بعد مجزرة "شارل إيبدو".. هل ينجح ذراع الإخوان في عقد ملتقاه السنوي بفرنسا؟

الإثنين 06/أبريل/2015 - 09:42 ص
طباعة بعد مجزرة شارل إيبدو..
 
بعد ثلاثة أشهر من الهجمات التي نفذها متطرفون في فرنسا، وتمثلت في الهجوم على مجلة (شارل إيبدو) الساخرة، وأودت بحياة عشرات الصحافيين، يعقد "اتحاد المنظمات الإسلامية"، الذي صنفته العديد من التقارير أنه واجهة لتنظيم "الإخوان المسلمين" في فرنسا ملتقاه السنوي نهاية الأسبوع الجاري.
وربما كانت صدمة الجالية الإسلامية في فرنسا من العملية الإرهابية، هي ما تسببت في تأخير عقد فعاليات اتحاد المنظمات في موعده، خاصة أن الجالية الإسلامية في الدول الأوربية طالما تعرضت إلى تضييقات في أعقاب مثل تلك العمليات.
بعد مجزرة شارل إيبدو..
التحدي إذاً الذي يلقاه اتحاد المنظمات الإسلامية هو كيف يضمن نجاح ملتقاه السنوي الذي تأخر نتيجة العمليات الإرهابية التي شهدتها فرنسا خلال الفترة الماضية، في ظل الضغوط الدولية التي تتبناها مصر على تنظيم الإخوان، فضلاً عن بدء تفهم الكثير من حكومات الغرب مدى خطورة التنظيم الأم للجماعات الإسلامية جماعة "الإخوان".
مراقبون أكدوا نجاح الملتقى السنوي لاتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا، مبررين الأمر بأن الاتحاد لا يزال يحفظ المساحات التي بينه وبين الحكومة الفرنسية، وهو ما ظهر في تصريحات المسئولين الفرنسيين في أعقاب حادث "شارل إيبدو" حيث طالبوا بعدم الخلط بين الإسلام وجماعات الإرهاب، وأشارت تقارير أن مسئولين تواصلوا بالاتحاد منعاً لأي تجاوزات أو احتكاكات كرد فعل على العمل الإرهابي، كما أن الحكومة الفرنسية لم تهتم كثيراً بما قامت به دولة الإمارات المتحدة من إدراج الاتحاد منظمة إرهابية، بل وصل الأمر إلى أنها رفضته وطالبت باستفسار من الحكومة الإماراتية.   
بعد مجزرة شارل إيبدو..
اللافت للنظر أن الاتحاد قرر أن يكون من بين الموضوعات التي سيناقشها في ملتقاه موضوع الرسومات الساخرة وموقف الفقه منها والردود القانونية عليها، وهو الموضوع الشائك الذي تسبب في الهجوم على المجلة.
كانت بوابة "الحركات الإسلامية" قد تناولت "اتحاد المنظمات الإسلامية" في معرض حديثها عن تنظيم "الإخوان في فرنسا" تحت عنوان " الإخوان المسلمون في فرنسا.. اتحاد المنظمات ذراع الجماعة الدعوي".
ويمثل اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا واحدًا من أكبر الجمعيات الإسلامية هناك، ويستمد التنظيم الذي أُنشئ سنة 1983، قوته من ضمه أكثر من 200 جمعية تغطي مختلف ميادين الحياة الاجتماعية، الدعوية والخدمية والإرشادية وفقاً لفكر ومبادئ جماعة الإخوان.
كانت القاهرة قد كثفت جهودها الدبلوماسية في أعقاب ثورة 30 يونيه، لإثبات خطورة فكر الإخوان، والضغط على الدول التي تأوي تلك العناصر إلى فتح تحقيق في أنشطة الإخوان، وشملت جهود الخارجية المصرية اتحاد المنظمات.
بعد مجزرة شارل إيبدو..
وكدأب جماعة الإخوان، دائماً ما تحاول أن تثبت أنها (دعوية – اجتماعية) لا تلعب أي أدوار سياسية، حيث ركز الاتحاد على مجال الدعوة وتثقيف المسلمين هناك والحفاظ على هويتهم الإسلامية، لذلك برز أول دور للاتحاد في أعقاب قرار الرئيس الفرنسي منع ارتداء الفتيات للحجاب الشرعي.  
ويشمل ملتقى "اتحاد المنظمات" على فقرات تتضمن تنظيم تلاوات للقرآن، وعرض ملابس إسلامية أو مأكولات قالوا إنها ذبحت على الطريقة الشرعية، إلى جانب عقد ندوات سياسية دينية، ومن المقرر أن يستمر الملتقى ثلاثة أيام، من (الجمعة إلى الأحد) في مدينة بورجيه شمال العاصمة الفرنسية باريس، ومن المتوقع أن يجذب الملتقى نحو 170 ألف زائر، حيث يجتذب الحدث السنوي التقليدي عشرات الآلاف من النساء والرجال، ليسوا أعضاء في تيار الإخوان، لكن توقيته يأتي في مرحلة صعبة بالنسبة للاتحاد الفرنسي وللمسلمين بشكل عام.
كانت دولة الإمارات العربية المُتحدة، قد وضع "الاتحاد الفرنسي" على قائمة الجماعات الإرهابية، بعد اضطرابات الربيع العربي، إلا أن الهجمات الدامية التي شهدتها باريس يناير الماضي ونفذها ثلاثة مسلمين فرنسيين وأدت إلى مقتل 17 شخصاً، عززت الشبهات إزاء أي تظاهرات أو فعاليات ينظمها المسلمون، الذين لم يرسخوا بعد مكانتهم داخل فرنسا العلمانية.
بعد مجزرة شارل إيبدو..
من جانبه، أكد رئيس الوزراء الفرنسي الاشتراكي مانويل فالس، تضافر الجهود لمواجهة التطرف الإسلامي والعمل على تأسيس "إسلام فرنسي"، مُحذراً من خطاب ونفوذ الإخوان المسلمين، غير أن رئيس اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا، عمر لصفر ردّ على فالس قائلاً: "نحن حلفاؤك الحقيقيون في معركتك ضد الإرهاب، وإلا من سيكون شريكك؟ المسلمون غير الملتزمين؟".
مخاوف فرنسا من التيار السلفي، خاصة بعدما أعلن منفذو هجمات يناير انتماءهم إلى التيار السلفي، إلى جانب الذين يغادرون فرنسا للقتال إلى جانب المنظمات الإسلامية المتطرفة في العراق وسورية، عكستها تصريحات رئيس الوزراء الفرنسي الذي حظر من السلفيين الذين يتخذون من الاتحاد ذريعة للتأثير على شباب الأحياء الشعبية.
ويمكن حصر نفوذ "الاتحاد الإسلامي" في كونه يضم 250 منظمة، ويعلن أنه يشرف على ألف من أماكن العبادة المسجلة في فرنسا، وعددها حوالي ثلاثة آلاف.
بعد مجزرة شارل إيبدو..
كما يُكثف اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا من أنشطته حيث سعى إلى تأسيس الكلية الأوروبية للدراسات الإسلامية، حيث قام بالمشروع اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا، 1992 وأقيم في مدينة (شاتو شنون) في فرنسا، وتتبنى الكلية العلوم الإسلامية، والعلوم العصرية، وتضم الكلية قسم أصول الدين، وقسم الشريعة الإسلامية، وتضم مبنى يحتوي على 12 غرفة: مكتبة، وقاعتين للمطالعة، و9 قاعات للفصول، ومبنى للإدارة وعددٍ من المرافق.
كما قام الاتحاد بترجمة معاني القرآن الكريم، حيث اعتنى اتحاد المنظمات الإسلامية بترجمة معاني القرآن الكريم، وأصدر العديد من كتب الترجمة لمعاني القرآن، لنشر الثقافة الدينية في فرنسا بين المسلمين هناك.  
وبشكل عام فإن "الاتحاد" لا يزال لاعباً رئيسياً في المجتمع الفرنسي، ويسعى حالياً إلى التقارب مع منافسه القديم، الجامع الكبير في باريس، عبر دعوة رئيس الجامع دليل بوبكر، وهو أيضاً رئيس المجلس الفرنسي للثقافة الإسلامية الذي أنشئ في 2003 تحت رعاية السلطات، إلى التفاهم والعمل سوياً.
بعد مجزرة شارل إيبدو..
وأشارت تقارير أن من بين المتحدثين في الملتقى الإعلامي طارق رمضان، حفيد مؤسس الجماعة حسن البنا، ورئيس حركة النهضة الإسلامية في تونس راشد الغنوشي، ويقول فاتح كيموش، وهو صاحب مدونة "الكنز" المتأثرة بنهج الإخوان، "لا يوجد تنوع بين المتحدثين، هذا المؤتمر هو ربيع الإخوان المسلمين في فرنسا".

شارك