"عاصفة الحزم" بين مواجهة الحوثيين وتمدد القاعدة.. وإيران تظهر عسكريا وسط مساعي الحوار
الأربعاء 08/أبريل/2015 - 03:09 م
طباعة

مع تواصل غارات التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية، ضد جماعة أنصار الله "الحوثيين" والقوات الموالية للرئيس السابق علي عبدالله صالح، يبدو أن سباق الحوار السياسي يرتفع في ظل تراجع خيار التدخل البري، مع الاعتماد على قبائل اللجان الشعبية في الحراك الجنوبي، وسط مخاوف من تمدد نفوذ تنظيم القاعدة، وظهور علني لإيران في الحرب، عبر إرسال سفن حربية إلى خليج عدن.
تواصل الحرب

تواصل طائرات "عاصفة الحزم" في اليمن استهداف معسكرات الجيش ومخازن السلاح وقطع خطوط الإمدادات على طول البلاد وعرضها؛ الأمر الذي جعل من قوات صالح والحوثيين أشبه ما تكون بجزر متناثرة تحاصرها القبائل، وتعاني من قطع شرايين القوة والدعم اللوجستي في بيئة شديدة العداء.
شنت الأربعاء، غارات جوية استهدفت خلالها عدة مواقع عسكرية موالية للحوثيين، والرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، في أنحاء متفرقة من البلاد، فقد قصفت مقاتلات عاصفة الحزم للمرة الأولى منذ بدء عملياتها في اليمن منطقة الجراف والتي تعتبر معقل الحوثيين في صنعاء.
ففي منطقة قاع المنقب بمديرية همدان، غربي العاصمة صنعاء، قصفت طائرات التحالف معسكراً جبلياً يتخذه الحوثيون لتخزين الأسلحة، بحسب شهود عيان.
وفي جنوبي محافظة البيضاء (وسط)، قال مصدر أمني مفضلاً عدم ذكر اسمه: إن طائرات التحالف استهدفت مواقع لمعسكر "العظيمية" التابع للواء 117 مدرع، الموالي للحوثيين، وذلك في قصف هو الأول من نوعه يطال هذا اللواء منذ بداية عمليات التحالف في 26 الشهر الماضي.
ويقع هذا المعسكر الموالي للحوثيين وصالح في جبل العظيمة جنوبي البيضاء، وتوجد فيه محطات تابعة لشركات الاتصالات، وشبكات تقوية تابعة للتلفزيون.
وفي الجنوب حيث محافظة أبين، شنت طائرات التحالف 3 غارات استهدفت من خلالها تجمعات للحوثيين في منطقة عقبة ثرة، بمديرية لودر. وبحسب شهود عيان، يستخدم الحوثيون تلك المنطقة كطريق إمداد لقواتهم في مركز المديرية التي تشهد منذ أيام اشتباكات متقطعة مع قوات موالية للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، كما تعرضت مواقع داخل قاعدة العند الجوية، بمحافظة لحج، لقصف جوي من قبل طائرات التحالف.
وتدور اشتباكات عنيفة بشكل متواصل منذ أيام في عدة مناطق بمحافظة شبوة، ومحافظات جنوبية أخرى بين مسلحي القبائل الموالين للرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، ومسلحي "الحوثي" الذين تساندهم قوات عسكرية وأمنية معروفة بولائها للرئيس السابق علي عبد الله صالح، خلفت عشرات القتلى والجرحى من الطرفين.
كما تستعد مجموعة من القبائل لفتح جبهات جديدة مع الحوثيين في آن واحد واستنزاف قدراتهم، خاصة أن ضغوطا تمارس على شريكهم الرئيس السابق علي عبدالله صالح كي يفك تحالفه معهم، في ظل الحديث عن وجود تنسيق بين عدة قبائل لتنظيم العمليات العسكرية التي تنوي القبائل القيام بها، وأن البعض منها ينتظر الدعم بالسلاح من قوات التحالف العربي.
وتخوض القبائل واللجان الشعبية في محافظة أبين المتاخمة لعدن حربا متواصلة منذ أيام بهدف منع وصول أي تعزيزات عسكرية إلى عدن.
وأعلنت قبائل مأرب جاهزيتها لمواجهة القوات التابعة لجماعة أنصار الله الحوثية المدعومة بقوات عسكرية موالية للرئيس السابق علي عبدالله صالح.
التحالف يتهم إيران

جدد المستشار بمكتب وزير الدفاع السعودي، المتحدث باسم قوات التحالف العميد ركن أحمد حسن عسيري الاتهام، في إيجازه الصحافي اليومي أمس بقاعدة الرياض الجوية، لإيران بالتورط في دعم الحوثيين. وقال: إن الحكومة اليمنية عرضت منذ عام 2002 أسلحة إيرانية موجهة إلى الميليشيات الحوثية، لكن المجتمع الدولي لم يحرك ساكناً. وأشار إلى الأسلحة والذخائر الإيرانية التي استخدمها المتسللون الحوثيون على الحدود السعودية الجنوبية، في محاولة اختراقها عام 2009. وقال: إن إيران ظلت ترسل 14 رحلة جوية من طهران إلى اليمن لتزويد الميليشيات الحوثية بالذخيرة، التي ثبت من مقاطع الفيديو التي التقطتها طائرات التحالف للمستودعات المستهدفة في اليمن، أن حجمها ضخم جداً. واتهم عسيري إيران و«حزب الله» اللبناني بتدريب الميليشيات الحوثية، ومساعدتها في مسعاها الرامي إلى هدم الدولة اليمنية، وفي مهاجمة الرئيس الشرعي لليمن. وزاد: «أؤكد أن هذا المشروع (الحوثي) يهدف إلى تفكيك الدولة وتدمير اليمن. ونحن لن نقبل هذا السلوك، ولذلك نمنعه، استجابة لطلب الحكومة اليمنية الشرعية».
وكان سفير السعودية لدى واشنطن عادل الجبير أبلغ صحافيين أول من أمس في العاصمة الأمريكية بأنه لا يوجد اختلاف في وجهات النظر بين الرياض وواشنطن على حقيقة الدعم الذي تقدمه إيران للحوثيين. وقال: إن إيران تقدم للحوثيين دعماً مالياً، وتساعدهم في بناء مصانع الأسلحة، وتزودهم بالسلاح، علاوة على وجود إيرانيين يعملون إلى جانب الحوثيين. وأضاف: «لا نرغب في أن يتكرر خطأ حزب الله في لبنان مع الحوثي في اليمن». وأكد «أن الدعم الذي نجده من شركائنا في التحالف أو من حلفائنا حول العالم، سواء من فرنسا أم بريطانيا أم الولايات المتحدة ينمو بقوة». مؤكداً في الوقت نفسه وجود جهود للبحث عن حل سياسي في اليمن.
إيران تدخل حرب اليمن

فيما ذكرت وكالة أنباء "فارس" الإيرانية، الأربعاء، أن المجموعة الـ34 الاستطلاعية العملياتية للقوة البحرية التابعة لجيش الجمهورية الإسلامية الإيرانية، أبحرت إلى خليج عدن ومضيق باب المندب؛ وذلك لتوفير "الأمن لخطوط الملاحة البحرية الإيرانية".
وبينت الوكالة الإيرانية، أن توجه هذه المجموعة البحرية، التي تضم الفرقاطة اللوجستية "بوشهر" والمدمرة "البرز"، إلى خليج عدن ومضيق باب المندب، يأتي "لتوفير الأمن لخطوط الملاحة البحرية الإيرانية، وصون مصالح الجمهورية الإسلامية في المياه الدولية الحرة".
وصرح قائد القوة البحرية للجيش الإيراني الأدميرال حبيب الله سياري، أن مدة المهمة الموكلة لهذه المجموعة البحرية ستكون نحو 3 أشهر.
يذكر أن المجموعة البحرية الـ33 التابعة للقوة البحرية الإيرانية، والتي ضمت الفرقاطة اللوجستية "بندر عباس" والمدمرة "نقدي"، رست في بندر عباس أمس، في ختام مهمتها في المحيط الهندي وجنوب شرق آسيا، والتي استغرقت 80 يوما.
تمادي نفوذ القاعدة

فيما حذر وزير الدفاع الأمريكي أشتون كارتر، اليوم الأربعاء، من تنامي نفوذ تنظيم القاعدة في اليمن، مستفيدا من الصراع الدائر لتحقيق مكاسب على الأرض لصالحه.
وأوضح وزير الدفاع الأمريكي، خلال زيارته لطوكيو أن واشنطن قلقة بشكل خاص من تنظيم القاعدة بجزيرة العرب، مشيرا إلى مخاوف أمريكية من ضرب التنظيم لأهداف غربية، بينها الولايات المتحدة، ومطامعه الإقليمية.
وقال كارتر: إن الوضع في اليمن غير مستقر في الوقت الراهن، وهو ما ساعد الأطراف المتقاتلة كجماعة الحوثيين وتنظيم القاعدة، واستغلوا فرصة الاضطرابات وانهيار الحكومة المركزية.
وأشار وزير الدفاع الأمريكي، إلى أن تنظيم القاعدة استفاد بشكل خاص من الاضطراب في اليمن، مشددا على مواصلة الولايات المتحدة جهودها لمجابهة التهديد الذي تمثله هذه "التنظيمات"، في ظل الظرف الاستثنائي الذي يعصف باليمن قائلا: "من السهل دائما القيام بعمليات لمكافحة الإرهاب عندما تكون هناك حكومة مستقرة مستعدة للتعاون، لكن هذه الظروف غير موجودة بشكل واضح في اليمن، هذا لا يعني أننا لن نواصل اتخاذ هذه الخطوات لحماية أنفسنا، لكن سيكون ذلك بأسلوب مختلف".
وكانت تقارير الثلاثاء، كشفت عن أن مقاتلي تنظيم القاعدة في جزيرة العرب حققوا مكاسب في اليمن بعد اقتحام مسلحين يشتبه بانتمائهم للتنظيم، موقعا حدوديا نائيا مع السعودية.
فيما قالت مصادر في محافظة حضرموت، شرق اليمن: إن المسلحين سيطروا على القاعدة الصحراوية التي تقع قرب منوخ على بعد نحو 440 كيلومترا شمال شرقي العاصمة صنعاء، وقتلوا عسكريين أحدهما ضابط كبير بحرس الحدود.
إسلاميو أفغانستان

وفيما يشبه رد الجميل للملكة العربية السعودية، عرض الحزب الإسلامي، المقرب من جماعة الإخوان المسلمين، الذي يقوده "لب الدين حكمتيار، أحد قدامى الذين قاتلوا القوات السوفييتية في أفغانستان، الأربعاء، إرسال "آلاف" المقاتلين إلى اليمن لدعم التحالف السعودي.
وقال الحزب الإسلامي، في بيان نشر بلغة الباشتو على الموقع الإلكتروني الرسمي للحزب: إن "المسلمين يجب أن يتحدوا ضد إيران" التي "تتدخل" اليوم في شئون اليمن بعد العراق ولبنان.
وقال بيان الحزب الإسلامي: "إذا كانت هناك إمكانية للذهاب إلى العراق أو إلى اليمن، فإن آلاف المجاهدين الأفغان سيتوجهون إلى هناك؛ لتطويق تدخل إيران والدفاع عن إخوتهم المسلمين".
وكان الحزب الإسلامي استفاد من دعم السعودية وأفغانستان في ثمانينيات القرن الماضي؛ "للجهاد" ضد القوات السوفييتية في أفغانستان.
الحل السياسي

كشف مسئولون عمانيون عن اتصالات بين أطراف النزاع اليمني وتحالف "عاصفة الحزم" الذي تقوده السعودية في اليمن، بهدف إيجاد صيغة حلّ ما.
الوساطة العمانية ترتكز على نقطتين هما؛ أولاً، تحقيق هدنة على الأرض، حتى يمكن البناء عليها لوقف دائم لإطلاق النار، وثانياً، تسوية الخلافات بين الجميع عبر جلسات حوار أو مفاوضات في إحدى الدول المقبولة من الجميع، ولعل مسقط هي أقرب هذه المدن المرشحة إلى ذلك، نظراً لقبول الجميع بها في الوقت الراهن. ويتوقع أن تكون تلك الجلسات بمشاركة أممية وأوروبية وأمريكية وضمانات دولية. وقد تحتاج مسقط إلى المزيد من الوقت لبلورة الأفكار والاقتراحات، وهو ما قد يعرقل التقدّم في المسار الأول، الذي يتمثل في فرض الهدنة.
يأتي ذلك مع توزيع الأردن على أعضاء مجلس الأمن الدولي مشروع قرار صاغته دول الخليج العربية لإنهاء الصراع في اليمن، في وقت اتهم فيه وزير الخارجية اليمني رياض ياسين- الحوثيين بتدمير عدن.
المشروع يدين جماعة الحوثيين، وتطالب بفرض حظر تزويد شخصيات يمنية بالسلاح، بينها الرئيس اليمني الأسبق علي عبد الله صالح.
كما دعت مسودة القرار إلى السماح بوصول المساعدات الإنسانية للمدنيين في اليمن، وإيجاد حل سياسي سلمي للأزمة، ومن المتوقع أن يجرى التصويت على مسودة الأردن لدى الأمم المتحدة الأربعاء أو الخميس 9 أبريل.
ويتوقع أن يطرح مشروع القرار للتصويت تحت الفصل السابع، ما يفتح الباب واسعاً أمام سلسلة من الخطوات العقابية التي قد يضطر المجلس لاتخاذها في حال إقرار المشروع. وفي حال التزم الحوثيون بتنفيذ مشروع القرار، فإن مجلس الأمن سيطالب جميع الأطراف بوقف إطلاق النار.
المشهد اليمني

يتواصل المشهد اليمني من خلال الغارات اليومية على معاقل الحوثيين والقوات الموالية للرئيس اليمني السابق، وظهور قوي للدور القبال في مواجهة الحوثيين وخاصة في محافظة مأرب، واستمرار الكر والفر بين البلدان الشعبية للحراك الجنوبي، وميليشيات الحوثين وقوات صالح يبدو أن سباق الحوار السياسي يرتفع في ظل تراجع خيار التدخل البري، مع الاعتماد على قبائل اللجان الشعبية في الحراك الجنوبي، وسط مخاوف من تمدد نفوذ تنظيم القاعدة، وظهور علني لإيران في الحرب، عبر إرسال سفن حربية إلى خليج عدن، وهو ما يشير إلى أن حل الطرق "الحرب أو السلام" متاحة في اليمن.