هل تشهد الأيام القادمة نهاية تنظيم القاعدة؟

السبت 04/أبريل/2015 - 08:06 م
طباعة هل تشهد الأيام القادمة
 
نشرت الحياة اللندنية أمس الجمعة 3 ابريل 2015 تصريحات أحد العناصر السابقة بتنظيم القاعدة الإرهابي، والذى اتضح أنه يتعامل مع الاستخبارات البريطانية بأن القاعدة ستعلن حل نفسها قريبا؛ ردود فعل واسعة، وأفاد محللون سياسيون أن هذا الأمر يدل على قرب انتهاء عصر الكيانات الإرهابية الكبرى التي أصبحت عبئا على التابعين لها داخل بلادهم، بعد صعود نجم تنظيم داعش. وكانت صحيفة الحياة اللندنية، قالت إن معلومات تتداول حاليا عن اتجاه زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري إلى إبلاغ فروع تنظيمه حول العالم بأنها باتت في حل من البيعة للتنظيم، ليطوى صفحة القاعدة نهائيا .

جبهة النصرة والقاعدة

جبهة النصرة والقاعدة
كما نشرت الصحيفة على لسان أيمن دين، العنصر السابق في القاعدة وجاسوس للاستخبارات البريطانية، أن جبهة النصرة فرع القاعدة في سوريا، أبلغت حركة أحرار الشام الإسلامية وجماعات إسلامية أخرى في سوريا، أنها تنوى الانفصال عن القاعدة في شكل منظّم ووفق خطة معدة مسبقًا، انطلاقًا من أن القاعدة نفسها ستعلن حل نفسها في وقت لاحق هذه السنة. وأشار أيمن دين إلى أن الارتباط بالقاعدة بات يشكل عبئًا على فروع التنظيم الغارقة في نزاعات محلية مثل ما يحدث مع النصرة في سوريا وفرع القاعدة في اليمن، واعتبر أن فك الارتباك مع القاعدة سيفتح المجال أمام النصرة لعقد تحالفات مع جماعات جهادية أخرى في سوريا، وسيعيد طرح مشروع إقامة إمارة في شمال سوريا بعد سقوط مدينة إدلب، في أيدى تحالف للجهاديين آخر الشهر الماضي. ونقلت الصحيفة عن مصادر في تنظيم أحرار الشام تقول "إن حلفاءهم في جبهة النصرة أبلغوهم أن زعيم القاعدة أيمن الظواهري سيتخلى عن سلطاته، أو ما تبقى منها، على فروع التنظيم عالميًا وسيحلّها من البيعة له"، وتابعت أن هذه الخطوة تأتى ردًا على تنامى قوة داعش في العراق وسوريا ومصر وليبيا ونيجيريا، إضافة إلى قيامها بخرق في داخل اليمن. 

الظواهري يفقد السيطرة على قياداته

الظواهري يفقد السيطرة
ومن جانبه، كشف نبيل نعيم زعيم تنظيم الجهاد السابق، عن أسباب الظواهري لحل تنظيم القاعدة بشكل نهائي، حيث قال: إن الظواهري سيتخذ قرارا خلال الفترة المقبلة بإنهاء البيعة لعدد من الحركات الجهادية في دول العالم لتنظيم القاعدة، بسبب اتجاه عدد كبير من قيادات القاعدة إلى تنظيم داعش وانفصالهم عن تنظيم القاعدة. وأضاف أن الظواهري فقد خلال الفترة الأخيرة السيطرة على قيادات تنظيم القاعدة الذين بدأوا ينفذون عمليات دون الرجوع إليه على الإطلاق، موضحا أن عددا من قيادات القاعدة يجدون أن داعش أصبح ذا إمكانيات أكبر من القاعدة، وفكر أكثر تشددا مما جعلهم يتجهون للانضمام إليه. 

داعش تبتلع كافة الحركات الجهادية

داعش تبتلع كافة الحركات
وفي نفس السياق صرح صبرة القاسمي الجهادى السابق، إن داعش تسعى للقضاء على القاعدة وابتلاع كل الحركات الجهادية داخلها، وهو ما سيشكل خطورة كبيرة على الدول العربية في المستقبل، لأن هذه الخطوة ستتضمن توسيع قاعدة داعش في المنطقة. وأضاف القاسمي أن القاعدة أصبحت قوتها تضعف أمام داعش، وهو ما سيدفع الظواهري لحل التنظيم، مؤكدا ضرورة أن يكون هناك إجراءات أمنية للدول العربية تمكنها من التعامل مع هذا التطور الجديد.

نظرة عامة

إن البيئة التي يزاول فيها تنظيم القاعدة أعماله اليوم تختلف تمام الاختلاف عن تلك التي شنّ منها أشهر عملياته - هجمات الحادي عشر من سبتمبر. 
ولابد لنا ان نتذكر أن الفكر الجهادي يشكل إيديولوجية ثورية حديثة ترى أن العمل المسلح ضد المخالف سياسيا أو دينيا أو فكريا وسيلة مشروعة فقهياً وفعالة تكتيكياً لإحداث تغيير اجتماعي - سياسي مطلوب. ولقد هيمنت تكتيكات "الإرهاب" و "حرب المدن" و "حرب الأنصار" على الأنشطة المسلحة التي مارستها العديد من الجماعات التي تؤيد هذه النظرة إلى العالم ، بما في ذلك تنظيم القاعدة .
ولكن في حين حافظ تنظيم القاعدة على إيديولوجيته بعد الحادي عشر من سبتمبر، فإن هيكله التنظيمي تغير بشكل كبير. فمن منظمة مركزية هرمية تحول التنظيم إلى بنية غير مركزية إلى حد كبير، وتحولت الفروع الإقليمية إلى كيانات فاعلة مستقلة تقريبا عن التنظيم الأم .
هل تشهد الأيام القادمة
ففي المملكة العربية السعودية نشأ في أواخر عام 2002 تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية ، الذي دبر هجوما عنيفا في الرياض في عام 2003 ثم تلته عمليات أخرى . ثم أعقب ذلك ظهور القاعدة في العراق في عام 2004. وبحلول عام 2007 كان تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي قد ظهر أيضا. وبهذا فرض "نموذج الأفرع " سيطرته الكاملة. ولكن بعد مرور عشرة أعوام منذ الحادي عشر من سبتمبر، أصبحت هذه الأفرع مقيدة ، وعاجزة عن التوسع.
وبالتوازي مع نموذج "الأفرع"، تبنى تنظيم القاعدة أيضاً نهج "الشبكة العنكبوتية" الذي يتحاشى التنظيمات الكبيرة لصالح أعضاء مدربين يشكلون خلايا صغيرة تقوم بشن هجمات محددة ثم تتفكك سريعا . وتمثل المجموعات التي نفذت الهجمات في مدريد ( 2003 ) ولندن ( 2005) هذا النموذج.
ثم هناك نموذج "الجبهة الإيديولوجية"، الذي ناصره في مستهل الأمر الاستراتيجي الجهادي الشهير أبو مصعب السوري . وينصب التركيز هنا على فرضية مفادها أن الطريقة الأكثر أماناً للتنظيم هي البعد عن فكرة التنظيم . وفي دليله شبه العسكري المؤلف من 1600 صفحة تحت عنوان "دعوة المقاومة الإسلامية العالمية"، يقول أبو مصعب : "إن من شأن هذا النموذج أن يلحق الهزيمة بأي ترتيبات أمنية".
ويعمل هذا النموذج من خلال نشر رواية تصف ما يعانيه المسلمون من الظلم الشديد والإذلال، ويقدم إيديولوجية تحدد الوسائل الكفيلة بإزالة المظالم، ومن ثَم السماح للمتعاطفين بتجنيد أنفسهم في تنظيم القاعدة (التجنيد الذاتي) أو  تأسيس خلايا صغيرة مستقلة (التأسيس الذاتي) أو البدء في عمليات فردية تتفق مع الفكر و الرؤية و لا تتصل بالتنظيم (يشار الي ذلك أحيانا بنموذج "الذئب الوحيد"). وكان ذلك هو النموذج المتبع في حالة الرائد في جيش الولايات المتحدة نضال حسن، الذي قتل ثلاثة عشر من زملائه الجنود في فورت هود بولاية تكساس في عام 2009، وروشونارا شودري التي طعنت النائب البريطاني ستيفن تيمز في عام 2010.

هل تشهد الأيام القادمة
والواقع أن تنظيم القاعدة لم يتحور هيكلياً فحسب، بل إن فكره الإيديولوجي بات يهاجم بشدة و من جانب جهات غير متوقعة على الإطلاق. ففي أعقاب الحادي عشر من سبتمبر، سارع العديد من الحركات، والفصائل الإسلامية المسلحة ، والجهاديين البارزين، والأفراد إلى توجيه الانتقادات الشديدة لسلوك تنظيم القاعدة، ثم بدأت هذه الكيانات في التحرك نحو نبذ العنف، الأمر الذي حرم تنظيم القاعدة من عشرات الآلاف من المؤيدين والأنصار. ولقد أدى هذا إلى تحول منظمات كاملة كما هو الحال في مصر وليبيا والجزائر، فضلاً عن عدد كبير من الأفراد في المملكة العربية السعودية واليمن والعراق وأفغانستان وماليزيا وسنغافورة وإندونيسيا، وغير ذلك من البلدان.
ففي مصر، قررت الجماعة الإسلامية، التي تعاونت في اغتيال الرئيس أنور السادات في عام 1981، التخلي عن العنف السياسي ونقض شرعيته. و الجماعة الإسلامية قادت حملة مسلحة في صعيد مصر أثناء الفترة 1992-1997، ثم جمدت التكتيكات العنيفة بداية من عام 1997، ثم عززت هذا التغيير بإطلاق ما يقرب من 25 مجلداً من الحجج العقائدية والعقلانية للترويج لإيديولوجيتهم الجديدة.
وبعد الإطاحة بحسني مبارك من السلطة في مصر، بادرت الجماعة الإسلامية على عقد انتخابات داخلية، بدلاً من تكديس الأسلحة وإعادة بناء جناحها المسلح. كما طالبت أعضاءها بتعبئة استمارات تسجيل لحزبها الجديد، ونظمت مسيرات ضد العنف الطائفي، وأصدرت بيانات مشتركة مع الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في أسيوط لدعم التعايش السلمي المشترك، وأسست حزباً سياسياً تحت اسم "البناء والتنمية" لخوض الانتخابات.

هل تشهد الأيام القادمة
أما تنظيم الجهاد المصري فقد بدأ عملية تحول ناجحة جزئيا. صحيح أن العديد من فصائله لا تزال تتمسك بالعمل المسلح . ولكن الكثير من فصائله أيضاً انتقدت تنظيم القاعدة بشدة، وتحاول الآن تشكيل أحزاب سياسية تقليدية في مصر. الا ان هناك الكثير من مواقفهم تغير بعد 30 يونيو 2013 وظهور تنظيم الدولة "داعش" على الساحة وما واكبه من ضرب المشروع الاخواني الذي كان يريد السيطرة على مصر.
وهناك أيضاً الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة، الحليفة السابقة لتنظيم القاعدة، والتي تخلت عن فكرها الإيديولوجي بين عامي 2005 و2010، وانضمت إلى الثورة على نظام العقيد معمر القذافي الدكتاتوري. وتولى زعيم الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة عبد الحكيم بلحاج (الملقب بأبي عبد الله الصادق) قيادة المجلس العسكري في طرابلس، وهو الذي قاد الهجوم على مجمع القذافي في باب العزيزية.
وبعد خروجه منتصرا، دعا بلحاج إلى تعزيز الأمن، وحماية الممتلكات، وإنهاء عمليات الثأر، وبناء ليبيا الجديدة. والواقع أن هذه اللهجة المعتدلة تتفق عموماً مع تصريحات أغلب زعماء الجماعة الإسلامية  المقاتلة طيلة الأشهر الستة بعد ذلك، سواء في شرق ليبيا أو غربها. وفي الإجمال، كان الربيع العربي بمثابة تحديا قويا للفكر الجهادي ونجح إلى حد كبير في تقويض مبرراته وتفنيد حججه (والتي تتلخص في أن القتال المسلح يشكل الأداة الأكثر فعالية وشرعية للتغيير).

هل تشهد الأيام القادمة
الا ان الوضع تغير سريعا لصالح تنظيم الدولة "داعش" بعد ظهورها على الساحة واقامة ما اسمته "دولة الخلافة" وكأن حلم هؤلاء الجهاديين تحقق حلمهم على الارض بعدما كان محلقا في السماء الا وهو انشاء دولة الخلافة فجزب الكثير من الشباب المتحمس والحالم الى هذا المشروع.
والواقع أن التأثير المشترك للعمليات الاستخباراتية، وهجمات الطائرات بدون طيارين، والتحولات التي طرأت بين صفوف الجهاديين، والربيع العربي، كان سبباً في إحباط قوة "تنظيم القاعدة المركزي". ومن الواضح أن تعدد الأفرع وإعادة ترتيب الإيديولوجية يعني أن بعض أجزاء تنظيم القاعدة ربما ستظل على قيد الحياة بسبب اندماجها بشكل أكثر عمقاً داخل مواقع محلية بعينها. ولكن يمكن القول بأن تنظيم القاعدة المركزي الذي نفذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر قد تقوض كتهديد عالمي.

الظواهري يدفع ثمن طموحاته

الظواهري يدفع ثمن
كانت القاعدة في ظل قيادة اسامة بن لادن تتميز بوجود قيادة مركزية، قيادة تاريخية، - من المؤسسين الأوائل- وزعيم يتمتع «بكاريزمة» ومصداقية، وسجل شخصي حافل ، عكس خليفته «الظواهري».. فهو قائد غير ملهم، تاريخه «الجهادي» و«الفكري» يحوى الكثير من الثقوب، فلم يعرف عنه تمييزاً أو دراية أو مهارة عسكرية عملياتية، وسجله كقائد ميداني يشير إلى فشل واخفاق، يمكن التذكير بسلسلة العمليات الإرهابية الفاشلة التي نفذها تنظيم الجهاد المصري في آواخر التسعينيات من القرن الماضي بتعليمات من الظواهري في مصر، والتي كان مصيرها الفشل الذريع والقبض على المئات من العناصر الجهادية، وسبق ذلك –في السجل الشخص للظواهري – وقت ان كان قيادياً في تنظيم الجهاد المصري – اعترافاته التفصيلية لاجهزة الأمن المصرية والتي قادت للقبض على قيادات التنظيم الهاربين وقتها، بالإضافة لذلك ما تردد في أوساط الجهاديين المصريين من أن أغلب الكتابات والمؤلفات الممهورة باسم الظواهري، ليست من تأليفه، أو في أحسن الاحوال هناك من شاركه في صياغتها.. وتبقى أبرز الثقوب في ثوب الظواهري، ما كان منه – وقت تواجد قيادات القاعدة في السودان في منتصف تسعينيات القرن العشرين، حيث أمر بقتل صبي صغير – ابن أحد كوادر القاعدة – بحجة ان الصبي عميل للأجهزة الامنية المصرية.. 
(( لمزيد من التفاصيل حول تلك الوقائع يمكن العودة لما ذكره المحامي الجهادي منتصر الزيات في كتابه «انا والظواهري» وكتابات نبيل نعيم أحد القيادات التاريخية لتنظيم الجهاد المصري، كذلك الدكتور سيد امام الشريف المعروف بـ د. فضل منظر و مفتي جماعة الجهاد المصرية، وتنظيم القاعدة سابقاً)).
-كما كان ابن لادن على صعيد الرؤيا والنهج يميل في أولوياته «الجهادية» إلى مقاتلة العدو البعيد (أمريكا والغرب).
-وكذا لم يكن متحمساً لتوسيع نشاطات القاعدة «تنظيمياً» - أي قبول فروع جديدة للتنظيم – وكان يدقق في التكوين العقائدي والطبيعة الفكرية لماهية الجماعات والتنظيمات التي ترغب في الانضمام تحت لواء القاعدة الأم.
-بغياب الزعيم التاريخي للقاعدة أسامة بن لادن في مايو 2011 (بمقتله على يد قوات المارينز الامريكية في باكستان) غاب عن التنظيم .. القائد الملهم والمطاع وغاب الطابع القيادي «النخبوي» .. وغابت القيادة المركزية، أي تفككت.
-وبتولي الظواهري قيادة التنظيم وفي محاولة منه لاستعادة النفوذ والهيبة الغائبان داخل التنظيم وخارجه.. والتي بدأت تتصدع منذ الخروج من افغانستان في 2001.. سعى الظواهري لتوسيع دائرة الجماعات المنطوية تحت لواء القاعدة، فقبل تنظيم حركة شباب المجاهدين الصومالية وكان اسامة رافضا لقبولها .. وفي سعيه لتوسيع دائرة «الجهاد» تراجع عن استراتيجية محاربة العدو البعيد (امريكا والغرب) وحاول المزاوجة بين قتال العدو البعيد والعدو القريب (الانظمة الحاكمة العربية والمسلمة).. طموح الظواهري في ان تكون القاعدة موجودة على ارض الواقع ومؤثرة في الاحداث .. ومن هنا جاء الفشل – فشل الظواهري في الابقاء على هيبة قيادة القاعدة الأم .. فالجماعات والتنظيمات التي انتسبت للقاعدة والتي شرعت في الجهاد ضد الانظمة في المنطقة، سعت لقدر من الاستقلالية – كقادة فرعيين في الميدان -ومن هنا جاء النزوع للاستقلال والانفصال .. وتبلورت هذه النزعة «الاستقلالية» وتجلت بشكل واضح لدى الفرع «العراقي».
- ويمكن رصد «جينات» هذا النزوع الاستقلالي في الحالة القاعدية العراقية منذ بداية تشكيل الفرع في عهد مؤسسه الأول ابو مصعب الزرقاوي.

أفول نجم القيادة "التورابورية"

أفول نجم القيادة
وحتى لا تذهب الظنون بأحد ان السطور السابقة قد تحاملت على زعيم القاعدة الحالي ايمن الظواهري، فإن أمر ضعف وافول تنظيم القاعدة الأم يعود لأسباب موضوعية ايضا .. كانت بدايتها عقب هجمات 11 سبتمبر 2001.. إذ سرعان ما جاء الرد القاسي بالهجوم الذي شنته الولايات المتحدة وحلفاؤها في اكتوبر 2001 على «امارة طالبان» والتي كانت مأوى قيادات القاعدة ومقر قياداتها المركزية.. وسرعان ما سقطت «كابل» عاصمة افغانستان في 13 نوفمبر 2001، وبنهاية الشهر سقطت باقي مدن افغانستان تباعاً في يد قوات التحالف وتراجعت طالبان .. ليبدأ عهد «الشتات» بخروج قيادات وعناصر القاعدة من الاراضي الافغانية لتبدأ نهاية عصر «القاعدة الأم» .. وهو ما حذر منه بوضوح ابو مصعب السوري «مصطفى الست مريم».. صاحب الموسوعة الضخمة «موسوعة المقاومة الاسلامية العالمية» والذي سجل معارضته لهجمات 11 سبتمبر 2001، وتوقع بعدها ان «القاعدة» أصبحت في ذمة التاريخ وخارجه، وسخر مما أسماه «القيادية التورابورية» للقاعدة، قاصدا اسامة بن لادن والظواهري وهيئة اركانهما، المتواجدون وقتها في منطقة «تورابورا».. وأضاف متهكما .. الآن اصبح لكل مجاهد تورابوري صاروخ أمريكي باسمه .. شهادة أخرى، هذه المرة من داخل التنظيم، قيادي القاعدة ورفيق ابن لادن «بن عثمان» قال أنه في أحد الاجتماعات، قبل تنفيذ 11 سبتمبر، أكد على أن مستقبل التنظيم قاتم وان الحركة الجهادية التي تديرها القاعدة فشلت، «ونحن ننتقل من كارثة إلى أخرى»، بعد أن تم تدمير معظم مصادر الدعم المحلي الذي كان «الجهاديون يتمتعون به، وانه طالب اسامة بن لادن التوقف عن استهداف الغرب، «ان قرار استهداف الغرب سيخرب فرص مجموعات تسعى للاطاحة بمستبدين علمانيين في العالم العربي»، وقد طلبت منه وقف حملته ضد الولايات المتحدة لانها لن تقود إلى شيء – لقد ضحكوا «يقصد قيادة القاعدة» عندما قلنا لهم ان امريكا ستهاجم منطقتنا (افغانستان) اذا استهدفناهم».
فماذا تبقى من تركة بن لادن للظواهري كي يحافظ عليه ويبقيه في قيادة تنظيم لا يستطيع السيطرة عليه، ليس هذا فقط بل تتحول ازرع هذا التنظيم اما الى تشكيل كيانات مستقلة واما ان تتوجه ناحية التنظيم الاقوى لتزوب فيه متمتعة بالدعم المادي واللوجيستي، فان صح الخبر الذي يقول " أن القاعدة نفسها ستعلن حل نفسها في وقت لاحق هذه السنة" فسيكون هذا القرار قد تأخر كثيرا من زعيم القاعدة، وعليه فلابد من ان تتخذ الحكومات العربية احتياطاتها الامنية والفكرية تجاه هذا الموقف او احتمالياته.

شارك