دماء المسيحيين تحول أسبوع الآلام إلى حقيقة أقوى من الذكرى والرموز

السبت 04/أبريل/2015 - 05:18 م
طباعة دماء المسيحيين تحول
 
تحول الاحتفال المسيحي بأسبوع الآلام من الرمز والذكرى إلى الآلام المعاشة حيث الدم يُغرق المدن في العراق وسوريا وحرم الجامعة في كينيا؛ مما حول استقبال الأعياد إلى مناحة عظمى، ودان البابا فرنسيس بابا الفاتيكان اليوم السبت بشدة الهجوم التي نفذته جماعة صومالية متشددة من حركة الشباب على الحرم الجامعي في جامعة غاريسا الكينية، وأدى إلى مقتل 147 طالباً، وأدى إلى جرح العديد أو فقدان آخرين. وأرسل البابا فرنسيس رسالة إلى رئيس مجلس أساقفة كينيا ورئيس أساقفة نيروبي الكاردينال جون نجو معرباً عن تعازيه. وفي نص الرسالة باللغة الإنكليزية، التي أرسلها وزير خارجية الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين نيابة عن البابا، قال فرنسيس إنه "يشعر بحزن عميق لهذا الفقدان الهائل والمأساوي في الأرواح، الناجم عن الهجوم الأخير على كلية غاريسا الجامعية.
وروى ناجون من المجزرة التي نفذتها "حركة الشباب" الصومالية في جامعة غاريسا شمال شرق كينيا، أن المسلحين سخروا من الضحايا غير المسلمين قبل قتلهم، حتى إنهم أمروا الطالبات بأن يلطخن أنفسهن بالدماء وضحكوا عليهن.
وما زال البحث جاريا عن مفقودين لم يعرف مصيرهم منذ الهجوم الدامي الذي أودى بحياة 147 شخصا.
والهجوم الذي استمر يوما كاملا هو الأسوأ الذي شهدته كينيا منذ تفجير السفارة الأمريكية في العام 1998 في نيروبي ومقتل 213 شخصا، والأكبر الذي تقوم به "حركة الشباب" التابعة لتنظيم "القاعدة"، والذي أكدت الحكومة الكينية أنه "لن يجعلها تخضع للإرهاب".
وروى الناجون من المجزرة كيف بدأ المهاجمون بالسخرية من الطلاب، كما أجبروهم تحت تهديد السلاح قبل قتلهم على الاتصال بأهاليهم ليضغطوا على الحكومة الكينية كي تسحب قواتها من الصومال.
وقال طالب يدعى سالياس أوموسا (20 عاما): إن المسلحين أيقظوا الطلاب عندما اقتحموا المدينة الجامعية مع الفجر، وقاموا بفصل المسلمين عن غير المسلمين بحسب ملابسهم!!
دماء المسيحيين تحول
وأضاف أوموسا أن المهاجمين بدءوا بالصراخ قائلين: "نحن لا نهاب الموت، ستكون عطلة عيد قيامة جميلة بالنسبة إلينا"، مضيفا: "ثم بدءوا بإطلاق النار".
وذكر طلاب أن شائعات عن هجوم قريب على الجامعة سرت خلال الأسبوع. وقال أحدهم نيكولا موتوكو: "لم يأخذ أحد ذلك على محمل الجد"، بينما قالت طالبة تدعى كاترين إنها "اعتقدت أنها كذبة الأول من أبريل".
وفيما كان مسلحو "حركة الشباب" يفتشون الغرف لقتل من تبقى من الطلبة، قام بعض التلامذة بتلطيخ أنفسهم بدماء زملائهم القتلى والتظاهر بالإصابة.
وقال روبين نياورا وهو عامل في وكالة الإغاثة الدولية: إن "الفتيات أخبرنني أن المسلحين قالوا إنهم جاءوا قاتلين أو مقتولين، ثم أمروا النساء بأن يلطخن أنفسهن بالدماء وسخروا منهن".
وأضاف أنه روع أمام عدد الجثث المنتشرة في سكن الطلاب وقال: "كانت الجثث في كل مكان ورأينا قتلى تفجرت رءوسهم والرصاص في كل مكان".
وقال هابل موتيندا وهو رجل طاعن في السن والدموع تنهمر على وجهه: "أنا خائف جدا، لدي ابن بين الطلاب العالقين في الجامعة ولم أسمع عنه شيئا منذ الأمس".

ميراث الدم

وضاعف الإسلاميون الصوماليون في "حركة الشباب" الاعتداءات على الأراضي الكينية منذ 2011، ووصلوا إلى نيروبي ومومباسا الميناء الرئيسي في شرق إفريقيا.
وأعلنت "حركة الشباب" مسئوليتها عن الهجوم في سبتمبر 2013 على مركز ويست غايت في نيروبي الذي أوقع 67 قتيلا وسلسلة هجمات دامية على بلدة على الساحل الكيني في يونيو ويوليو 2014 تم خلالها إعدام 96 شخصا على الأقل بدم بارد. وفي نهاية نوفمبر بعد أن أعدمت "حركة الشباب" 28 راكبا كانوا في حافلة معظمهم أساتذة قرب مانديرا أوصت نقابات الأطباء وأطباء الأسنان والأساتذة، للعاملين في هذه المجالات مغادرة المناطق الحدودية مع الصومال، طالما أن السلطات الكينية عاجزة عن ضمان أمنهم.
وفي رسالة العزاء أكد البابا فرنسيس تمسكه بالصلاة وبقربه الروحي من أسر الضحايا ومن جميع الكينيين في هذا الوقت المؤلم. ويوكل أرواح المتوفين إلى رحمة الله القدير اللامتناهية، كما يصلي لعزاء جميع المكلومين بهذه الخسارة التي أصيبوا بها. وفي إطار اتحاده مع جميع الناس ذوي النوايا الحسنة في جميع أنحاء العالم، يندد قداسته بهذا العمل الوحشي الذي لا معنى لها، ويصلي لتغيير قلوب مرتكبيه، كما "يدعو البابا جميع من هم في السلطة لمضاعفة جهودهم للعمل مع جميع الرجال والنساء في كينيا لوضع حد لهذا العنف وتسريع بزوغ فجر عهد جديد من الأخوة، والعدالة، والسلام".
لم يكن الهجوم ضد المسيحيين في حرم جامعة غاريسا غير متوقع تماماً. يقول كاهن رعية غاريسا الأب نيكولاس موتوا لراديو الفاتيكان: "رأيت ذلك يحدث جراء التهديدات التي كنا نتلقاها". وأضاف أنه عادة ما يكون هناك حماية للشرطة في القداديس الإلهية، لكنني "أشعر بتوتر".
يقول كاهن رعية غاريسا بأنه كان هناك مخاوف من أن عملاً كالذي وقع يوم أمس قد يحدث. "تم إبلاغنا بأن نكون حذرين؛ لأنهم كانوا ينوون تنفيذ التهديدات وكان التاريخ المتوقع هو يوم أمس". لم تكن الاحتياطات المتخذة كافية. "ذهبنا إلى مراكز الشرطة لإبلاغهم بالجدول الزمني للقداديس الإلهية لأنه عادة ما يتوفر الأمن الكنسي، حيث تتوفر الحماية الشخصية أثناء القداس. ونحظى عادة بحماية دائمة عندما يكون هناك قداس إلهي. لا يمكننا الاحتفال بالقداس الإلهي دون تحقيق الحماية الشخصية؛ لأنهم عادة ما يصلون عندما نكون في الكنيسة.
لقد ازداد التوتر الآن: "أشعر بتوتر عندما أعمل لأنني لا أعرف أبداً ما قد يحدث، ليس فقط لأنني مسيحي ولكن أيضا لأنني أندد بهذا العمل. وأنا أعرف بعض أصدقائي من الأئمة المسلمين الذين قتلوا لإدانتهم لهذه الهجمات الإرهابية والتحدث عما يجري، ولكن لم يتم عمل شيء حيال ذلك". أضاف كاهن الرعية: "لا يمكن أن تقتل باسم الله"... يذكر أن أسبوع الآلام يبدأ اليوم بشراء المسيحيين أغصان السعف، ويمثل الأسبوع الأخير في حياة المسيح، ويصل لذروته في الطقوس والصلوات الحزينة يوم الجمعة القادم التي تسمى الجمعة الكبيرة أو الحزينة.

شارك