تونس بين نشر الديمقراطية وتصدير التطرف
الإثنين 30/مارس/2015 - 10:36 م
طباعة

مذبحة باردو وما تلاها من تداعيات شملت غضب عارم في الأوساط العربية والغربية نتيجة استهداف السائحين الاجانب على يد ارهابيين، ومحاولات اعاقة التجربة التونسية بعد التخلص من حركة النهضة، إلى جانب ملاحقة الشرطة التونسية لعناصر ارهابية متورطة في الجريمة وغيرها من الجرائم الارهابية، لم تكن وحدها مثار اهتمام الأوساط الغربية والبحثية بما يحدث في تونس، فلا تزال عملية جذب التيارات الارهابية للشباب التونسي والانضمام إليه مثار اهتمام الكثيرين، حتى اصبحت تونس هى المصدر الأول في تصدير مواطنيها لهذه الجماعات المتطرفة.
وفى تقرير لها اعتبرت شبكة دويشته فيله الالمانية أن العبيدي والخشناوي المتهمان فى هذه المذبحة هما عينتان من آلاف الشباب التونسي الذي التحق بالتنظيمات الجهادية وخاصة تنظيم "داعش" للجهاد تضع تقارير دولية تونس ضمن البلدان الأكثر تصديرا للجهاديين في العالم، خاصة وأن العديد من العائلات التونسية تحت صدمة التحاق أحد من أبنائها بالتنظيمات الإرهابية، قبل أن تصلهم صور موتهم على شبكات التواصل الاجتماعي أو انقطاع أخبارهم بطريقة مفاجئة.

من جانبه قال الإعلامي التونسي والصحفي المختص في شؤون الحركات الإسلامية هادي يحمد " تونس هي فعلا المصدر رقم واحد للجهاديين في المنطقة والعالم بصفة عامة، فالتقديرات التي ذكرتها التقارير الأمنية والإعلامية هي أقرب للصحة، ويتراوح عدد التونسيين الذين التحقوا بتنظيمات جهادية منذ سنة 2012 بـ 3000 جهادي تونس ذهبوا إلى سوريا عبر الحدود التركية وقد انضموا آنذاك إلى جبهة النصرة قبل أن يتشكل تنظيم "داعش" تدريجيا في أوائل سنة 2013، كما أن القمع الأمني للحركات الإسلامية في زمن بن علي هو سبب من الأسباب التي دفعت تونسيين إلى التطرف والتحول إلى قنابل موقوتة، ولكنه يبقى السبب الأقل إقناعا فبلدان مثل مصر والأردن والسعودية " تصدر" أيضا أعدادا كبيرة من الجهاديين رغم ما تميزت به أنظمتها من فسحة دينية متوفرة عكس ما حصل في تونس.
شدد على أن التساهل السياسي مع الخطابات العنيفة والمشجعة على العنف والقتل والجهاد والتي احتلت المساجد والفضاءات العامة تحت حكم حركة النهضة الإسلامية كان عاملا أساسيا في توفير بنية ملائمة لانتشار الفكر الجهادي في تونس، فحركة النهضة أخطأت عندما حاولت احتواء السلفية الجهادية في تونس واستعمالها سياسيا كعصا غليظة ضد الحركات الديمقراطية والمعارضة لها آنذاك".

توقع الباحث على أن استمرار الصراع في ليبيا وعدم تضافر الجهود الإقليمية والدولية لضرب الإرهاب في معاقله لن يساعد على استقرار تونس ومحاربتها للإرهاب، معتبرا أن الحل الأمني يعدحلا عاجلا ولابد منه على المدى القصير في انتظار تطوير النظم التربوية و الثقافية التي تشجع على الفكر النقدي ومقاومة التطرف الفكري.
من جانبها اعتبرت فايننشيال تايمز البريطانية أن وجود المئات من التونسيين في ليبيا يقاتلون في صفوف التنظيم الإرهابي داعش هو ما جعل لها وجودًا راسخًا في البلاد، وتساءلت بقولها "لماذا يقاتل هذا العدد الكبير من التونسيين مع داعش؟.

شدد على أن الثورة التونسية رفعت القيود المفروضة من قبل حكم المخلوع "زين العابدين بن علي"، وأعطت فرصة لنقاش الأفكار المتطرفة والسلفية، وأطلق سراح العائدين من العراق والجهاديين الآخرين من السجن، وعاد متطرفون آخرون من الشتات، بالإضافة إلى ارتفاع مستوى البطالة، والشعور بالإقصاء، الذي جعل العديد من الشباب التونسي يسعى لحياة أفضل في أوروبا كمهاجرين غير شرعيين، فإنه دفع بالكثيرين أيضًا للنظر إلى سوريا والعراق كفرصة مماثلة للهروب من حياة كئيبة.
نوهت الصحيفة إلى إن حكومة "حبيب الصيد"، رئيس الوزراء التونسي، فككت شبكات تجنيد، وأعادت العديد من الشباب قبل أن يتمكنوا من مغادرة البلاد، وأولئك الذين يعودون إلى تونس هم عرضة للاعتقال، ما يعمل بمثابة رادع لمنع الآخرين أن يسلكوا الطريق نفسه، فأرقام من يحاولون المغادرة قد انخفضت أيضًا، ولم يعد التونسيون ينظرون إلى ساحات القتال في سوريا والعراق كما فعلوا من قبل، خاصةً بعد ما تردد عن الاقتتال الداخلي بين الجهاديين في سوريا والعراق، والشعور بأن التونسيين لا يحصلون الآن على الاحترام الذي يستحقونه داخل داعش.