شمالي مركز محافظة البيضاء. وبحسب تلك المصادر “تمت السيطرة على أربعة مواقع عسكرية تابعة لمسلحي الحوثي في المديرية ذاتها، وطرد المسلحين منها، بعد اشتباكات عنيفة اندلعت بين الطرفين منذ ساعات الصباح، خلفت قتلى وجرحى (لم يعرف عددهم)  لدى طرفي القتال”. ويتزامن ذلك مع استمرار غارات التحالف العربي بقيادة السعودية، لليوم الخامس على التوالي، ضد مواقع الحوثيين باليمن، ضمن عملية “عاصفة الحزم”.

هل سيكون هناك انفصال؟

هل سيكون هناك انفصال؟
قال مركز مسارات للإستراتيجيا والإعلام في دراسة له، إن كل المؤشرات في الجنوب تؤكد انتقال الحراك الجنوبي من النضال السلمي إلى المقاومة المسلحة لطرد “الاحتلال واستعادة دولة الجنوب”.
وأشارت وحدة الدراسات الإستراتيجية بمركز مسارات، إلى أن جماعتي الحوثي والرئيس صالح بسعيهم إلى السيطرة علي جنوب اليمن، يقود هذا المسع إلى تمزق البلاد  إلى ثلاث دويلات، دولة في الجنوب يطالب بها الحراك الجنوبي بحدود ما قبل 1990 ،ودولة في وسط اليمن تمثل إقليم الجند وأجزاء من إقليمي تهامة وسبأ، ودولة في الشمال يسيطر عليها الحوثيون الشيعة وأنصار الرئيس صالح.
وقالت دراسة مسارات، إن “الذي يمكن أن يؤجل من ذهاب اليمن إلى خيار الدويلات الثلاث، هو مسارعة جماعة الحوثي وحلفائها بسحب قواتها من الجنوب ووسط اليمن، والقبول بالحوار السياسي الندي مع الجنوبيين للخروج بحل حقيقي للقضية الجنوبية في إطار فيدرالية الإقليمين“.
وأشار مسارات إلى أن استمرار قوات الحوثي في الجنوب سوف يستدعي دعما خليجيا وعربيا للمقاومة الجنوبية المسلحة، الأمر الذي يتطلب أيضا إعادة ترتيب وتنظيم وتأهيل هذه المقاومة، وهذا ما طالب به عدد من قيادات وزعماء الحراك الجنوبي، دول الخليج، حيث طالبوا بإعادة تأهيل ودعم المقاومة الجنوبية وصولا إلى تأسيس جيش جنوبي مستقل لحماية الجنوب والذود عن أراضيه ومواطنيه في وجه الاحتلال الشمالي الطائفي وصولا إلى استعادة الدولة الجنوبية المستقلة، وهذا ما قد تلجأ إليه دول الخليج مضطرة من أجل الحفاظ على خليج عدن وباب المندب.
ويقول مسارات إنه “من الصعب أن تتمكن جماعة الحوثي من السيطرة على الجنوب وفرض أمر واقع جديد في ظل اشتداد المقاومة المسلحة، وتمكن قوات التحالف العربي من تدمير المعدات والترسانة العسكرية للحوثي والرئيس المخلوع، وقطع الإمدادات الواصلة إلى عدن ومدن الجنوب الأخرى، ما يؤكد أن قوات الحوثي سوف تتقطع بها السبل في الجنوب وسوف تفنى إلى جانب قوات الجيش وستترك الجنوب لأهله في نهاية المطاف”.

استبعاد الانفصال

استبعاد الانفصال
فيما يروي محللون أن الجنوبيون قد ينتهزوا الأوضاع من أجل إعلان الانفصال عن الشمال، استبعد الكاتب والمحلل السياسي الجنوبي زيد السلامي أن يتم ذلك نظرا لتدخل قوات عربية في مواجهة الحوثيين، من خال حملة "عاصفة الحزم" التي تقودها المملكة العربية السعودية.
وقال السلامي "قد يكون هناك توجه لفرض الانفصال كأمر واقع، واستغلال الأوضاع القائمة"، معتبراً أن "القضية لم تعد قضية جنوب وشمال، وإنما باتت صراعاً عربياً إيرانياً، فالمسألة الآن أصبحت أكبر من الجنوب ومن اليمن".
ورأى مراقبون ومحللون أن عاصفة الحزم، طوت فيما يبدو  صفحة انفصال جنوب اليمن، الذي لم يعد مطروحا في ظل التطورات الجارية حاليا والتي تعيد ترتيب كثير من الأوراق في الساحة اليمنية، وأشاروا إلى أن المناخ السياسي والتنموي الذي قد ينتج عن العملية قد يؤسس لعملية سياسية داخلية لا يكون انفصال الجنوب من بين عناصرها.
وذكر أولئك المحللون أن من بين ثمار العملية العسكرية التي تقودها السعودية وتشارك بها عشر دول عربية واسلامية أيضا، انكفاء القبائل عن لعب دور الحاضنة لتنظيم القاعدة في اليمن، مشيرين إلى حالة البيات النسبي في نشاط هذا التنظيم مع انطلاق العمليات ضد التمرد الحوثي .
ورأى أن "موضوع الجنوب أصبح حتى لدى الجنوبيين أنفسهم أمراً ثانوياً، بعد الانقلاب الحوثي والتمدد الإيراني في اليمن بشكل مخيف"، مشيراً إلى أن "أولوية الجنوبيين باتت كيفية التصدي للغزو الحوثي، وحماية مدنهم من المليشيات الحوثية".

المشهد اليمني

المشهد اليمني
الاحتلال الأمريكي  للعراق في 2003، أدى إلى أن تدهور الأوضاع الأمنية في البلاد وعدم الاستقرار الأمني نتيجة لسياسية خاطئة من قبل رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي مما أدى إلى أن ظهور تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، كما أن السلطة في العراق مقسمة  لترويكا في المناصب السياسية، وهو ما انعكس علي الأوضاع الأمنية في البلاد، كما تنامت قوى المليشيات المسلحة وخاصة الشيعية وعدم سيطرة الدولة عليها، بل كانت حكومة نوري المالكي مدعمة لها بشكل أو بآخر أدى إلى  تعزز سياسة الانقسام في البلاد وتأسيس البلاد لأقاليم سياسية إقليم السنة في الوسط والشيعة في الجنوب والأكراد في الشمال، البعض ابدي مخاوفة من تكرار سيناريو حملة "عاصفة الحزم" علي وحدة الأراضي اليمنية، وتنامي الانقسام إذا فشل التوصل إلى الجلوس للمفاوضات في ظل الحرب الدائرة الآن ضد مليشيات مسلحة وهي جماعة أنصار الله "الحوثيين".. فهل سينجو اليمن من عدو الانفصال والانقسامات أم أن الأوضاع تسير إلى تقسيم اليمن؟

شارك