بعد إطلاق الجيش عملية تحريرها.. ماذا يعني "ضياع" الأنبار من يد "داعش"؟

الخميس 09/أبريل/2015 - 02:16 م
طباعة بعد إطلاق الجيش عملية
 
فُتحت شهية الجيش العراقي المدعوم بقوة غربياً من الولايات المتحدة الأمريكية وإقليمياً من الجمهورية الإسلامية الإيرانية من جهة، ومن قوات الحشد الشعبي الشيعية من جهة أخرى، لتحرير العراق من قوى الإرهاب "الداعشية" التي سيطرت على مساحات واسعة من الأراضي العراقية، فبعد نحو أسبوعٍ من تحرير الجيش العراقي مدينة (تكريت) من عناصر تنظيم (داعش الإرهابي) أعلنت القوات العراقية، أمس (الأربعاء)، عن بدء العمليات العسكرية لتحرير محافظة (الأنبار)، والتي تمثل ثلث مساحة العراق، من سيطرة تنظيم "داعش".
وقد عدد خبراء أهمية مدينة الأنبار، بالنسبة للطرفين المتصارعين عليها الجيش العراقي وقوات الحشد الشعبي من جهة، وعناصر "داعش" من جهة أخرى، فيما حاول الجيش تفادي الأخطاء التي وقع فيها خلال عملية تحرير مدينة تكريت، بعد الانتهاكات التي وقعت من قبل قوات الحشد.
وتمثل ذلك التفادي في كونه أشرك العشائر السنية في القتال، واستبعد عددا من قوات الحشد الشعبي، المتورطين في انتهاكات تمهيداً لمحاكتهم قانونياً.

أهمية محافظة الأنبار

أهمية محافظة الأنبار
1 – "داعش" يُسيطر التنظيم على 70 % من الأنبار وعلى 6 أقضية هي (القائم- الرطبة- عانة- راوة- هيت والفلوجة) وخسارته تلك المدينة تعني خسارته العراق.
2 – الأنبار هي أكبر المحافظات العراقية حيث تمثل ثلث مساحة الدولة 
3- موقعها الاستراتيجي الذي يربط 3 دول هي (السعودية والأردن وسوريا).
4- تعتبر العمق الاستراتيجي لما يسمى تنظيم "الدولة الإسلامية" مع سوريا، وبالتالي خسارتها تعني فقدان التنظيم لأهم خطوط الإمداد.
5- عدد سكانها البالغ نحو مليوني نسمة غالبيتهم العظمى من العشائر، التي كانت أول من أسس الصحوات ضد المتشددين والمتطرفين.
6- إحدى مدنها وهي الفلوجة والتي تبعد 60 كيلومترا عن بغداد تتحكم بالطريق الدولي الذي يربط العراق بسوريا والأردن.
7 – السيطرة على الأنبار تعني التحكم في مياه نهر الفرات، والتي تغذي ست محافظات عراقية.
8- السيطرة على الأنبار سيهدد ثلاث محافظات جنوبية، وهي (بابل وكربلاء والنجف).
9- تعتبر الأنبار هي المدخل السهل والآمن للعاصمة بغداد، خاصة إذا ما علمنا أن مدن غرب بغداد هي ذات الأغلبية السنية والحاضنة القوية لتنظيم الدولة الإسلامية مثل (أبو غربي والعامرية) وغيرهما.
10- من يسيطر على الأنبار فإنه سيجاور ثلاث دول هي سوريا والأردن والسعودية.
11 – سقوط الأنبار من يد "داعش" يعني فقدان التنظيم مساحات كبيرة تفقدها المناورة العسكرية وبناء مخازن أسلحة ومعسكرات تدريب لقواته.
12 – سقوط الأنبار يعني فقدان التنظيم مصدرا متنوعا من الموارد الطبيعية.
13 – سقوط الأنبار سيفقد "داعش" قبضته على مدن نينوي وصلاح الدين.
14 – سقوط الأنبار يعني فقدان التنظيم ثلاث قواعد جوية تعد الأكبر في الشرق الأوسط، وهي قاعدة (عين الأسد والحبانية والبغدادي).
15 – سقوط الأنبار يعني فقدان التنظيم ترسانة كبيرة من الأسلحة التي زج بها المالكي هناك.
بعد إطلاق الجيش عملية
ورغم أن العملية العسكرية لتحرير الأنبار تتم بغطاء جوي من تحالف ستيني بصواريخه الذكية، كشف النائب عن محافظة الأنبار، وأحد شيوخ عشائر البونمر السنية، غازي الكعود، في تصريح خاص لـ"سبوتنيك"، عن اتفاق بين إدارة الأنبار المحلية وممثلي المحافظة في المركز، مع الحكومة الاتحادية، لشراء السلاح من روسيا والولايات المتحدة، وبعض من دول الجوار، موضحاً أن توزيع السلاح على المتطوعين من أبناء العشائر في الأنبار سيتم من قبل القيادة العامة للقوات المسلحة، لافتاً إلى أن 10 آلاف مُتطوع من أبناء الأنبار، مُجهزون بالسلاح حاليا، دخلوا المعارك لتحرير المحافظة من سيطرة تنظيم (داعش) الإرهابي.

عراقيل في طريق التحرير

عراقيل في طريق التحرير
وفي حين نجحت القوات العراقية من تحرير مدينة (تكريت)، بعد محاولات امتدت لأسبوعين، حذر مراقبون من عدة عراقيل ربما تحول دون تحرير المدينة، وأجملها المراقبون في عدة نقاط، بينها: 
1- عدم فعالية الضربات الجوية ضد التنظيم وفق ما ظهر حتى الآن، كما يرى محللون. 
2- التخوف من تكرار ما حدث في تكريت بعد التجاوزات التي ارتكبها مقاتلو الحشد الشعبي. 
3- التفجيرات الانتحارية وقيام داعش بحفر الخنادق والأنفاق في المدينة تحسبا لهجوم كهذا. 
4- خطوط الإمداد المفتوحة من سوريا، وبالتالي من تركيا التي تشكل وفق كثيرين ممرا لنسبة كبيرة من متطوعي التنظيم.

مخاوف من انتهاكات جديدة لقوات الحشد

مخاوف من انتهاكات
حذر مراقبون من وقوع تجاوزات جديدة من قبل قوات الحشد الشعبي، في مدينة الأنبار، إلا أنه في تلك المرة ستكون المدينة التي ستقع فيها تجاوزات هي أكبر المدن السنية في العراق، ما ينذر بصدامات طائفية بين السنة والشيعة.
كان ناشطون أفادوا بأن القوات الحكومية وميليشيات الحشد الشعبي تواصل انتهاكاتها في مدينة تكريت مركز محافظة صلاح الدين شمال بغداد، في وقت كشف برلماني عراقي عن قيام قوات البيشمركة الكردية بهدم الآلاف من بيوت السكان العرب في محافظة نينوي، كما حفلت مواقع التواصل بتسجيلات لمقاطع فيديو تظهر التمثيل بالجثث وسط أجواء احتفالية.
وسبّبت ممارسات الحشد الشعبي-المؤلف من ميليشيات مسلحة على غرار منظمة بدر، وكتائب الإمام علي، وكتائب حزب الله العراقي- حرجا بالغا للحكومة العراقية التي أمرت قبل أيام الميليشيات بالانسحاب من تكريت، كما أثارت تلك الممارسات انتقادات من العشائر والسلطات المحلية في محافظة صلاح الدين.
وقالت الحكومة: إن الحشد الشعبي سيصبح مستقبلا مرتبطا مباشرة برئاسة الحكومة، كما أعدمت عناصر من الحشد أستاذا جامعيا من تكريت، حسب مصادر من محافظة صلاح الدين.
بعد إطلاق الجيش عملية
وقوات الحشد الشعبي في العراق، هي قوات شبه عسكرية تنتمي إلى المكون الشيعي ظهرت في المشهد العراقي، بعدما أفتت المرجعية الدينية الشيعية العليا بالعراق "بالجهاد الكفائي" في 13 يونيو 2014 لمواجهة هجمات تنظيم الدولة الإسلامية، ويُقدر عدد مقاتلي الحشد الشعبي، بعشرات الآلاف، وتنقسم فصائل الحشد الشعبي إلى قسمين؛ الأول هو الفصائل الكبيرة المعروفة، مثل منظمة بدر وكتائب حزب الله وعصائب أهل الحق وسرايا السلام (جيش المهدي سابقا بقيادة رجل الدين مقتدى الصدر) ولواء الخراسان وغيرها.
والقسم الثاني هو من الشباب الذين استمعوا إلى نداء المرجعية الدينية بعد سقوط الموصل بيد تنظيم الدولة في يونيو 2014، وانضموا إلى قطاعات الجيش والشرطة في حزام بغداد وفي محافظات أخرى، حسب عضو لجنة الأمن النيابية عمار طعمة.
وعول خبراء على أهمية مقاتلي الحشد الشعبي، بأن الجيش العراقي اعتمد عليهم كثيراً، كونهم يُجيدون حرب العصابات والشوارع، وهذا ما كان ينقص الجيش لمواجهة تنظيم الدولة (داعش).
بعد إطلاق الجيش عملية
وأدانت منظمة العفو الدولية، ممارسات قوات (الحشد الشعبي) وأنهم متهمون بقتل عشرات المدنيين السنة "بإعدامات عشوائية"، وممارساتهم تصل لمستوى "جرائم الحرب"، في المقابل أصدر مجلس الوزراء العراقي مرسوما اعتبر أن لـ"شهداء الحشد" امتيازات ومخصصات مماثلة "لشهداء" القوات المسلحة، فيما ذهبت وزارة حقوق الإنسان للتأكيد على أنهم جزء من المنظومة العسكرية العراقية الرسمية.
وأشارت المنظمة الدولية إلى أن حكومة حيدر العبادي التي تدعم وتسلح هذه المجموعات تغذي دوامة جديدة وخطرة من انعدام القانون والفوضى الطائفية في البلاد، مشيرة إلى أن "الميليشيات الشيعية أقدمت خلال الأشهر الأخيرة على اختطاف وقتل مدنيين سنّة في بغداد ومناطق أخرى من البلاد". 
وبسبب الممارسات المذكورة حملت منظمة العفو الدولية الحكومة العراقية المسئولية "إلى حد كبير عما ترتكبه هذه الميليشيات من انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك جرائم الحرب".
وزير الدفاع العراقي
وزير الدفاع العراقي خالد العبيدي
وزير الدفاع العراقي خالد العبيدي لفت إلى أن الحشد الشعبي "منضبط ويعمل بإمرة القيادات الأمنية"، وأثنى على "الدور الإيجابي والكبير الذي يلعبه الحشد الشعبي في تحرير الكثير من مناطق ديالي"، ويتابع أنه تم استغلال اسمه "من بعض العصابات الإرهابية التي حاولت الإساءة إلى هذه التجربة التي يمكن أن تكون إيجابية وناجحة في المستقبل".
ويحظى الحشد أيضا بغطاء مذهبي واسع، حيث انتقدت المرجعية الدينية في النجف ما وصفته بـ"الحملة المسعورة" ضد مقاتلي الحشد الشعبي، حيث بَيَّن ممثل المرجعية في كربلاء الشيخ عبد المهدي الكربلائي أن "الممارسات السيئة التي يتهم بها الحشد الشعبي لا تمثل النهج العام؛ لأن أولئك المقاتلين دفعهم حبهم للوطن إلى التضحية وتعريض عوائلهم للمعاناة".

انطلاق عملية التحرير

انطلاق عملية التحرير
على الأرض انطلقت قوات الأمن العراقية، لتحرير كل المدن والمناطق الواقعة تحت سيطرة الدولة الإسلامية في مدينة الأنبار، وانطلقت القوات من منطقة السجارية شرق الرمادي، مبيناً أن العمليات أطلق عليها اسم عملية تحرير الأنبار الكبرى، وتشارك فيها القطعات الأمنية من الجيش والشرطة المحلية والاتحادية ولواء الرد السريع وجهاز مكافحة الإرهاب وأبناء العشائر، بإسناد من الطيران الدولي والعراقي.
وقالت مصادر حكومية: إن القوات الأمنية وبعد انطلاق العملية تمكنت من تحرير مناطق السجارية والفلاحات، شرق الرمادي، من عناصر داعش، وتم قتل وإصابة العشرات من التنظيم، وأشارت المصادر إلى أن القوات فرضت سيطرتها على المنطقتين بالكامل، وأنها تواصل تقدمها في بقية مناطق المحافظة.
وأعلن مصدر عشائري تقدم القوات من محورين لتحرير منطقة الحامضية، شرق الرمادي، وقال: إن المحور الأول من الجسر الياباني، والمحور الثاني من ناظم الثرثار، وأضاف أن طيران التحالف الدولي يقصف بشكل عنيف مواقع مهمة لتنظيم داعش في المنطقة.
وكان مصدر في مجلس المحافظة أكد البدء بتسليح 10 آلاف مقاتل من أبناء العشائر، في إطار "الحشد الشعبي" للمشاركة مع القوات الأمنية في تحرير الأنبار.
حيدر العبادي رئيس
حيدر العبادي رئيس الوزراء العراقي
العبادي توجه بعد ساعات من إطلاق العملية إلى المحافظة للاطلاع على سير العمليات العسكرية، وقال الناطق باسم رئيس الوزراء: إن زيارة الأنبار تهدف إلى الاجتماع بالقادة الميدانيين وكبار العسكريين، وأضاف أن رئيس الوزراء سيطلع على آخر الجهود المتعلقة بتنظيم وتطويع وتسليح وتجهيز العشائر من أبناء المحافظة؛ للقتال إلى جانب القوات المسلحة، والإسهام في تحريرها من سيطرة التنظيم.
وعن مشاركة قوات "الحشد الشعبي" في تحرير مدن الأنبار قال الناطق باسمه أحمد الأسدي: إن القائد العام للقوات المسلحة (العبادي) هو من يحدد مشاركتنا، وزاد أن هيئة الحشد الشعبي رسمية ترتبط بالقائد العام وهو يشرف على إدارة عملياتها، وتابع أن هناك قطعات للحشد في قواطع العمليات وبعضها في الخطوط الدفاعية، ولا يمكن عزل هذه القطعات أو إيقافها عملياً.

شارك