بخاري.. رئيس برتبة جنرال من الانقلاب إلى الانتخاب

الخميس 02/أبريل/2015 - 01:16 م
طباعة  بخاري.. رئيس برتبة
 
دشن فوز الجنرال الإسلامي السابق محمد بخاري (72 عاماً)، بمنصب رئيس جمهورية نيجيريا، مرحلة محورية جديدة في تاريخ نيجيريا التي تشن حرباً ضد أخطر الجماعات الإرهابية المسلحة "بوكو حرام"، حيث يعتبر بخاري أول جنرال إسلامي يتولى الحكم وفق اقتراع حر مباشر أعلنت لجنة الانتخابات في نيجيريا، أمس (الأربعاء) نتائجها التي أظهرت فوز الجنرال محمد بخاري بفارق 2.57 مليون صوت على الرئيس المنتهية ولايته غودلاك جوناثان (57 عاما).
عملية الاقتراع في نيجيريا رغم أنها جاءت وسط تهديدات مباشرة ومتواصلة من جماعة (بوكو حرام)، إلا أن نتائجها مثلت أول تناوب على السلطة في البلاد منذ استقلالها عام 1960، وذلك بعد عودة البلاد إلى الحكم المدني قبل نحو 16 عاما بعد عقود من الدكتاتورية العسكرية.
ورجح مراقبون أن يكون فوز بخاري المنتمي إلى حزب (المؤتمر التقدمي الإسلامي) في نيجيريا والذي اتخذ صف المعارضة، باقورة جديدة للحرب على الجماعات الإرهابية، والتي تأتي في مقدمتها جماعة (بوكو حرام) التي أعلنت منذ نحو شهر مبايعة زعيم تنظيم (الدولة الإسلامية) المعروفة بـ(داعش).  
وفي أول تصريح للبخاري الذي يعد أحد القيادات البارزة في الأوساط الإسلامية النيجيرية، تعليقاً على نتائج الاقتراع، قال إن بلاده انضمت إلى مجموعة الأمم التي تبدل رئيسها عبر صناديق الاقتراع في انتخابات حرة ونزيهة، معتبرا الحدث بـ(التاريخي).
 بخاري.. رئيس برتبة
ويبدو أن تصريحات الرئيسين الإسلامي الجديد محمد بخاري والرئيس المهزوم انتخابياً جوناثان، كانت تحاول السيطرة على رد الفعل، خاصة وأن نيجيريا تشهد حروبا طائفية بين المسلمين والمسيحيين، كما شهدت (كادونا) وسط البلاد مواجهات بين مسيحيين ومسلمين، أسفرت عن مقتل نحو ألف إثر هزيمة بخاري في انتخابات 2011، ففي حين أشاد البخاري بسلفه، داعيا كل النيجيريين إلى تقدير جهوده، أقر جوناثان في بيان بهزيمته، ودعا أنصاره إلى الهدوء.
بخاري وتاريخ الانقلابات
 بخاري.. رئيس برتبة
وشهدت نيجيريا بشكل عام فترات عديدة من الانقلابات العسكرية بغية سيطرت جنرالات الجيش على الحكم، فقد اقترن اسم محمد بخاري بعدد من الانقلابات العسكرية خلال العقود التي عرفت بـ(عصر الانقلابات) والتي يرصدها العديد من المراقبين، في الفترة ما بين 1966 و1999، ومن بينها انقلاب مضاد عام 1966، قتل خلاله الحاكم العسكري السابق أغويو إيراونسي.
بخاري الذي اصطف ضمن صفوف المعارضة النيجيرية، كان قد وصل إلى السلطة بانقلاب عسكري في نهاية عام 1983، إلا أن القدر لم يمهله كثيراً، حيث وقع انقلاب ثان أطاح به في أغسطس 1985، ليكون بذلك قد تولى الحكم مدة 20 شهرا.
ويقول مراقبون: إن الفترة التي تولى فيها بخاري الحكم، والتي استمرت نحو 20 شهراً، كانت مخالفة للمبادئ العامة لحقوق الإنسان، حيث أطلق بخاري خلال فترة حكمه ما وصفها بـ(الحرب على انعدام النظام)، وكان نظاماً قاسيا انتهك حقوق الإنسان، وقالت تقارير إعلامية إن ماضيه العسكري أفقده ربما بعض التعاطف في صفوف الناخبين، إلا أن الكثير من ناخبيه يعولون على قدرته على فرض النظام، بخاصة في ظل الأزمة الأمنية الراهنة بالبلاد مع سقوط آلاف القتلى من جراء هجمات جماعة (بوكو حرام).
 بخاري.. رئيس برتبة
وظهر مدى الاحتقان الشعبي من الجماعة الإرهابية (بوكو حرام)، حيث حقق بخاري انتصاراً كبيراً في 21 ولاية، من أصل 36 في البلاد، وخصوصا في ولاية (بورنو) معقل التنظيم الإرهابي، وكانت أبرز ملامح برنامج بخاري الانتخابي، هو أنه قدم نفسه على أنه شخص أجرى تحولات فكرية، وبات يعتنق المبادئ الديمقراطية، ولكنه أقر أيضا بأن الشق الأمني سيكون الأولوية بالنسبة لأي حكومة جديدة، وسبق له أن حمّل سلفه جوناثان مسئولية التقصير في الأداء العسكري في الحرب على (بوكو حرام)، إلى جانب تقديم بخاري نفسه على أنه شخصية معادية للفساد، وظهر العديد من أنصاره وهم يحملون (المكانس)، في إشارة إلى رغبتهم في تطهير المؤسسات العامة من الفساد.
وحاول بخاري طمأنة أتباع الديانات الأخرى الذين يشكلون قرابة نصف السكان من خلال التأكيد على أنه لن يقوم بأسلمة نيجيريا، مشددا على أن عددا من معاونيه هم من المسيحيين، كما أن ابنته الصغرى تزوجت من مسيحي.
الانتخابات جرت بهدوء ولم تتخللها أعمال عنف واسعة، كما لم تنجح جماعة بوكو حرام التي هددت بتعطيل الانتخابات في منع تنظيمها على الرغم من هجمات عدة أسفرت عن سقوط قتلى، فيما نزل آلاف النيجيريين إلى شوارع (كانو)، أكبر مدن الشمال المسلم للاحتفال بفوز بخاري.
 بخاري.. رئيس برتبة
وتقول تقارير إعلامية إن إخفاقات الجيش النيجيري بقيادة الرئيس السابق جوناثان، في مواجهة بوكو حرام، هي ما ساعدت على هزيمته، حيث أسفرت هجمات الجماعة الإرهابية، عن قتل 13 ألف نيجيري في ستة أعوام.
اختلافات بين بخاري وجوناثان 

 بخاري.. رئيس برتبة
وقالت تقارير إعلامية إن هناك اختلافات جوهرية بين بخاري وجوناثان، فأحدهما مسيحي من الجنوب وعلمي الدراسة، فيما الآخر مسلم من الشمال وجنرال سابق، وبخاري جنرال متقاعد (72 عاماً) الذي كان في السلطة بين 1983 و1985 في عهود الأنظمة العسكرية، وجوناثان المسيحي الجنوبي الذي ينتمي إلى قبيلة إيجاو والمتحدر من عائلة متواضعة تعمل في صناعة القوارب من جذوع الأشجار، يحمل دكتوراه في علم الحيوانات، ثم عمل في مجال حماية البيئة في وكالة حكومية، خاض غمار المعترك السياسي في العام 1998، وهو حاكم سابق لولاية بايلسا مسقط رأسه، وكان أول رئيس يتحدر من ولاية دلتا النيجر النفطية.
أما الجنرال بخاري الذي وصل إلى سدة الرئاسة في نيجيريا في 31 ديسمبر 1983 على إثر انقلاب عسكري، فقد أطيح به بدوره في انقلاب في أغسطس 1985. وكان ذلك قبل عودة الديمقراطية إلى البلاد في 1999.
وانتقدت العديد من التقارير الإعلامية سياسات بخاري وقتما كان رئيساً للجمهورية قادماً بانقلاب عسكري، حيث تخلل نظامه خصوصا إعدام ثلاثة نيجيريين محكومين بتهريب المخدرات في الساحة العامة في وسط لاغوس العاصمة الاقتصادية، كما أمر بخاري أيضا بتوقيف فيلا كوتي المغني الشهير والناشط في الدفاع عن الحقوق المدنية الذي توفي في 1997.

شارك