مجلة الإيكونوميست: "الطموح القاتل".. شبح الهلال الشيعي

الأربعاء 08/أبريل/2015 - 09:00 م
طباعة مجلة الإيكونوميست:
 
مجلة الإيكونوميست:
قبل أكثر من عشر سنوات تقريبًا، أطلق الملك "عبدالله الثاني" عاهل الأردن تحذيرًا بأن إسقاط الولايات المتحدة لنظام الرئيس العراقي "صدام حسين"، سوف يؤدي إلى ظهور "الهلال الشيعي" الذي تدعمه إيران- وذلك في إشارة إلى التوسع الشيعي الإيراني- من لبنان وحتى المملكة العربية السعودية. ولم تلق كلماته قبولاً، واعتبرت مبالغة في إثارة القلق. وبرغم ذلك، فربما تكون تلك الرؤية قد تتحقق الآن. وفي الوقت الذي تفككت فيه الدول العربية، لم يتم ملء الفراغ بمعرفة الجهاديين التابعين لتنظيم "الدولة الإسلامية" السني ـ المعروف باسم داعش ـ فحسب، ولكن أيضًا من خلال تشكيل القوى الشيعية عبر الأوطان والمدعومة من إيران.
مجلة الإيكونوميست:
وجدير بالذكر أن حلفاء إيران يدعمون الرئيس السوري "بشار الأسد"، ويوقفون زحف تنظيم "الدولة الإسلامية" في العراق، وينشرون النفوذ الإيراني في اليمن. والأهم من ذلك، هو أن الجماعات المسلحة التي كانت متفرقة في يوم من الأيام تتواصل الآن، وتحارب جنبًا إلى جنب؛ الأمر الذي يعطى انطباعًا بوجود تحرك شيعي عابر للحدود.
مجلة الإيكونوميست:
وفي العراق، تتجلى دلائل صعود القوة الشيعية في العالم العربي، حيث تقود جماعات متنوعة من الميليشيات الشيعية الحرب ضد تنظيم "الدولة السلامية"، ويتركز القتال الآن في معاقل السنة في مدينة "تكريت" العراقية، وهي مسقط رأس الديكتاتور السابق "صدام حسين". أما "حزب الله" (وهو أكثر الميليشيات قوة في لبنان، والفصيل السياسي المهيمن في البلاد) فقد لقي الكثير من الإعجاب والدعم لكونه العدو الأكثر فعالية وتأثيرًا ضد إسرائيل، إلا أنه حرَّك أعدادًا كبيرة من الجنود إلى سوريا الشقيقة؛ للتصدي للسنة الذين يسعون للإطاحة بنظام الرئيس السوري "بشار الأسد"، كما نشر بعض رجاله على مرتفعات الجولان؛ ليوسع جبهته في مواجهة إسرائيل. وأيضًا، وصل "حزب الله" إلى العراق، حيث يمدها بخبراء المفرقعات ؛ للمساعدة في تدريب مسلحي الميليشيات الشيعية المحلية، وتقديم المشورة لهم.
وفي العراق يتم تنسيق القتال بشكل رئيسي بمعرفة إيران، من خلال "قاسم سليماني" تحديدًا، وهو قائد "فيلق القدس"، وهي فرقة تابعة للحرس الثوري الإيراني. وفي سوريا ساعد الإيرانيون في تدريب ميليشيا "قوات الدفاع الوطني" شبه العسكرية، التي تضم نحو مائة ألف مقاتل من شتى الطوائف، كما ساعد الإيرانيون في تشكيل ميليشيات شيعية تضم مقاتلين أجانب، بالإضافة إلى مراكز للقيادة المشتركة في العراق وسوريا. والروابط بين الميليشيات غير واضحة ومائعة، حيث ينتقل الأعضاء من ميليشيا إلى أخرى. فعلى سبيل المثال، ميليشيا "أبو الفضل العباس" في سوريا، يقودها "أوس الخفاجي"، وهو عراقي شيعي، والذي توجَه إلى سوريا بعد أن أطاحت القوات الأمريكية بـ "صدام حسين".
مجلة الإيكونوميست:
وتزعم العديد من الميليشيات الشيعية أنها ـ ببساطة ـ تدافع عن المواقع الشيعية المقدسة. وفي مكتبه بمنطقة "الكرادة" في بغداد، يزعم "الخفاجي" أن ميليشياته في سوريا لا يقاتلون من أجل "الأسد". إلا أن دور الميليشيات يتعدى إلى ما هو أبعد من الأماكن المقدسة. كما أن ميليشيات "حزب الله" لا تخفي سيطرتها على جنوب سوريا، على الحدود الإسرائيلية. كما أنها تلمح إلى أنه لن يتم إعادة هذه المنطقة إلى "الأسد". ويقول أحد قادة ميليشيا "حزب الله" بأن "حزب الله" في سوريا هو مَنْ يقود المعركة، ويبدأ بالضربات وإطلاق النار. ويقول أحد قادة الميليشيات في سوريا: "إن كل دولة تُعَد عملية منفصلة لحالها، ولكن الهدف واحد". ويأمل "الخفاجي" في نهاية الأمر في "أن يصبح حرس الثورة الشيعية قوة واحدة في المنطقة بأسرها".
وربما يكون ذلك أمرًا خياليًا؛ ذلك أن مقاتلي "حزب الله" يزدرون رفاقهم الشيعة في أماكن أخرى. ويقول قائد الكتيبة: "إن حزب الله يتبع القرآن؛ ورجالنا لديهم دور وتكتيكات وخطة"، ويصف بعض الميليشيات العراقية بأنها "متطرفة"، وينتقد وحشيتها.
غير أن انعدام الثقة بين الميليشيات الشيعية وبعض حلفائها يُعد أمرًا شائعًا، ويرجع ذلك ـ جزئيًا ـ إلى الاختلافات الطائفية. وتنظر الحكومات الغربية عمومًا للميليشيات الشيعية على أنها أقل إثارة للقلق من نظرائهم السنة، على الرغم من أنهم متشابهون في كثير من الأحيان في ميلهم لسفك الدماء، ويرجع السبب في ذلك إلى أنهم لم يستهدفوا الغربيين حتى الآن. ومع ذلك، فإن الميليشيات الشيعية تفاقم أعمال العنف في أنحاء المنطقة. ومع أن إيران تدعم كذلك بعض التنظيمات غير الشيعية أو المختلطة، ومن بينها أكراد العراق، و"حماس" و"جيش الدفاع الوطني"، إلا أن تصرفاتها عمومًا تُعد أكثر طائفية.
مجلة الإيكونوميست:
وجدير بالذكر أن انتشار الوكلاء الإيرانيين في جميع أنحاء الشرق الأوسط يضع الولايات المتحدة في وضع حرج. ففي العراق تدعم ضرباتها الجوية الميليشيات الشيعية التي تقاتل في "تكريت". وفي اليمن أيضًا، على الرغم من أن الولايات المتحدة تقدم الدعم اللوجستي والمخابراتي للقوات السعودية التي تقاتل ضد "الحوثيين" الشيعة.
وعليه، فإن إيران ووكلاءها يخاطرون بزيادة التمدد والانتشار بأعداد غير كبيرة في هذه الأماكن. إذ يفوق السنة عدد الشيعة بنسبة تصل إلى تسعة مقابل واحد. مع ازدياد السخط والاستياء، وهذا السخط ليس فيما بين السُنة فحسب. فقد حذَّر "آية الله علي السيستاني" (أحد أكبر المرجعيات الدينية للشيعة في العراق) في الثالث عشر من شهر مارس ـ إيران بألا تنسى أن العراق دولة مستقلة.

شارك